الفصل 63 – رجل ماكر كالـثعلب (3)
بعد العشاء، قصد ليونارد ورفيقته متجرًا فخمًا للمجوهرات.
قيل إن ثمن خاتم صغير هناك يعادل ثمن قصر كامل.
من بعيد، كنت أراقبه وهو يقف أمام واجهة العرض، ينظر مليًا كمن يختار شيئًا بالغ الأهمية. تجعّد حاجباه قليلًا من شدة التركيز.
وبينما كنت غارقة في مراقبته، سمعت صوتًا منخفضًا خلفي:
“يا ترى، لمن يُهدي السير ليونارد هديته حتى يضع كل هذا التركيز؟”
شهقت. لم يكن الصوت صوت وصيفتي.
التفت بسرعة، فإذا برجل مقنّع يقف خلفي.
“سـ… سيدريك؟!”
نعم، لقد كان سيدريك، “حكيم الغابة”.
كيف ظهر هنا فجأة، بيني وبين وصيفتي وكأنه كان معنا منذ البداية؟
قال بهدوء وهو يمدّ يده:
“كنت أشتري بعض المواد لتجاربي، فصادفت جلالتك مصادفة. آه! وهذا لكِ.”
قدّم إليّ باقة صغيرة من الزهور.
تساءلت بدهشة: “ومن أين لك هذه؟”
ابتسم ابتسامة خجولة: “كانت مزهرة في طريقي… فخطرتِ في بالي.”
خيّل إليّ أن لون أذنيه قد احمر قليلًا.
عبقت الأزهار برائحة دافئة تشبه ابتسامته.
ابتسمتُ بدوري: “هذه المرة أكثر من زهرة واحدة… شكرًا لك.”
لكن فجأة تذكرت شيئًا: “انتظر لحظة… كيف عرفت أنني أنا؟!”
كنت متنكّرة: شعر مستعار، ثياب عادية، رداء يخفي معظم وجهي.
أجاب وكأن الأمر بديهي:
“يكفي أن أراكِ من ظهرك لأعرفك.”
ارتبكت. هل كُتب اسمي فوق رأسي؟
لكني لم أجد وقتًا للتفكير؛ إذ إن سيدريك حوّل نظره إلى ليونارد.
كان وجهه جادًا، أشبه بعالِم لمح للتو مادة نادرة.
“عجيب… السير ليونارد مع امرأة شابة. أول مرة أراه يبتسم هكذا. ما العلاقة بينهما برأيك؟”
حمدت الله أنه لم يسألني: لماذا أراقب ليونارد متخفية؟
الكونتيسة كلوي، التي كانت تخفي وجهها بكتالوج، تدخلت لتجيب:
“لا نعرف بعد.”
رفعت حاجبي دهشة. هكذا تزداد الشبهة أكثر!
سيدريك تمتم:
“أعرف الكثير عن الناس، لكن هذه المرأة… لا أجد عنها أي معلومات. غريب حقًا.”
إذًا… لقد حاول بالفعل التحري عنها!
ثم نظر إلى واجهة العرض:
“هذه المجوهرات ليست عادية. أليست تلك الواجهة مخصصة لأغلى القطع في المتجر؟”
أجابت الوصيفتان معًا:
“بلى. كل ما يُعرض هناك قطع نادرة، بل منها تصاميم فريدة لا مثيل لها في العالم.”
قالت ماري وهي تكاد تمزق الكتالوج بيديها:
“لو أنه يشتري خاتمًا من هنا، فلا بد أن المرأة تعني له الكثير!”
ثم غمغمت بغضب غريب:
“إن لم تكن الهدية لمولاتنا، فهذا خيانة! السير ليونارد، لا تفعل! وإلا… لا أعرف ما الذي سأفعل!”
نظرتُ إليها مرتبكة: ماري، لستِ أنتِ البطلة هنا. لماذا تتحمسين أكثر مني؟
وقبل أن أفتح فمي، جاء صوت سيدريك مجددًا:
“آه، يبدو أنه… اشترى القطعة حقًا.”
✨ انتهى الفصل 63 ✨
التعليقات