الفصل 175. أحبك
“…ليونارد.”
ما إن رأيته حتى انفجرت الدموع من عينيّ.
كل المشاعر التي كنت أحبسها داخلي انفجرت فجأة.
وفي تلك اللحظة، جذبني ليونارد خلفه، ووقف أمامي ليحميني.
ظهره العريض الذي صدّني عنه شعرت به كأنه حصن متين.
قال دوق هاستينغز بصوت غاضب:
“ليونارد، ما الذي تجرؤ على فعله؟”
لكن ليونارد ردّ ببرود:
“هذا ما يجب أن أقوله أنا، يا دوق. ماذا كنت تنوي أن تفعل بجلالة الإمبراطورة؟”
أجاب الدوق ببرود:
“أنا أب يؤدّب ابنته فقط. ليس لك أن تتدخل في شؤون عائلتي. ابق بعيدًا، فأنت شخص غريب عن الأمر.”
لكن ليونارد لم يتراجع:
“كيف أكون غريبًا؟ أمر جلالة الإمبراطورة هو أمري أيضًا. أنا رجلها… وبالتالي أُعدّ من العائلة نفسها.”
“هل تسخر مني الآن؟”
“لا. أنا فقط أقول الحقيقة.”
ارتجفت شفتا الدوق بالغضب. ثم قال ساخرًا:
“أتظن أن ما تفعله لمصلحتها؟ الآن كل الناس ينهشون سمعتها. يتحدثون عن إذلال العائلة، وعن ضرورة خلعها من منصبها كإمبراطورة!”
لكن ليونارد اكتفى بابتسامة باردة وقال:
“لو كنت تفكر حقًا في جلالتها، لذهبت الآن لإقناع النبلاء بدلًا من الوقوف هنا تصرخ عليها.”
تحت نظراته الحادة، ابتلع الدوق ريقه.
فأضاف ليونارد بصوت منخفض:
“إن كنت انتهيت، فغادر فورًا. وإلا سأستدعي الحرس.”
ضغط الدوق على أسنانه وقال:
“كنت أنوي المغادرة على أي حال.”
لكنه عند الباب التفت نحوي وقال:
“ستندمين يومًا لأنك لم تصغي لنصيحة أبيك.”
رفعت رأسي وأجبته بصلابة:
“لن أندم أبدًا.”
صَفَر الدوق باستهزاء وخرج.
* * *
بعد رحيله، بقيت وحدي مع ليونارد في الغرفة.
“جلالتك…” بدأ ليونارد بهدوء.
“هل تكررين ما قلتِ قبل قليل؟”
أجبت مرتبكة:
“أيّ قول تقصد؟”
“عندما قلتِ إنني أهمّ من العرش نفسه.”
تذكرت ما قلته قبل قليل أمام والدي… وتدفق المشهد في رأسي:
لم أرغب يومًا في العرش. ذلك الكرسي لا يساوي شيئًا أمامه. أنا أحبه بصدق.
وجهي اشتعل بحرارة.
ناداني ليونارد مرة أخرى، بنبرة حذرة:
“هل قلتِ ذلك فقط لتحمينني؟”
أخذت نفسًا عميقًا وهززت رأسي:
“لا. لم يكن مجرد حماية.”
“إذن ماذا كان؟”
ارتجف قلبي. كل ما مررت به معه عاد إليّ كأنه شريط طويل…
اليوم الذي أنقذني فيه من الظلم.
اللحظة التي جاء فيها لرؤيتي وأنا محبوسة.
المرة التي وقف فيها أمام الخطر كي يحميني.
ذلك اليوم في الكهف المظلم حين وجدني أولًا.
لطالما كان هو بجانبي. دائمًا.
لم أستطع الإنكار أكثر.
“أنا أحبه.”
التفتّ إليه، وعيناي تلمعان بدموع صادقة:
“أحبك، ليونارد.”
اتسعت عيناه، وارتجفت شفتاه كأنه فقد القدرة على الكلام.
ولوهلة بدا مضطربًا… ثم غطى وجهه بكلتا يديه.
شهقتُ:
“ليونارد؟! لا تقل إنك تبكي الآن؟”
لكن بالفعل، دموعه انحدرت من بين أصابعه.
لم أتمالك نفسي، فوضعت كفّي على وجنتيه:
“سامحني. تأخرت كثيرًا لأقولها. كان يجب أن أقولها منذ وقت طويل.”
لكن ليونارد هز رأسه بعزم، ثم جذبني إلى صدره وقال بصوت مبحوح:
“لا. لم تتأخري. فقط… سماعها منك مباشرة جعل قلبي يكاد ينفجر.”
شعرت بنبضه السريع القوي تحت صدري.
ثم رفع رأسه وأغمض عينيه قليلًا وهمس:
“أنا أحبك أكثر. أكثر من أي شيء.”
وقبّل جبيني برفق.
ابتسمت وسط دموعي وقلت بخجل:
“لا. أنا أحبك أكثر…”
لكنني لم أستطع إكمال كلامي، لأن شفتيه أطبقت على شفتيّ، وذابت الكلمات في قبلة صادقة.
* * *
في تلك الأثناء…
كان جيروم في مكتبه المظلم، غارقًا بين زجاجات الخمر وأوراق مبعثرة. لم يعد يشبه الإمبراطور الذي كانت مهابته تملأ القصر.
دخلت فاي، وحدّقت فيه بألم. اقتربت ولمست يده، ثم همست:
“لا تضعف هكذا. تلك المرأة لم تعد لك. بجانبك أنا… أنا التي تحبك.”
لكن الرجل الذي لم يحرّك ساكنًا منذ بداية الليل، فتح فمه أخيرًا… وهمس باسم جعل وجه فاي يتجمد:
“…هيلينا.”
تشنج جسد فاي، والدموع كادت تسقط من عينيها.
لقد ناداها باسم تلك المرأة مرة أخرى.
التعليقات لهذا الفصل " 175"