في اللحظة التي ارتفع فيها رمح النار بشكلٍ رائع، انهار جسدي فجأة.
مع صوت السعال، تدفق شيء ساخن.
‘آه، أكـره الألـم.’
رمشتُ بعينيّ و أنا أنظر إلى الدم الذي تقيأته فجأة.
سمعتُ ضوضاء عالية.
صراخ شخصٍ ما.
صوت تمزق مروع.
عندما رفعتُ رأسي بصعوبة لأرى ما يحدث، رأيتُ أغصان الجليد الزرقاء تمتد في كل الاتجاهات.
كانت بلورات الجليد الزرقاء، التي يتساقط منها الدم بين الحين و الآخر، تبدو و كأنها خيالية.
‘كأنها شجرة.’
نعم، إذا انتشرت غابة من الجليد أمام عينيّ، فسيكون هذا هو شكلها.
لكن هذا الإحساس الخرافي لم يـدم طويلاً.
بدأت رؤيتي تتلاشى بسببِ الألـم المروع.
‘يبدو أن كايسيس بخير.’
على الأقل ، يمكن اعتبار هذا مواساة.
رأيتُ، من خلال رؤيتي الضبابية، كيف كان يتعامل مع العديد من المستيقظين الذين بدوا و كأنهم فقدوا عقولهم تمامًا بسببِ هياج القوة.
ثم مرّةً أخرى، تقيأتُ فجأة.
“آه.”
حتى عندما حاولتُ سـدّ فمي بيدي، كان الدم يتقاطر بوضوح إلى الأسفل.
أصبحت أطراف أصابعي باردة كالجليد في لحظة.
‘كما لو كنـتُ سأموت.’
الألـم حقًـا شيء مكروه.
المـوت أيضًا مكروه.
مع الألـم الذي يهـزّ أحشائي، تكوّمتُ على نفسي.
شعرتُ بحركة شخصٍ ما يركض نحوي بسرعة.
هل هو كايسيس؟ أم هو عدو؟
‘لا.’
حتى خلال ذهني الضبابي، كان من الواضح أنّه لا يجب أن يلمسني.
لا، لا تـأتِ.
كنتُ سأبدو بشعـة، لكن لم يكـن لدي خيار.
“آه، آه.”
حاولتُ الابتعاد بطريقةٍ ما، متكئة في وضعية شبه منهارة، و تحركتُ بضع خطوات إلى الوراء.
توقفت خطوات الشّخص القادم.
أم أنها لم تتوقف؟
مع الألم الساخن الذي ينتشر كالموجات، أصبحت رؤيتي ضبابية تمامًا.
‘من فضلك، أنا…’
رن صوت مزعج.
دينغ، دينغ.
‘نافذة النظام؟’
لكن لم أستطع التحقق منها.
سمعتُ أيضًا صوتًا غريبًا، كأنه طقطقة.
كنتُ أشعر و كأنني سأموت إذا بقيتُ هكذا، و الطريقة الوحيدة للهروب الآن كانت سحر الانتقال.
‘أنا خائفة.’
ماذا سيحدث إذا استخدمته مرّةً أخرى؟
شعرتُ بخوف شديد.
لكن كان عليّ تنفيذه قبل أن أفقـد الوعي تمامًا هنا.
إذا أغمـي عليّ أمام الإمبراطور، فلا يمكنني حتى تخيّل ما سيحدث بعد ذلك.
عليّ أن أبتعـد أولاً.
لنبقَ على قيد الحياة ثم نتعامل مع الأمر لاحقًا.
‘النقل السريع.’
تفعل سحر الانتقال.
شعرتُ بأن المانا تنفـد، و كأن جسدي يُسحب.
في نفس الوقت، شعرتُ و كأن معصمي سُحـب، لكن ربّما كان ذلكَ وهمًا.
عندما فتحتُ عيني، كنتُ أصرخ صرخة صامتة.
“…..!”
لقد نجـح النقل.
كنتُ في غرفة نومي في قلعة الدّوقة آرييل.
في نفس الوقت، بدأت أحشائي تنقلب بشدة.
كان الألم مروعًا، كما لو كنتُ أُطحن في مفرمة.
‘مؤلم ، مؤلم ، إنّـه مؤلم جدًا!’
لا يمكن مقارنة هذا الألم بما شعرتُ به من قبل.
‘آآه!’
كانت نافذة النظام تظهر و تختفي بشكلٍ محموم.
─دينغ، دينغ، دينغ.
وميض أحمر.
[خطر! انهيار الروح…]
[بسببِ الاتصال، العقوبة…]
[شظايا ??? تخفف…]
[خطر، مطلوب إجراء فوري…]
لا أعرف، لا أعرف!
يبدو أن شيئًا ما حدث، لكن لم يدخل شيء في عينيّ.
“آه، هذا مؤلم.”
على الأرض، كنتُ أتلوى بجنون و أنا مغطاة بالدم عندما سمعتُ صوت شيء يقترب.
طقطقة.
“مياو.”
كانت لوسي، مرشدتي.
رفعتُ جفنيّ المرتجفين، فرأيتُ جسمًا أسود.
“ما الذي كنتِ تفعلينه، مياو؟”
حتى وسط الألم، كان ملمس الفراء على ظهر يدي ناعمًا.
آه، لا تتحدثي هكذا.
هل تعرفين كم عانيتُ؟
لقد حاولتُ ألا أُكتشف!
تدفقت دموع ساخنة على خدي، و كان فمي مغطى بالدم.
“لو، سي، أنا…”
” ألم أقـل لكِ أن تحافظي على عدد مرات استخدام السحر؟”
“حاولتُ، بجهـد…”
تنهدت القطة بعمـق.
“ارتاحي، مياو.”
سقطت قدم سوداء ناعمة على جبهتي.
“عندما تستيقظين.”
كان ذلكَ آخر شيء.
“سيكون كل شيء قد حُـل، مياو.”
كما لو أن الستارة أُغلقت، أظلمت رؤيتي.
* * *
عندما تقيأت هيلاريا دمًـا أحمر قانيًا، توقّف تفكير كايسيس للحظة.
نظرَ و هو مصدوم إلى المرأة التي أصبحت شاحبة فجأة و أخذت تترنّـح.
‘لماذا بحق السماء.’
حتى لو تـمّ إختراق قلبه أو قُطعت أطرافه، لن يموت المستيقظ إلا إذا قُطـع رأسه.
خاصّة مع قوة شفائه المروّعة، لم يكن ليسقط بسببِ إصابات عادية ما لم يفقـد عقله أو قوته.
لا يمكن أن تجهل رئيسة برج السحر ذلك.
فلمـاذا؟
لماذا استخدمت هيلاريا السحر لإنقاذه؟
و لماذا تقيأت الدم و سقطت بعد استخدام السحر، و هي ساحرة عظيمة؟
كانت كل أفكاره بطيئة.
لكن مع الألـم الحاد الذي يضغط على قلبه، تحرّك جسده بشكلٍ لا إرادي.
نشرَ كايسيس قوته في كل الاتجاهات بغضب و ارتباك.
مع الألـم الذي يضغط على قلبه، امتدت أغصان الجليد في كل الاتجاهات، مخترقة المستيقظين الذين فقدوا عقولهم و هم يندفعون، مستهدفة قلوبهم و أعناقهم و نقاط ضعفهم، مقطعة أنفاسهم في لحظة.
في صمت بارد، نظرَ مذهولاً إلى المرأة ذات الشعر الأحمر التي كانت ملقاة على الأرض و هي تتقيأ الدم.
“هيلاريا.”
لم يصـل همسـه الصغير إليها على ما يبدو.
تذكّـر ما قاله لها مازحًا.
هل قال إنها ربّما مريضة بمرض عضال من قبل؟
‘لمـاذا؟’
كان الشيء الواضح أنه لا يريد رؤية هذا المشهد.
عدوّتـه الباردة المزعجة، لكنها رغمَ كل صفاتها شخص يمكن الوثوق بـه.
كان قلبـه يكـاد ينفجر.
أخذ يركض.
اندفع إليها.
لكنه توقف عندما تقابلت عيناه مع عينيها الضبابيتين من الألـم.
كان ذلك رفضًا واضحًا للاقتراب.
“لمـاذا.”
شعـرَ بألـم يضغط على قلبـه. ألـم مختلف عن ذلكَ الناتج عن استخدام القوة.
“لماذا أنـتِ دائمًـا…”
عـضّ على أسنانه.
كان هناك أوقات لم يهتم فيها إذا تقيأت الدوقة الدم أو سقطت، لكن الآن لم يكن الأمر كذلك.
لم يستطع أن يكون كذلك.
“يا دوقة.”
ناداها، لكن لم يكن هناك رد.
“هيلاريا.”
بل بدأت الرياح تدور حول هيلاريا مع صوت همهمة.
لقد تـمّ تفعيل المانا ، إنه سحر.
مـدّ يـده بسرعة.
التحرك الآن سيكون انتحارًا.
أمسكَ معصمها بصعوبة. لكنه انزلق بسببِ الدم الرطب.
لمسة للحظة، اتصال الجلد بالجلد.
اندفعت المانا كالرياح الحادة، و ابتلعتها.
مثلما اختفت في زقاق وهي تطارد المجرمين من قبل، اختفت الدّوقة آرييل بسحر الإنتقال.
ربّما عادت إلى غرفة نومها في قلعة الدوقة.
لإخفاء مظهرها الملطخ بالدم.
و…
‘للهـروب منّـي.’
لكن أكثر من ذلك، كان هناك شيء آخر يعبث بعقل كايسيس.
تلكَ اللمسة.
ذلكَ الإحساس في تلكَ اللحظة.
الشعور المثير الذي يربط الروح و الجسـد بشخصٍ آخر.
رفـعَ يـده الملطخة بدم الدّوقة آرييل إلى وجهه.
“ها.”
لم يكن بإمكانه ألا يعرف.
كيف لا يعرف ذلكَ الشعور الذي اخترق عظامه في تلكَ اللحظة القصيرة من الاتصال؟
‘ملكـي.’
شعـرَ بوجود ختـم غير مكتمل هناك.
‘نصفـي الآخـر.’
الألـم الذي يعلـن أن هناك سيّـدًا يمسك بمقودك.
لذا، لم تفتـه تلكَ المشاعر و الحرارة التي انتشرت في جسـده.
“لقد وجدتـكِ.”
أصبحت الفكرة المستحيلة حقيقة.
الافتراض الذي تجاهله باستمرار، و الذي قال أنـه مستحيل، سقطَ أمامه كحقيقة مطلقة
الدّوقة آرييل ، هيلاريا.
السّاحرة التي هربت من أمامه الآن كانت نفسها تلكَ المرأة التي كان يبحث عنها ليلاً.
مرشدتـه!
“هاها.”
انتشرت البهجة و السّعادة كأنها موجات، ثم تحولت إلى جليـد بـارد يخترق الجلد.
التعليقات لهذا الفصل " 73"
يمهههههه عرف عرف عرف