الفصل 72 – جلالتكِ… تتمتعين بشعبية كبيرة
بلا قصد، اجتمعنا نحن الثلاثة:
أحدهم جاء يبحث عن شخص، والثاني كاذب ماكر، والثالث يبحث بجدية عن الكنز.
ورغم أنّ اجتماعنا كان غريبًا، وجدنا أنفسنا في النهاية نشارك جميعًا في البحث عن الكنز.
الأسباب كانت بسيطة:
أنا… لمجرد قتل الوقت ريثما يعود ليونارد.
إسحاق… ليراقبني عن قرب.
أما سيدريك… فكان بالفعل يأخذ اللعبة على محمل الجد منذ البداية.
في الحقيقة، كان يمكنني العودة إلى قاعة الاحتفال وانتظار ليونارد هناك.
لكن رؤية إصرار سيدريك وهو يفتش هنا وهناك، جعلتني أعجز عن تركه وحده.
“الردهات والقاعات لا بد أن الناس قد قلبوها رأسًا على عقب… أظن الأفضل أن نفتش الغرف.”
قلت ذلك، فانطلقنا نفتش الغرف الواحدة تلو الأخرى.
وكما توقعت، كانت هناك آثار واضحة لِمَن سبقونا بالبحث.
لا شك أن معظم الكنوز عُثر عليها بالفعل.
ومع ذلك، لم يُبدِ سيدريك أي نية للاستسلام.
كان يحدق في اللوحات والزهريات كأنه يبحث عن رموز سحرية مخفية، يتمتم بصيغ هندسية وتعويذات وكأنه يفسر لغزًا معقدًا.
…سيدريك.
من ذا الذي سيخفي كنزًا باستخدام معادلات رياضية لا يفهمها غيرك؟
عزمت أن أفتش بنفسي، ربما أعثر على أي شيء عادي — حتى قطعة حلوى — لأقنعه بالتوقف.
فتحت آخر غرفة في الممر…
“آه!”
رأيت في الظلام ظلال رجل وامرأة متشابكين فجأة يتباعدان بخجل.
خَطَف!
أسرعت بإغلاق الباب بقوة.
“ما الأمر، جلالتك؟!”
سأل سيدريك الذي ارتاع من الصوت.
“لا… لا شيء.”
هززت رأسي بسرعة.
“هل كان هناك أحد في الداخل؟”
“لا، لا… لا أحد.”
دفعتُ سيدريك لأمضي به بعيدًا.
“لننتقل إلى الغرفة التالية! بسرعة!”
بالطبع لم يكن هناك شيء… ربما مجرد رجل وامرأة يفضلان الظلام. نعم… فقط هكذا.
لكن دماغي، كعادته، انطلق يؤلف مشاهد مخجلة لا يمكن أن أصفها…
توقفي! كفى خيالات فوضوية!
بينما كنت أحاول إزاحتها، سمعت صوت ضحكة خافتة بجانبي.
“هاهاها… جلالتكِ بريئة على نحو لا يُصدق.”
كان إسحاق، ينظر إليّ مبتسمًا ابتسامة مستفزة.
واصلنا تفتيش الغرف، ولكن هذه المرة صرت أطرق الباب وأسعل عمدًا قبل فتحه.
ومع ذلك، أربع غرف من أصل عشر خرج منها رجال ونساء يركضون بارتباك.
أعتذر… لم أقصد الإزعاج.
لكن أنتم أيضًا! هل من المعقول أن تختبئوا هنا بينما القصر مليء بالناس الذين يفتشون في كل زاوية؟
بعد أن أنهينا الطابق الأول، صعدنا إلى الثاني.
كانت غرفه أكبر وأفخم، مخصصة للضيوف المهمين.
“سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا لتفتيش كل هذا.”
وفعلًا، تفرّقنا بسرعة.
سيدريك اختفى وسط الحماس، مستعد لتفتيش القصر بأسره إن لزم الأمر.
قال إنه يريد أن يهدي الكنز لشخص ما… من عساه يكون؟
كان الفضول ينهشني، وفي الوقت نفسه القلق من أن يجهد نفسه أكثر من اللازم.
قررت أن أكتفي ببضع غرف أخرى، ثم أُقنعه بالعودة.
فتحت خزانة كبيرة في إحدى الغرف.
كانت فارغة تمامًا.
“لا شيء هنا…”
لكن فجأة…!
شعرت بيد قوية تدفعني إلى الداخل.
التفتُّ مذهولة، وإذا بإسحاق يلحق بي ويغلق الباب من الداخل.
الغرفة ضيقة، تكاد تسع جسدين.
صرختُ:
“ما الذي تفعله—!”
لكنه وضع إصبعه على شفتيّ هامسًا:
“شش… اصمتي.”
ثم أضاف بصوت منخفض:
“هناك من دخل الغرفة.”
حقًا… كان صوت رجل وامرأة، على ما يبدو دخلا وهما يظنّان الغرفة خالية.
كنا في زاوية بعيدة عن مرمى أنظارهما، فنجونا من انكشاف أمرنا.
ضحكاتهما العالية غطّت على أنفاسنا.
إسحاق همس مجددًا:
“لو رآنا أحد هنا، وحدنا… قد يُساء الظن. لم يكن أمامي سوى إخفاؤك بسرعة.”
…حسنا. منطقي. لكنك بالغت بعض الشيء.
تأملت القناع الذي يخفي وجهي:
“على أي حال، لا أحد سيتعرف إليّ بهذه السهولة.”
ابتسم بخفة:
“ربما. لكن كم من سيدات النبلاء صافحنك اليوم؟ لا شك أن كثيرًا منهن يميزن ملامحك.”
كان محقًا. كثيرون رأوني في القاعة.
أومأت برأسي.
“حسنًا… الاحتياط لا يضر.”
ظلّت همساتنا تختلط بضجيج الخارج… حتى خفتت أصواتهم وغادروا.
“حان الوقت لنخرج.”
قلت ذلك وهممت بفتح الباب، لكن إسحاق وقف في طريقي، ينظر إليّ بابتسامة غامضة.
“قلت لكِ من قبل…”
أمسك معصمي فجأة.
“…أن معظم الحاضرين اليوم لديهم اهتمامات أخرى.”
عيناه الخضراوان أضاءتا وسط الظلام الخانق، وهو يقترب ببطء.
ثم همس قريبًا من أذني:
“ما زلت أشعر بوجود أشخاص قربنا.”
وفي اللحظة التالية—
خَش!
فُتح باب الغرفة بعنف، وصوت امرأة حاد ارتفع:
“لماذا ما زالت تلك المرأة حية إلى الآن؟!”
تسمرتُ مكاني.
امرأة غريبة، يرافقها رجل، دخلا الغرفة.
صوتها البارد جعل قشعريرة تسري في ظهري.
“اخفضي صوتك، هناك آذان كثيرة.”
حذّرها الرجل.
لكنها صاحت:
“تريدني أن أتماسك؟! إلى متى سأحتمل رؤية الإمبراطورة تتجول وكأن شيئًا لم يحدث؟!”
“…!”
شهقتُ بلا وعي.
نظرتُ إلى إسحاق بارتباك شديد.
هو أيضًا حدّق بي بعينين نصف مغمضتين، وابتسامة خافتة ترتسم على محيّاه.
ثم همس ساخرًا:
“كما توقعت… جلالتكِ تحظين بشعبية كبيرة.”
✨ انتهى الفصل 72.
التعليقات لهذا الفصل " 72"