“لا أظن أنّ علينا القلق من قَتَلة آخرين لفترة من الوقت.”
قال ليونارد ذلك بعدما اجتزنا سهولاً واسعة وعبَرنا وادياً عميقاً، ثمّ واصلنا الركض المحموم إلى أن عبرنا النهر أخيراً. عندها أعلن أن الخطر قد ابتعد.
تساءلت بدهشة: “حقاً؟”
فمنذ أن التقينا بأولئك الذين تنكروا كتجّار، تعرضنا لثلاث محاولات اغتيال متتالية. لحسن الحظ، بفضل مهارة ليونارد وسيدريك، لم نصب بأذى، لكن كل لحظة كانت مغامرة قاتلة. ولو كنت أعلم ذلك منذ البداية، لكنت قبلت عرض جيروم بإرسال فرسان لمرافقتنا. حتى الندم لم يعد يجدي.
سألت: “من تراهُم يكونون؟”
تأمّل ليونارد قليلاً ثم قال: “يصعب التخمين بدقة. فالبيت الإمبراطوري له أعداء كُثر.”
وأضاف سيدريك: “بحثتُ في ذكريات بعضهم، لكنهم لم يعرفوا شيئاً عن مَن أرسلهم.”
غير أنّ شيئاً واحداً بدا واضحاً… هدفهم كان أنا.
‘لماذا أنا تحديداً؟’
هل فعلتُ ما يستحق القتل؟ … لا أنا، بل هيلينا التي سكنت جسدي قبل أن أحلّ مكانها. ولو اختفيتُ، لوجد آلافٌ ممن يطمعون بعرش الإمبراطورة في الإمبراطورية. التفكير بذلك جعل الأمر أكثر غموضاً، لا أوضح.
قلت بقلق: “وهل نحن بأمان الآن حقاً؟”
أجاب ليونارد وهو يشير إلى السلاسل الجبلية البعيدة: “على الأقل مؤقتاً. من الآن فصاعداً نحن داخل أراضي مملكة كالوس.”
أخيراً… لقد وصلنا.
كان الهواء الذي كان خانقاً من قبل قد أصبح عليلاً ومنعشاً. بعد ستة أيام من مغادرتنا القصر الإمبراطوري، دخلنا حدود كالوس. صحيح أن دخولنا لم يكن شرعياً؛ فلو قبضت علينا قوات الحدود فستكون النهاية.
قال ليونارد وهو يشرح: “تضمّ المملكة أعلى جبال القارة، سلسلة كالون، وسهول كاماران الشاسعة. لذلك فمناخها متنوع للغاية.”
تذكّرتُ ما قرأت في الرواية: مملكة كالوس لم تظهر إلا في الفصول الأخيرة، حين اشتعلت الحرب بينها وبين الإمبراطورية على هذه الحدود. لم أتذكر مَن انتصر، إذ ركّزت القصة على الرومانس لا على الحروب. لكنني كنت أعلم السبب: كالوس بنت سدّاً ضخماً وقطعت مجرى المياه عن الإمبراطورية، فكانت تلك بذرة النزاع.
أوضح سيدريك: “كالوس في الواقع قوة عظمى تضاهي الإمبراطورية. لكن كونها وُلدت من تحالف قبائل متناثرة جعل وحدتها هشّة. لم تصبح قوية إلا في عهد الملك السابق، وبالأخص منذ أن تولّى ابنه وليّ العهد الوصاية منذ أكثر من عشر سنوات.”
تذكرت: “ذلك الملك الشاب زار الإمبراطورية مؤخراً، أليس كذلك؟”
أجاب سيدريك: “نعم، يُقال إنه جمع بين العلم والحرب. حَكَم بيد قوية فوحّد القبائل المتمردة بسرعة، ولذلك يلقبونه ‘السيد الدموي’. يقولون إن قتاله في الميدان كان وحشياً إلى حد أن شعره الأحمر المبتل بالدماء جعله يبدو شيطاناً.”
“السيد الدموي…” همستُ، وشعرت بخفقان غريب في قلبي. لا أدري لماذا، لكنني أحسست أن لقاءنا قدَر محتوم.
* * *
حين دخلنا عمق كالوس، توقفنا قرب النهر لنستريح. جلستُ في العربة وأصغيت إلى خرير الماء، متمنية لو يصل فيضه إلى الإمبراطورية الجافة. وعندما مددت بصري إلى البعيد، رأيت السدّ شامخاً.
قال ليونارد وهو يلمع سيفه: “هل حقاً تنوين فعل ذلك يا جلالتك؟”
أجبته بحزم: “نعم. بل يجب أن نفعل.”
كانت خطتي بسيطة وخطيرة: أن نُفجّر أحد السدود المرتفعة لتنساب المياه نحو مجرى النهر المتصل بالإمبراطورية. سيدريك حسب الموقع بدقة. صحيح أن هذا لن يحل الجفاف بالكامل، لكنه سينقذ الناس مؤقتاً من العطش. بل وربما، لو نجحنا في تغيير مجرى المياه، نُنهي معاناة تتكرر كل عقد.
تنهدتُ في داخلي. أجل، المشكلة دائماً أنا. من أجلي عرّضتُ رجالي للخطر.
فقلت بحزم: “ليونارد، أنزل سيفك.”
احتجّ، لكنني قاطعته: “الآن.”
ثم خطوت للأمام وابتسمت بهدوء: “تشرفنا بلقائكم، أيها الفرسان. أنا إمبراطورة بينتريون. اضطررت لدخول بلادكم على عجل لسبب طارئ. فهلا أبلغتم ملككم بمجيئي؟”
لقد انكشفنا… ولم يعد أمامي سوى خيار واحد: المواجهة المباشرة.
* * *
في ساحة تدريب داخل قصر كالوس، كان رجل ذو شعر أحمر داكن يتدرب عاري الصدر، عَرقه يلمع على عضلات مشدودة كأنها منحوتة. حين أنزل سيفه، التفت قليلاً وسأل مساعده: “من قلتَ جاء؟”
أجاب المساعد: “امرأة تزعم أنها إمبراطورة بينتريون.”
مسح الرجل العرق عن جبينه وقال بلا مبالاة: “ليست منتحلة؟”
“ظننتُ ذلك أيضاً، لكن ثقتها أربكتني. نحقق في الأمر.”
“وماذا عن ملامحها؟”
“شَعرها أشقر، وعيونها… بنفسجية.”
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي الرجل: “حقاً؟ مثير للاهتمام.”
سأل: “أين هي الآن؟”
“في السجن طبعاً.”
قهقه الرجل وقال: “أظنها الحقيقية.”
دهش المساعد: “كيف عرفت؟”
أجابه بابتسامة غامضة: “إحساس.”
ثم أدار ظهره ومشى. ارتبك المساعد: “إلى أين تذهب الآن؟”
“أريد أن أرى وجه تلك الإمبراطورة بنفسي.”
“بهذا الشكل؟! يا صاحب السمو كارسن، ألا يجب أن ترتدي ثوباً لائقاً؟!”
لكن الأمير ذي الشعر القرمزي لم يُعره اهتماماً، ومضى بخطوات ثابتة…
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات