الفصل 193:
هذا القصر سأحميه أنا
بعد لقائي بآيزاك قبل أيام، ازددت يقينًا بأن سرّ ولادة ليونارد مرتبط بالقصر الإمبراطوري.
ومنذ ذلك الحين صرت أرتاد مكتبة القصر كثيرًا.
فهي المكان الذي تُحفظ فيه كل الوقائع والأحداث التي مرّت على البلاط، بل حتى أخبار النبلاء العظام.
صحيح أنّني سأتمكن من سؤال آل هيلبرت مباشرة عند عودتهم…
لكن لا يسعني أن أبقى مكتوفة اليدين حتى ذلك الحين. كان عليّ أن أبحث بنفسي.
عند دخولي المكتبة، استقبلني الشيخ جيمس، أمينها العجوز، بابتسامة ودودة.
“يا لجلالة الإمبراطورة، يشرفنا حضورك المتكرر.”
أومأت شاكرة:
“هل أعددتَ الوثائق التي طلبتُها؟”
ابتسم بلطف:
“بالطبع، تفضلي معي.”
سرت خلفه بين رفوف الكتب العامرة بالأسرار.
في تلك اللحظة، كانت فاي جالسة في قصر الإمبراطور.
منذ سقوط جيروم وفقدانه الوعي، حُظر دخول الغرفة إلا عليها.
الجنين في بطنها فتح أمامها كل الأبواب.
كلمة واحدة منها تكفي لإرباك الحراس، بل وغابيان نفسه يتغاضى عن تجاوزاتها.
اقتربت من سرير جيروم وأمسكت بيده.
همست بصوت حنون كأنها تغني لطفل:
“اليوم كان الطقس جميلًا، لو كنا معًا في الحديقة لكان يومًا رائعًا.”
ثم تابعت كأنها تخاطب شخصًا يصغي إليها:
“الطبيب وصف لي دواءً للطفل، مرّ الطعم قليلًا لكنه ضروري.”
لم تتوقع جوابًا.
كانت كلماتها أقرب إلى عهد تُلقيه في فراغ الغرفة.
شدّت قبضتها على يده أكثر:
“لا تقلق يا جيروم… هذا القصر سأحميه أنا. من أجلك، من أجل الإمبراطورية… ومن أجل طفلنا.”
اندمجت في همساتها حتى قاطعها طرق خفيف على الباب.
تجهمت:
“من هناك؟”
“أنا.”
كان صوت غيرديك، قائد الفيلق الثاني.
اضطرت أن تترك يد جيروم وتعود إلى جناحها الخاص.
استقبلت غيرديك ببرود:
“لماذا تأخرت؟ دعوتك منذ وقت طويل.”
ردّ بلامبالاة:
“أنا قائد فيلق يا سيدتي، لدي مسؤوليات.”
زمجرت:
“حين أطلبك، تترك كل شيء وتأتي فورًا.”
راقبها مبتسمًا:
“غريب، منذ عودتك من الخارج صرتِ أكثر عصبية… هل حصل شيء هناك؟”
قبل أن يتم كلامه، صفعت خده بقوة حتى سال الدم من شفتيه.
“لا شيء حصل. لا تثرثر.”
لكنه لم يغضب، بل ضحك وهو يمسح الدم.
قالت بحدّة:
“أنا الإمبراطورة، تذكر ذلك جيدًا.”
انحنى ساخرًا:
“أعتذر يا صاحبة السمو.”
لم ترد أن تطيل الجدل، فألقت عليه مهمتها:
“استدعيتك لأن لديك عملًا تؤديه.”
أجاب بثقة:
“وماذا سأكسب مقابل ذلك؟”
سخرت:
“أنسيت أنني أخرجتك من السجن وعينتك قائدًا للفيلق؟”
هز رأسه:
“لا يكفيني.”
زفرت بغضب:
“إذن ماذا تريد؟”
قال ببرود:
“أريد الانتقام من ليونارد.”
تذكرت فاي أنّ ليونارد هو من زجّ به في السجن.
ورغم أن خطايا غيرديك كانت السبب، إلا أنها فكرت سريعًا:
لمَ لا؟
هي أيضًا لم تكن ترتاح لليونارد، بل كرهته منذ إذلاله لها في الحفل الأخير.
ابتسمت بخبث:
“حسنًا، نفّذ ما أطلبه، وسأساعدك في انتقامك.”
قال مهددًا:
“أرجو أن تفي بوعدك.”
قهقهت:
“اهتم أولًا بإثبات ولائك، ثم طالبني بالوعود.”
أومأ:
“وماذا تريدين؟”
همست بعينين تضيقان حقدًا:
“يجب أن نُسقِط مكانة تلك المرأة… الإمبراطورة.”
ثم تابعت:
“لن أتمكن من لمسها مباشرة، لكن إن قطعتُ عنها رجالها وأعوانها فلن تعود قادرة على رفع رأسها.”
ابتسم غيرديك بخبث، والصفقة بينهما خُتمت.
“هاه… هاه…”
استيقظتُ فجأة في فجر اليوم التالي، أتنفس باضطراب.
كان قلبي يخفق بعنف، يذكّرني بالحلم الذي رأيته للتو.
دخلت الكونتيسة كلوي قلقة:
“مولاتي! أنتن drenched بالعرق… هل أنتِ مريضة؟”
أجبت بصوت مبحوح:
“كان… مجرد حلم.”
لكنني كنت أرتجف.
رأيتُ ليونارد في الحلم مجددًا، ممسكًا بسيف ملطخ بالدماء، يقف أمام قبر تحيطه الجثث.
رؤية حيّة مرعبة أكثر من كل أحلامي السابقة.
عرضت كلوي أن تستدعي الطبيب، لكنني رفضت.
لم أستطع أن أشرح أنّ كل هذا بسبب أسرار ليونارد.
وبينما كنت أتهيأ للذهاب إلى مكتبي، ظهرت ماري.
لكن صوتها كان مختلفًا هذه المرة، متهدجًا يحمل حزنًا.
سألتها بقلق:
“ماري، ما الأمر؟”
ترددت طويلًا، ثم قالت بصوت منخفض:
“من الأفضل أن تذهبي حالًا إلى اللورد ليونارد…”
تسارعت أنفاسي:
“ليونارد؟ ما الذي حدث له؟!”
خفضت رأسها، ثم همست بالكلمات الثقيلة:
“إنه… آل هيلبرت، السيد والسيدة… قد—”
✨ انتهى الفصل 193.
التعليقات لهذا الفصل " 193"