الفصل 199:
الإمبراطور الذي أفاق
ليونارد… ابنُ من؟
شككت في أذنيّ لحظة.
صحيح أنني ظللتُ أبحث في أصل ولادة ليونارد مؤخرًا، لكنني لم أتخيّل أبدًا أن يكون ابنَ شخصيةٍ بهذا الثقل.
قال ألفريدو وهو يثبّت المعنى في رأسي:
“السيد ليونارد هو الابنُ الوحيد لجلالتها الإمبراطورة الراحلة.”
همستُ:
“غير معقول…”
تماسكتُ بصعوبة، وهززت رأسي نافية:
“لكن الإمبراطورة الراحلة توفّيت أثناء الوضع.”
قال:
“صحيح، إلا أن الطفل نجا—وهو السيد ليونارد.”
ثم سرد القصة:
“كانت جلالتها تتوجس موتها، وتعلم أن القرينة (والدة جيروم) تستهدفها. ولذلك سُرّب الطفل قبل وصول يد من دُفع لاغتياله.”
سألت:
“ثم أودِع الطفل لدى أسرة هيلبرت؟”
“نعم. كان بين جلالتها والمركيز هيلبرت وُدٌّ قديم.”
…لم يكن قبولُ هذا الكلام سهلًا.
طفلٌ قيل إنه لم يخرج إلى الدنيا… كان حيًّا؟
بدت الحكاية أقرب إلى خرافة.
وأدرك ألفريدو حيرتي، فقال:
“أعلم أن تصديقي عسير، لكن لديّ ما يسنده.”
وأخرج ورقةً مطويّة:
“هذه…”
“رسالةٌ كانت مع السيد آيزاك ساعة الحادث. كان يقصد جناحك ليوصلها إليك يا جلالتك.”
فتحتُها وقرأت في بدايتها:
إلى صديقي العزيز، المركيز هيلبرت.
إنها رسالة الإمبراطورة الراحلة، تستنجد بالمركيز:
تحركاتُ ليريانّا مريبةٌ مؤخرًا. لا ريب أنها تمقت أن أُنجب من جلالته.
أطلب معروفًا عظيمًا، وليس لي بعد الله كثيرُ من أثق بهم. أستودعك طفلي؛ أبعدْه عن القصر ليعيش حياةً هادئةً كطفلٍ عادي سعيد.
شهقتُ بخفوت.
اعتراضُ آل هيلبرت على دخول ليونارد حرس القصر…
حقدُ ليونارد في “الأصل” على البلاط وتمرده…
إذا كان ابنَ الإمبراطورة الراحلة—فكل القطع تتلاءم.
كأنّ أحجيةً مبعثرةً بدأت تكتمل.
قال ألفريدو معتذرًا:
“سامحيني لأني لم أبوح من قبل. رأيتُ أن أصمت حتى يصرّح السيد والسيدة بنفسيهما.”
أومأتُ:
“ولهذا أخبرتَني بعودتهما المرتقبة.”
“نعم. وبعد الحادث فكّرت أن أخبرك، لكنني جبنتُ—خشيتُ العواقب.”
قلت:
“لا بأس. كنتُ سأفعل مثلك.”
فالقول إن نسلَ الإمبراطورة الراحلة حيّ… كفيلٌ بإرباك الإمبراطورية.
ثم سألته:
“وبما أننا ذكرناها… قيل لي إن الإمبراطور الراحل أمر بمحو سجلّاتها. لماذا؟”
تلبّد وجهه:
“تعلمين أنّ للراحل إخوةً كُثر—ثمانية، وهو أكبرهم.”
“أعرف.”
“ثار بعض الأمراء واشتدّ صراعُ العرش، وكانت يدُ بيت دوقات تيرينفيوم (أسرة الإمبراطورة) هي الأثقل رجحانًا إلى جانب العرش.”
بيت تيرينفيوم؟ لم أرَه في التاريخ المدوَّن—حتّى مُحي إذن مع سجلّات الإمبراطورة.
سألت:
“ولماذا مُحي ذكرُ بيتٍ ناصر العرش؟”
“لأن قوته طغت بعد ذلك حتى هددت هيبة الإمبراطور نفسه. فآثر البلاط محوَ ذِكرهم من التاريخ.”
بيتٌ يتجاوز سلطانه سلطان الإمبراطور—لا بد أنه صداعٌ للعرش.
ومع هذا… أن يُمحى ذكرُ أسرة الإمبراطورة التي أحبّها الإمبراطور؟ شيءٌ يوجع القلب.
قال:
“كل هذا كان قبل ولادتك بسنين، وأُحكمت السرية عليه.”
خطر لي خاطر:
أكان دوق هايتنغز يخشى المصير ذاته؟
طالما لاحق جيروم— وظننتُه طمعًا في السلطة فقط.
وربما خاف أن يفعل جيروم كما فعل الإمبراطور الراحل ببيتٍ منافس.
ختم ألفريدو:
“باختصار، من سيتضرر إذا انكشف سرّ السيد ليونارد؟ ليس إلا… جلالته.”
قلت ببطء:
“أي أنّ الإمبراطور دبّر ما جرى ليحجب هذا السرّ؟”
هزّ رأسه:
“تعلمين ما شاب وراثته من شبهات… لم تزل القلوب متّهمةً له. فإذا ظهر ابنُ الإمبراطورة الراحلة… اهتزّ كرسيّه بعنف.”
“رجاءً يا جلالتك… أنقذي سيدنا.”
ظلّ ألفريدو يوصي حتى افترقنا.
عدتُ إلى القصر وذهني يغلي:
أحقًا جيروم دبّر هذا؟ وهل عرف أنّ ليونارد ابنُ الإمبراطورة؟
لكن جيروم… فاقدُ الوعي.
مع ذلك، رنّ في أذني صوتُ ألفريدو:
“ربما استعاد وعيه.”
نفضت القلق عني:
لو كان صاحيًا حقًّا، أكان يجلس متفرجًا على هذا العبث؟
على فَي وهي تعبث بالقصر متذرّعةً بجنينها؟
خطوتُ حتى بلغتُ جناح الإمبراطور.
الحراسة اليوم أخفّ؛ فقد سُحب كثيرٌ من الفرسان لمطاردة ليونارد.
وإن كنتُ متأكدةً أنه ما يزال فاقد الوعي… أردتُ أن أرى بعينيّ.
وقف حارسٌ على الباب وانحنى:
“جلالتكِ.”
تهيأتُ لأن يمنعني ككل مرة منذ الحادث—حتى أنا، الإمبراطورة، مُنعت…
لكنّه تردد ثم قال:
“تفضّلي.”
عجيب…
لكن لا وقت للدهشة.
دخلتُ على مهل.
رنّ وقعُ كعبي في السكون.
وعندما بدت أمامي الستائرُ الثقيلة المحيطة بالسرير، أمسكتُ بطرفها وسحبتها برفق—
“…؟”
الفراش… خالٍ.
جلتُ بعينيّ متسائلةً، فإذا بصوتٍ منخفضٍ من خلفي:
“…هيلينا.”
سرت قشعريرة في ظهري— صوتٌ أعرفه جيدًا، ولم أسمعه منذ زمن… ولا ينبغي أن أسمعه الآن.
استدرت ببطءٍ كدميةٍ مكسورة المفاصل.
هناك، في بقعةٍ غارقة الظلّ، تلألأت عينان حمراوان حادتان.
“ربما استعاد وعيه.”— كان ألفريدو على حق.
تمتمتُ:
“جلالتكم…”
لقد… استفاق جيروم.
التعليقات