الفصل 185. هل هذا هو… ذلك الجو؟
الخلاصة أولًا، كانت الوليمة ناجحة.
قال الملك أسمان بعد انتهاء الوليمة وفي الاجتماع اللاحق:
“أرغب في الاستمرار في توطيد العلاقة مع إمبراطورية بينترين.”
فسألته:
“هل لي أن أعرف السبب وراء هذا القرار؟”
أجاب وهو يبتسم:
“السبب؟ في الواقع، لم تُعرض عليّ الصورة المثالية فحسب اليوم. سمعت شائعات مؤخرًا، ورؤية شخص آخر يقود الوليمة جعلتني أفكر كثيرًا بالفعل.”
ثم أردف بصراحة:
“سأخبركم أمرًا لم أُفصح عنه لغيركم… قبل المجيء إلى هنا، كنت أنوي إبرام اتفاق مع مملكة كالوس.”
قلت بدهشة:
“مملكة كالوس؟”
أومأ الملك أسمان:
“نعم، لقد قدّموا شروطًا جذّابة جدًا. كما أن شخصية ملك كالوس راقت لي كثيرًا.”
سألته مباشرة:
“إذن، لماذا غيّرت رأيك؟ هل لأنكم تذوقتم طعام مسقط رأس الملكة رافيا؟”
لكن الملك أسمان هز رأسه وقال:
“ما قدّمتِه لنا، يا صاحبة الجلالة، لم يكن مجرد طبق طعام. بل كان احترامًا وثمينًا لثقافتنا. لم أجد مثل هذا التقدير في أي بلد آخر زُرته من قبل.”
ثم ابتسم وأضاف:
“لذلك أعتقد أنّ التعامل مع الإمبراطورية سيكون قرارًا يمكن الوثوق به. وآمل أن تعود هذه العلاقات بالنفع على كلا الطرفين.”
كان موقفه واضحًا. المفاوضات سارت بسلاسة، وكانت النتيجة في صالح الإمبراطورية.
وبينما عدت إلى غرفتي، خطاي خفيفة، فكّرت: لقد تمكّنا من حلّ أزمة الفقراء جزئيًا بفضل هذا الاتفاق.
ثم التفتُّ إلى جانبي، فرأيت ليونارد يسير صامتًا بجانبي.
هذا الرجل دائمًا… يقف إلى جانبي في كل محنة.
قال ليونارد وهو يلحظ نظراتي:
“هل لديكم ما تودون قوله؟”
كنت سأجيبه بـ”أشكرك” لكن خطر ببالي شيء آخر. فسألته:
“كيف جلبت ذلك الطباخ من لودين؟ سمعت أنه اختفى منذ زمن.”
ابتسم قليلًا وقال:
“لقد كان الأمر محض صدفة. في الماضي، وخلال إحدى مهامي خارج الإمبراطورية، أنقذتُ طفله الصغير وأعدته إلى والديه… وتبيّن أن والده هو ذلك الطباخ الشهير.”
دهشت قائلة:
“يا إلهي، يا لها من مصادفة!”
هززت رأسي مبتسمة ثم سألته:
“ولماذا لم تخبرني أن والدك يعرف الملك أسمان؟”
أجاب بعينين مازحتين:
“ولو قلتُ لكم: فقط لأنني لم أشأ، هل تصدقون؟”
تنهدت:
“سأغضّ الطرف هذه المرة فقط.”
فقال بهدوء:
“شاكرٌ لكم، جلالتك.”
عندما وصلنا إلى باب غرفتي، أدركت كم كان قريبًا مني، ونظرته حملت شيئًا مختلفًا…
هل هذا هو الجو…؟
أغمضت عيني ببطء، مستعدة لتقبيلٍ مرتقب. لكن شيئًا لم يحدث. فتحت عيني قليلًا، فوجدته يبتسم بخبث.
احمر وجهي بشدة وصحتُ مرتبكة:
“لم… لم أكن أفكر في شيء!”
ضحك ليونارد قائلًا:
“أحيانًا أفكر أن جلالتك تملكون جانبًا جريئًا لا يظهر عادة.”
صرخت محتجة:
“انسَ ما رأيت للتو!”
أجاب بابتسامة دافئة:
“لا أستطيع.”
لم أجد ما أقول سوى أن أسرعت إلى غرفتي لأهرب من الإحراج، لكنه سبقني بخطوة، وطبع على شفتيّ قبلة خاطفة.
قال:
“كنت أود الاستمرار، لكن لدي أمرٌ هام الليلة.”
ثم استدار وغادر، تاركًا إياي في حيرة: أي أمر هذا الذي شغله؟
في جناح الحظية فاي، كانت الغرفة تفيض بالهدايا من النبلاء.
قال أحدهم:
“تهانينا، جلالتك. لم يعد هناك قلق بشأن الوريث.”
وقالت أخرى:
“إنها بشرى عظيمة، نرجو أن يسمع بها الشعب سريعًا.”
ابتسمت فاي وهي تشعر بلذّة الانتصار، فلطالما عاملوها باحتقار بسبب أصلها المتواضع. لكن اليوم تغيّر كل شيء، بفضل حملها.
غير أن كل تلك السعادة انهارت بعد أن انتُزعت منها أضواء الوليمة.
صرخت بغضب، وهي تحطم الهدايا:
“لقد كانت لحظتي! كان الجميع يحتفل بي وبطفلي!”
ارتعبت الوصيفات وحاولن تهدئتها:
“رجاءً، جلالتك، اهدئي. هذا قد يضر بالجنين.”
لكنها صاحت:
“اخرجن! جميعكن!”
غادرن مذعورات، تاركاتها وحدها مع غضبها.
قالت وهي تلهث:
“لماذا دائمًا تنتزع هي سعادتي؟ لماذا؟!”
ثم تذكرت كلمات ليونارد وهو يواجهها في الوليمة، وصورة الملك والملكة وهما ينظران إليها بشفقة.
أمسكت ببطنها بعينين دامعتين وقالت:
“لا، لن أسمح بهذا. يجب أن أنهي الأمر بنفسي.”
واستدعت الكونت جوشوا، الذي كان يتملقها في الوليمة.
قال لها بابتسامة متملقة:
“أمرتِ يا مولاتي؟”
أجابت بنبرة باردة:
“وعدتني أنك ستساعدني في أي شيء. ما زال وعدك قائمًا؟”
“بالطبع، جلالتك. في خدمة المستقبل، وفي خدمة الوريث القادم.”
ارتسمت ابتسامة مظلمة على شفتيها وهي تتمتم:
“نعم… من أجل مستقبل الإمبراطور.”
التعليقات لهذا الفصل " 185"