جلس الإمبراطور جيروم في صدر القاعة، وحوله كبار المسؤولين وقادة فرسان الحرس الإمبراطوري.
كان الاجتماع مخصّصًا لعرض سير التحقيق في حادثة مهرجان الصيد.
وبسبب حساسية الموضوع، كان التوتر ظاهرًا على الجميع أكثر من المعتاد.
قال أحد المسؤولين بحدة وهو يضرب الأوراق على الطاولة:
«أهذا يُعقل برأيكم؟! منذ الأمس وقبله وصلتنا تقارير مشابهة! ألن نحصل هذه المرة أيضًا على أي نتيجة؟!»
ردّ قائد الفرقة الثالثة من الحرس بنبرة جافة:
«نحن نتابع التحقيق خطوة بخطوة. لكن بما أن الآثار التي تركها المجرمون قليلة جدًا، فمن الطبيعي أن يواجه التحقيق صعوبة.»
قاطعه المسؤول ساخطًا:
«لكن حتى الآن لم تعثروا على أي خيطٍ يقود إلى الجاني!»
قال القائد:
«لقد حاولنا تتبع القتلة الذين استهدفوا جلالته عند الجرف الغربي، لكن حين وصلنا إلى هناك كانت الجثث قد اختفت بالفعل. أخبرني، ماذا يمكن أن نحقق أكثر من ذلك؟»
فتدخل مسؤول آخر بلهجة لاذعة:
«وماذا عن ذلك الوحش الصغير الذي كان مع الإمبراطورة؟! لو فحصتموه قد نجد شيئًا!»
قهقه القائد باستهزاء:
«أتظن أن فحص وحش صغير أمر سهل؟ إن هذا النوع شديد التعلّق بصغاره. ولو حاولنا الاقتراب منه، لتحوّل القصر كله إلى ساحة خراب. هل هذا ما تريده؟»
«ل… لا، بالتأكيد لا! لكن… في التقرير لم يُذكر أن الوحش من هذا النوع!»
«ظننت أن الأمر بديهيّ لديك، فلم أذكره. أعتذر.»
ضجّت القاعة بسخرية قادة الفرق الآخرين. بدا واضحًا أنهم يرون المسؤولين مجرد موظفين يعرفون الورق والحبر لا غير.
تصلبت وجوه المسؤولين:
«أيها الحمقى المليئون بعضلات بدل العقول!»
«هل يظنون كتابة التقارير لعبة؟!»
«لولا نحن من يدير حساباتهم ورواتبهم لما عاشوا يومًا واحدًا!»
فالحقيقة أن العلاقة بين المسؤولين والفرسان كانت منذ الأزل علاقة خصومة.
المسؤولون يرون الفرسان “مثيري متاعب” يطلبون آلاف السيوف للتدريب ويبعثرون أموال الصيانة والتعويضات. أما الفرسان فيرون المسؤولين مجرد صناديق صوت لا يكررون سوى: «هذا خارج الميزانية.»
وبينما ارتفعت الأصوات، قال أحد الفرسان ساخرًا:
«إن كنتم تجهلون، فلتصمتوا. نحن نعرف كيف نحقق.»
«صحيح. أنتم فقط اجلسوا في مكاتبكم وانتظروا.»
استشاط المسؤولون غضبًا:
«أهذا كلام؟! الحقيقة أن تحقيقكم بطيء جدًا!»
«عودة جلالة الإمبراطور والإمبراطورة سالمَين لا تعني أن القضية انتهت! يجب القبض على الجناة ومحاسبتهم!»
«إن لم يُكشف المجرمون، فأين هيبة العرش؟!»
لكن صوتًا صارمًا قطع الجدال:
«انتبهوا لكلامكم.»
كان غابيان، قائد الحرس الأول.
قال ببرود:
«نحن نبذل أقصى ما عندنا. لسنا لنجلب العار على شرفنا كفرسان الإمبراطور. وكذلك أنتم، يا قادة، ما هذا المشهد؟ لم نُجتمع هنا لتبادل الاتهامات.»
سادت لحظة صمت ثقيلة.
تكلم جيروم أخيرًا:
«سمعت آراءكم. أعلم أن الجميع يبذل جهده في موقعه. لذا… إن كان تكرار التقارير يزعجكم، فلنجعل الاجتماع القادم فقط حين يكون لدى الفرسان أمر جديد ذو قيمة. أهذا مناسب؟»
أجاب المسؤولون: «اقتراح حكيم.» – «نتفق.»
وعاد الهدوء بفضل كلمته.
«لكن،» أضاف الإمبراطور، «على الفرسان أن يقدّموا في المرة القادمة شيئًا أوضح. فلا يمكن أن يبقى الوضع جامدًا.»
انحنى القادة: «بأمرك.»
ثم فجأة سأله:
«وأين ليونارد؟»
ساد الذهول.
وقع النظر على الفارس البديل الحاضر بدلًا عن قائده: كونراد.
«سيدي… أين ذهبت؟»
لقد رافق ليونارد حتى باب القاعة، لكن الأخير دفعه إلى الداخل وقال له: «تولَّ الأمر عني، كونراد.» واختفى.
ازدرد كونراد ريقه وهو يفكر: «كان بإمكانه أن يشرح لي السبب على الأقل!»
قال بصوت مرتجف وهو يدافع عنه:
«القائد يتقدم الجميع في التحقيق… لقد رأى أن البحث خارج القاعة أنفع من الجلوس في الاجتماع.»
…أو هكذا آمل.
في تلك اللحظة، كان ليونارد في قصر آل هيلبرت، يتحدث مع آيزاك.
قال ليونارد:
«شخص ما جاء يطلب مقابلتك أنت… أو بالأحرى يطلب آرون. لا أعلم من يكون.»
«ماذا؟ من؟»
«لا أعرف. استخدمت كل ما أملك من مصادر ولم أصل لهويته.»
ثم أخذ يستمع لحديث آيزاك الخطير.
مرت الساعات، وحين غطى ضوء القمر الغرفة، فتحتُ عينيّ ببطء.
فرأيت رجلًا واقفًا بجانب النافذة، كلوحة حيّة.
ترددت الكلمات من شفتيّ دون وعي:
«هل هذا… حلم؟»
لم يجب.
«إذن حلم…» تمتمت وأنا نصف نائمة. ربما من أثر الدواء ما زلت ضائعة بين النوم واليقظة.
حتى في أحلامي يظهر لي ليونارد… ربما بسبب ما قاله آيزاك.
قلتُ بصوت متحشرج:
«لقد أخبرني آيزاك بكل شيء. لماذا لم تُخبرني بنفسك؟ أكنت ستخفي الأمر للأبد لو لم يقل هو؟»
لم يرد.
«وأنا لم أكن أعرف شيئًا… بينما أنت ساعدتني كثيرًا مستخدمًا نفوذ آل هيلبرت… حتى المصممة فِرينا التي قدّمتها لي كانت من دعمكم. لابد أنك ساعدتني أكثر في الخفاء أيضاً.»
سكتُّ قليلًا ثم سألته بمرارة:
«هل ندمت يومًا على ذلك؟»
فأجاب بصوت ثابت:
«ولا مرة. ولا لحظة.»
اتسعت عيناي، ثم ضحكت بخفة:
«إذن ربما يخفّف هذا بعض ذنبي. لأنني لا أزال أشعر أنني أثقلت عليك.»
غطيت وجهي بكفّيّ:
«كيف أنظر في وجهك الآن؟ كيف أرد لك الدين؟ ماذا أفعل…؟»
لكن فجأة، انحنى وأمسك بيدي، يبعدها عن وجهي.
أحسست بحرارة بشرته… حيّة جدًا، لا تشبه الحلم.
«ماذا…؟ إذن هذا ليس حلمًا؟!»
ابتسم قليلًا وقال بهدوء:
«سأخبرك بالجواب الآن. نعم، كنت سأخفيه طالما أستطيع. وإن كان ممكنًا للأبد، لفعلت.»
«لماذا؟ إنها حياتي أنا أيضاً. لِمَ تُخفي شيئًا يخصني؟»
«خشيت أن يثقل كاهلك. أنا اخترت هذا بنفسي. لم أشأ أن تشعري أنك مدينة لي.»
كانت يده تمسّد ظهر يدي المرتجفة. عيناه الزرقاوان مثبتتان عليّ بلا تردد.
قال بصدق:
«حتى لو عدت للماضي، سأتخذ القرار ذاته.»
ثم همس:
«صحيح أنني في البداية كرهت الاعتماد على نفوذ آل هيلبرت… لكن الآن، أنا ممتن. بل سعيد أن لدي هذه الصلة. لأنها تسمح لي بمساعدتك.»
ثم أمسك بيدي، ورفعها إلى شفتيه.
طبع قبلة على معصمي، ثم ألصق وجنته براحة يدي وقال بعمق:
«إن كانت تلك القوة تمنحني القدرة على مساعدتك… فسأمد يدي إليها مرارًا وتكرارًا، بلا تردد.»
✨ انتهى الفصل 136 ✨
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 136"