حان وقت العودة إلى القصر الإمبراطوري قبل أن يتأخر الوقت.
عادت هيلينا وسيدريك نحو العربة بخطوات يملؤها الأسف على الوداع. عند الباب كان كونراد وفيليكس بانتظارهما.
قال سيدريك وهو يفتح الباب:
«تفضّلي بالصعود أولًا، يا جلالتك.»
لكن فجأة، تذكّرت هيلينا شيئًا:
«آه! يا إلهي… لحظة واحدة فقط!»
ركضت إلى مؤخرة العربة وبدأت تُخرج الكتب واحدًا تلو الآخر.
توك، توك،
لم يكن كتابًا واحدًا، بل تَكوّم أمامهم رُكام كامل حتى صار كبرجٍ أعلى من قامة هيلينا.
سأل سيدريك بدهشة:
«ما كل هذا…؟»
ابتسمت بفخر وقالت:
«هذه هديتي لك.»
«هدية…؟»
«أجل. أنت أهدَيتني من قبل صندوق الكنز الذهبي. أردت أن أردّ لك الجميل.»
«لكن… لم أفعل ذلك انتظارًا لردٍّ كهذا.»
«أعرف. لكنني كنت أريد أن أهديك شيئًا من قلبي.»
صمت سيدريك برهة ثم قال بإخلاص:
«شكرًا لك.»
كان حقًا سعيدًا… فالهدية قيمتها في ما تحمله من اهتمام، لا في حجمها.
غمزت هيلينا بعينيها:
«هيا، افتح أحدها وانظر.»
رفع سيدريك الكتاب الأول. العنوان بدا مألوفًا جدًا.
لقد قرأ هذا الكتاب من قبل… بل يحفظ محتواه عن ظهر قلب.
أحسّ للحظة بالحرج من ذاكرته القوية التي لا ترحم.
ماذا أفعل الآن…؟ لو تظاهرتُ أنني أعرفه سيحزنها ذلك. يجب أن أمثل وكأنه جديد عليّ.
لكن ما إن فتح الكتاب حتى فوجئ.
«هذا…؟»
لم يجد صفحات مليئة بالكلمات كما توقّع، بل…
قالت هيلينا بابتسامة عذبة:
«إنها أزهار مجففة.»
بين كل صفحة وأخرى، كانت أزهار مختلفة مُضغطَة بعناية.
تابعت تقول:
«كنتُ أحتفظ بكل زهرة أهديتني إياها… واحدة تلو الأخرى.»
«إذن… كل هذه الكتب مليئة…؟»
ضحكت بخجل:
«أجل. لقد منحتني أزهارًا كثيرة، فامتلأت الكتب هكذا.»
ثم أشارت بإصبعها:
«أتذكر هذه؟ هذه أول زهرة منحتني إياها. وهذه يوم التقينا في الحديقة… وهذه أيضًا…»
كانت تروي الحكايات بفرح كعصفور صغير يغرد.
تتذكّر كل زهرة، متى أعطاها إياها وأين.
هل أستحق أن أكون بهذا القدر من السعادة…؟
شدّ سيدريك الكتاب بين يديه أكثر. عيناه لم تُفارق ابتسامتها.
«إذن؟ ما رأيك؟ جميلة، أليست كذلك؟»
وراءها كان الغروب يصبغ السماء باللون البرتقالي.
خصلات شعرها الذهبي تلألأت تحت ضوء الأصيل، وابتسامتها غدت كأزهى ما رآه.
أجاب بصوت خافت صادق:
«نعم… جميلة جدًا. أجمل من أي زهرة في الدنيا.»
حلّ الليل، وغطّى السواد سماء العاصمة.
في قصر شوفابن، كان دوق هاستينغز جالسًا في مكتبته يقرأ.
المكان المفضّل لديه، حيث تكدّست الكتب التي تحكي تاريخ أسرته العريق منذ تأسيس الإمبراطورية.
وسط هدوء المكان وصوت تقلّب الصفحات، أحسّ فجأة بوجود ظلٍّ خلفه.
رفع بصره، فرأى رجلاً واقفًا بين الضوء والظلام.
ابتسم الدوق بودّ:
«أهلاً بالزائر الكريم. تفضّل بالجلوس، كنتُ أتمنى منذ زمن أن نجلس معًا، أنت وأنا فقط.»
قال القادم بصوت عميق:
«كأنك توقعت قدومي.»
«ظننتُ أنك ستأتي عاجلًا أم آجلًا.»
كان الجو ساكنًا كأن شيئًا لم يحدث، رغم أنّ غريبًا تسلّل إلى قلب القصر.
قال الدوق وهو يلمس ذقنه:
«التسلل إلى مسكني… لا بد أنك جئت هذه المرة لا كقائد الفرسان، بل كرجل يقود عالم الظل.»
ردّ الزائر ببرود:
«كفّ عن الثرثرة.»
ومع خطوة أقرب، انكشفت ملامحه تحت نور الشموع.
شعر أسود، نظرة باردة، ملامح حادة بلا أدنى دفء.
لم يكن سوى ليونارد بعد أن أسقط قناع المجاملة.
«إذن… إلى أي حدّ وصلت معرفتك؟»
ألقى ليونارد رزمة أوراق على الطاولة.
انتشرت صفحات التقرير في كل مكان.
«كل شيء.»
كانت تحوي أدلّة على اتصالات الدوق المتكرّرة بعصابات الاغتيال، ومحاولاته إدخال قتلة إلى جناح الإمبراطورة.
عيون ليونارد اشتعلت بالغضب:
«كيف تُسلّم حياة ابنتك للقتلة؟ أيّ أبٍ هذا؟»
أجاب الدوق ببرود ساخر:
«تظن أنني فعلت ذلك لمصلحةٍ شخصية؟ مخطئ. كل ما فعلته كان من أجل ابنتي.»
«من أجلها…؟!»
ابتسم الدوق بثقة:
«أتدري كيف يُصنع الأبطال العظماء يا ليونارد؟ هل عندما يُحققون أعظم الإنجازات؟ لا. البشر ينسون سريعًا… لكن إن رحل البطل في ذروة مجده… عندها يُخلّد في الذاكرة أبدًا.»
وأطفأ شمعة بيده.
«تمامًا هكذا.»
تجمّد ليونارد. لقد فهم فورًا مغزى كلماته.
هيلينا… لقد صارت محبوبة الشعب الآن. وهو يريد أن يقتلها في قمة مجدها… ليخلّدها بطريقته المشوّهة.
ضحك ليونارد باحتقار:
«حقير… من أجل هذا فقط؟»
تذكّر هيلينا وهي مغمى عليها، ميتة اللون… تذكّر السم الذي شربته لتخدع الجميع. تذكّر معاناتها.
لم يكن هذا لتصل إلى نهاية كهذه!
قال الدوق بفخر:
«أنا فخور بابنتي. في النهاية… اختارت السير على خُطاي.»
صرّ ليونارد على أسنانه.
«كفى هراء.»
في لحظة، اختفى من مكانه وظهر خلف الدوق، وسيفه يلامس رقبته.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 84"