الفصل 186. نسيتُ ذلك
قالت فاي وهي تحدّق بعينيها المليئتين بالغيظ:
(ماذا لو حدث مكروه لسلامة الضيوف من مملكة فيوريه؟)
اتسعت عينا الكونت جوشوا من الدهشة.
(أتعنين… أن نُهاجم ضيوف مملكة فيوريه؟)
أجابت فاي ببرود:
(لم أقل أن نؤذيهم حتى الموت. مجرد تخويف يكفي.)
ارتبك الكونت وقال بقلق:
(لكن هذا سيؤثر على علاقة المملكة بالإمبراطورية…)
قاطعته فاي:
(أفضل أن تتوتر العلاقات على أن تترك تلك المرأة تسرق كل المجد مني.)
تردد الكونت وقال متوجسًا:
(لكن، سمعت أن ضيوف مملكة فيوريه سيبيتون الليلة في قصر الإمبراطورة… هذا يعني أننا سنضطر لإرسال القتلة إلى هناك… سيكون الأمر خطيرًا جدًا.)
ابتسمت فاي ابتسامة ملتوية وقالت:
(لا يهم. بل سيكون تحذيرًا مناسبًا لتلك المرأة أيضًا.)
ضغط الكونت شفتيه وقال:
(لكن إن كُشف الأمر، فالمشتبه الأول ستكونين أنتِ، يا جلالة الإمبراطورة. هل ستتحملين العواقب؟)
قالت بصلابة:
(حتى لو كان رهانًا خطيرًا… يجب أن أخاطر. وإلا فإن عرش وليّ العهد المستقبلي سيكون في خطر.)
ظل الكونت مترددًا، لكنه حين لمح إصرارها، زفر بعمق.
(لكن… هذا جنون. مهاجمة قصر الإمبراطورة؟!)
رفعت فاي حاجبها:
(سمعت أن هناك دولًا أخرى ترغب في إفساد صفقة المملكة معنا. يمكن دائمًا إلقاء اللوم عليهم… أليس كذلك؟)
اتسعت عينا الكونت دهشة، ثم قال في نفسه:
“لقد كنتُ أظنها مجرد امرأة حمقاء، أسرت قلب الإمبراطور بجمالها… لكن يبدو أنها أكثر دهاءً مما توقعت.”
سألته فاي مرة أخرى:
(إذن؟ ستساعدني أم أبحث عن شخص آخر؟)
ارتبك الكونت ثم قال بسرعة:
(لا! سـ… سأفعل! سأساعدك، يا جلالة الإمبراطورة!)
ارتسمت على وجهه ابتسامة باردة وهو ينحني.
(ثقي بي. الليلة… ستغرق أروقة قصر الإمبراطورة في الدماء.)
في تلك الليلة…
تمددت هيلينا في سريرها، لكن النوم لم يأتِ.
(الغريب… لماذا لا أستطيع النوم؟)
لقد انتهى العشاء الرسمي بنجاح، وأُبرمت الصفقة مع مملكة فيوريه، وكان يفترض أن يكون يومًا مُرضيًا. ومع ذلك… شعرت بقلق غامض.
أدارت رأسها إلى الأريكة الجانبية الفارغة. كانت عادة ليونارد أن يجلس هناك حتى تغفو.
(هو ليس هنا…)
تذكرت ظهره وهو يقول لها إنه مشغول بأمر مهم.
(يا ترى… ما الذي يشغله؟)
تأففت ثم جلست.
(لن أنام هكذا… ربما جولة قصيرة تُريحني.)
ارتدت شالًا خفيفًا وخرجت إلى الممر المضيء بضوء القمر.
الهواء الليلي المنعش هدّأ أفكارها قليلًا… حتى توقفت فجأة.
(…ما هذا؟)
عند قدميها، بركة صغيرة من سائل أحمر قاتم.
انحنت وارتجف قلبها.
(دم…؟!)
قبل أن تستوعب أكثر، جاء صوت خافت من نهاية الممر.
(قل… من يقف خلفك؟)
شهقت هيلينا. كان صوتًا منخفضًا وباردًا… لم يكن الصوت الذي تعرفه.
سمعت سعالًا مكتومًا:
(كك… لن أبوح…!)
ثم صوت حاد كأن شيئًا يُمزَّق.
اختبأت هيلينا خلف الجدار، وقلقها يتصاعد.
وبين خيوط القمر، رأت ظله. رجل يقف، وسيفه يقطر دمًا، يلمع بلون أزرق بارد تحت الضوء.
تسمرت عيناها.
(ليونارد…!)
أرض الممر كانت مليئة بجثث رجال ملثمين. قتلة.
أحدهم حاول النهوض بصعوبة، فركله ليونارد وأمسك يده حتى سُمِع صوت العظام تتكسر.
صرخ الرجل، لكن ليونارد كمم فمه وهمس بنبرة مخيفة:
(اصمت.)
ثم مال عليه وقال ببرود:
(آخر فرصة. من هو سيدك؟)
ضحك القاتل المتهالك وقال:
(أيها الشيطان… اقتلني أفضل.)
فأجاب ليونارد بلا رحمة:
(كما تريد.)
رفع سيفه، وبحركة واحدة… تساقطت قطرات الدم على وجهه الأبيض.
شهقت هيلينا، وكادت تصرخ، لكنها أسرعت لتغطي فمها.
قلبها يدق بعنف، يهدد بأن يُفضح وجودها.
رأت في عينيه الذهبيتين بريقًا متوحشًا… ليس الرجل الذي تعرفه، بل وحش بارد.
فكرت بخوف:
(كنت قد نسيت… من هو حقًا. نسيت كم هو بارد وقاسٍ. نسيت أن مصيره… طريق مظلم مليء بالدماء.)
✨ انتهى الفصل 186
التعليقات