“أليكس؟.”
كنتُ صادقة في دهشتي من الاسم الذي قدمه الرجل بنفسه.
الاسم الأصلي للرجل هو أليكساندر بيرزيل.
ومن المعروف أن لقب أليكساندر هو أليكس.
من هذا المنطلق، بدا أن استخدامه للقبه كأسم مستعار اختيارٌ جيد.
على أي حال، اسم أليكس موجود بالفعل.
أومأتُ برأسي وتمتمتُ باسم الرجل وكأنني أحاول أن أحفظه.
ثم فجأة رفعتُ رأسي وحدّقتُ فيه.
“هل أناديك بالسيد ألكيس؟.”
“ولماذا تضيفين لقب تشريف؟.”
“…أشعر أن عليّ ذلك فحسب؟.”
هز الرجل رأسه بوجه غير راضٍ عن كلامي.
“ناديني أليكس فقط.”
“هل هذا مقبول؟.”
غريب. بحسب ما أعرفه عنه، ليس شخصًا يسمح بسهولة بمثل هذا الأمر.
‘يا إلهي! هل يمكن أنه يخطط لاستخدام هذا كذريعة ليقتلني لاحقًا؟.’
حين سألتُه والريبة تملأ قلبي، أومأ الرجل ببرود.
“سيسرّني أن تناديني هكذا، كلير.”
حين سمعتُ أليكس ينطق باسمي، ترددتُ لوهلة.
حتى وإن سمح لي أليكس، فإن مناداة رجل نبيل مثله بلا ألقاب احترام أمر صعب عليّ أنا التي عشتُ كخادمة أكثر من عشرين عامًا.
وفوق ذلك، أليكس ليس مجرد نبيل. هو رجل بلا رحمة يدمر كل شيء ليحصل على من يحب.
حين ترددتُ في الإجابة بحذر، ضحك أليكس بخفة.
“جربي مناداتي مرة واحدة.”
صوته العميق ارتجّ بداخلي كالسحر.
“آه…”
“آه؟.”
“أليكس…”
في النهاية لفظتُ اسمه.
ولحسن الحظ، لم يُبدِ أليكس أي رد فعل سلبي حين نطقتُ اسمه، بل ابتسم وكأنه مسرور.
شعرتُ بالحرج فحولتُ نظري عنه.
رغم أننا في موسم الأمطار، إلا أن الطقس الذي انتقل من أواخر الصيف إلى أوائل الخريف جعل المخزن حارًا بعض الشيء.
أو ربما السبب أنني كنتُ شديدة الوعي بوجود أليكس.
فهو أكثر رجل وسامة رأيته في حياتي. ومع عضلاته القوية، من الغريب ألا أكون واعية له.
“عندما بدلتُ لك الضماد قبل قليل، بدا أن جرحك قد شُفي كثيرًا. هل تستطيع الحركة الآن؟.”
وضعتُ يدي الباردتين على وجنتيَّ الساخنتين لأخفف حرارتهما.
أومأ أليكس مطيعًا، وهو يلمس مكان جرحه.
“يبدو ذلك.”
“هذا مطمئن.”
حقًا، رغم غلاء الجرعات، إلا أن فعاليتها مذهلة.
حين رأيتُ الرجل لأول مرة، كان جرح الطعن في بطنه لا يُطاق النظر إليه، أما الآن فقد شُفي حتى صار يستطيع الحركة بلا مشكلة.
الأيام التي ادخرتُ فيها المال لثلاث سنوات لشراء تلك الجرعة لم تذهب سدى، لكن مع ذلك شعرتُ ببعض الأسى.
رؤية فعاليتها جعلتني أفكر أن أشتري أخرى للطوارئ، لكن الجرعة التي استخدمتها لإنقاذ أليكس ما زالت عالقة في ذهني.
حسنًا، ما الذي يمكنني فعله بجرعة قد استخدمتها بالفعل؟.
رغم أنه شعور بالهدر، إلا أنني أستطيع الادخار مجددًا لشراء أخرى.
كان يمكنني أن أطلب من أليكس مالاً، لكن ذلك بدا غير مريح.
لو عاد إلى هذه الأراضي ليرد الجميل سيكون الأمر مشكلة كبيرة.
من الأفضل أن أعتبر أنني أنقذتُ الآنسة وأنقذتُ حياتي مقابل ثمن الجرعة.
نعم، إذا اعتبرتها تكلفة إنقاذ حياة فهي رخيصة.
“بالمناسبة، قلتِ إنكِ لا تملكين أسئلة عني، لكن لديّ الكثير من الأسئلة عنكِ.”
“عني أنا؟.”
تفاجأتُ من كلمات أليكس المفاجئة ونظرتُ إليه.
“نعم، كلير.”
اتكأ أليكس ببطء على جدار المخزن.
في تلك اللحظة، اهتز ضوء الشمعة التي تنير المخزن.
ارتعشت الشعلة الحمراء للحظة قبل أن تستعيد هدوءها.
خلال ذلك الوقت حاولتُ أن أتصور ما الذي قد يكون أليكس فضوليًا بشأنه عني.
هل هناك ما يمكن أن يثير فضوله؟.
أنا لم أكن أملك أسرارًا كثيرة مثل أليكس، ولم أكن مكروهة حتى يهاجمني أحد ويجرحني، ولا أملك سلطة أو مالاً لأُحسد عليهما، ولا عندي مخططات خفية.
كنتُ مجرد خادمة عادية.
إن كان لديّ ما يميزني، فهو أنني وُلدت من جديد وأعرف أن العالم الذي تجسدتُ فيه هو كتاب كنتُ قد قرأته في حياتي السابقة.
هل يمكن أنه ما يزال يشك أنني جاسوسة لأحدهم؟.
ربما.
الأسئلة التي طرحها عليّ من قبل وقال إنها مزحة قد تكون بسبب شكّه بي.
يا إلهي، هل من المناسب أن أكون هنا؟.
ماذا لو أجبتُ إجابة خاطئة فقتلني؟.
“هل أنتِ من هذا المكان؟.”
سأل فجأة بينما كنتُ أنهك عقلي بتخمين سؤاله التالي.
“…نعم، وُلدتُ ونشأتُ في هذه الأراضي.”
تريثتُ في الإجابة لأتأكد ألا شيء مريب فيها قبل أن أجيب. وكذلك فعلتُ مع السؤال التالي.
“هل لديكِ عمل آخر؟.”
ترددتُ عند سؤاله عن عملي.
لم يكن صعبًا أن أقول الحقيقة، لكن بدا أن ذلك قد يجعله يشكّ.
لكن لو كذبتُ وبحث أليكس خلفي فستكون مشكلة أيضًا.
يبدو أن قول الحقيقة أفضل من ترك أثر للكذب.
“أعمل خادمة لدى الكونت ماينارد. والطعام الذي أجلبه هو طعام آخذُه سرًا من قصر الكونت.”
عند كلامي، ألقى أليكس نظرة على الصينية التي كانت تحمل الطعام ثم عاد ينظر إليّ.
“فهمت. إذًا، هل العيش هناك مريح؟.”
“بالطبع. الجميع هناك طيبون.”
واصل أليكس طرح بعض الأسئلة البسيطة الأخرى عني.
على عكس ارتباكي وارتعاشي، كانت الأسئلة عادية.
في الواقع كانت تافهة لدرجة أنني تساءلتُ لماذا يسألها.
فمعلوماتي لن تكون ذات فائدة له على أي حال.
في البداية ظننتُ أنه قد يفعل شيئًا بمعلوماتي الشخصية، لكنني تساءلتُ بعدها: ماذا سيفعل بمعلومات خادمة بسيطة؟.
“إذا كنتَ قد انتهيتَ من الأسئلة فسأغادر الآن.”
نهضتُ ونفضتُ التنورة من أسفل.
تساقط القش العالق بتنورتي أرضًا مع حركة يدي.
بعد أن نفضتُ يدي بخفة، التقطتُ الصينية التي جلبتها البارحة.
“هل ستأتين ثانية؟.”
“…هل يجب ألا آتي؟.”
ماذا لو اقتحم القصر لأنه جائع؟.
بصراحة، سيكون مريحًا لي ألا آتي إلى المخزن. ليس من السهل المجيء هنا وسط المطر.
لكن بدا أنه لا مفر من أن أزور هذا المكان حتى يغادر الرجل.
“لا، أود أن أراكِ ثانيةً.”
عند سماعي جوابه الذي فيه بعض الندم، استدرتُ ببطء.
—
“كلير، إلى أين تذهبين كل ليلة مؤخرًا؟.”
في اللحظة التي كنتُ فيها على وشك التوجّه إلى المطبخ لأعدّ الطعام لأليكس كعادتي، سألتني الآنسة فيرونيكا فجأة.
كاد قلبي أن يقفز من صدري. استدرتُ وأنا أقبض على صدري الخافق.
شعرتُ وكأنني ضبطتُ وأنا أسرق.
حسنًا، ربما هذا فيه شيء من الحقيقة.
حتى وإن كان طعامًا متبقيًا، فقد كنتُ آخذه سرًا لأليكس.
على كل حال، شعرتُ بالذنب قليلاً.
نظرتْ الآنسة فيرونيكا إليّ بوجه مليء بالفضول.
“لماذا أنتِ متفاجئة هكذا؟.”
“متفاجئة؟ أوه، آنسة! متى كنتُ أنا أُفاجَأ؟.”
أجبتُها متظاهرة بالهدوء.
هي لا تعرف كل شيء، أليس كذلك؟.
ما كنتُ أخشاه هو أن تعرف الآنسة فيرونيكا أنني ساعدتُ أليكس.
لا بأس لو عرفت أنني ألتقيه.
على السطح، أنا فقط أساعد أليكس المصاب بلطف.
أنا بريئة.
لكن ما كنتُ أخشاه هو أن تتبعني الآنسة فيرونيكا بدافع الفضول وتلتقي أليكس.
بالطبع، كنتُ أعرف أنني لن أستطيع منع لقاء الآنسة فيرونيكا وأليكس إلى الأبد.
عندما تظهر الآنسة فيرونيكا في المجتمع ستلتقي أليكس طبيعيًا في حفل راقص.
هذا شيء لا أستطيع إيقافه.
ربما عندها سيقع أليكس في حب الآنسة فيرونيكا.
هذا سيكون يائسًا حقًا.
على أي حال، أكثر ما أردتُ منعه هو لقاؤهما الآن، في هذه الوضعية المذكورة في القصة الأصلية.
على الأقل حاليًا، هذا شيء أستطيع منعه.
“هل لديكِ شخص تحبينه خارجًا؟.”
“عذرًا؟ شخص أحبه؟.”
أي هراء هذا؟.
قطبتُ حاجبي من سخافة الأمر.
لو لم أكن أعرف القصة الأصلية، ربما كنتُ سأعجب به.
هو وسيم وذو جسد جميل، فلا سبب لكرهه.
المشكلة أنني أعرف حقيقة أليكس.
“ليس ما تظنينه، يا آنسة.”
“حقًا؟.”
“نعم، حقًا.”
حمل صوتي نبرة مظلومة بشكل طبيعي.
حدقت الآنسة فيرونيكا بي بعينين شاكتين لبرهة ثم أومأت.
“حسنًا، سأصدقكِ. لكن لا تبقي خارجًا حتى وقت متأخر. الجو مظلم وخطير، خاصة في موسم الأمطار.”
قالت الآنسة فيرونيكا وبدأت تمشي نحو غرفتها.
وقفتُ في مكاني حتى دخلتْ غرفتها تمامًا ثم أطلقتُ تنهيدة عميقة.
كنتُ أفهم سبب فضول الآنسة فيرونيكا.
أنا التي نادرًا ما أخرج، كنتُ أخرج كثيرًا في الأيام الماضية حتى وسط المطر المنهمر.
وفوق ذلك، في الليل المظلم حين يكون معظم الناس نائمين.
كنتُ سأظن أن هناك أمرًا يحدث أيضًا.
الشيء الجيد أن الآنسة فيرونيكا لم تُلحّ بالسؤال أكثر. لابد أنها راعتني.
سيدتي الطيبة، سامحيني، فكل هذا من أجلكِ.
هل يجب أن أتخطى هذا اليوم؟.
مرت هذه الفكرة في ذهني.
لكن عدم الذهاب الآن كان يشعرني بالقلق أيضًا.
في النهاية، بعد صراع قصير، ذهبتُ إلى المطبخ وأعددتُ الطعام.
كان المطر ما يزال يهطل بلا توقف.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 6"