8
آه، يؤلم. هذا يؤلم للغاية.
منذُ صغره، و كايسيس يتحرّك للتعامل مع البوّابات و أداء واجبات العائلة الإمبراطوريّة، كان الألم رفيقًا مألوفًا كروحه.
لم يعرف أبدًا شعور التحرّر.
كانت القوّة التي لا يمكن السّيطرة عليها تهزّ أحشاءه دائمًا و تُربك عقله.
عاشَ و هو يتحمّل الألم الشديد والمعاناة المزعجة، غير قادرٍ على تجاهل أولئك الذين يعتمدون عليه ويتبعونه.
كان الشّيء الوحيد الذي يدعمه هو كبرياؤه العنيد و واجبه المتغطرس.
لكن…
“ما هذا؟”
كان دافئًا و ناعمًا.
كأنَّّ شيئًا عطريًا يداعبه.
كأنّه لم يعد عليه أن يتألّمَ وحيدًا، كأنّ يدًا امتدّت لتمسكَ بيده الممدودة.
أمسكَ بها بقوّة و توسّل، كأنّه يريد ربطها إلى جانبه إلى الأبد.
إذا كان هذا موجودًا، فلن يتألّم. كانَ يعرف ذلك غريزيًا.
ارتفعت بداخله رغبةٌ شديدةٌ و تملّكيّة.
لأوّل مرّة، خضعت القوى التي كانت تنبثق كالرماح الجليديّة، و أطاعته بطاعةٍ.
كان شعورًا رائعًا بشكلٍ مروّع.
في خضمّ السّعادة المبهجة، أدركَ أنّ هذا هو الشّعور التي يشعر بها المستيقظون عندما يلتقون بمرشدهم الحقيقيّ.
هذا يعني…
هل وجدتُ مرشدتي؟
القدر الذي طالما رغبتُ به؟ شريكتي؟
“..…!”
فتحَ عينيه فجأةً.
لأوّلِ مرّة، شعرَ كايسيس أنّ الصّباح يمكن أن يكون نقيًا و منعشًا إلى هذا الحدّ.
كلّ شيءٍ كانَ واضحًا.
وكانَ بإمكانه مًدّ قوّته بحرّيّة دونَ ألم.
شعرَ أنّه يستطيع فعل أيّ شيءٍ الآن.
لكن…
“لماذا لا يوجد أحد؟”
تحوّلت السعادة إلى انزعاجٍ في لحظة.
لم يكن هناك أحدٌ بجانبه.
تشقّق وجهه المنحوت.
مـدَّ يده و أمسكَ بملاءة السرير التي لا تزال تحتفظ بدفءٍ خفيف.
كانت الذكرى الوحيدة هي لمحةٌ مجزّأة.
شعرٌ غزيرٌ و ناعمٌ ملأ يديه، لكنّه لا يتذكّر لونه.
عيونٌ ذهبيّةٌ تلمع بوضوح.
امرأةٌ غريبة.
في تلكَ اللّحظة، رنّ طرقٌ على الباب.
أمرَ بالدخول، ففتحَ قائد الفرسان الباب بوجهٍ شاحب و ركع.
“ما الذي حدث؟”
“لقد ألقينا القبض على جميع مَنٔ استخدموا العقار و حبسناهم، جلالتك. كنّا في حالة طوارئ تحسّبًا لفقدان السيطرة، لكن…”
“هل استقرّت هالتي؟”
“…نعم.”
لو فقدَ المستيقظ الوحيد من رتبة SSS في الإمبراطوريّة السيطرة، لكانت كارثة. لذا، لو حدثَ الحادث المتوقّع، لتحرّك الفرسان وفقَ الخطّة.
بمعنى آخر، لم يـرَ أحدٌ مَنٔ كان بجانبه.
“كان هناك شخصٌ ما.”
كان يعلم. أدركَ أنّه يبتسم ببطء.
شعرَ أنّ تمرير يده بشعره كان منعشًا.
مرشدةٌ قويّة لم يرها من قبل، قادرةٌ على إخفاء هالتها تمامًا. هذه هي شريكه.
ارتفعَ بداخله شعور القلق.
“ابحثوا عنها.”
إذا اختفت، فسأطاردها.
“لا، سأجدها بنفسي.”
سأجدها و أبقيها بجانبي.
امتلأت عيون الفارس الذي تقابلت عيناه معه بالبهجة.
كم طالَ انتظاره لهذه اللّحظة، كم انتظر الشخص الذي يتحكّم باللجام الذي يمكنه تهدئة تلك القوّة الهائلة!
“هل يعقل، جلالتك؟”
“لقد وجدتُ مرشدتي.”
لم يعرف لمَ هدّأته بلطفٍ ثمّ اختفت.
هل كرهته؟ هل سمعت أنّ الإمبراطور مجنون؟
أم أنّها مضطرّةٌ لإخفاءِ هويّتها؟
لو أصبحت مرشدة الإمبراطور، ستُضمن الثروة و الشهرة مدى الحياة، لكنّ اختفاءها دونَ أثرٍ كان قاسيًا.
لكن لا بأس. الإقناع يأتي بعد العثور عليها.
صحيح أنّه الإمبراطور، لكنّه كان أيضًا صيّادًا ماهرًا.
تألّقت عيناه الزرقاوان كوحشٍ يبحث عن فريسته.
“سأجدها، مهما كلّف الأمر.”
بعد وقتٍ طويل، شعرَ أنّ شيئًا مثيرًا للاهتمام سيحدث.
* * *
وفقًا لتقرير الخادمة، كان لوياس، لحسنِ الحظّ، سالمًا دونَ أن يُصاب بأذى.
أمّا عقلي…
لم يكن سالمًا على الإطلاق.
“آآآه!”
في اللّحظة التي رأيتُ فيها صدر الإمبراطور العاري المنحوت تحتَ ضوء الصباح، كدتُ أصرخ، لكنّني كبحتُ نفسي بقرص نفسي.
الرّجل الذي أمامي كانَ كايسيس.
اللّيلة الماضية، أنا و كايسيس…
آه!
“ما الذي فعلته؟”
يا إلهي.
مَنٔ كان يتوقّع أنّ الإرشاد الذي بدأ بقبلةٍ سيؤول إلى هذا؟
شعرتُ بالإحباط الشديد.
“لم أكن أعلم أنّ ذلك سيكون بهذه الفعاليّة.”
عادةً، ينقل المرشد الطاقة إلى المستيقظ عبر التّلامس.
قد يكون ذلكَ بمجرّد لمسةٍ بسيطة، كإمساك اليد أو العناق.
لكن في بعض الحالات، لا يكفي ذلك.
في مثل هذه الحالات، يتطلّب الأمر شيئًا أكثر فعالية.
أي القبلة، أو حتّى النوم معًا لتزويد طاقة الإرشاد.
مثل اللّيلة الماضية.
أنا و كايسيس!
“آه.”
غطّيتُ وجهي.
حتّى دونَ رؤيته، كنتُ أعلم أنّ وجه هيلاريا، رغمَ مظهرها البارد، مشتعلٌ بالحمرة.
لأدافعَ عن نفسي، لم يكن خطأي أبدًا أنّني، رغمَ خبرتي خلال العشر سنوات كمرشدة، لم أجرب الإرشاد عبرَ القبلة من قبل.
كيفَ كان بإمكاني التّواصل مع أشخاصٍ يتقيّأون بمجرّد ملامسة طاقتي؟
“لذلك لم أكن واعيةً تمامًا.”
كانت المرّة الأولى بالنّسبةِ لي.
كان الإرشاد الذي يمتزج بشكلٍ طبيعيّ شعورًا غريبًا حقًا.
من سوءِ الحظّ أنّ توافقي مع ذلكَ الرجل لم يكن سيّئًا.
فوقَ ذلك، كان أوّل مستيقظ لم يرفضني. لم أتخيّل أبدًا أنّ الأمور ستصلُ إلى هذا الحدّ.
التفكير في تلكَ اللّحظات جعلَ وجهي يحترق، لكنّني أدركتُ لأوّل مرّة أنّ هذا هو الرّابط الذي يشعر به المرشدون و المستيقظون عادةً.
مستيقظ يقبل طاقتي و يتنفّس بها، بينما يبتسم بلطف.
الإمساك باليد بينما يتلاشى ألم الطّاقة، و المعاملة اللّطيفة.
بصراحة، كان شعورًا رائعًا.
و كان محبطًا بشكلٍ يُدمي العينين.
أنا الوحيدة التي لم تعرف هذا الشعور، اللعنة.
لا يزال الشّعور واضحًا.
المعاملة التي تلقّيتها من قبل:
“هاي، افعليها أيتها المرشدة من الرّتبة A! لا تلمسيني، فقط أرشدي. فهمتِ؟”
“لمسكِ يشبه إجباري على ابتلاع طعامٍ فاسد.”
“أنتِ مزعجة، ابتعدي. لماذا لا تستطيعين الإرشاد دونَ لمس؟”
كلماتٌ سمعتُها مرارًا.
لذلك، ما حدثَ اللّيلة الماضية كان الأوّل بالنّسبة لي.
أن يتمّ تقديري دونَ رفض، ذلكَ الشّعور…
تذكّرتُ صوت ذلك الرجل ، فاحترقت أذنيّ.
كيف سحرني ذلكَ الإمبراطور المزعج بابتسامته الرّائعة، و كيف بذلتُ جهدي لأستخدم طاقة الإرشاد كلها!
“آآآه!”
فتحتُ عينيّ بدهشة.
هل جننتِ؟ هل فقدتِ عقلكِ؟
“لماذا تتذكّرين هذا؟ استيقظي!”
هذا الصّباح، و بفضلِ الأشخاص الذين ابتعدوا لعدم إزعاج حالة الإمبراطور المتوتّرة، كان القصر هادئًا.
كان بإمكاني التسلّل كاللصّ و الاختفاء.
لكنّني بقيتُ عالقةً في مكتبي بالقصر الإمبراطوريّ، في السّرير المُعدّ داخله، حتّى طلوع الشمس.
لقد فعلتُها، لكنّني كنتُ خائفةً من تداعيات ذلك.
هل يعقل أنّ ذلكَ البطل سيتذكّر لحظة الإرشاد، على عكس الرواية؟
لماذا اختفت البطلة؟ وماذا سيحدث الآن؟
“آه، لا أستطيع فتح شاشة الحالة.”
بالتّأكيد، الليلة الماضية، كان هناك شيءٌ بيني و بين ذلكَ الرجل.
ليس فقط تهدئة قوّته، بل شعورٌ بأنّ شيئًا غير مرئيّ ارتبط بنا.
في تلكَ اللحظة، استعدتُ وعيي و انفصلتُ عنه كأنّني أطرده، لكن شيئًا ما تغيّـرَ بالتأكيد.
كان ذلك مخيفًا.
خوفًا من التفكير فيه.
الرّابط العميق بين مرشدٍ و مستيقظ…
الذي كان من المفترض أن يشعر به البطل مع البطلة.
النّقش.
ظاهرة تربط بين مستيقظ قوي و مرشدٍ واحدٍ فقط.
اتّصالٌ يجعل روحيهما المتّحدتين و الفريدتين.
يمكن للمرشد الإرشاد فقط لمتيقّظه المنقوش، و العكس صحيح.
إنّهما يمسكان بحبل حياة بعضهما.
“لا، هذا مبالغٌ فيه. لا يمكن أن يكون قد نقش معي.”
دعني أرتب أفكاري أوّلًا.
كنتُ أنوي أمر مساعدي، بمجرّدِ عودته من الإجازة، بالتحقيق في عائلة البطلة فورًا.
إذا كانت هناك مشكلةٌ مع البطلة المشرقة، يجب حلّها أوّلًا.
وإذا تمكّنتُ من التّعامل مع الإمبراطور الذي سيبحث عني، سيكون ذلكَ مثاليًا.
“قبل أن يجدني، سأجد البطلة بنفسي و أضعها أمامه. هذا واضح.”
في الرّواية، إذا كان ينجذب إلى مرشدةٍ من رتبة B بطاقةٍ غير كافية، فلا شكّ أنّ توافقها معه مذهل.
سيكونُ ذلكَ كافيًا لينساني تمامًا!
“ومع ذلك، يجب أن أتأكّد…”
تنهّدتُ بعمق و نظرتُ إلى شاشة الحالة.
كنتُ أشعر أنّها ستكون صندوق باندورا، لكنّها كانت تومض أمامي كأنّها تحثّني على التحقّق بسرعة.
حسنًا، لنفعلها. أستطيع ذلك.
ضغطتُ بقوّة.
[تهانينا!]
كما توقّعتُ، انفجرت الألعاب الناريّة.
أشعر أنّني سأصاب بالذعر كلّما رأيتُ كلمة “تهانينا”.
يا إلهي، الأمور التي تكون جيّدةً بالنّسبة لكِ ليست دائمًا تستحقّ الاحتفال، أتفهمين؟
الهدايا يجبُ أن تكون كما يريده المتلقّي!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 8"