ما إن وصلت إلى جناح الإمبراطورة حتى اندفعت ماري، خادمتي الخاصة، تهتف بصوت مرتجف:
“جلالتكِ الإمبراطورة!”
ثم ارتمت في حضني باكية، وكأننا التقينا بعد فراق دام سنوات.
“لقد اشتقتُ إليكِ كثيرًا… لم تعلمي كم كان صعبًا غيابكِ.”
وما لبثت أن لحقت بها باقي وصيفات الجناح، يحيطن بي بدموع وفرح حقيقي.
تدفقت كلماتهن متلاحقة:
“كيف حالكِ بعد هذه الرحلة الطويلة؟”
“هل كنتِ تتناولين طعامكِ بانتظام؟”
“لقد نحفتِ كثيرًا فيما يبدو!”
ابتسمت وأنا أمسِك بأيديهن واحدة تلو الأخرى مطمئنة:
“بالطبع أنا بخير. كنتُ آكل جيدًا أيضًا. أما عن النحول، فليس سوى أثر السفر الطويل والإرهاق.”
كنّ يظنن أنني ذهبتُ إلى مقاطعة عائلتي الدوقية لقضاء إجازة بسيطة، لكن استقبالهن بدا مبالغًا فيه وكأنني عدت من رحلة خطرة.
اقتربت الكونتيسة كلوي وقالت بصوت مفعم بالعاطفة:
“لا تعلمين كم كنتُ قلقة عليكِ، يا مولاتي. كم أنا سعيدة بعودتكِ سالمة.”
رغم محاولتها إخفاء مشاعرها، إلا أن عينيها كانتا محمرتين قليلًا.
وأنا أيضًا شعرت بشوق عميق لهن جميعًا؛ فقد كنتُ أستحضر صورتهن حتى وأنا أتلقى التكريم في مملكة كالوس، سواء عند تناول الطعام الشهي أو في خضم الاحتفالات المبهجة هناك.
لقد غدا جناح الإمبراطورة بمثابة منزلي الحقيقي، بل وطني الآخر.
ابتسمت لهن قائلة:
“لقد غبتُ عن القصر أطول مما توقعت. أرجو أنكن كنتن بخير أثناء ذلك.”
“بالطبع! كلنا كنا ننتظر عودتكِ فقط.”
“وأنا أيضًا اشتقتُ إليكن جميعًا.”
تلألأت أعين الوصيفات بتأثر، ثم ساعدنني على تبديل ثيابي، وروين لي كل ما جرى في غيابي.
كنتُ أكثر ما أهتم به وضع ماري. فقد كانت هي السبب الرئيسي الذي دفعني لاتخاذ قرار السفر إلى مملكة كالوس من أجل إنهاء أزمة الجفاف.
نظرت إليها وسألت بقلق:
“ماري، كيف حالكِ في الآونة الأخيرة؟ أرجو ألا يكون أولئك المرابون المزعجون قد عادوا إليكِ ثانية؟”
هززتُ رأسي وأنا أستعيد ذكرياتهم البغيضة يوم اقتحموا منزلها واعتدوا على أسرتها.
لكنها ابتسمت مطمئنة:
“لا، لم يظهروا على الإطلاق. بعد مغادرتكِ، أرسل السير ليونارد بعض الرجال لحراسة منزلي أيامًا عدة، فلم يجرؤ أحد على الاقتراب.”
ليونارد فعل ذلك؟
كان هذا خارجًا عن طبيعته الباردة التي قرأتها عنه في القصة الأصلية، إذ لم يكن يهتم بمن هم خارج دائرته الضيقة. يبدو أنه فعل ذلك لأنها خادمتي. سأشكره لاحقًا.
تابعت ماري:
“حتى شقيقي كان ممتنًا جدًا، وأصرّ على أن يشكركِ شخصيًا.”
ابتسمت وقلت: “يكفيني كلامكِ هذا.”
ثم تدفقت الأحاديث عن كل ما جرى في القصر: الطرائف بين الوصيفات، الأثاث الجديد الذي أُضيف للجناح، لكن أكثر ما جذب اهتمامهن كان خبرًا عن الإمبراطور جيروم.
قالت ماري بعينين واسعتين:
“لقد أحدث خروج جلالته الإمبراطور من القصر ضجة كبرى!”
وأضافت أخرى: “ليس وحده، بل ومعه فرقة من فرسان الحرس الإمبراطوري.”
“حتى انتشرت شائعات عن اقتراب حرب.”
“بل إن بعض الموظفين أرسلوا عائلاتهم سرًا بعيدًا عن العاصمة خوفًا من الأسوأ.”
حرب؟
لم أستغرب، فقد فوجئت أنا أيضًا عندما ظهر جيروم مع فرسانه في كالوس. يبدو أن القصر بأسره أساء تفسير خروجه على أنه تحرك عسكري.
ضحكت ماري فجأة وصفّقت بيديها:
“لكن تخيّلن دهشتنا حين عاد مع جلالتكِ الإمبراطورة برفقته!”
وتبادلَت الوصيفات النظرات المتواطئة وقلن:
“أجل… أجل… هذا واضح، أليس كذلك؟”
أملتُ رأسي بتعجب. ما الذي يلمّحن إليه؟
بالطبع، الأمر بدا استثنائيًا. فجلالته لم يكن يُبدي أي اهتمام بي عادة. فكيف يخرج بنفسه مع فرسانه ليصطحبني؟
ليس غريبًا أن القصر كله اهتزّ.
“يبدو أنه كان يخفي قلقه عليكِ يا مولاتي.”
“بالطبع! وإلا ما كان كلّف نفسه مشقة الحراسة بنفسه.”
“لقد أدرك أخيرًا مدى جاذبية مولاتنا الإمبراطورة!”
ارتفعت حماسة الوصيفات، لكنني لم أشاركهن أوهامهن.
لا… لم يفعل ذلك من أجلي. كان هناك سبب آخر بلا شك. أما أنا… فلستُ معنيّة بالأمر.
سألتني إحداهن بفضول:
“فماذا حدث بالضبط يا مولاتي؟ هل بينكِ وبين جلالته قصة خفية؟”
لو علمن كم كان الطريق عائدًا معنا بارداً ومملًّا…!
قلت بهدوء:
“لا شيء مميز. فقط تصادف أن عدنا في الطريق نفسه.”
خفتُ على وجوههن علامات الخيبة. لكن الكونتيسة كلوي سارعت لتغيير الموضوع:
“في الواقع، يا مولاتي، رغم أن خروج الإمبراطور كان مثار ضجة… إلا أن الأكثر تداولًا بين الناس هو أن جلالتكِ ذهبتِ إلى مملكة كالوس.”
تسمرتُ مكاني:
“ماذا؟ كيف علموا؟!”
لقد أُعلن رسميًا أنني ذهبتُ إلى مقاطعة عائلتي الدوقية للراحة، وكان ذهابي إلى كالوس سرًا محكمًا حتى عن أقرب المقربين.
ابتسمت الكونتيسة وقالت:
“قبل يومين، وصل مبعوث من كالوس ومعه رسالة ملكية. أعلن أن ملك كالوس سيهدم السدود العليا للنهر لتخفيف معاناة الإمبراطورية من الجفاف.”
إذن، كارسن سبقني بخطوة كالعادة.
تابعت:
“قال المبعوث إن هذا القرار جاء ثمرة جهودكِ الدبلوماسية، وأكّد أن ملك كالوس يعتبركِ صديقة أبدية لمملكته.”
أومأتُ ببطء وقد فهمت الآن لماذا انتشر الأمر في القصر.
قالت كلوي:
“الآن القصر كله يفيض بمديحكِ يا مولاتي. يقولون إن الصلوات والصيام لم تجلب المطر، لكنكِ لم تيأسي، بل ذهبتِ بنفسكِ إلى كالوس لتُنجزي ما لم يستطع أحد غيرك إنجازه.”
هتفت وصيفة أخرى:
“حتى أن الملك المعروف بغروره قد أعلن صداقة أبدية لكِ! من كان يصدق؟”
“ولطالما كانت العلاقات بين الإمبراطورية وكالوس متوترة، بل حروب كثيرة اندلعت…!”
“كيف فعلتِ ذلك؟ نرجوكِ أخبرينا بالتفاصيل!”
لكن وسط الحماس ظهرت لهجة قلق:
“لقد ذهبتِ فقط مع السير ليونارد والسير سيدريك؟ ماذا لو حدث لكِ مكروه؟”
“لو كنتِ أبلغتِنا… لقد كنا قلقاتٍ عليكِ كثيرًا.”
صحيح… كان ذلك مخاطرة. لكن لو ذهبتُ مع قوة كبيرة، لما تحقق أي شيء. كارسن كان سيفسرها كتهديد، وحينها كنا سنعود صفر اليدين.
تنهدت ثم قلت لهن:
“بفضل تعاون مملكة كالوس خففنا بعض المعاناة، لكن لا تتوهمن أن الأمر انتهى. الجفاف سيستمر، وقد يطول.”
ارتسمت على وجوههن علامات توتر.
أضفت بنبرة جادة:
“علينا أن نتخذ إجراءات حاسمة لتوفير كل قطرة ماء. لدي بعض الأفكار التي فكرتُ بها في الطريق.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات