“إذن فأنت تعلم أيضًا أن جلالة الإمبراطورة قد تعرّضت لمؤامرة قذرة.”
“نعم.”
كان ليونارد قد سمع بالفعل عن الشائعات التي ملأت أروقة العاصمة: الإمبراطورة حاولت قتل الإمبراطور، والإمبراطور حبسها في جناحه.
لكنه، على الرغم من أنه يعرف الحقيقة، شعر بالدم يغادر أطرافه حين أعادت الكونتيسة ذكر الأمر.
في أول لحظة سمع فيها تلك الأنباء، كاد يقتحم القصر الإمبراطوري ليحررها بيديه، لكنه كبَح نفسه خوفًا من أن يعرّضها لخطر أكبر. ومنذ ذلك الحين بدأ يضع خططًا خفية لإنقاذها…
غير أن كلمات الكونتيسة التالية زلزلت كيانه:
“الخطَر الأكبر أن جلالتها ستُـقـدم قريبًا إلى المقصلة.”
“ماذا؟!”
ضاقت عيناه غضبًا. مستحيل أن يكون هذا بأمر جيروم نفسه.
فهو يعلم أن جيروم، رغم جنونه، لم ينوِ قتلها منذ البداية؛ ولو أراد ذلك، لزجّ بها في السجن لا في جناحه.
إذن من يقف وراء هذا القرار؟
“النبلاء…” تمتم ليونارد بأسنانٍ مشدودة.
أومأت الكونتيسة.
“نعم، إنهم يستعدّون لثورة، هدفها الأول خلعها وإعدامها.”
ثم نظرت إليه بعينين دامعتين:
“لا وقت لدينا، يجب إنقاذ جلالتها قبل أن ينفجر غضب النبلاء.”
أطرق ليونارد قليلًا.
منذ زمن وهو يجهّز خطة دقيقة، لكنه اصطدم بعائق قاتل:
“جناح الإمبراطور محصّن بالكامل، لا سبيل للاقتراب منها.”
ابتسمت الكونتيسة بثقة.
“دع ذلك لي يا سير ليونارد، لديّ خطة.”
لكن كلما شرحت تفاصيلها، ازدادت ملامحه قتامة.
“هذا جنون… إن فشلت الخطة فستموتين.”
ابتسمت بثبات:
“لو كان في سبيلها، فأهلاً بالموت.”
حاول إقناعها مرارًا أن يبحثا عن طريق آخر، لكنها لم تتزحزح. لقد جاءت عاقدة العزم على التضحية منذ البداية.
بعد رحيلها، ظلّ ليونارد واقفًا طويلًا في مكانه، غارقًا في التفكير. ثم استدعى هايميتش، مساعده، وأصدر سلسلة أوامر. كان أبرزها:
“أرسل رسالة إليهم.”
اتسعت عينا هايميتش دهشة:
“إليهم… تعني أولئك الذين عرضوا عليك الولاء من قبل؟”
أومأ ليونارد.
لقد تذكّر الرجل الذي جاءه متخفيًا بعباءة، وقال له:
“لقد بحثنا عنك طويلًا… وحدك القادر على تحقيق أمنيتنا. أما ترغب باستعادة العرش المفقود؟”
إنهم بقايا أسرة الإمبراطورة السابقة، الذين محاهم التاريخ رسميًا، لكنهم في الظلّ كانوا يشحذون سيوف الانتقام.
في البداية رفض ليونارد عرضهم، لأنه لم يعد يرغب في الانتقام ولا بالعرش. كان قد وجد غاية أخرى: أن يعيش مستقبلًا مع من أحبّها.
سأل هايميتش بصوت متردد:
“سيدي… هل تنوي حقًا أن تصبح إمبراطورًا؟”
أجاب بصرامة:
“لا.”
ثم أضاف بنبرة حاسمة:
“لكنني لن أتردد في استغلال قوتهم… إن كانت ستنقذها.”
في اليوم التالي، عادت الكونتيسة كلوي إلى القصر متنكرة في زيّ إحدى الخادمات. بمساعدة جمعية محبي الإمبراطورة تسللت عبر أسوار الحراسة المشددة، تدفع عربة طعام.
خطواتها في الممرّات ذكّرتها بأيامٍ بعيدة، يوم توفي الإمبراطور السابق، حين خيّم على القصر نفس الجو الكئيب والقاتم.
تمتمت في سرّها:
“جلالتكِ… تحمّلي قليلًا. سأصل إليكِ قريبًا.”
وعند جناح الإمبراطور، أوقفتها نظرات الحرس. أعلنت ببرود:
“أحضرت وجبة جلالتها.”
فتبادلوا النظرات، ثم أفسحوا لها الطريق.
لكن قبل أن تدخل، أوقفها صوت بارد اخترق ظهرها:
“إلى أين تظنين نفسكِ ذاهبة؟”
تجمّدت في مكانها.
ذلك الصوت…!
إنه جيرديك، القائد الجديد للفيلق الثاني. لم يكن من المفترض أن يكون هنا!
اقترب بخطوات ثقيلة، نظر إلى العربة وسأل:
“بأمر مَن أحضرتِ هذا؟”
فأجابته بابتسامة واثقة:
“بأمر جلالة الإمبراطور.”
أطرق قليلًا ثم قال:
“إذن دعيني أفتش ما بداخلها.”
رفعت الغطاء الفضّي لتكشف عن أطباق ساخنة.
ابتسم بخبث:
“طعام فاخر لمن حاولت قتل الإمبراطور. أليست محظوظة؟”
الكونتيسة تماسكت بصعوبة، تكتم غضبها من قلة احترامه. ثم قال فجأة وهو يحدّق فيها طويلًا:
“غريب… هل التقيت بك من قبل؟ ملامحك مألوفة.”
شعرت كأن أفعى تزحف فوق جسدها، لكنها أجابت بثبات:
“أنا مجرد خادمة بالقصر، فلا غرابة إن رآني سيدي من قبل.”
صمت قليلًا، ثم تنحى جانبًا.
“ادخلي إذن.”
عبرت الباب بخطوات ثقيلة، وما إن انغلق خلفها حتى تنفست بارتياح.
لكن ما رأته داخل الجناح شدّ أنفاسها من جديد.
الغرفة مزدانة بأثاث مألوف… نفس الأثاث الذي كان في جناح الإمبراطورة، بل وحتى هداياها المكدّسة.
وعلى السرير الكبير… جلست امرأة بشعر ذهبي فقد بريقه، وعينين بنفسجيتين غارقتين في الفراغ. كانت شاحبة، منهكة، كأن أيامًا من اليأس نزفتها حتى آخر قطرة.
شهقت الكونتيسة بخفوت، ثم تمتمت وعيناها تلمعان بالدموع:
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات