بالطّبع أعلم أكثر من أيّ أحدٍ أنّه لا وجود لهذه الخرافة في هذا العالم، لكن لسببٍ ما أشعر وكأنّ الدّموع تتدفّق. همم؟
“أبقى على قيد الحياة؟ و بأيّ وسيلة؟”
خرجت منّي ضحكة فارغة لا إراديًّا.
و ما هو أكثر فظاعةً من أن أُلقى فجأةً داخل بوّابة قتاليّة، هو هذه الحقيقة المرعبة.
‘تبقّت لي فرصةٌ واحدةٌ فقط لاستخدام السّحر؟’
من بين الفرصتين اللتين احتفظتُ بهما من التّمرين، استهلكتُ واحدةً للتوّ أمام البوّابة مباشرة.
‘مجرد قشرة ساحر عظيمة…’
هذه أنا الآن!
آه، أنقذوني!
أي أحد!
أيها نظام!
كيف لمرشدةٍ طيّبةٍ محرومة حتّى من السّحر أن تبقى على قيد الحياة هنا….
“هااه.”
لكنّني كنتُ أعلم.
التّذمّر و التّأفّف لن يجعل الوحوش تأخذ السمّ جماعيًّا و تموت من تلقاء نفسها.
و من الأساس، منذُ أن فتحتُ عينيّ في هذا العالم، هل مـرّ علي يوم مريح واحد حقًّا؟
“على الأقلّ.”
قرّرتُ أن أتنفّس بعمقٍ و أتفحّص المناطق المحيطة.
كان من الأولويّة أن أفهم تضاريس هذه البوّابة وأيّ نوعٍ من الوحوش يظهر فيها غالبًا.
‘زنزانةُ المستنقعات.’
مع أنني نسيت اسمي في حياتي السّابقة، إلا أنّني لا زلت أتذكّر جيّدًا ما تعلّمته كموظّفةٍ عموميّة عن بوّابات المستنقعات.
‘المستوى على الأرجح B، أو في أحسن الأحوال A.’
لو كانت S أو أعلى، لما بقيتُ واقفةً بهذا الشّكل السليم أصلًا.
حدّقتُ في الضباب الشّفّاف الذي يملأ المكان من حولي.
‘الشّكل الضّبابيّ نفسه. أحيانًا يكون الضّباب نفسه غازًا سامًّا، و أحيانًا تظهر داخله وحوش طائرة على شكل حشرات، أو وحوش زاحفة عملاقة تشبه التّماسيح.’
السّماء لم تكن مرئيّة تمامًا.
إذا كان المستنقع يمتـدّ بلا نهاية، فبالتّأكيد توجد وحوش عملاقة.
‘على الأرجح سيتعيّن تفجير قلب ذلك الوحش كي يظهر المخرج.’
بالطّبع هناك احتمال كبير ألّا تتطابق بوّابات هذا العالم مع سجلّات كوريا.
كلّ شيءٍ في أسوأ حال.
‘تبقّى لي هجوم واحد فقط. إذًا الأفضل الآن تجنّب المواجهة مع الوحوش.’
ضيّقتُ عينيّ و انحنيتُ.
كنت ابحثُ عن أرض جافّة بالكاد، بينما أخفي أثري و أتنفّس بهدوء.
رفعتُ أذنيّ، فكان الصّمتُ المحيط مزعجًا إلى درجةٍ غريبة.
“……”
لو لم يكن هذا المكان داخل البوّابة، لكان يجب أن نسمع صوت حشراتٍ أو طيورٍ من مكانٍ ما.
صمت تامّ.
‘الذين كانوا حولي سُحبوا جميعًا أيضًا. و مع ذلك ، فإن هذا الصّمت يعني…’
أنّه لا يوجد بشر في الجوار.
‘الكرادلة.’
كلا الاثنين كانا بعيدين عنّي لحظة وقوع الحادث.
‘سَحرتي.’
تذكرت وجوه السّحرة الذين كانوا يتجمعون حولي كفراخٍ صغارٍ و هم يتحدّثون بنشاط .
أمرتهم أن يحملوا جهاز مساعدة التّنفّس الذي طوّره أردييل تحسبًا لأيّ طارئ، لكن…
‘هل هم بخير حقًّا؟’
تسلّل غضب هادئ في داخلي مع السّكون، كرذاذ المطر.
أولئك الاشرار الأوغاد ، لقد تجرّأوا على لمس سحرتي!
في تلكَ اللّحظة التي صرفتُ فيها أسناني بغيظ…
─دينغ.
[قطعة ???? تتفاعل.]
مهما كان ذلك، ففي خضمّ هذا التّعب الذي يقتلني، شعرتُ بشيءٍ واحدٍ على الأقلّ.
النّظام يبذل قصارى جهده حقًّا.
‘شعرتُ بذلك في البوّابة السّابقة أيضًا، لكنّ الكائن الذي يدير هذا النّظام لا يستطيع استخدام قوّته الكاملة داخل البوّابة.’
بينما كنتُ أعبس، أصدر النّظام صوت تشويش كآلةٍ معطّلة و أخذ يومض.
كأنّه سينطفئ في أيّ لحظة.
[مهمّة متسلسلة، تـمّ إصدارها!]
في هذا التّوقيت؟
بينما أنا مذهولة، تغيّرت نافذة النّظام ببطءٍ شديد أكثر من المعتاد.
[تـمّ حدوث اختيار حاسم في نقطة تحوّل مهمّة.]
هذا نفس النّص الذي ظهر عندما غيّرتُ مستقبل لوياس.
لا يعقل…
[بسبب حادث البوّابة، يمكن تغيير حياة… شخصٍ ما.
يوجد هنا أشخاصٌ معزولون.
هل ستُنقذينهم؟]
في الحقيقة، هذا النّظام المحبوب المكروه دائمًا يتظاهر بإعطائي خيارًا، لكنّه يجبرني بوضوح على إجابةٍ واحدة.
“…..”
من تدفّق الزّمن، يبدو أنّ مدخل البوّابة قد أُغلق.
لو كان كايسيس قد دخلَ فورًا بعد أن جرفنا انفجار البوّابة، لما كان المكان هادئًا إلى هذا الحدّ.
‘حدث شيءٌ آخر.’
باختصار، كما يقول النّظام تمامًا، إذا لم أتحرّك، سيموت أحدهم.
عضضتُ على أسناني بهدوء.
في الحقيقة، أنا الآن خائفةٌ إلى درجة الجنون.
البوّابة التي قتلتني في الماضي ابتلعتني مجدّدًا.
في المرّة السّابقة تحرّكتُ بجنون لأجل إنقاذ كايسيس فقط، لكن…
‘أنا أشعر بالخوف حتّى الموت. لكن.’
المضحك أنّ تردّدي لم يدم طويلًا.
الاستسلام المألوف، التنهد، ثمّ الضّحكة الفارغة.
‘هذه المرّة أيضًا سأفعلها. ماذا أستطيع أن أفعل غير ذلك.’
سأنقذهم هذه المرّة أيضًا.
لأنّ هذه أصبحت حياتي الآن.
في اللّحظة نفسها تغيّرت نافذة الحالة.
[لقد قبلتِ المهمّة.
أنقذي المعزولين.
<القائمة>
ديكاردو.أردييل.
ثلاثة سحرة من برج السّحر.
أناييل، ليان، إيزوليت.
تقدّم الإنقاذ 0/8]
‘همم، إذًا ظهرت قائمة المعزولين فعلًا.’
بينما كنتُ أنزل بعينيّ، فغرتُهما بدهشة.
“لماذا هؤلاء داخل البوّابة؟!”
كانت تلك أسماء مرشدات كايسيس الثّلاثة.
“هاه.”
الوضع أكثر قتامةً ممّا توقّعتُ.
ساحرةٌ عظيمةٌ بالاسم فقط و لها فرصة سحريّة واحدة، ساحر متخصص في البحث و التّطوير يخفي أنّه مستيقظ شفاء، سحرة قد لا يستطيعون التّنفّس حتّى، و ثلاثة مرشدات لا يختلفن عن العامّة!
“القوّة القتاليّة الوحيدة هنا هو ديكاردو.”
الصّعوبة ارتفعت بشكلٍ مخيف، يا سيد النّظام. هل أستطيع فعلًا إكمال هذا؟
نقرتُ بلساني، أطلقت نفسًا عميقًا، ثمّ نهضتُ فجأة.
“أولًا، لنبحث عن الأعشاب السّامة. دائمًا ما كانت توجد نباتات مفيدة في مستنقعات البوّابات. حتّى بدون سحر، أستطيع أن أربح بعض الوقت . نعم، لنبدأ بذلك.”
المضحك أنّ أطراف أصابعي التي كانت ترتجف بدأت تستقرّ تدريجيًّا.
لأنّ لديّ شيئًا أفعله.
لأنّ هدفًا ظهر أمامي.
‘يا لي من إنسانةٍ بسيطة.’
فحصتُ المكان بعيونٍ صقرية.
في بوّابات أخرى لا أدري، لكن إذا ظهرت الوحوش التي أفكّر فيها في مستنقعٍ كهذا…
“[مسحوق التّشويش]. و أيضًا… [فطر الغضب]، [شرارة الجحيم]. نعم، بهذا يكفي.”
بدأتُ أقتلع الأعشاب و الفطر من حولي كالمجنونة.
* * *
كاد رأسه تنفجر.
استعاد أردييل، الذي كان ملقىً بجانب صخرةٍ عملاقة، وعيه و هو يمسك رأسه بيـد واحدة.
‘أين أنا…؟ هل هذه بوّابة؟’
بينما يتفحّص المناطق المحيطة و هو يدرك الوضع، غرق المستيقظ و السّاحر في اليأس.
‘لم أدخل بوّابة من قبل قطّ!’
حاول أردييل بسرعة إخراج جهاز مساعدة التّنفّس من جيبه، ثمّ توقّف.
“يبدو أنّني أستطيع التّنفّس فعلًا.”
ضحك ضحكةً فارغة و هو يتساءل إن كان مستيقظًا حقًّا.
ثمّ أدرك أنّ هذا ليس وقت ذلك فشدّد ملامحه.
سيّدتي؟ زملائي؟
‘هل تفرّقنا جميعًا؟’
خفق قلبه بقلق.
هو بخير، لكن زملاءه السّحرة النّقيّين، و سيّدته بالتّأكيد في خطرٍ كبير.
“إذا وجدتُ طاقتهم……”
بينما يرتجف، تذكّر السّاحر العبقري من برج السّحر فورًا ما يستطيع فعله الآن، فأشرقت عيناه اللّيمونيّتان و أطلق طاقته كشبكة.
و اكتشف فورًا أولئك الذين يحملون طاقة مانا مختلفة لا تختلط بالبيئة، فانطلق يركض نحوهم.
ثلاثة زملاء شاحبون مُلقون على الأرض دون إصاباتٍ كبيرة.
‘آه يا إلهي.’
وضع أردييل اختراعه على رأسه، أيقظ زملاءه و صرخ بهدوء:
“بسرعة، ارتدوا الجهاز!”
بينما يتفقّد حالة زملائه الفاقدين للوعي، كاد قلبه ينفجر.
لم يكن هناك أثرٌ لسيّدته في أيّ مكانٍ قريب.
‘أين سقطت بالضّبط.’
رأى أنّ حالة السّحرة تتحسّن تدريجيًّا، فبدأ جهازه يعمل بشكلٍ صحيح، لكن…
‘لم أجرّبْه عمليًّا قطّ، لذا لا أضمن مدّة التّشغيل.’
عبس أردييل و هو ينظر إلى السّحب السّوداء التي تملأ السّماء بلا نهاية.
كيف سنخرج من هذه البوّابة أصلًا؟
‘كم من الوقت نستطيع الصّمود.’
في تلك اللّحظة بالذّات.
شعرَ بشعور مخدّر من رأسه حتّى أخمص قدميه.
آه. بما أنّه مستيقظ، استطاع أن يشعر دون أن يلتفت.
“……!”
أمسك بمؤخرات رقاب السّحرة الذين يلهثون و هم شاحبون كالموتى، و انطلق يركض كالمجنون.
لم ينتبه حتّى أنّه يُظهر قوّةً لا يستطيع ساحر نحيف إخراجها أبدًا.
التعليقات لهذا الفصل " 99"