الفصل 42 – من تجرؤ على ذكر اسمها؟
كان منزل ماري، أي بيت عائلة البارون دوبون، قائمًا في ضواحي هادئة.
منزل قديم من طابقين، متهالك لدرجة يجعله أشبه ببيت أشباح.
وفجأة، دوّى صوت تحطّم زجاج من الداخل.
“اللعنة! أين المال؟! هيا اخرجيه! نحن نعرف أنك تخبئينه!”
“لا يوجد! أخذتم كل شيء في المرة الماضية! ألا ترون أننا حتى لا نملك ما نطعم به الأطفال؟!”
“هذا شأنك! إن لم تخرجيه فورًا سأقتلكم جميعًا!”
تبادلت النظرات مع ليونارد.
قلت بقلق: “يبدو أن الوضع خطير.”
فأجاب بجدية: “انتظري هنا، سأتولى الأمر.”
لكنني لم أستطع البقاء ساكنة، خاصة بعدما سمعت صوت ماري يتخلله بكاء الأطفال.
رمقني ليونارد سريعًا، لكنه لم يمنعني. ربما كان واثقًا أنه قادر على حمايتي.
اقترب بخطوات سريعة من المنزل، ثم تعالت الصرخات مجددًا:
“إلى متى ستعاندين؟! هل تريدين أن نكسر عظامك لتفهمي؟!”
“أيها الأوغاد!” كانت ماري تصرخ، وصوت الأطفال يعلو بالبكاء.
قال ليونارد بنبرة قاطعة: “سأتدخل.”
أجبته فورًا: “أرجوك، احمِ ماري والأطفال قبل كل شيء.”
“كما تأمرين.”
ثم ركل الباب بعنف فاهتزت الجدران.
تسمرت في مكاني. يا إلهي… لم يكن دخوله خفيًا كما توقعت، بل كان ظهورًا صاخبًا أشبه بعاصفة.
لكن، نعم… هذا هو ليونارد. قائد فرسان الإمبراطورية وأمهرهم.
في الداخل، أربعة رجال أشداء بوجوه متجهمة وندوب ظاهرة، سيوف وخناجر على خصورهم.
أما ماري فكانت جالسة على الأريكة كالمستجوَبة، ورجل يضع خنجرًا على عنقها.
“لي… ليونارد؟!” همست بدهشة حين رأته.
الرجال تبادلوا نظرات مستهزئة.
“فارس؟ هذا؟”
“هاها، يبدو أميرًا مدللًا أكثر من مقاتل.”
لكن ليونارد تجاهل سخريتهم. وبصوت بارد أمر:
“أنزل السكين.”
ضحكوا جميعًا:
“هل تجرؤ أن تأمرنا؟!”
“انظروا إليه! جاء ليحميها! يبدو مغرمًا بها!”
“أيها الولد، اركع واعتذر قبل أن نقطعك إربًا.”
أغمضت عيني قليلًا. يا رب، اجعلهم يصمتون… وإلا سيموتون بأيديه.
استدار ليونارد نحوي وسأل بهدوء:
“هل أستخدم القوة؟”
قلت بسرعة: “فقط… لا تقتلهم.”
في اللحظة التالية، انطلقت يده.
“آاااااه!”
الرجل ذو الأنف المعقوف صرخ، وقد غُرست خنجر صغيرة في ذراعه فسقط أرضًا.
ثار الآخرون:
“أيها الوغد!”
“ستدفع حياتك ثمنًا!”
لكنهم لم يكونوا ندًا له.
تحرك بينهم بخفة البرق، لم يُخرج سيفه من غمده حتى.
ضربات دقيقة على صدورهم وأعناقهم أطاحت بهم أرضًا بلا حول ولا قوة.
تراجع الرجل ذو الأنف المعقوف مرتجفًا:
“مستحيل… أنت حقًا فارس؟!”
ليونارد نظر إليه ببرود:
“لو حوسبتم على وقاحتكم لقطعت رقابكم الآن، لكن احمدوا فضلها عليكم.”
‘فضل…ها؟’ أدركت أنه يقصدني.
تقدمت بخطوات هادئة، وركع ليونارد على ركبة أمامي.
قلت: “أحسنت، ليونارد.”
وجه الرجل المتبقي شحب. عينيه اتسعتا وهو ينظر بيننا:
“أ… الإمبراطورة؟!”
لكن سيف ليونارد كان أسرع، موضوعًا عند ذقنه:
“اسمها ليس شيئًا يخرج من فمك ثانية. إن كررت… سأقطع لسانك.”
ارتجف وسقط أرضًا ساجدًا يتوسل بحياته.
التفتُ إلى الغرفة المدمرة، الأطفال الباكين، وماري الشاحبة.
اقتربت منها وقلت:
“ماري، أخبريني… ماذا حدث؟”
* * *
أجابت والدموع في عينيها:
“إنهم مرابون… منذ أن ترك والداي الديون وهربا، يأتون ليعذبونا كل فترة.”
“لكن ألم تسددي كل شيء؟”
“سددناه… بعنا كل ممتلكاتنا، ساعدتنا العائلة، عملت أنا وأخي ليل نهار.”
نظرتُ إلى الرجل المرتجف.
تمتم: “الأصل… نعم، سُدد. لكن الفوائد… ما زالت—”
قاطعته بحدة:
“فوائد غير قانونية، أكثر مما يسمح به القانون. صحيح؟”
لم يجب، وقطرات العرق سالت من جبينه.
قلت ببرود: “عالج ذراعك بثيابك، ولا تفكر في تخريب بيت الناس ثانية.”
بينما كان يتعثر بكلماته، حمل ليونارد الرجال الآخرين وألقاهم خارج الغرفة.
التفتُّ إلى ماري:
“لقد عانيتِ كثيرًا.”
فانفجرت باكية: “آسفة يا جلالتك، لِأنك رأيتِ هذا المشهد…!”
لكنني ابتسمت بخفة: “بل أنتِ من أظهرتِ شجاعة كبيرة.”
ثم لاحظت سبعة وجوه صغيرة تترقب من المطبخ.
ابتسمت ومددت يدي: “تعالوا.”
اقتربوا بخجل واصطفوا أمامي.
“أحضرت لكم هدية صغيرة. ليست عظيمة، لكن أتمنى أن تسعدكم.”
أشارت الكونتيسة كلوي لهم:
“هيا إلى العربة، هناك مفاجأة بانتظاركم.”
ركضوا، وصوت ضحكاتهم دوّى حين رأوا الفطائر.
التفتُّ لماري:
“أنت عظيمة فعلًا… رعاية كل هؤلاء بمفردك أمر صعب.”
“لدي أخي… لكنه يمر بظروف صعبة.”
وقبل أن تكمل، دوى صوت ارتطام جديد وسقط الباب أرضًا تمامًا.
اندفع رجل يشبهها، يمسك مقشة كالسيف:
“ماري! هل أنت بخير؟! أقسم إن لمسوك بسوء فلن أرحمهم حتى لو مت!”
كان نسخة منها تقريبًا.
ابتسمت بخفة: “أخ رائع بالفعل.”
لكن ماري غطت وجهها خجلًا: “الآن فقط… أتمنى لو لم يعرفني أحد.”
التعليقات لهذا الفصل " 42"