الفصل 132:
وماذا عني أنا، بدلاً من أخي؟
حين اندفعت هيلينا وسط الانفجار، كان أكثر من فزع بينهم هو آيزاك.
نعم… منذ البداية، كان كل شيء من تدبيره.
هو من تعمّد أن يُبعد هيلينا عن أخيه.
هو من دبّر أن تصل إلى هذا المكان في النهاية.
كل ذلك كان خطته، من أولها لآخرها.
لكن في الحقيقة، لم يكن هناك ما يشكّل خطرًا حقيقيًا.
القنابل وُضعت بحيث لا تؤذي أحدًا أبدًا.
حتى الصخور التي بدت وكأنها تسقط بتهديد، لم يكن ممكنًا أن تُصيب إنسانًا واحدًا.
قدمه التي بدت وكأنها علقت بين الصخور لم يكن سوى تمثيل،
وحتى لو تُرك وحيدًا، فقد أعد مسبقًا وسائل للهروب.
وفوق ذلك، نشر احتياطات أمان تحسبًا لأسوأ الاحتمالات.
كل شيء كان مُحكمًا.
آيزاك أراد فقط أن يُري أخاه الحقيقة:
أن المرأة التي وقع بحماقة في حبها لم تكن سوى شخص بارد، أناني، لا يهتم إلا بنفسه.
شخص يتجاهل إنسانًا في خطر، بلا تردّد، إن كان في ذلك نجاته.
وأراد أن يقول له: استفق، وتوقف عن هذا الجنون.
حتى لو انقلبت الخطة عليه وانتهى به الأمر ميتًا، لم يكن ليبالي.
لأن أخاه وحده يستحق أن يتوقف عن الألم ويعيش سعيدًا.
لكن…
“كح… كح… آيزاك، هل أنت بخير؟”
هي من أفسدت كل شيء.
هيلينا حطمت خطته المحكمة، وكأنها تسخر منه.
خبا بريق عينَيه الخضراوين.
صرخ آيزاك، صوته يرتجّ في الكهف:
“هل فقدتِ عقلكِ؟! بأي فكر أهوج اندفعتِ إلى هنا؟! لماذا خاطرتِ بنفسك هكذا؟!”
فأجابته وكأنه سؤال بديهي:
“طبعًا… لأني أردت إنقاذك.”
آيزاك جمد مكانه.
أنا؟ لأجلي أنا؟
لم يكن يصدق.
فقد قضى عمره بين وجوهٍ يتكالبون أمام المال والسلطة.
اعتاد أن يقرأ أعين البشر المليئة بالطمع.
تعلم أن كل شيء قائم على المصلحة.
لكن هذه المرأة…
“بالمناسبة، قدمك. هل ما زالت عالقة بالصخر؟”
عينها لم يستطع أن يقرأه.
كان مضطربًا أكثر من أي وقت مضى.
“أتطلبين مني أن أصدق هذا؟!”
“هاه؟” ارتبكت هيلينا.
صرّ آيزاك على سؤاله:
“هل تقولين إنكِ خاطرْتِ بحياتكِ حقًا… فقط لإنقاذي أنا؟”
“طبعًا. ولماذا إذن كنتُ سأفعل؟” ابتسمت برفق.
تشنّج فكّه.
“كُفّي عن الكذب! لقد فعلتِ هذا لتكسبي قلب أخي، أليس كذلك؟ أردتِ أن يراكِ ممتلئة بالبطولة أمامه!”
قطبت حاجبيها فجأة. نظرتها الدافئة تحولت إلى حادة باردة.
“إياك أن تتمادى، آيزاك.”
صمت.
“أنا لا أُخاطر بحياتي من أجل أن أجني إعجاب أحد.”
“!”
“لم أنقذك لأني أردت شيئًا بالمقابل. أنقذك… فقط لأنني لم أتحمّل أن أرى نفسي لاحقًا نادمة لو تركتك تموت.”
كانت كلماتها مشبعة بالصدق.
حتى هو، الذي يعرف الوجوه المزيّفة كلها، لم يستطع إنكارها.
ابتسمت، وقالت وهي تشير إلى سقف الكهف:
“ظننتُ أن السقف كله سينهار… لكن انظر، لم يسقط سوى المدخل. نحن محظوظان جدًا. أليس هذا سببًا كافيًا لنفرح أننا ما زلنا أحياء؟”
هو يعرف أن الأمر لم يكن مجرد حظ.
كل شيء كان من خطته.
ومع ذلك… قلبه ارتجف بصدق حين سمعها تقول:
“الحمد لله أننا سالمَين.”
وتلك الابتسامة الملطخة بالغبار… بدت له أجمل ما رآه.
أهذا ما قصده أخي…؟
ذلك النقاء العفوي، تلك الطيبة التي لا يستطيع أي إنسان تقليدها.
التي عرفها أخوه قبل الجميع.
ضحك آيزاك بخواء.
يا للحمق… لقد أفسدتُ كل شيء.
“لماذا تضحك؟” سألت باستغراب.
“الخطة… انقلبت رأسًا على عقب.”
وعرف في أعماقه: حين يعود، سينال عقابًا قاسيًا من أخيه.
***
“لا تتحرك هكذا فجأة!”
هيلينا أسندته وهي تمشي.
“أنا بخير. أستطيع السير وحدي.” هز رأسه نافياً.
لكن من يراه هكذا لم يكن يظنه بخير.
عيناه شاردتان، وكأنه غارق في خطيئة.
لابد أن وقع الصخرة فوق رأسه زلزل عقله.
فقد قال قبل قليل شيئًا سخيفًا… كأني أنقذته لأجل أن أفوز بقلب ليونارد!
“على الأقل، لنبحث عن ما يوقد النار. الظلام شديد.”
لكن فجأة، طرف عصاه المرصعة بزخرفة قطة ذهبية انبعث منه نور.
“يا إلهي… عصاك مضيئة؟”
“إنها من أحدث الطرازات.”
“رائع!”
“إن أردتِ، أهديك واحدة.”
“سأقبلها بكل سرور.”
وبالنور، سارا معًا أعمق في الممر.
كانت الدهشة تملأها: “انفجار بهذا الحجم، ومع ذلك الطريق هنا سليم؟”
“ربما نحن محظوظان فعلًا.”
لكن نظره تهرّب من عينيها.
“هل تخفي شيئًا؟”
“بالطبع لا.” أجاب مبتسمًا، لكن سرعان ما جاد بوجه جاد:
“في الحقيقة… لم أكن أحبكِ يا جلالتك.”
“كنتُ أعلم.” ابتسمت.
“لكن اليوم… أدركت أنني ظلمتُك. أعتذر.”
“لا بأس. الأهم أنك أزلت سوء الفهم.”
صمت لحظة ثم ابتسم ابتسامة غامضة:
“لكن، ما رأيكِ بي أنا بدلًا من أخي؟”
“……”
“مجرد دعابة.”
“دعابة ثقيلة. لا تُكررها.”
“أهكذا تكرهينها؟”
“قلبي لن يحتمل ثانية.”
“هاها، هذا يجعلني أكررها أكثر.”
ضحكت هي بدورها: “إنك تشبه ليونارد كثيرًا.”
احمرّت أذناه: “أجل… كثيرون قالوا ذلك.”
لكنها سألت بخفة: “ألم تقل إن كثيرين لا يعلمون أنك أخوه؟”
تلعثم، فبادرت لتخفف: “أكيد هناك من يعرف… من أخبرك!”
تنفس بارتياح: “بالضبط.”
ثم أضاف بصوت أخفض:
“قبل المهرجان، قال لي ألفريدو، خادمنا منذ الطفولة: إن هيلينا هي الشخص الذي يحتاجه أخي. إنها أول من جعله يبتسم بصدق.”
وجمدت هي مكانها، ووجنتاها احمرتا.
أنا… ليونارد؟!
لكنه تابع، دون أن يلاحظ ارتباكها:
“حينها لم أفهم، لكن الآن… أفهم تمامًا.”
وختم بهدوء:
“إن كنتِ من سكن قلب أخي… فيجب أن تفهمي أيضًا جراحه.”
التعليقات لهذا الفصل " 132"