كانت علاقة الإمبراطور بالدّوقة غريبة.
بدءًا من الفرسان الّذين يقفون حراسة في القصر، وصولًا إلى الخدم، لم يكن الّذين شاهدوا ذلك المشهد شخصًا أو اثنين.
‘ما هـذا؟’
‘ماذا يمكن أن يكون. إنّـه دواء.’
‘و لماذا عليّ أن أشرب هذا.’
‘ألا تعرفين السّبب؟ قبل وصول الوفـد، يجب محو الشّائعات غير الضروريّة. عليكِ أن تكوني بصحّة جيّدة، أيتها الدّوقة.’
كأنّه قلـق على صحّـة الدّوقة، أجبرها على شرب دواء خاصّ أمـر كايسيس بصنعـه بنفسه.
‘توقّف عن هـذا!’
‘شعرتُ أنّني كنتُ قاسيًا جدا على رئيسة برج السّحر الّتي تعاني طوال الوقت.’
‘و ما علاقة ذلكَ بالزّهور!’
حتى أنّـه قـدّم لها زهورًا.
في الواقع، منذُ انتشار خبر زيارة الإمبراطور المفاجئة لأراضي الدّوقية، أصبحت الأجواء غامضة.
رفيقة الإمبراطور. تلكَ المرشدة.
“ألا تعرف الدّوقة شيئًا ما؟”
“أو ربّما وجدت الدّوقة آرييل مرشدة جلالة الإمبراطور بنفسها.”
“من الممكن أنٌها وجدت دليلاً حاسمًا.”
لم يكن يهمّ إن كان ما لدى الدّوقة نقطة ضعف أم لا.
نشأ يقين بين النبلاء بأنّ الدّوقة تمسك بشيءٍ ما، و أنّ ذلكَ هو السّبب في تواضع الإمبراطور معها.
وصلت تلكَ الأخبار إلى آذان مرشدات الإمبراطور أيضًا.
“أختي، ما الذي علينا أن نفعله الآن؟”
عندما همست أناييل بصوتٍ خائف، انحرف نظر إيزوليت ببرود.
‘مَـنْ هي بالضّبط!’
فتّشت محيط الإمبراطور كالمجنونة.
المرشد يعرف المرشد.
شـدّت إيزوليت قبضتها.
لم تتمكّن من قبول وجود شخص يمكنه تفادي عينيها، هي أقوى مرشدة من الدّرجة A حاليًّا في القصر.
‘إذن ذلك يعني أنّها مرشدة من درجة أعلى مني.’
بالإضافة إلى ذلك، استقرّت قوّة الإمبراطور بشكلٍ طبيعيّ مرّةً أخرى.
تلكَ القوّة الوحشيّة للإمبراطور الّتي لم تتمكّن ثلاثتهن من تهدئتها بسهولة حتّى لو عملن معًا.
‘جلالة الإمبراطور.’
ما الّذي تخفيه بالضّبط!
لم يكـن في هذا أي احترام لهن ، أنّ اللواتي كرّسن سنوات عديدة في عملهن.
مهما تداخلت مصالح العائلة، و مهما لم فشلن في تهدئة الإمبراطور بشكلٍ صحيح بقوّتهم إلا أن هذا الوضع غير مقبول.
و حتّى لو كان الأمر كذلك!
‘يجب أن ألتقي بالدّوقة آرييل.’
الإمبراطور لن يفتح فمـه أبدًا أمام أي أحد.
إذن، الدّليل الوحيد المكشوف حاليًّا هو تلكَ المرأة. الدّوقة آرييل.
يجب الضّغط على تلكَ المرأة الجليديّة لتخرج ما تعرفه.
“انتبها جيدا! لا تنسيا أنّ هناك شيئًا لم يُكشف بعد.”
نهضت إيزوليت بحسم.
“أ، أختي.”
“إيزوليت، هل لديكِ فكرة؟”
“حفل استقبال للوفـد القادم قريب. هناك يجب أن نرسّخ موقعنا مرّةً أخرى. هذا ما تريده العائلة أيضًا.”
شدّت إيزوليت عينيها.
“لا نزال مرشدات جلالة الإمبراطور. لا أحد يمكنه إنكار ذلك. إلّا إذا أحضروا المرشدة الحقيقيّة!”
نعم، لا يزال الأمر كذلك.
“لا تنسيا ذلك.”
لا يزال كذلك.
* * *
قبل أسبوع من عرض السّحر.
وصلَ أخيرًا وفـد مملكة لوسيد المقدّسة.
كان كايسيس يستقبل شخصين بارزين بشكلٍ خاصّ.
كانا اثنين من الكاردلة القادمين من لوسيد.
‘ليسا شخصين عاديّين.’
ضيّـق كايسيس عينيه.
قد يكون مَـنْ استخدم البوّابة مختبئًا بينهم.
بالتأكيد ، لن يكون غير مرتبط.
كان حدسه يحذّره.
اقترب ممثّلا الوفد و قدّما تحيّتهما بطريقتهما ، متقاطعي اليدين أمام الصّدر.
‘نلتقي بشمس الإمبراطوريّة. أنا الكاردينال هانويل، المكلّف بمهمّة تمثيل مملكة لوسيد المقدّسة.”
كان قد تلقّى تقارير عنهما بالفعل.
شعر أزرق فاتح، عيون فضّيّة. الّذي قدّم التّحيّة الآن هو هانويل، الكاردينال غير الحامل للقوّة المقدّسة.
“نلتقي بشمس الإمبراطوريّة. أنا الكاردينال سيروين.”
شعر أسود، عيون خضراء، شامة عند العين.
شخص لا يمكن معرفة نواياه. الشخص الغريب الأقوى الّذي يحمل أقوى قوّة مقدّسة و يُلقّب بالحامل قوة الحاكم الأخيرة.
“مرحى بكما. سيكون من الجيد لو راقبتما تناغم قوّة السّحر و المستيقظين في هذه الفرصة.”
“إنّـه شرف لنا، جلالة الإمبراطور.”
ضيّـق عينيه مبتسمًا.
لكنّه في داخله ، كان مزعجًا جدًّا.
‘سيروين، أليس كذلك.’
لسببٍ ما.
‘قوّة ذلكَ الرّجل.’
كانت تشبه إلى حدّ مزعج أثـر رفيقتـه.
بالضّبط، القوّة الّتي مكّنت مرشدته من الاقتراب ليلًا بشكلٍ مخفيّ عن أعين الجميع.
“سيوفّر القصر كلّ الدّعم لوفـد المملكة.”
كانت تشبه أثـر تلكَ القوّة.
إلى حدّ مقيت.
اصبحت العيون الزّرقاء الّتي كانت تنظر إلى أولئك الشخصين باردة فجأة.
“إن احتجتم شيئًا، فأخبروني في أيّ وقت.”
إن كانوا أعداء، فلن يفكّر في تركهم أحياء.
* * *
قام الشخص الذي دخل إلى الغرفة المخصّصة بإطلاق نفس بطيئ.
كان الهواء في لوسيد المباركة ملعونًا و مختلفًا تمامًا عن هذا المكان.
نظرَ الشخص الّذي بقي لوحده إلى وجهه في المرآة و قال بسخرية.
“رفيقة لإمبراطور.”
أكّـد ذلك عن قرب.
مرشدات الإمبراطوريّة الغبيات لا يمكنهن أبدًا تهدئة الإمبراطور.
“و الحقيقيّة قريبة.”
ذلك كان أحد الأسباب المطلقة الّتي جعلته يأتي بنفسه.
ابتسم ببرود.
“بما أنّ سيّـده يريدها.”
خلال وجوده في الإمبراطوريّة، يجب أن يجـد بالتّأكيد المرأة التي قد يخفيها ذلكَ الوحش الماكر.
من أجل المجـد الخالص.
من أجل الدّمار الأبديّ.
* * *
─رنّ.
فجأة، ظهرت نافذة النظام أمامي و أنا منشغلة بالعمل.
[دخول القصّة الرّئيسيّة!
وصل وفـد مملكة لوسيد المقدّسة إلى الإمبراطوريّة.
ميّزي بين المزيّف و الحقيقيّ، ثمّ امسكي يـده.]
رأيتُ تلك النّافذة قبل أن ينقل النّاس الخبر، فعرفتُ بأمر وصول وفـد المملكة.
ارتفع شعوري بالتوتر فجأة.
إذن الآن.
‘زعيم الاشرار أو الشّخصيات الشريرة داخل القصر الإمبراطوريّ.’
اثنان من الكرادلة.
تذكّرتُ التّقرير الّذي تلقّيته و نقرتُ الطّاولة بأطراف أصابعي.
في تلكَ اللّحظة بالضّبط.
‘هممم؟’
سمعتُ ضجيجًا ما.
حركة النّاس أيضًا.
فتحتُ النّافذة و نظرتُ خارج حديقة القصر، فرأيتُ أشخاصًا يمشون بسرعة.
‘هذه الملابس جديدة.’
آه، يبدو أنّهم من مملكة لوسيد.
قيل إنّهم جميعًا كهنة، لذا ربّما يرتدون ملابس بيضاء و ذهبيّة فخمة.
‘لكن لماذا يتحرّكون هكذا؟’
يبدو أنّهم لم يلاحظوني.
همسَ شخص ما بوجهٍ حزين كأنّه مظلوم.
“اختفى الكاردينال سيروين مرّةً أخرى!”
همم، تذكّرتُ محتوى التّقرير.
رجل مليء بالقوّة المقدّسة. الّذي يُلقّب بالغريب لأنّ شخصيّته غير متوقّعة.
“لا تقلق، الكاهن هيرفيل. الكاردينال سيروين لن يسبّب حادثًا كبيرًا في الإمبراطوريّة.’
“لـ، لكن سيّدي هانويل.”
آه، ذلك هو هانويل.
‘الّذي لا يملك قوّة مقدّسة لكنّه يحظى باحترام الجميع.’
أيّ أنٌـه أحد الاثنين مشبوهين.
‘آه.’
كادت نظراتي أن تلتقي بنظرات الرجل الذي كان يدير رأسه، لكنّني أغلقتُ الباب بسرعة و عُدتُ إلى مكاني.
شعرتُ بقوّتي و هي تنفذ من جسدي بالفعل.
‘لم أستعدّ نفسيًّا بعد.’
بالتّأكيد كلام النّظام صحيح.
الآن ، دخلنا القصّة الرّئيسيّة بالمعنى الحقيقيّ.
رغمَ أنّه تقدّم كثيرًا عمّا كنتُ أعرفه، إلّا أنّني شعرتُ بذلك.
إن كان هناك ساعة للقدر، فهي تُلفّ الآن بجنون.
و أنا التي رُبطت رقبتي بالقيود، إن أخطأتُ خطوة واحدة، سأموت فورًا!
* * *
في الوقت نفسه.
تجاهل رجل كان يغلق عينيه فوق الشّجرة نداء الكاهن الشّاب الّذي يبحث عنه بقلق، ثمّ فتح عينيه ببطء و أدار رأسه.
من النّافذة المفتوحة، رأى ظهر شعرًا أحمرًا يختفي.
امرأة، شعر أحمر، و من الموقع……
‘ساحرة.’
لا توجد سوى ساحرة واحدة ذات شعر أحمر .
“الدّوقة آرييل.”
انحنى حاجبا الرّجل الّذي يحمل شامة عند عينه بغرابة، و قد انبعثت منه هالة خطر شديد.
“رائحة لذيذة غريبة.”
كرائحة مرشدة من الدّرجة العليا.
“سيكون هذا ممتعًا.”
في العينين الخضراوتين، ظهر جنون لا يمكن إخفاؤه، و فضول عنيـد.
التعليقات لهذا الفصل " 79"