بعد أن أُسرنا على يد فرسان مملكة كالوس، وجدت نفسي مع ليونارد وسيدريك محبوسين في زنزانة تشبه غرفة ضيقة أكثر منها سجناً حقيقياً. لحسن الحظ لم يكن المكان قذراً أو مخيفاً كزنزانات المجرمين، ربما لأنهم يشكون في أنني قد أكون حقاً إمبراطورة.
طبعاً من الصعب عليهم تصديق ذلك، فمَن سمع من قبل عن إمبراطورة تتسلل إلى بلدٍ آخر من دون حراسة أو جيش مرافق؟! ومع ذلك، وبسبب جرأتي أو ربما لمجرد احتمال أن أكون صادقة، حبسونا في غرفة مراقبة لا أكثر.
حين ابتعد الحراس، همس لي ليونارد بصوت منخفض:
“جلالتك، التفاوض؟ لم يكن ذلك في خطتنا أبداً.”
أما سيدريك فكان يحدق بي بعينين يملؤهما الأمل:
“هل كنتِ قد خططتِ لهذا الاحتمال من قبل؟”
أجبتهما بابتسامة باهتة:
“طبعاً لا. هذا لم يكن في الحسبان.”
وجهيهما امتلأ بخيبة أمل، فاستدركت:
“لكن لا تحبطا. حتى لو لم يكن في خطتنا، سأجد طريقة للخروج من هذا المأزق.”
ارتفعت حواجب سيدريك: “إذن لديكِ حل ما؟”
أجبت بثقة مصطنعة:
“من المنطقي أنهم لن يجرؤوا على معاملتي بتهور لو علموا أنني حقاً إمبراطورة.”
قال ليونارد بجدية:
“لكن، جلالتك، ذلك يفترض أنهم سيتحققون فعلاً من هويتنا.”
سيدريك أومأ:
“بالضبط. وإذا لم يكلّفوا أنفسهم عناء التحقيق وقرروا ببساطة أن نحاكم فوراً بمحاكمة ميدانية…”
سألته بقلق: “وما معنى ذلك؟”
رفع عينيه ببطء نحو السقف بصمت. لم يكن بحاجة لقول شيء. الرسالة واضحة: الإعدام.
تجمد الدم في عروقي. كم من مرة تفاديت نهاية مأساوية، وها أنا مهددة بأن ألقى حتفي على يد حرس حدود مجهولين لا ذكر لهم حتى في القصة الأصلية؟!
ليونارد قال بصوت حازم:
“لا تقلقي، جلالتك. حتى لو اضطررت للتضحية بنفسي، سأضمن أن تخرجي من هنا سالمة.”
كلماته عادة ما تمنحني شعوراً بالأمان، لكن هذه المرة كان صوته يفيض بجدية غريبة وكأنه يودّعني. أما سيدريك فقال:
“وأنا سأساعد أيضاً.”
نظرت إلى وجهه الشاحب وفكرت: أرجوك أولاً عالج خوفك قبل أن تتكلم عن القتال، تبدو وكأنك ستُغشى عليك قبل حتى أن تبدأ المعركة.
في تلك اللحظة، ارتفعت أصوات من خارج الباب.
“مولاي! لماذا تفتح الباب مجدداً؟ قلت لك أن تغلقه جيداً!”
“لكن الجو خانق هنا.”
مولاي؟!
تسمرت أذناي. إذن من جاء هو أحد الأمراء، أو ربما الملك نفسه.
شعرت بتوتر غريب ورغبة في معرفة الحقيقة.
وفعلاً، انفتح الباب فجأة، ودخل رجل ذو شعر أحمر قاتم، عيناه لامعتان بحدة غير مألوفة. كان يرتدي زياً عسكرياً أنيقاً، وقامته شامخة واثقة. ابتسم بخفة وقال:
“أترون؟ كنت محقاً.”
ثم وقعت عيناه عليّ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة مألوفة:
“ألم نقل إننا سنلتقي مجدداً… يا من أنقذتني؟”
❖ ❖ ❖
انتقلت معه إلى غرفة أخرى بعيداً عن أعين الحرس. لم أستطع منع نفسي من سؤاله مباشرة:
“لا تقل لي إنك حقاً ملك هذه البلاد؟”
كنت أفرك معصمي الذي تحرر للتو من الحبال وأنا أحدق به بعدم تصديق.
رجل كهذا؟ ذلك الغريب الفظ الذي التقيت به صدفة في القصر الإمبراطوري؟ ملك؟ مستحيل.
ضحك بخفة:
“لماذا؟ يصعب عليكِ تصديقي؟”
أجبته بسرعة:
“بالطبع.”
كيف أصدّق أن ذلك الشخص، الذي ظهر في القصر فجأة وطلب مني أن أدلّه على الطريق كأنه تائه، ثم تغلب على فرسان الحرس الإمبراطوري ببساطة مدهشة… كيف يمكن أن يكون ملكاً؟ كان أقرب إلى أحد المتهورين لا أكثر. لو لم يكن شعره القرمزي الفريد، لظننته مجرد محتال سيئ.
ابتسم وقال:
“يبدو أن انطباعك عني متدنٍ جداً. حتى مساعدي مو مو يقول الشيء نفسه دوماً.”
تمتمت: “إذن… كنتَ حقاً هو.”
ضحك مرة أخرى: “ما زلتِ لا تثقين، صحيح؟”
قلت بصرامة:
“تصرفاتك، طريقتك في الحديث… ليس فيها أي وقار يليق بملك.”
اقترب قليلاً وقال بخبث:
“آه، هذا ما يزعجك إذاً؟”
ثم همس بابتسامة واسعة:
“لكن أخبريني، نحن لسنا مجرد غرباء عابرين، أليس كذلك؟”
تراجعت بحذر: “ماذا تقصد؟”
قال بكل بساطة:
“ألسنا قد أرشدنا بعضنا الطريق من قبل؟”
اعترضت: “بل كنتَ تفرض عليّ ذلك رغماً عني.”
ضحك: “مهما يكن، أليست تلك صلة مختلفة عن أي لقاء عابر؟ إذاً لمَ لا نترك الرسميات جانباً ونتحدث ببساطة؟ طبعاً أمام الناس سأعاملك بما يليق بكِ كإمبراطورة.”
لم أعرف بماذا أرد.
جلس أمامي وأخلى حنجرته قائلاً بجدية أكبر:
“حسناً، دعينا ندخل في الموضوع. ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟ لا تقولي إنك تائهة مجدداً، فالقصر بعيد آلاف الأميال.”
ثم أرخى ياقة ثوبه وفتح أزرار عنقه، فبدا أكثر أريحية، لكن عيناه الزرقاوان الحادتان صارتا أكثر خطورة.
قال بنبرة واثقة:
“إمبراطورة تأتي من بعيد ومعها عربة محملة بالمتفجرات… هل تشرحين لي؟”
تجمدت لثوانٍ، لكنه كان يعرف إذن. تفتيش العربة كشف الأمر.
حاولت التماسك:
“جئت للتفاوض.”
ابتسم بسخرية:
“التفاوض؟ وبصحبتك كل ذلك البارود؟”
شرحت بهدوء:
“المتفجرات لإصلاح السدود، لا للهجوم. لو كانت غايتنا الحرب لما جئتُ برفقة رجلين فقط.”
ردّ بابتسامة ملتوية:
“بل هذا أدعى لتصديق أنكِ جئتِ سرّاً لتخريب شيء ما.”
قلت بثقة:
“هل تظن أنني أنا، الإمبراطورة، سأجازف بنفسي في مهمة كهذه؟”
لم يجب. بل راقبني باهتمام وكأنني لغز ممتع.
أخذت نفساً عميقاً ثم أعلنت:
“شعبي يعاني من جفاف شديد. أطلب من جلالتك أن تفتحوا مجرى المياه الذي سدّدتموه وتسمحوا للماء بالوصول إلى الإمبراطورية.”
أجاب ببرود:
“وما دخل سدودنا بجفافكم؟ المطر عندكم لا يهطل، هذا كل شيء.”
قلت بحدة:
“كلا. أعلم أن مملكتكم تتلاعب بمسار المياه منذ سنوات طويلة.”
رأيت عينيه تتسعان بدهشة. إذن أصبته في الصميم.
هذا ما عرفته من القصة الأصلية: أن كالوس مع الحلفاء الخفيين تلاعبوا بالأنهار ليخنقوا الإمبراطورية.
لكنه أنكر ببرود:
“أول مرة أسمع هذا الكلام.”
كاذب رديء.
ابتسمت ببرود وقلت:
“فلنترك الإنكار. ما الذي تريدونه مقابل إعادة الماء؟”
لم يجب.
قلت: “الملح؟”
ظل صامتاً.
قلت: “أو… الميناء غير المتجمد؟”
هنا فقط، تغيرت ملامحه بوضوح.
لقد أصبت الوتر الحساس.
الميناء غير المتجمد… الحلم الوحيد لمملكة محاصرة بالثلوج. قرأت ذلك بوضوح في عينيه.
فابتسمت بثقة:
“نستطيع عقد اتفاق: بينما تُفتح مجاري الماء، نسمح لمملكتكم باستخدام الميناء دون قيود.”
كنت متأكدة أنه سيقبل. في القصة الأصلية، هذا ما طلبوه بعد حرب طويلة. والآن أنا أعرضه بلا حرب.
لكن جوابه فاجأني كصفعة:
“لا. لا يهمني.”
تجمدت أنفاسي: “ماذا؟!”
قلت بتحذير:
“إذا رفضت، سيؤدي هذا لحرب لا محالة!”
ابتسم بهدوء:
“مملكة كالوس لا تخشى الحرب.”
صرخت غاضبة:
“إذاً ماذا تريد؟!”
ابتسم، ووضع يده على ذقنه لحظة، ثم نظر إليّ بتمعن قبل أن يبتسم ابتسامة عجيبة:
“أريدكِ أنتِ.”
أنا؟
أشار نحوي بإصبعه وقال:
“أنتِ… أعجبتني.”
ارتجف قلبي وارتفعت حرارتي فجأة، بينما تجمد لساني في فمي.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 51"