الفصل 214 — «ولو على حساب حياتي»
كنت أمشي مع سيدريك في الممر السري الطويل، نتبادل الحديث.
قال:
«إذن… كانت ماري هي من أنقذني.»
وأخبرني كيف استطاع أن ينجو من أعين الحرس.
في اليوم الذي لُفّقت لي فيه تهمة محاولة اغتيال جيروم،
ألقي القبض على كل من كان على صلة بي.
لكن ماري سبقتهم بخطوة، فأخفت سيدريك بعيدًا.
علّها كانت تأمل أن يأتي يوم ويستطيع إنقاذي.
‘ماري…’
أحسست بالدفء في قلبي.
كم شخصًا وقف خلفي لأجلي دون أن أعلم؟
تمتمت بصوت متهدج:
«لماذا يفعل الجميع هذا من أجلي؟ لم أقدّم لهم شيئًا…»
ردّ سيدريك بحزم:
«كيف تقولين إنكِ لم تقدمي شيئًا؟
أنتِ أنقذتِني يوم تسللتُ إلى القصر لأرى الزهور.
ساعدتِني على الخروج بسلام، رغم أنك لم تعرفيني آنذاك.»
أخفضت بصري:
«كان أي شخص سيفعل ذلك… لأنني علمت أنك لست شخصًا سيئًا.»
هزّ رأسه نافياً:
«لا، يا جلالتك. ليس أي شخص يمد يده بهذه السهولة.»
ثم أكمل قائلاً:
«وأيضًا… أنتِ من قطعتِ الحدود من أجل ماري.
لم تترددي أن تذهبي إلى مملكة كالوس فقط لتحلي مشكلة الجفاف وإنقاذها.»
تذكرت… نعم، فعلت ذلك بالفعل.
ابتسم سيدريك وهو ينظر إليّ بجدية:
«كنتِ دائمًا من يقف لأجل الآخرين.
فمن الطبيعي أن يرغب الجميع في حمايتك الآن.»
أحسست أن الوقت مرّ سريعًا منذ جئت إلى هذا العالم.
منذ أن أنكرته أول مرة وبقيت محبوسة في غرفتي…
حتى صارت حياتي ممتلئة بأشخاصٍ صاروا غاليين على قلبي:
ليونارد، سيدريك، كارسين، وخدم القصر.
وفجأة قال سيدريك وهو يتوقف:
«انتظري. هناك مطاردون خلفنا.»
تسمرت مكاني.
«ماذا؟ مطاردون؟!»
لم أرَ شيئًا، لكن سيدريك قرأ حركة الهواء.
قال بجدية:
«اذهبي أنتِ أولًا. سأوقفهم هنا.»
شهقت:
«لا! لن أتركك وحدك. سنذهب معًا.»
هز رأسه بعزم لم أره من قبل:
«هذا مستحيل. إن واصلنا معًا سنُقبض علينا جميعًا.
المخرج قريب. هذا النفق يؤدي إلى غابة الغرب، وهناك كهف بانتظارك.»
مدّ يده ووضع شيئًا في يدي.
«هذه بلورة انتقال. استعمليها بعد خروجك.
لكنها تنقلك فقط إلى مكان تعرفينه.
تذكّري القرية الصغيرة التي أخفاك فيها ليونارد من قبل.
كسريها وأنتِ تتخيلين ذلك المكان. سألقاك هناك مع ليونارد.»
تمسكت بذراعه بقلق:
«لا! لا أستطيع تركك. ماذا لو جاء الكثير من الفرسان؟!»
ابتسم بخفة:
«لقد هربتُ طوال حياتي من المسؤولية… لكن هذه المرة مختلفة.
الآن لدي شخص أريد حمايته حتى لو كلفني حياتي.»
ارتجفت عيناي.
في بريق عينيه الذهبية كان ينعكس وجهي المرتجف.
مد يده بإصرار، وأقسم:
«أعدكِ… سأعود سالمًا إلى جانبك. هذا وعد.»
شبكنا أصابعنا كما فعلنا أول مرة التقينا.
في مكان آخر…
ارتدى ليونارد درعه الأسود.
اقترب هايميتش منه ووضع على كتفيه عباءة قاتمة:
«كل شيء جاهز يا سيدي. بانتظار أوامرك.»
ناولَه سيفًا لامعًا.
أمسكه ليونارد بملامح باردة.
خارج الخيمة كان ينتظره رجل بملامح مبتهجة:
«أعلمت أنكم ستنضمون لنا.
أخيرًا سيحين وقت الانتقام لعائلتنا.»
كان من رجال الإمبراطورة السابقة، والدته الراحلة.
«الليلة… سنثأر لها. ستسعد روحها في السماء.»
لكن ليونارد ظل صامتًا.
في ذهنه لم يكن يرى إلا وجه هيلينا،
وصوتها ليلةً ما وهي تبكي:
ـ “رجاءً… لا تفعل هذا يا ليونارد.”
ضغط على قبضته.
لكنه رغم ذلك امتطى حصانه الأسود.
أمر بهدوء:
«تحركوا. إلى القصر.»
فتدفقت ظلال المتمردين من خلفه، استعدادًا لإشعال الحرب.
أما أنا…
كنت أركض وحدي عبر الممر بعد أن افترقت عن سيدريك.
كل خطوة كانت ثقيلة؛ قلبي مشدود عليه.
‘سيدريك… أرجوك كن بخير.’
رأيت الضوء يلوح من بعيد.
«هل هذا هو المخرج؟»
أسرعت الخطى نحو الكهف.
لكن عند النهاية… سمعت وقع خطوات غريبة.
لم تكن خطوات فرسان.
كانت نقرات كعب خفيفة، أقرب لخطوات امرأة.
وبين الظلال ظهرت خصلة وردية مألوفة.
تجمدت عيني:
«…الإمبراطورة فيي.»
كانت واقفة في مدخل الكهف، تنظر إليّ بنظرة مشبعة باللوم.
ومعها… خنجر صغير يلمع في يدها تحت ضوء القمر.
التعليقات