لم تتحرك هيلينا، ظنّت أول الأمر أن ما تسمعه مجرد وهم. لكن حين تكرر النداء، رفعت رأسها ببطء، وعيناها شاخصتان بدهشة.
“الكونتيسة… كلوي؟!”
أسرعت كلوي نحوها، القلق بادٍ على وجهها وهي تمسح نظرها عليها.
“هل أنتِ بخير؟ هل أصابكِ سوء؟”
ارتجفت هيلينا ثم مدت يديها تتحسسها:
“أنتِ لم تُصابي…؟”
ابتسمت الكونتيسة وهي تمسك بيديها.
“لا تقلقي عليّ يا مولاتي، أنا بخير.”
زفرت هيلينا نفسًا عميقًا وقد أشرق في قلبها قليل من الطمأنينة.
“الحمد لله… لكن كيف دخلتِ إلى هنا؟ وما هذا التنكر؟”
ضحكت كلوي بخفة، رغم الموقف.
“لم يكن أمامي خيار آخر. لكن العجيب أنكِ عرفتيني فورًا رغم مظهري.”
أجابت هيلينا دون تردد:
“كيف لي ألا أعرفك؟ مظهرك يتغير… لكن قلبك وصوتك لا يخطئهما أحد.”
ساد بينهما صمت قصير، سرعان ما قطعته هيلينا بصوت متهدج:
“قولي لي، ماذا جرى للآخرين؟ لخادماتي… لرفاقي؟”
انكسرت ابتسامة كلوي، وخفضت رأسها.
“لقد أُلقِي بهم جميعًا في السجن.”
شهقت هيلينا:
“السجن…؟!”
“نعم، كل من كانت له صلة بكِ اعتُقل.”
قالتها ثم تابعت بمرارة:
“أما أنا… فقد نجوت بالصدفة، إذ كنت خارج القصر لشؤون عائلية.”
خفضت هيلينا رأسها أكثر، والدموع تلمع في عينيها.
“كل هذا… بسببي.”
شدّت كلوي على يديها بقوة:
“لا تقولي هذا أبدًا! نحن جميعًا نعلم براءتك. الاتهامات التي يطلقونها هراء.”
همست هيلينا:
“لكن الجميع يردد أنني حاولت قتل الإمبراطور…”
قاطعتها كلوي بحزم:
“أكاذيب! نعرف من أنتِ جيدًا… ونعرف أنكِ لن تفكري في ذلك يومًا.”
اغرورقت عينا هيلينا بالدموع، متأثرة بصدقها.
“…كلوي.”
ثم سمعت ما جعل قلبها يقفز:
“وسير ليونارد… هو أيضًا يعلم الحقيقة.”
شهقت هيلينا:
“أنتِ… التقيتِه؟!”
أومأت الكونتيسة.
“نعم. وهو أقسم أن يعود ليأخذكِ بنفسه. طلب مني أن أنقل إليكِ وعده هذا.”
ارتجف قلب هيلينا بالرجاء.
“ليونارد…”
ابتسمت كلوي بحنان، ثم اقتربت أكثر وهمست:
“لا تقلقي. لن تظلي هنا للأبد. سأبذل كل ما بوسعي لأخرجكِ من هذا الجحيم.”
نظرت إليها هيلينا بعينين دامعتين:
“لكن… لماذا تخاطرين بنفسكِ إلى هذا الحد؟”
صمتت الكونتيسة لحظة، ثم قالت بصوت رخيم:
“أتدرين لماذا دخلتُ القصر منذ البداية؟ لم يكن بدافع الولاء… بل لأن ابني الصغير كان مريضًا. كدتُ أفقده، وكان علاجه يتطلب ثروة. حينها جاء والدكِ، الدوق هاستينغز، وعرض عليّ أن أدخل القصر خادمة لكِ… فوافقت.”
أطرقت رأسها للحظة، ثم رفعت عينيها تتابع:
“في البداية… لم أركِ سوى إمبراطورة غريبة الأطوار، كثيرة الغضب. لكنني اكتشفت فيما بعد أن كل قسوتك لم تكن إلا درعًا تخفين به وحدتكِ.”
ثم ابتسمت والدموع تلمع في عينيها:
“أتذكرين حين أرسلتِ طبيب القصر ليعالج طفلي؟ لقد أنقذتِ حياته، مع أنكِ لم تكوني مضطرة. عندها فهمت… أن قلبكِ طيب، وأنكِ ترين البشر قبل ألقابهم.”
وضعت يدها على خد هيلينا برفق:
“منذ ذلك الحين لم أبقَ إلى جواركِ بدافع المال أو الالتزام… بل اخترت أن أبقى، لأنكِ تستحقين. وأمنيتي الوحيدة الآن… أن أراكِ سعيدة.”
ارتعشت شفتا هيلينا، والدموع انحدرت بلا توقف.
“…كلوي، لا تتركيني.”
ابتسمت الكونتيسة بألم وهي تمسح دموعها.
“لن أترككِ. هذه… آخر وأغلى أمنية لي.”
حين خرجت الكونتيسة من الجناح بعد لحظات، كان جيرديك في انتظارها، ذاك القائد المتغطرس.
ابتسم ببرود وهو يتفحصها.
“هل تناولت جلالتها طعامها جيدًا؟”
ردّت باقتضاب:
“نعم.”
قهقه بخفة.
“حسنٌ إذن، الإمبراطور سيُسعده ذلك. تعب كثيرًا في تبديل الطهاة ليجد من يرضيها.”
شدّت قبضتها على مقبض العربة، تحاول كتم غضبها. لكن جيرديك لم يتركها تمضي، مدّ يده وأوقفها.
“غريب… لديّ إحساس بأنني رأيتكِ من قبل.”
تسارعت أنفاسها، لكنها تماسكت:
“أنا مجرد خادمة في القصر، طبيعي أن تبدو ملامحي مألوفة.”
تأملها طويلًا، ثم ارتسمت ابتسامة خبيثة على وجهه.
“…الآن تذكرت. أنتِ خادمة من حاشية الإمبراطورة، أليس كذلك؟”
اتسعت عيناها رعبًا. لم يمنحها وقتًا للاعتراض، إذ غرز سيفه في بطنها بسرعة خاطفة.
“كاههك!” سال الدم من فمها وهي تترنح.
مال عليها هامسًا بصوت مقيت:
“العيب ليس فيكِ… بل في سيدتكِ. هي من دفعتكِ إلى حتفكِ.”
أمسكت بجرحه، والدم يبلل كفيها، لكن ابتسامتها الأخيرة كانت دافئة، وصوتها لم يسمعه أحد سوى قلبها:
“كوني سعيدة… يا جلالتي.”
وسقط جسدها متهاويًا، تاركًا أمنيتها الأخيرة تسبح في الفضاء.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 210"