ارتجفت عينا فاي وهي تسمع الخبر الصادم. وقفت مذهولة في مكانها، فيما كانت أنثيا قد أدارت ظهرها ورحلت بهدوء دون أن تلتفت.
ظلّت فاي واقفة على حالتها حتى غابت أنثيا تمامًا عن ناظريها، عندها فقط استعادت أنفاسها.
لكن أول ما خطر في ذهنها لم يكن نفسها ولا مستقبلها… بل جيروم.
“يا ترى… هل سيكون بخير؟”
لو قام النبلاء بثورة، فلن يقتصر الأمر على عزل الإمبراطورة. ستضطرب العاصمة، وتتهدّد هيبة العرش، وتضعف قوة القصر الإمبراطوري بأسره.
هل يدرك جيروم ما يُحاك من وراء الستار؟ وهل سيخرج سالمًا من هذه الفوضى؟
أرادت للحظة أن تجري نحوه وتُحذّره، لكنّها هزّت رأسها بمرارة.
“سخافة… أنا بالكاد أستطيع حماية نفسي، فكيف أفكر في حمايته؟”
ضحكة ساخرة ارتسمت على شفتيها. حتى في لحظة الانهيار، قلبها يسبق عقلها نحوه.
لكنها تعلم جيدًا أنه لم يعد يراها… وأنه لن يلتفت لقلقها.
مدّت يدها نحو صدرها المرتجف.
“لا، لا يهمني ما سيصيبه بعد الآن… لقد تخلّى عني أولاً. تمامًا كما قالت أمي… لم نكن قدرًا لبعضنا أبداً.”
هكذا حاولت إقناع نفسها، مرارًا وتكرارًا.
لكن كلما خطرت صورته في ذهنها، خانها قلبها وارتجف بقوة.
“لماذا… لماذا لا أستطيع كرهه؟ لماذا لا أستطيع تركه خلفي؟”
مهما أنكرت، الحب الذي حملته له صار جزءًا منها، عادةً ضاربة الجذور يستحيل اقتلاعها.
وفي مكان آخر…
كنتُ أنا غارقة في تساؤلاتي أمام النافذة.
“ما هو الحب أصلًا؟”
أيّ شعور هذا الذي يجعل الإنسان يفقد عقله وإرادته؟
ترددت في ذهني كلماته القاسية:
― “لقد جننت بسببكِ يا هيلينا.”
― “أنتِ من جعلتني هكذا، وعليكِ أن تتحمّلي المسؤولية.”
صدى صوته لم يفارقني، وكأنه وسم قلبي بكيّ لا يزول.
حتى تلك اللحظة الأخيرة، حين التفت إليّ وقال بابتسامة غامضة:
― “لو حتى بكلمات جوفاء… قولي إنكِ تحبينني، ربما أُطلق سراحكِ.”
فأجبته ساخرة:
― “إذن تريد كلمات بلا معنى؟”
― “نعم.”
ناديت اسمه حينها بدفءٍ مصطنع:
― “جيروم.”
وشاهدت عينيه الحمراوين ترتجفان لوهلة. نعم، مجرد لوهلة… لكنه ارتجاف حقيقي.
ثم قلتُ له ببرود:
― “آسفة، لكن حتى يوم موتي… لن تسمع مني كلمة أحبك.”
تجمّدت ملامحه، وعيناه اشتعل فيهما خليط غريب من الغضب والألم. لم ينبس بعدها بكلمة، استدار ورحل بهدوء، لكن ظهره كان يشي بانكسار خفي.
ومنذ تلك الليلة تغيّر شيء ما. لم يعد يكلّف نفسه بإقناعي، وأنا بدوري بدأت أتناول بعض الطعام. لم يكن جوعًا، بل خوفًا. خشيت أن يلقى طهاة آخرون حتفهم بسببي كما حدث من قبل، وخشيت أن تُزهق أرواح بريئة لمجرد رفضي.
تحمّلي أنا وحدي أفضل من أن أكون سببًا في موت آخرين.
لكن هذا لا يعني أن الوضع أصبح محتملًا. كنتُ أشعر أن حياتي تستنزف يومًا بعد يوم، كمن يسير في ممر مظلم بلا نهاية.
وفي وسط هذا اليأس… لم أستطع منع نفسي من الهمس باسمه:
“…ليونارد.”
تذكرت وعده: “لن أتأخر، سأعود سريعًا.”
لكن مرت أيام طويلة ولم يعد.
أين هو الآن؟ هل ما زال حيًا؟ هل يعرف ما يجري لي هنا؟
كنتُ أعلم أن عودته الآن ضربٌ من الجنون، فجيروم لن يرحمه إن اكتشف مكانه.
لكن رغم كل المنطق… قلبي لم يتوقف عن مناداته.
“أشتاق إليك… ليونارد. تعال، كما أنقذتني ذات مرة من ظلمات لا نهاية لها… أنقذني مرة أخرى.”
وفي تلك اللحظة بالذات، في مكان بعيد عن القصر…
وقف ليونارد داخل مخبئه السري حين جاءه خادمه همسًا:
“سيدي… هناك من يطلب لقاءك. الكونتيسة كلوي.”
أدهش الاسم ليونارد. الكونتيسة كلوي، رئيسة وصيفات جناح الإمبراطورة؟!
ما الذي جاء بها إلى هنا؟ كيف عرفت مكانه أصلًا؟
قرر أن يقابلها بنفسه. عند مدخل المخبأ وجدها جالسة بهدوء، تحادث حرّاسه بمرح وكأنها في صالون نبيل لا في وكرٍ مهجور.
ابتسمت له قائلة:
“سُررت برؤيتك ثانيةً يا سير ليونارد.”
تأمّلها مليًا… ثم قال بجدية:
“كيف وصلتِ إلى هنا؟ من أخبركِ بمخبئي؟”
رفعت ابتسامتها المألوفة وقالت:
“لا تقلق. الذي دلّني ليس عدوًا لك… بل أحد أفراد جمعية محبي الإمبراطورة. ثق بي، يا سير ليونارد، تلك الجمعية أقوى مما تظن.”
صمت ليونارد لحظة، وعيناه تتوهجان بشيء بين الحذر والفضول.
فابتسمت الكونتيسة كلوي وقالت بصوت أكثر جدية:
“وجودي هنا لم يكن صدفة. جئت لأجل الإمبراطورة هيلينا. النبلاء يخططون لثورة، ولن يكتفوا بعزلها… بل يريدون إعدامها علنًا. إن لم نتحرّك سريعًا، ستكون النهاية قريبة.”
قبض ليونارد يده بقوة، وبدت ملامحه كصخر يتصدع من الداخل.
“إعدامها…؟”
نطقت كلماته همسًا، لكنها ارتجّت في صدره غضبًا.
قالت كلوي:
“جيروم قد يحاول حمايتها، لكن حتى سلطته لها حدود. هذه المرّة، الأمر يتجاوز الجميع. ما لم تنهض أنت… فلن يوقفهم أحد.”
تنفّس ليونارد ببطء، وكأنّه يبتلع العاصفة التي تعصف في داخله. ثم نظر إليها بثبات:
“لو كان عليّ أن أواجه الإمبراطور نفسه… فلن أتركها تسقط.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات