أشرقت خيوط الفجر بهدوء، فيما كانت نيران الموقد الصغير تخبو شيئاً فشيئاً. تمددت بتثاقل وأنا أطلق تثاؤباً طويلاً. يا للراحة… لقد نمت نوماً عميقاً.
انتظري لحظة، نمت؟! متى؟!
كنت متأكدة أننا اتفقنا جميعاً على السهر بجانب النار، وأن أول من ينعس يخسر الرهان. ومع ذلك، وجدت نفسي ممددة تحت الغطاء، وكأنني غفوت منذ البداية بلا وعي.
سمعت صوتاً عميقاً دافئاً يصل إلى أذني:
— “هل استيقظتِ؟”
التفتّ فرأيت سيدريك يبتسم لي وهو يراقب الخارج من مدخل الكهف. لا أعلم منذ متى كان يراقبني، لكن مجرد فكرة أنه ربما رآني وأنا أتمدد بتثاقل جعلت وجنتَيّ تحمران خجلاً.
سعلت بخفة لإخفاء ارتباكي وسألته:
— “وماذا عن المطر؟”
— “توقف منذ قليل.”
ألقيت نظرة حول المكان. كان هناك شخص واحد غائب.
— “أين ليونارد؟”
— “خرج ليتفقد الطريق. قال إنه سيطمئن على المسار بعد المطر.”
فهمت السبب، فالأمطار الغزيرة في الجبال قد تتسبب بانهيارات تسد الطرق. وبالفعل، ما إن ذكرت اسمه حتى عاد ليونارد إلى الداخل.
— “عدتَ أخيراً. هل كان المطر غزيراً؟”
— “لقد هطل بشدة، لكن لحسن الحظ توقف مع بزوغ الفجر. الطريق ما زال صالحاً للعبور.”
تنفست الصعداء. لكن حين أدركت أنني وحدي من نام بعمق بينما سهر الاثنان طوال الليل، شعرت بالحرج.
— “كنت أنا الوحيدة التي نامت بعمق، أليس كذلك؟”
ابتسم سيدريك وقال بنبرة مطمئنة:
— “لا عليكِ. هذه رحلتك الأولى لمسافة طويلة، وكان من الأفضل أن تنالي قسطاً من الراحة.”
ثم نظرت إليهما متسائلة:
— “ولكن ألا تشعران بالتعب؟”
أجاب الاثنان في آن واحد:
— “أبداً.”
— “ولا ذرة من إرهاق.”
تبادل الاثنان نظرات غريبة، كأن كل واحدٍ منهما يتحدّى الآخر بصمت، وأكد سيدريك مجدداً:
— “لذلك، رجاءً لا ترهقي نفسكِ مرة أخرى.”
وتابع ليونارد بصرامة:
— “صحيح. نحن هنا لنكفل راحتكِ.”
كان في عينيهما بريق تنافس لا أفهم سببه، لكنه بدا حاداً للغاية.
استأنفنا الرحلة على ظهور الخيل. السماء اليوم صافية كأن مطر الأمس لم يحدث. سألت سيدريك:
— “كم تبقى حتى نصل إلى مملكة كالوس؟”
— “بأسرع الخيول، أسبوع تقريباً. لكن إن ساء الطقس كما حدث أمس، فقد نتأخر بضعة أيام.”
أطلق ليونارد تعليقاً مشجعاً:
— “قبل الغروب سنصل إلى نُزل شهير عند سفح الجبل، هناك ستجدين سريراً مريحاً.”
ما إن سمعت كلمة “سرير” حتى انفرج وجهي سروراً. قلت بحماس:
— “إذاً فلنسرع!”
لكن فجأة، أوقف سيدريك العربة واندفع نحو الأدغال، ليعود بعد لحظات وهو يحمل زهرة بيضاء صغيرة على شكل أجراس متدلية.
— “إنها جميلة.”
— “تُعرف هنا باسم زهرة الأمل. يقال إنها تجلب الرجاء لكل من يراها.”
أحببت الاسم بشدة وقلت مبتسمة:
— “إنك تعرف الكثير عن الزهور يا سيدريك.”
— “هناك الكثير مما أجهله أيضاً. مثلاً، زهرة نادرة في كالوس لم تتح لي رؤيتها بعد… لكن أتمنى أن يحدث ذلك قريباً.”
بعد أربعة أيام من مغادرتنا العاصمة، لاح لنا أفق مملكة كالوس. شعرت بحماسة غامرة. أخيراً وصلنا، والرحلة الطويلة لم تكن شاقة بفضل رعاية ليونارد وسيدريك.
لكن ما إن هممنا بمتابعة الطريق حتى رفع ليونارد يده فجأة.
— “انتظري لحظة.”
صمت للحظة ثم أشار نحو الأدغال. ومن هناك ظهر جمع من الرجال يقودون عربات محملة بالبضائع، يحيط بهم حرّاس مدججون.
بدا الأمر كسوق تجاري متنقل. تحدث زعيمهم إلينا بحرارة، مدعياً أنهم تجار اشتروا صوفاً من كالوس ويعودون إلى الإمبراطورية. تظاهرت بالاطمئنان، بل وحتى انشرحتُ حين دلّونا على الطريق الصحيح.
لكن ما إن ابتعدوا حتى تمتم ليونارد:
— “الأمر مريب.”
فسألت بقلق:
— “لماذا؟”
فأوضح بهدوء:
— “هذا الطريق وعر جداً، لا يصلح أبداً للعربات الثقيلة. وحتى لو جازفوا، فصوف الأغنام في هذا الموسم مرتفع الثمن، لا رخيص كما ادعوا.”
أكمل سيدريك:
— “الحقيقة أن أوان قصّ الصوف هو أواخر الخريف. أي أن ما قالوه هراء. إنهم ليسوا تجاراً، بل متنكرون.”
وقبل أن يكتمل كلامه، خيّم الصمت. لم نعد نسمع صوت العجلات ولا وقع حوافر الخيل. ثم، فجأة، انقضّ أولئك الرجال من بين الأشجار، كاشفين عن وجوه متجهمة وأسلحة لامعة.
كانت كميناً.
انطلق حصاني بأقصى سرعة، بينما خلفي دوّى صليل السيوف. لمحته… ليونارد يقاتل بلا هوادة، سيفه يرسم خطوطاً قاطعة في الهواء، كل حركة منه دقيقة وفتاكة، وكأن المعركة رقصة اعتادها.
لكن لم تمضِ لحظات حتى اندفع اثنان نحوي مباشرة. رفع أحدهم خنجره محاولاً طعن صدري.
كاد قلبي يتوقف.
غير أن يداً قوية اعترضت طريقي فجأة، دافئة كأنها درع يحجب الموت عني. كان ليونارد. صوته العميق غمرني بثباته:
— “أرجوكِ، أغمضي عينيكِ قليلاً يا جلالة الإمبراطورة.”
ثم سمعْتُ صريراً حاداً يمزق الهواء، وارتجف كياني كله.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات