عندما دخل آستر الخيمة، واجهه كايلانس فورًا. كأنه كان ينتظره دون أن ينال قسطًا من النوم.
ألقى آستر بعينيه نظرة خاطفة على السرير الخشبي، الذي يبدو غير مُستخدَم، قبل أن يتحرك بعيدًا بسرعة. ثم وجّه آستر نظره مرة أخرى إلى كايلانس، وتجمّد للحظة.
كان آستر ينوي أن يتوجّه مباشرة إلى الموضوع، ليقول إنه سينسحب من البحث. مع أن الأمر قد يبدو قاسيًا، إلا أن اللطف لم يكن من طبيعة آستر أصلًا.
ولكن آستر وجد نفسه غير قادر على فتح فمه. لأنه لاحظ أن الظلام الذي يحيط بكايلانس أصبح أعمق مما كان عليه بالأمس.
رغم أن الشمس كانت ساطعة في الخارج، بدا كايلانس وكأنه مُحاط بظلام دامس، كان وجهه الشاحب واليأس الذي يغمر عينيه الداكنتين واضحين. لا ربما لم يكن الأمر بطيئًا على الإطلاق، بل بدا وكأن كايلانس يغرق في مستنقع اليأس بوتيرة مخيفة. لقد بدا الأمر عميقًا جدا لدرجة أنه لم يكن هناك نهاية في الأفق.
تمتم آستر في نفسه: “لم أواجه مثل هذه الهاوية العميقة من قبل. لهذا السبب تردّدتُ، بل وفقدتُ جوهر ذاتي.”
تساءل آستر للحظة: “هل كنتِ هكذا عندما فقدتُ فايلين؟ ربما هكذا رآني الآخرون. في ذلك الوقت، كنتُ أنا أيضًا مستهلكًا بالحزن وفقدتُ عقلي. طوال الوقت، لم أُفكر إلّا في موجة ندم لا تنتهي. لكن الآن فات الأوان على نفسي في السابق والأرشيدوق الأكبر الحالي للندم على أي شيء. في نهاية المطاف، لم يتمكن أي منا من حماية الأشخاص الذين نحبهم.”
أنهى آستر أفكاره القصيرة وتحدّث ببرود.
“صاحب السمو الأرشيدوق الأكبر. من الآن فصاعدًا، سينسحب برج السحر من التفتيش. ولأننا لم ننفذ أمركَ كما ينبغي، فلن نقبل أي دفعات.”
أطلق كايلانس تنهيدة جافة، وفكر: “في الليلة الماضية، أبلغني لوييل أن سيد برج السحر كان له مواجهة مع رئيسة خادمات عمتي، كارولين. بعد تلك الحادثة، اختفى سيد برج السحر فجأة ولم يكن موجودًا في أي مكان حتى الفجر.”
غريزيًا، شعر كايلانس أن خطبًا ما قد وقع. تمتم في نفسه: “ربما لن يعود سيد برج السحر أبدًا. لكن سيد برج السحر كان لا غنى عنه بالنسبة لي. كان صاحب أقوى القدرات للمساعدة في العثور على آرييل. لذا انتظرتُ بفارغ الصبر طوال الليل قدوم سيد برج السحر. وفي النهاية، لم تخطئ نبوءتي المشؤومة.”
ومع ذلك، لم يستطع كايلانس الاستسلام.
توسّل كايلانس بجديّة.
“سيد برج السحر، سمعتُ أن عمتي، رئيسة خادماتها كارولين تسبّبت في حادث مؤسف الليلة الماضية. أنا آسف جدًا لأنني لم أستطع منعه. بما أنكَ قلتَ إنكَ لا تحتاج إلى أي تعويض… إن شئتَ، فسأركع أمامكَ من فضلك لا تنسحب.”
“الركوع!”
قفز لوييل مصدومًا عندما سمع هذه الكلمات، لكن كايلانس كان صادقًا.
فكر كايلانس: “لو سحب سيد برج السحر جميع السحرة من هنا الآن، فسيكون من الصعب جدًا العثور على آرييل.”
حدّق آستر في كايلانس بنظرة غامضة مُكثفة قبل أن يتحدّث بهدوء.
“قلتُ الشيء نفسه عندما وصلتُ أمس. إنني أستطيع حتى استخدام السحر الهجومي إن شئتُ. لكن لا آنذاك ولا الآن لدي النيّة لفعل ذلك بجلالتكَ الأرشيدوق الأكبر. بالطبع، هذا لا يعني أنني أكره جلالتكَ. كل ما في الأمر أنني لا أُطيق النظر إليكَ الآن.”
ابتلع آستر ريقه، وعضّ شفتيه: “إنه يُذكرني بنفسي في السابق.”
لم يُبد كايلانس أي رد فعل. مع أن آستر كان وقحًا علنًا، إلّا أنه استمع بهدوء.
لقد فهم آستر السبب أفضل من أي شخص آخر.
لأن كايلانس كان على علم بأخطائهِ، كان يُرحب بأي انتقاد. عالقًا في الندم العميق.
في اليوم الذي ماتت فيه فايلين شعر آستر بنفس الشعور تمامًا.
تمتم آستر في نفسه: “لهذا السبب لم أستطع أن أتحمّل كايلانس. لو كانت قيّمةً لهذه الدرجة، لكان عليكَ حمايتها فورًا. ما كان عليكَ فعل شيء ستندم عليه لاحقًا. مع أنكَ كنتَ تعلم أنه خطأ، إلّا أنكَ اتخذتَ القرار في النهاية. لكن ما الذي سيتغيّر الآن، حتى لو ندمتَ على ذلك؟”
ابتلع آستر الأفكار التي كانت تتشكل في ذهنه، وتحدَّث ببرود.
“إضافة إلى ذلك، حتى لو لم أُهاجمكَ ستنهار من تلقاء نفسكَ أليس كذلك؟ لا داعي لأن ألوّث يدي.”
“كلمات سيدي رئيس برج السحر هي أيضًا…”
لوييل، الذي كان يقف في زاوية الثكنات يستمع بلا انقطاع، لم يتمكن من التراجع وكان على وشك أن يقول شيئًا، لكن كايلانس أوقفه.
فتح كايلانس شفتيه ببطء.
“لذا فإنكَ لن تنسحب بسبب حادثة الليلة الماضية؟”
هذا كل شيء.
شعر كايلانس، وهو يستمع إلى كلمات آستر، أن آستر لا يكنّ له سوى الكراهية، ولا يحمل أي غضب آخر.
وكان توقع كايلانس صحيحًا.
“نعم.”
“إذًا لماذا تريد الانسحاب تحديدًا؟ بالتأكيد لن تجيب بأن السبب هو عدم طاقتكَ، أليس كذلك؟ لو كان الأمر كذلك، لما أتيتَ أصلًا. أتيتَ لأنكَ تُقدّر السيدة بلانتيه أكثر مما تكرهني، ورغم أنكَ تعلم أن السيدة بلانتيه قفزت من تلقاء نفسها، لم تغادر وبقيتَ، أليس كذلك؟ على الرغم من أنكَ تعرف دوري في قرار آرييل المتطرّف.”
أضاف كايلانس بجدية.
أجاب آستر بهدوء.
“هذا صحيح. جئتُ إلى هنا وأقمتُ لأني أحترم السيدة بلانتيه أكثر مما أكره صاحب السمو الأرشيدوق الأكبر. وقد بحثتُ قليلاً لمعرفة سبب اتخاذ السيدة بلانتيه هذا الخيار المتطرّف.”
حدّق آستر في تعبير كايلانس المرتجف وتحدَّث.
“كنتُ فضوليًا. ربما حشرتَ السيدة بلانتيه في الزاوية، لكن آخر مرة رأيتها فيها، لم تكن يائسةً بما يكفي لاتخاذ قرار متطرّف كهذا. ما الذي حدثَ تحديدًا ليدفعها إلى اليأس، لتقفز من فوق الجرف؟ وقد عرفتُ السبب.”
في تلك اللحظة، شعر كايلانس بقشعريرة تسري في عروقه. فكر: “عرفَ السبب… هل يمكن أن يكون…؟”
وبينما بدأت عيون كايلانس ترتجف من الخوف، حرّك آستر رأسه لفترة وجيزة.
نظر آستر إلى لوييل، وهمس بهدوء.
“يبدو أن مساعدكَ لا يعرف الحقيقة.”
“سيد برج السحر.”
وبينما كان كايلانس ينادي آستر بصوت مرتجف، رد عليه آستر ببرود.
كان لويل غاضبًا جدًا، تمتم في نفسه: “مهما كان سيد برج السحر، ومهما كانت حاجة سيدي للمساعدة، كان موقفه فظًا للغاية.”
كان سيده أحد أفراد العائلة المالكة لأقوى دولة في القارة والأرشيدوق الأكبر الذي حكم الشمال، ومع ذلك رأى لوييل أن آستر تجاوز مجرد الوقاحة إلى اتهام سيده بالتلاعب بالأدلة.
ولأنه لم يكن قادرًا على تحمّل مثل هذه الملاحظة الشنيعة، تقدّم لوييل إلى الأمام.
“سيدي رئيس برج السحر، ما قلته للتو هو شيء لا يمكن حتى لجلالته الأرشيدوق الأكبر أن يتغاضى عنه….”
وبينما كان لوييل على وشك المطالبة باعتذار رسمي من سيد برج السحر، سمع صوت ثقيل من كايلانس.
“لقد تلاعبتُ بالأدلة وحولت ماركيز بلانتيه إلى خائن.”
“لماذا… تفعل مثل هذا الشيء؟”
لم يُصدّق لوييل ذلك، فكر: “سيدي الذي عرفته لن يفعل شيئًا حقيرًا كهذا. إضافة إلى ذلك، كان الماركيز بلانتيه هو والد السيدة بلانتيه. كيف يمكنه، وهو الذي أحبَّ السيدة بلانتيه كثيرًا لدرجة أنه أصبح الآن في حالة من اليأس والندم، أن يحوّل والدها إلى خائن؟”
في الواقع، عندما قدّم كايلانس شخصيًا الدليل على أن الماركيز بلانتيه كان خائنًا للإمبراطور، لم يفهم لوييل ذلك، لكنه اعتقد أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله وأنه لم يكن هناك ما يمكن فعله.
“ولكن الآن علمنا أن الأدلة نفسها كانت مزورة….”
وبينما كان لوييل يحاول إيجاد الكلمات وينظر إلى كايلانس. تحدَّث آستر.
“أليس من الأفضل أن يتحدَّث جلالته عن نفسه بدلًا مني؟ فأنتَ في النهاية خادم وفي لجلالته.”
فمن المؤكد أن لوييل يريد سماع الحقيقة مباشرة من فم سيّده. ربما لن يُصدّق كلام أي شخص آخر.
حدَّق كايلانس في آستر للحظة بصمت. وتمتم في نفسه: “كنتُ آمل ألّا يكون ذلك صحيحًا، لكن يبدو أن آستر يعرف كل الحقائق. كيف اكتشف ذلك؟ لم أكن أعرف، ولكن إذا كان آستر يعرف أنني تلاعبتُ بالأدلة، فمن المحتمل أيضًا أنه فهم سبب قيامي بذلك.”
نظر کایلانس إلى لوييل.
كان لوبيل خادما مخلصًا، لكن كايلانس لم يخبره أبدًا بالحقيقة حول وفاة والديه.
رسميًا، كان ذلك حادث عربة، ومنذ طفولة كايلانس كانت عمته تطلب منه مرارًا وتكرارًا ألا يثق بأحد حتى يجد الجاني الحقيقي وينتقم لوالديه. كان كايلانس يعتقد أنه يجب عليه أن يتحمّل الأمر بمفرده وأن يجد الجاني بنفسه. رأى كايلانس إنه لن يكون هناك أي فائدة في الكشف عن مقتل أحد أفراد العائلة المالكة، لذلك اعتقد أنه من الأفضل أن يُنهي انتقامه بهدوء وحيدًا.
وبطبيعة الحال، فقد فشل كايلانس في كل شيء.
لم يجد كايلانس الجاني، بل نصب فخًا لرجل بريء، مما تسبَّب في وفاته. إضافة إلى ذلك، فقد أعمَتهُ رغبته في الانتقام، ففقد المرأة التي أحبَّها.
لذلك، لم يعد هناك حاجة لإخفاء الحقيقة.
أي أن كايلانس لم يخجل من أن يكشف لخادمه المخلص مدى حماقته.
وبما أن سيد برج السحر، الذي لم يكن قريبًا له ولا مواطنًا لهذه الأرض، كان يعرف الحقيقة بالفعل، فتح كايلانس فمه ببطء.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات