3
“مـ… ماذا هناك؟.”
الرجل، وهو يثبتني إلى الحائط، كان يتنفس بصعوبة. صدره يرتفع ويهبط مع كل نفس، مظهره يوحي بالإنهاك.
“هل جئتِ وحدكِ؟.”
سألني الرجل بصوت يملؤه الشك.
تصرفه كان فظًّا تجاه شخص يحاول مساعدته، لكن بالنظر إلى مكانته الأصلية وموقعي أنا، لم أستطع لومه. بالطبع كنت أعرف مكانته لأنني كنت أعرف أحداث الرواية الأصلية.
ومن وجهة نظره، الموقف يستحق الشك حقًا. امرأة غريبة تجلبه إلى مخزن وتعالج جراحه… أنا أيضًا كنت سأشك.
لم أرد أن أثير المشاكل بلا داعٍ. لو ظنني عدوة وقتلني ستكون كارثة.
في النهاية أومأت برأسي ببطء. كان يبدو قلقًا من أن أكون قد جلبت أحدًا معي.
“أ… أنا وحدي.”
حين سمع كلامي، حبس الرجل أنفاسه وهو يصغي لأي صوت بالخارج.
صوت تنفسنا كان يضيع وسط هدير المطر.
“…أنتِ وحدكِ.”
حاولت أن أزيح جسدي لأبتعد عنه، لكنه أسند رأسه على كتفي.
رأسه كان ساخنًا. لا، ليس رأسه فقط، بل جسده كله كان يحترق حرارة.
وفي تلك اللحظة، انهار جسده ببطء إلى الأرض.
“هي!.”
أسرعت أُسنده وجلست بهدوء.
كان ثقيلاً بشكل لا يُصدق.
هذا منطقي، فهو أطول مني وممتلئ بالعضلات.
تأوهت وأنا أُدير جسده ليستلقي بشكل صحيح.
الآن بعدما نظرتُ، جرحه قد ازداد سوءًا.
“آه، لا بد أن هذا يؤلم.”
الدم كان يتدفق باستمرار من الجرح المفتوح.
معجزة أنه لم يمت بعد.
نقرت بلساني والتقطت الجرعة التي سقطت على الأرض.
كوني خادمة، لم أستطع إلا أن أشتري جرعة منخفضة الجودة. الجرعات تأتي من برج السحر، والجرعات عالية الأداء بالطبع باهظة الثمن، لا يقدر عليها إلا النبلاء أو الأغنياء.
حسنًا، حتى وإن كانت منخفضة الجودة، فهي أفضل من لا شيء. ادخرت لأشتريها، وها أنا أستخدمها الآن.
كانت جرعة اشتريتها بشق الأنفس من مالي القليل، لكن إن أنقذت بها حياة من في بيت الكونت ماينارد وحياتي أنا، فهي تستحق.
كنت دائمًا أتساءل إن كانت ستعمل فعلاً، وها أنا أختبرها. فتحت زجاجة الجرعة بلا تردد.
كنت على وشك استخدامها على الرجل لكن بدافع الفضول قربت الزجاجة من أنفي.
وللمفاجأة، الجرعة بلا رائحة.
حسنًا، لا شيء مميز. بعدما تأكدت، حان وقت استخدامها.
سكبتُ السائل الأحمر ببطء على جرح الرجل.
حالما لمس السائل الجرح، بدأ يبعث ضوءًا خافتًا.
كان يضيء كعلامة نيون. الضوء الخارج من الجرح تألق قليلاً ثم بدأ يخبو ببطء.
حيث اختفى الضوء، كان الجرح القبيح قد التأم قليلاً.
يبدو فعلاً أنها جرعة منخفضة الجودة. طبقة رقيقة من الجلد الجديد فقط تشكلت فوق الجرح، ويبدو أنه سيفتح مجددًا إن تحرك. قدرة الجرعة محدودة بوقف النزيف فحسب.
أصابتني خيبة أمل بسيطة، لكن إن اشتريت أخرى لاحقًا ستكون مفيدة.
بعد أن أنهيت أفكاري، أحضرت المنديل الذي أعددته وربطت الجرح بالقماش لأثبته. كانت ربطة غير متقنة، لكنها ستساعده كثيرًا. الجرح أغلق والنزيف توقف، فقلّ خطر الموت من النزيف الشديد.
رفعت بصري إلى وجه الرجل مجددًا، فبدا أكثر ارتياحًا.
‘هل هذا يكفي؟.’
إن نجا حتى ينتهي موسم الأمطار، فلن يضطر للقدوم الى هنا مجددًا. هكذا لن تمتلئ حياة الأنس فيرونيكا بالمآسي، فلن يلتقيا أبدًا!.
جيد.
سأجلب له طعامًا أحيانًا حتى لا تحدث مشاكل وأُبقيه حيًّا حتى يرحل.
شعرت بالفخر، ظننت أنني حميت مستقبل سيدتي العزيزة.
وغيّرت أيضًا مستقبلي أنا من الموت.
“لكنّه وسيم فعلاً.”
تمتمتُ بهدوء وأنا أنظر إلى الرجل الممدد على الأرض.
الآنسةفيرونيكا، بطلة هذه الرواية، جميلة ورقيقة، لكن هذا الرجل الشرير، الشخصية الثانوية، كان أيضًا جمالاً منحوتًا. البطل الحقيقي لابد أنه أوسم من هذا الرجل.
أبعدتُ شعره المبلل جانبًا وفحصت ملامحه ببطء.
عينان زرقاوان حادتان خلف جفون مغلقة، أنف بارز، شفاه مغلقة برفق، وتفاحة آدم بارزة تحت ذقنه.
كيف لبشرته أن تكون بهذه النعومة؟.
وماذا عن هذا الجسد؟.
‘لا، تماسكي.’
هززت رأسي لأصفي أفكاري وأنا أحدق به.
هو شخص لا علاقة لي به. من الأفضل أن يبقى كذلك في المستقبل.
تأكدت أنه نائم ووقفت.
العلاج الطارئ انتهى، وليس لدي ما أفعله أكثر.
—
“آه…”
تأوه أليكساندر عندما اخترق ألم حاد بطنه من الجانب الأيسر، ففتح عينيه ببطء.
الغرفة كانت مظلمة كأنها المساء، بلا أي ضوء.
‘أين أنا؟.’
حاول أليكساندر أن يتذكر.
كان ينتظر امرأة اسمها كلير لتعود.
تذكر أنه دفع كلير إلى الحائط عندما دخلت وتأكد أنها وحدها.
نعم، يتذكر حتى تلك اللحظة.
لكن لا يتذكر ما بعدها.
نظر أليكساندر حوله.
ما زال في المخزن.
تنفس الصعداء لتأكده أنه مازال آمنًا في المخزن.
لحسن الحظ، يبدو أن كلير ليست متعاونة مع الخائن.
بهذا التفكير جلس أليكساندر ببطء.
جرحه مازال يؤلمه من الطعنة.
لامس الجرح بلا وعي فشعر بشيء غريب.
ما لمسه كان قماشًا مربوطًا مثل الضماد.
نظر إلى القماش المعقود بعناية وأطلق ضحكة صغيرة. لم يكن متقنًا، لكنه أظهر جهدًا دقيقًا.
—
“كلير، ما الذي أتى بكِ إلى هنا في هذه الساعة”
بينما كنتُ أجمع الطعام في المطبخ، سألني كبير الطهاة روجر.
ارتبكتُ ولم أكن أتوقع أحدًا، فاعتدلت فجأة.
“آه! حسنًا، كنت أشعر بالجوع هذه الأيام ربما لأني أكبر، فجئت أرى إن كان هناك بقايا آكلها كوجبات خفيفة في منتصف الليل…”
ابتسمتُ ابتسامة متكلفة ورفعتُ الصينية في يدي.
على الصينية كان هناك بضع شرائح من لحم العشاء، حساء بطاطا دافئ، حبتان مسلوقتان من البطاطا، ثلاث بيضات مسلوقة، خبز، وكوب من الحليب.
“إن أكلتِ كل هذا بعد العشاء، ألن تشعري بالمرض صباحًا؟.”
صوت روجر كان مليئًا بالقلق.
هو محق. لو أكلت كل هذا ونمت، سأشعر بالسوء صباحًا. لكن هذا ليس طعامي أصلاً، فلا يهم.
“سأكون بخير. هل يمكنني أخذ هذا؟.”
قطب روجر حاجبيه لكنه أومأ.
انحنيتُ له وغطيت الصينية بغطاء وغادرت المطبخ.
مازال المطر يهطل بالخارج.
نظرتُ إلى المطر للحظة. قبل أن أخرج، غطيت الصينية بعناية بقماش مقاوم للماء. سيكون مزعجًا لو ابتل الطعام.
بعد أن تأكدت من كل شيء، شددتُ قبعتي ونزلت تحت المطر.
حتى مع معطف المطر السميك، المطر كان غزيرًا لدرجة أنه يشبه وخز الجلد. هل سأصبح مغطاة بالكدمات؟.
أسرعتُ إلى مكان أستطيع الاحتماء به من المطر.
كان المخزن ساكنًا كما في اليوم السابق.
رفعتُ الصينية بيد واحدة وفتحتُ باب المخزن.
“مرحبًا؟ سأدخل.”
بلا انتظار إذنه دخلتُ بسرعة. ما إن دخلت وضعتُ الصينية على الأرض ونزعتُ معطف المطر.
معطف المطر جيد في صد المطر لكنه ثقيل جدًا. ارتداؤه متعب.
وضعتُ المعطف جانبًا وبحثتُ عن الرجل.
كان نائمًا على سرير مؤقت من القش.
فكرتُ في المغادرة فورًا لكن قررتُ البقاء، فرؤية المطر الغزير جعلتني أستريح هنا قليلاً.
القش كان مريحًا جدًا. جلستُ أحدق في الرجل.
كم فرصة يمكن أن تتاح لخادمة مثلي لتنظر عن قرب إلى وجه دوق؟.
غالبًا لا شيء.
لكن هذه حالة استثنائية.
في هذا المخزن، هذا الرجل ليس دوقًا.
إنه مجرد رجل مصاب لا يريد كشف هويته.
وأنا من أنقذته.
لذلك لا بأس أن أنظر إليه هكذا.
وجهه وسيم لدرجة أني لا أمل النظر إليه.
أستطيع النظر إليه يومًا كاملاً دون أن أشعر بمرور الوقت.
بشرته الناعمة الخالية من العيوب، ملامحه الحادة، وصدره المتين الذي يرتفع ويهبط مع كل نفس.
وأكثر من ذلك، عيناه الزرقاوان اللامعتان كالجواهر، كانتا حقًا ساحرتين. كانتا تنظران إليّ…
هاه؟ إنهما تنظران إليّ؟.
ارتبكتُ وأخذت نفسًا عميقًا ونظرت إلى الرجل.
“وجهكِ أحمر.”
قال الرجل بنبرة منخفضة مازحة.
حاولتُ أن أتصرف بشكل طبيعي وسعلتُ بخفة.
“الجو حار.”
أجبتُ بلا مبالاة، فضحك الرجل ضحكة خفيفة مازحة.
“في هذا الطقس؟.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 3"