فتح الباب ، و الشخص الذي دخل منه كان الفارس، ديكاردو.
“سيدتي”
اكتشف وجود أردييل الذي كان ملتصقًا بجانبي تمامًا، فعبس وجهه فجأة بتعبير متوتر قليلاً.
كان أردييل مثله أيضًا.
لم أعتـد أبدًا على رؤية تعبير شرس يعلو وجهه الجميل مهما تكرّر الأمر عدّة مرّات.
“همف، أنا أيضًا لا أرحّب بوجهكَ أيّها الحارس؟”
“انظروا إلى مَـنْ يتحدّث هنا.”
فصلتُ بين الاثنين اللذين بدا أنّهما على وشك القتال كالكلب و القطّ مرّة أخرى.
“كفّا عن ذلك. لنذهب إلى ساحة التّدريب.”
“نعم، سموّ الدّوقة.”
توجّهتُ إلى ساحة تدريب السّحرة مع ديكاردو الذي كان يتصرّف ككلب عسكريّ مدرّب جيّدًا.
بالطّبع، كان أردييل يتبعنا كالظّلّ أيضًا.
‘بقي عشرة أيّام الآن.’
كنتُ أتدرّب مؤخّرًا مع ديكاردو الذي اختير كخصم في التّدريبات.
‘السّحر الذي يمكنني استخدامه حاليًا هو ستّ مرّات.’
يبدو أنّ ذلكَ الفارس وقـعَ في وهم أنّني ساحرة عظيمة، و يعتقد أنّني أستخدم السّحر مع مراعاة له.
نعم، أرجوك استمرّ في التفكير بهذه الطّريقة حتّى النّهاية. من فضلك.
شعرتُ بنظرات السّحرة الذين يحدّقون بي في كلّ ممرّ أمـرّ به و كأنّهم يقولون “مثل هذا المستيقظ!”، ثمّ صعدتُ إلى ساحة التّدريب.
أومأتُ برأسي.
في هذه اللّحظة بالذّات، شعرتُ بتوتّر شديد جدًّا لجعلني أنني شعرت و كأنّني على وشكِ الانهيار.
لا أحد في هذا المكان يعلم ذلك!
رفعتُ رأسي بتعجرف كدوقة متكبّرة.
“إذن، لنبدأ.”
رأيتُ نباتات مزهرة تمـدّ سيقانها حول ديكاردو.
“عندما أهاجم، عليكَ أن تعادل الهجوم الأوّل بقوّة النّباتات.”
“نعم.”
كان الهدف هو إظهار التوازن بين السّحرة و قوّة المستيقظين، وليس هجوما يهدف إلى أخذ حياة الخصم.
“سأحاول صـدّه في ستّ مرّات.”
“حسنًا.”
استخدمتُ [رمح النّار] دونَ كلام إضافيّ.
مع شعوري المعتاد بالدوار، انطلقت المانا بسرعة.
─كواااك!
في الوقت نفسه، انغرس رمح لهب هائل أمام الرّجل الواقف أمامي و كأنّه يبتلعـه.
كانت بشرتي ساخنة.
دوى انفجار هائل، و اهتزّت الأرض كأنّها تنقلب رأسًا على عقب.
في الوقت نفسه، انبثقت كروم حديديّة من كلّ الجهات.
كانت قوّة النّباتات التي يسيطر عليها تتجاوز قوة الطّبيعة، وهي قدرة احتياليّة قادرة حتّى على تحويل المادّة.
كوااك، كواااك .
فكّرتُ و أنا أقبض قبضتي وسط الضّجيج الصّاخب.
‘سيصـل الوفـد قريبًا.’
بقيت عشرة أيام
يجب أن أصبح مثالية إلى درجة لا تثير شكّ أحد.
* * *
“أيّتها الحمقاوات!”
“هل كنتنّ تظنّن أنّنا لن نعلم شيئًا إذا أغلقتن أفواهكنّ!”
“لو حدثَ مثل هذا الأمر، كان يجب أن تهرعن إلى العائلة فورًا. يا للخزي، يا للخزي!”
تحت الضّغط المتدفّق، أطرقت النساء الثلاثة رؤوسهنّ.
هنّ مرشدات الإمبراطور.
جميعهنّ مرشدات من الرّتبة العالية A.
كنّ سيدات نبيلات لم يتخيّلن أبدًا أن يتلقّين مثل هذا المعاملة عندما جلسن في ذلكَ المقعد المجيد لأوّل مرّة.
“أناييل آن رويتشل.”
“نعم، نعم.”
“أجيبي مرّة واحدة فقط!”
ارتجفت كتفا أناييل، ابنة عائلة الكونت رويتشل، تحت الصّوت الصّارم.
أناييل ذات الشّعر الورديّ و العيون الحمراء الفاتحة كانت ضعيفة القلب بطبيعتها و لطيفة، وكانت تخاف الإمبراطور بشكلٍ خاصّ.
عندما يُقال أنّ مرشدة الإمبراطور أغمي عليها، فإنّ ذلك يشير عادةً إلى أناييل.
“ليان آن أندرياس.”
التّالية التي أنّ مناداة اسمها كانت ليان، فخر عائلة الكونت أندرياس، ذات الشّخصيّة الباردة و القاسية.
شعرها الأزرق و بشرتها البيضاء و عيونها الزّرقاء الدّاكنة كانت تذكّـر بمستيقظ الماء.
حتّى هي كانت تخاف الإمبراطور.
لأنّها تشعر و كأنّ قلبها يتوقّف إذا لامسته، و كأنّها تمـوت حقًّا.
الأخيرة التي دُعيت كانت الممثّلة للثّلاثة.
“إيزوليت ديان ليبيت.”
إيزوليت، ابنة عائلة الماركيز ليبيت، الوزير الأوّل الحاليّ.
كانت أجمل النساء الثلاثة.
عيونها الخضراء الناعسة غامضة، و شعرها الأسود الطّويل المتموّج ناعم الملمس.
كما أنّها كانت تحـبّ لقب مرشدة الإمبراطور أكثر من أيّ شيء و تهتمّ بـه.
كان فخرها بذلكَ المقعد يخترق السّماء.
لأنّها أحبّـت الإمبراطور.
ذلكَ الوحش الخطير من أعماق قلبها.
“أليس لديكنّ ما تقلنـه؟ ألم تكنّ أنتن من كنتنّ متغطرسات بهذا الشّكل.”
كان الأمر كذلك فعلاً.
عضّت إيزوليت شفتيها وهي تسمع صوت كبريائها يتشقّق.
ثلاث عائلات أنجبت مرشدات مشهورات عبر التّاريخ.
عائلة الكونت رويتشل ، عائلة الماركيز ليبيت ، و العائلة كونت أندرياس كانت عائلات مترابطة بالدّم.
نقـر كبار العائلة بألسنتهم أمام المرشدات الثلاث اللواتي لا يشعرون بالرضا عنهنّ.
“قبل الحفلة التي ستُعقد بعد وصول وفـد المملكة، يجب أن تثبّتـن لقب مرشدات جلالة الإمبراطور.”
مَـنْ لا يريد ذلك؟
كانت إيزوليت بشكلٍ خاص تشعر بالظّلم الشّديد.
‘هو مَـنْ خدعنا أوّلاً.’
كم كانت قلقة وهي ترى الإمبراطور يستقرّ بسهولة بعد أن توقّفت قوتهنّ عن التّأثير.
نظرت إيزوليت إلى أناييل، الأصغر منها بسنة واحدة، و التي كانت تنظر إليها بقلق.
ثمّ إلى صديقة طفولتها ليان التي ترسل نظرة تقول إنّها ستؤمن بأيّ كلام منها و تتبعها.
كـنّ جميعهنّ قلقات.
أخيرًا، توصّل كبار العائلة إلى قرار.
“إذا لم تنجح القوّة، فاستخدمن شيئًا آخر لجذب اهتمام جلالته.”
كان ذلكَ يعني في النّهاية إغواءه كامرأة.
“أبي!”
لم تستطع إيزوليت كبح نفسها فصرخت، عندها ضرب الوزير الأوّل الحاليّ الماركيز ليبيت الطّاولة بوجه صارم.
كوااك!
“مرت فترة طويلة منذُ انتشار شائعة أنّ رفيقة الإمبراطور الحقيقيّة قد ظهرت. إذا ظهرت تلكَ المرشدة فعلاً، ماذا سيحدث لوضع عائلتنا؟”
حدّقت إيزوليت في والدها القاسي.
تدخّلت ليان لمساعدة صديقتها أمام ذلكَ التّحدّي.
“لكنّنا بذلنا قصارى جهدنا حتّى الآن. حتّى لو ظهرت رفيقة حقيقيّة الإمبراطور، فإنّ جلالته سيُقدّر بالتّأكيد جهودنا….”
كرااك!
هذه المرّة، طار كأس الشّاي على الطّاولة نحو الجدار و تحطّم.
عبست إيزوليت، و اصفرّ وجه ليان. أما أناييل فقد نسيت كيف تتنفس حتّى.
ثمّ.
طقطقة.
سألت النساء الثلاثة و هنّ يحدّقن في الزّجاجة الصّغيرة الموضوعة أمامهنّ.
“مـ، ما هذا؟”
عندما سألت أناييل بصوتٍ مرتجف، أمرها كبار العائلة بنظرات باردة.
“عليكن بشربه.”
فكّرت الثّلاث في الوقت نفسه.
مهما كان ما في داخل الزجاجة، فهنّ لا يرغبنّ في شربه مطلقًا.
و علاوةً على ذلك، كـنّ يشعرن و كأنّهنّ يعلمن ما هو.
الجرعة المنتشرة في السّوق.
يقال إنّ تناولها يقوّي قوّة المستيقظ أو المرشد.
لكنّ بالتّأكيد……
‘يقال إنّها قد تسبّب فقدان السّيطرة.’
عندما كانت أناييل ذات الوجه الشّاحب على وشكِ هـزّ رأسها.
تحرّكت إيزوليت أوّلاً قبل أن يقول أحد شيئًا.
فتحت غطاء الجرعة دونَ تردّد، ثمّ ابتلعتها كلّها دونَ ترك قطرة في حلقها.
نظرت مباشرةً إلى ليان و أناييل اللتين كانتا تنظران إليها بتعبير مذهول، ثمّ رمـت الزّجاجة الفارغة عند قدميّ والدها.
‘هل أنـتَ راضٍ الآن؟”
“لا. يجب أن تشربيها لعدّة مرّات أخرى. بتلك القوّة المعزّزة، يجب أن تستعيدي ثقـة الإمبراطور بالتّأكيد!”
“….حتّى لو دُمّـر جسمي؟”
“ذلك شيء طبيعيّ.”
أطلقت إيزوليت ضحكة فارغة.
ارتفع الغضب في عينيها.
بالنّسبة لعائلتهن ، كـنّ أدوات لا بشرًا.
أدوات قادرة على الإمساك بمقود الإمبراطور.
ذلكَ فقط.
و الإمبراطور القاسي كان يعلم بهذا الواقع أيضًا.
‘لهذا لم يسمح لكم أن تكونوا بالقرب منه، و أنتم جميعا تعلمون ذلك!’
و مع ذلك، فإنّ المسؤوليّة تقـع عليهنّ وحدهنّ.
لم يكن هذا الأمر مضحكًا حتّى.
* * *
لم يكن وهمًا.
كايسيس، ذلك الشخص.
‘يبدو أنّه أكـلَ شيئًا خاطئًا.’
تدفّق عرق بارد خلف ظهري.
لم يلاحظ أحد من السّحرة و المستيقظين الذين لا يزالون يتناقشون بحماس.
‘كان يحدّق بي طوال الاجتماع.’
اللّعنة، لم أتمكّن من تحريك رأسي.
بالطّبع، كان تحديق كايسيس في الدّوقة آرييل، رئيسة السّحرة، أثناء الاجتماع، أمرًا روتينيًا.
و كلّما زاد الخلاف في الآراء، أصبحت تلك النّظرة باردة كالإبرة.
لكنّ الآن……
‘آآه. هذا الرجل، إنّـه يبتسم بينما ينظر إليّ الآن!’
كان الأمر مختلفًا تمامًا.
التعليقات لهذا الفصل " 77"