الفصل الثامن والعشرون: شخص لا أستطيع أن أصرف بصري عنه
ساحة تدريب الفرقة الثانية من فرسان القصر الإمبراطوري.
اقترب كونراد من ليونارد وسأله:
“إلى أين ذهبت يا ترى؟”
أجابه ليونارد ببرود:
“ولماذا الفضول يا هذا؟”
لكن كونراد لم يترك الأمر بسهولة، بل تابع بإصرار:
“كيف لا يثروني الفضول ؟! منذ انضمامك لم تطلب إجازة واحدة، وفجأة تأخذ يومين كاملين. أليس من حقي أن أتساءل؟”
وما إن قال ذلك حتى أومأ بعض الفرسان القريبين، مؤيدين فضوله.
قال أحدهم وهو يرفع حاجبيه:
“اه ربما … ذهبت للقاء جلالة الإمبراطورة؟”
ابتسم ليونارد بهدوء:
“وماذا لو كان كذلك؟”
انفجر كونراد دهشة:
“مستحيل! أتظن أني كنت أمزح حين قلت ذاك؟ لا أصدق أن الأمر صار حقيقة!”
أطرق رأسه متحسراً وقال:
“آه… لو أني أستطيع أن أعود بالزمن، لقطعت لساني يوم تفوّهت بتلك الحماقة.”
“أي حماقة تعني؟”
سأل ليونارد وهو يميل برأسه قليلاً.
أجاب كونراد متنهداً:
“حين قلت إن حراسة جلالة الإمبراطورة لا يمكن أن تتم إلا بطريقة استثنائية.”
أشرق وجه ليونارد بابتسامة نادرة:
“آه، نعم. شكراً لك إذاً، لقد أفدتني كثيراً.”
اتسعت عينا كونراد:
“ماذا؟! لعلّك لا تعني إعلانك السخيف في الحفل الأخير حين قلت إنك ستكون… عشيقها؟”
“بلى. ذاك بعينه.”
شهق كونراد حتى كاد يغمى عليه:
“سيدي! أتقولها وكأن الأمر بسيط؟!”
لكن ليونارد أجاب ببساطة وكأن شيئاً لم يكن:
“ألستُ جادّاً؟”
صرخ كونراد:
“عشيقاً! حتى لو رغبتَ في حراستها، هذا تطرف لا يقبله عقل!”
ابتسم ليونارد:
“لم يكن الأمر حراسة فقط.”
“هذا أسوأ! ما الذي ينقصك حتى تقول هذا؟! قل لي إنك تمزح، أرجوك. اجعلها نكتة على الأقل!”
وقبل أن ينهار من الغيظ، انطلقت من بعيد صوت انثوي دافئ ينادي:
“أبحث عنك يا سير ليونارد.”
التفت ليونارد سريعاً، واتسعت عيناه دهشة:
“جلالة الإمبراطورة…؟”
* * *
حين اقترب وقت الظهيرة، غادرتُ جناحي متجهة للقاء ليونارد.
سألت وصيفتي:
“أليس في ساحة التدريب الآن؟”
فأجابت:
“نعم يا مولاتي. الحارس ألفونس أخبرني بذلك للتو.”
ألفونس… أحد أولئك الذين عملوا معي خفية في الماضي. طلبتُ منهم أن لا يخاطروا بحياتهم من أجلي بعد الآن، لكن يبدو أنهم لا يزالون يعتبرون أنفسهم تحت أمري. يثقلني ذلك، ومع هذا يعينني في مواقف كهذه.
ركبتُ العربة متجهة نحو ساحة الفرسان. ثمانية أحصنة لجر عربة واحدة! شعرت وكأنني أطلب سيارة فاخرة للذهاب إلى دورة المياه… لكنه في الوقت نفسه ترف لم أعرفه في حياتي السابقة.
ما إن وصلت، حتى لفت حضوري أنظار العشرات من الفرسان الذين كانوا يتدربون بجد.
“جلالة الإمبراطورة؟”
“إلى هنا؟!”
“أترانا نحلم؟”
أجبتهم وأنا أتقدم بخطى واثقة:
“جئت لأرى سير ليونارد.”
ارتبك أحدهم وقال:
“سيدي القائد؟ لحظة وساناديه حالا”
لكنني لوّحت بيدي:
“لا حاجة استطيع ان أراه هناك.”
لم يكن من داعٍ للمراسم. سرت مباشرة نحوه، فيما تتطاير همسات الفرسان من حولي:
“هل يعقل أنها جاءت خصيصاً لرؤيته؟”
“هذا يفسر الشائعات…”
لم ألتفت لهم. لكن قبل أن أقطع نصف الساحة، كان ليونارد قد ترك كل شيء وركض نحوي.
“جلالة الإمبراطورة.”
كان مسرعاً حتى لم يكلف نفسه ارتداء قميصه. وحين اقترب، اتسعت عيناي بلا وعي.
جسده… مصنوع من الفولاذ والعرق. عضلات صدره تتحرك مع أنفاسه الثقيلة، كتفاه العريضان، وخصره المشدود كأنه منحوت من صخر. قطرات العرق كانت تنحدر على منحنياته كالماس الذائب.
ارتبكت. ابتلعت ريقي وحاولت التماسك:
“ربما جئتُ في وقت غير مناسب. أعود لاحقاً.”
لكنه أجاب سريعاً:
“لستُ مشغولاً أبداً.”
التفتّ لأغادر، لكن فجأة انسد طريقي بجدار من صدره العريض.
قال بهدوء عميق:
“لو تركتِ الآن، فلن تعودي.”
كأنما قرأ ما في نفسي. أحرجني ذلك. وابتسم، فبدت ابتسامته مثل سلاح فتاك.
صُدم الفرسان من حولنا:
“إنه يبتسم؟!”
“القائد الحديدي؟ مستحيل!”
أما أنا، فرغم محاولتي أن أبدو طبيعية، لم أستطع أن أمنع بصري من العودة مراراً إلى جسده. بدا كتمثال حي، بل أجمل من أي عمل فني.
لكن سرعان ما لفت انتباهه شيء آخر. قبض على معصمي وقال:
“يدك…”
سارعت لأجيبه:
“لا تقلق. سيردريك عالجها. انظر، لم يبقَ أثر.”
“سيردريك؟”
رفع حاجبيه.
“نعم، ذاك الساحر الذي ساعدنا. لم أظن أنه قادر على شفاء الجروح أيضاً.”
تمعن ليونارد في كلامي، وعينيه تضيقان ببطء. ثم همس:
“الحمد لله لم يبقَ أثر.”
لم أفهم لماذا بدا صوته منخفضاً هكذا. لكنني تابعت أطمئنه أني بخير. ثم ناولتُه كيساً صغيراً:
“أحضرت لك بعض الأدوية. في حال شعرت بألم أو حمى.”
أخذ الكيس، وبدت على ملامحه دهشة ممتزجة بشيء آخر لم أفهمه.
بدأت أشرح له محتويات الكيس: مرهم للخدوش، مسحوق لتخفيف الألم، قطعة من قرن حيوان للنوم الهادئ… وهو يصغي بصمت، كأن شيئاً في داخله يضطرب.
ثم دار بيننا حديث قصير عن إصاباته. فبدأت أفتش بعينيّ عن أي أثر على جسده، أدور حوله بغير وعي. حين لاحظت ندبة صغيرة على خاصرته، سألت بفضول. لكنه أجاب بابتسامة حزينة:
“جرح قديم من طفولتي.”
قالت نفسي: ليت سيردريك هنا ليمحو تلك الذكرى.
لكن فجأة، استدار ليونارد نحوي، وابتسامة محرجة على شفتيه:
“أمّا عن فحصي بهذه الدقة، فلعله أجدر أن يتم في مكان أكثر خصوصية، لا وسط الساحة.”
تجمدتُ، ثم احمر وجهي بشدة. أدركت أني كنت أحدّق فيه أمام الجميع! أسرعت أعتذر وأستدير للانصراف.
لكنني لم أبتعد كثيراً حتى تعثرت قدمي.
صرخت:
“آه!”
هيأت نفسي للاصطدام بالأرض، لكن الألم لم يأتِ. بل أحسست بحرارة قوية تطوّقني.
رفعت رأسي، فإذا بليونارد يحملني بذراعين من حديد وصوته يهمس من فوقي:
“حقاً… أنتِ شخص لا أستطيع أن أصرف بصري عنه.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"