الفصل السابع: ما الذي تظنّني عليه؟
ما الذي جعل هذا الرجل يأتيني؟
كلّ شيء كان مرتبكاً في ذهني.
“أقابل جلالتكم، يا صاحبة السمو الإمبراطورة.”
دخل إلى الغرفة وهو يلقي التحيّة بكلّ احترام.
شَعره الأسود نصف الطويل ينسدل برشاقة، وملامحه الفاتنة تأسر الأبصار.
زِيّه الأسود، المفصَّل بإتقان، بدا وكأنّه خُلق له.
الجسد الممشوق والهيبة الآسرة جعلت الوصيفات يطلقن أنفاس إعجاب مكتومة.
ماري، التي كانت قد دخلت لتقدّم الشاي، التفتت نحوي بخلسة، وفي عينيها يلمع الفضول.
ولم تكن وحدها. خلف كتفيه العريضتين أحسستُ بالعديد من النظرات المتلصّصة.
أجل، أعلم جيداً ما يدور في أذهانكنّ.
كلكم تتساءلن: لِمَ هذا الرجل الذي يُلقّب بـ “وحيد القرن في القصر” جاء يبحث عني؟
المؤسف أنّني أنا نفسي لا أعرف السبب.
“إذن، سنترك المكان لجلالتكما.”
كان هذا صوت الكونتيسة كلوي، وهي تعلن رغبتها في الانصراف.
ارتبكتُ بشدّة.
لا، لا تذهبي!
الوقت متأخّر، وهذا الرجل يثير القلق.
ثم إنّني، رغم مظهري، لا أجيد الجلوس منفردة مع الغرباء.
أرسلتُ نظراتي المتوسّلة للوصيفات، أرجوهنّ أن يبقين.
لكنّهنّ كنّ بارعات أكثر من اللازم.
فجأة، جميعهنّ أومأن برؤوسهنّ في انسجام.
أحسستُ بفرحة عارمة، ظننتُ أنّهنّ فهمن طلبي.
لكن سرعان ما…
“لقد أطلنا المكث بلا داعٍ. إن احتجتِ إلى شيء، نادينا فوراً.”
ابتسمت الكونتيسة، ورفعت إبهامها نحوي تشجيعاً… ثم أغلقت الباب خلفها.
…يا يسوع.
وهكذا تُركت وحيدة مع هذا الرجل.
* * *
كان هو أوّل من تكلّم:
“هل تجاوزت حدودي بزيارتي هذه؟”
يبدو أنّه شعر ببرود ملامحي.
أجبت سريعاً:
“لا، لقد فاجأني قدومك فحسب.”
أشرتُ إلى المقعد المقابل:
“اجلس.”
جلس بهدوء، فبادرت أسأله مباشرة:
“ما الأمر؟ هل جئتَ بسبب ما حدث البارحة؟”
كان لقائي به بالأمس هو الأوّل.
ومن ردة فعل الوصيفات الحماسيّة، بدا أنّ “هيلينا” نفسها لم تلتقه من قبل.
“نعم، لهذا السبب جئت.”
كما توقعت.
ثم انحنى قليلًا وقال:
“أردت أن أعتذر من جلالتك.”
“…تعتذر؟”
رفع عينيّ نحوه بدهشة.
“لأنّني أثناء القضاء على المتسللين، أريتكِ مشهداً غير لائق.”
“آه…”
تذكّرتُ الدماء المتدفّقة والنافورة المدمّرة. نعم، كان مشهداً صادماً.
لكنّي ابتسمت:
“لا بأس. كان أمراً لا مفرّ منه.”
كنت قد خشيت أن يكون الأمر أعمق من ذلك، وربما جاء ليتّهمني بالتواطؤ.
الآن أحسستُ براحة.
إلا أنّه فاجأني مجدداً:
“مولاتي الإمبراطورة.”
“نعم؟”
“ألتمس العذر لسؤالي… لكن هل من سبب خاص لعدم وجود حرّاس شخصيين يلازمون جلالتك؟”
“حرّاس شخصيون؟”
لم أستوعب سؤاله للحظة.
تابع:
“أجل. حين رأيتك البارحة، لاحظتُ أنّك دون حراسة. وهذا أمر يثير الاستفهام.”
استدعيتُ الكونتيسة كلوي وسألتها، فجاء جوابها قاطعاً:
“ليست لجلالتك حاشية من الفرسان. لقد طلبتِ من جلالته الإمبراطور أكثر من مرّة، لكنه كان يجيب دائماً: القصر آمن، والوصيفات تكفينها.”
إذن، كان ذلك قرار جيروم!
لهذا بدا القصر خالياً من أيّ جنود في جناحي.
قطّب لينارد حاجبيه بوضوح:
“أمر غريب. الأخطار قد تقع في أيّ مكان. حتى وليّة العهد محاطة بستة فرسان لحراستها. أمّا جناح الإمبراطورة بلا حارس؟”
أطرقت كلوي:
“هناك جنود يحرسون المدخل.”
لكن كلمتها لم تُقنعه. بقي غارقاً في التفكير.
“لينارد؟”
انتبه فجأة وقال بهدوء:
“أعذريني إن أطلت. سأتحقّق بنفسي من أمر الحراسة.”
ثم وقف وانحنى مودّعاً:
“سأزور جلالتك مرة أخرى قريباً.”
“مرة أخرى؟”
تفاجأت من كلماته.
أجبته مترددة:
“ألم يكن يكفي أن توكِل الأمر إلى من هم دونك؟”
ابتسم ابتسامة غامضة، ثم انسحب دون تفسير.
ما إن غادر، حتى انهمرت الوصيفات بالأسئلة:
“يا إلهي، لقد قصدك بنفسه! ماذا أراد؟”
قلت ببساطة:
“سأل عن أمر الحراسة.”
لكن خيبة الأمل ارتسمت على وجوههنّ.
ضحكت في سري. لا عجب. شكله، مقامه، وبراعته… كيف لا يفتن القلوب؟
لكن في داخلي كنت أتمتم:
“إنه رجل خطير… يجب أن أحترس منه.”
* * *
عاد لينارد إلى مقرّ الفرسان.
فهرع نحوه الشاب “كونراد”.
“سيدي القائد! سمعت أنّك التقيت بجلالة الإمبراطورة؟ كيف كانت؟”
ردّ لينارد ببرود:
“وماذا عن ذلك؟”
همس الفتى بخوف:
“الجميع يقولون إنّها امرأة قاسية الطبع… تغضب لأتفه الأسباب وتقذف الأشياء بيدها!”
لكن لينارد استرجع ملامحها الخجولة.
لم يرَ في عينيها قسوة… بل خوفاً.
كانت كعَيْنَي غزال صغير يترقّب الخطر.
لماذا كانت تخاف مني؟
لم يكن الأمر بسبب ما رأت في الحديقة فقط.
حين وعدها بلقاء آخر، بدت مرتبكة، كأنّها تريد الهروب.
انعقدت عيناه أكثر، وتمتم بابتسامة خفيفة:
“سأبحث في الأمر.”
* * *
في تلك الأثناء، كنت أنتظر معاونيّ.
طرق الباب، فظننته أحدهم.
لكنّ المفاجأة… أنّ الداخل لم يكن سوى جيروم نفسه.
عيناه القرمزيتان تتلألأان تحت ضوء القمر.
“إمبراطورة.”
شهقت في سري. لماذا أتى هو أيضاً هذه الليلة؟
رمى بنظره نحو الطاولة، حيث بقايا كأسين من الشاي.
“يبدو أنّكِ كنتِ مع ضيف.”
“أجل، كان لديّ زائر. لكن ما الذي جاء بك، مولاي؟”
لم يُجب مباشرة.
بدلاً من ذلك سأل ببرود:
“في مثل هذه الساعة المتأخّرة… كنتِ وحدكِ معه؟ بلا وصيفات؟”
ترددتُ قليلاً. ما الذي يعنيه هذا السؤال؟
أخيراً قال:
“جئت بسبب فستان وليّة العهد.”
ارتجفتُ.
هل علم أنّني كذبتُ بشأن الحادثة؟
اعترفت بهدوء:
“نعم، أنا مَن مزّقه.”
لكنّه أجاب بقسوة:
“لا، لم تفعلي.”
“…عفواً؟”
تسارعت أنفاسي.
كيف عَرَف؟ ألم يكن هو نفسه قد صرّح أمام فيّ بأنّني الفاعلة؟
ابتسمت بسخرية لأخفي ارتباكي:
“سواء فعلتُ أو لم أفعل، كنتُ أرغب في ذلك. ما الفرق؟”
ضيّق عينيه وقال:
“هذا لا يشبهكِ. أأنتِ تحمين وصيفتكِ؟”
أجبته بلا تردّد:
“اختيار وصيفاتي من شأني وحدي.”
لكنّه ظلّ يتأملني بصوت متكسّر، مزيج من الغضب والحيرة:
“أخبريني… ما الذي تظنّينني عليه؟”
✨ انتهى الفصل السابع.
اقول توكل مسوي طبيعي معها وقدام الناس شوفوني أنا المتحكم الي اهينها قدام عصفورتي الصغيرة قلع بقلعك