7
لا يوجد مرشدٌ في عالم هذه الرواية قادرٌ على تهدئة تلكَ الهالة.
كنتُ مرشدةً مخضرمة، و كنتُ قادرةً على الشعور بهالة جميع المرشدين الموجودين هنا.
إنّهم غير قادرين على ذلك.
بل على العكس، قد يُسرّعون من فقدان السيطرة.
“سيّدتي، هل أنتِ غير مرتاحة؟”
في تلكَ اللحظة، تجرّأ ساحرٌ و تقدّمَ ليتحدّث إليّ.
يبدو أنّني لم أتمكّن من التحكّم بتعابير وجهي لدرجة أنّ شخصًا لا يعرفني جيّدًا لاحظ ذلك.
“لا، استمتع بالحفل.”
لم أنتبه إلى خيبة الأمل الواضحة على وجه الساحر وهو يبتعد متردّدًا، و أعدتُ نظري إلى المكان.
الإمبراطور لم يكن موجودًا.
‘إلى أين ذهب؟’
آه، رأيتُ طرف ثوب الإمبراطور الاحتفاليّ يختفي عند الباب الأيمن.
كان فرسان الإمبراطور يحيطونه بحذرٍ، محاولين الحفاظَ على جوٍّ هادئٍ كما لو أنّ شيئًا لم يحدث.
شعرتُ و كأنّني أقف عند مفترقٍ غير مرئيّ.
‘هل أتجاهل الأمر و أعود، أم أتبع الإمبراطور لأرى كيف ستُحلّ الأمور؟’
خفقَ قلبي بقوّة.
تلكَ الهالة كانت مرعبةً جدًا.
لكن، ماذا لو لم تسِر الأمور وفقَ الرواية الأصليّة؟
ماذا لو لم تظهر مرشدةٌ قادرةٌ على تهدئة تلك القوّة؟
‘سيفقد السيطرة.’
و سيموت الجميع.
بشكلٍ مروّع.
هل سأضطرّ إلى تجربة ذلكَ الألم مرّةً أخرى؟
شعرتُ و كأنّ عينيّ يُغطّيهما بياضٌ خالص.
ربّما كنتُ أعاني من نوبة هلع.
“شاشة الحالة، شاشة الحالة، ألن تعملي؟”
على الرّغمِ من خوفي الشديد، كانت شاشة الحالة صامتةً بشكلٍ قاسٍ.
كأنّها لم تتدخّل يومًا لتسلبني السّيطرة على جسدي من قبل.
في النهاية، كان عليّ أن أختار.
لحسنِ الحظّ، كان الجميع منشغلًا بالإمبراطور، فلم ينتبه أحدٌ إليّ.
‘إذا كنتُ سأتصرّف، يجب أن أفعلَ ذلكَ الآن.’
نظرتُ إلى طريق الخروج الذي اختفى منه الإمبراطور بنظرةٍ حادّة، ثم بدأتُ أتحرّك بحذرٍ نحو طريقٍ آخر.
كان بإمكاني الوصول إلى الجهة التي ذهبَ إليها الإمبراطور من هذا الطّريق.
‘من فضلك.’
يا إلهي، أرجو ألّا يكون هذا أسوأ قرار.
كان هذا مجرّد أمنيةٍ مت مواطنةٍ عاديّة، مرشدةٍ بسيطة، تريدُ فقط أن تعيش حياتها الثانية بسلام.
* * *
كان كايسيس يعلم أنّه ليس في كامل وعيه الآن.
“ماذا أعطوني؟”
كان خطأً فادحًا.
كان يعلم أنّ هناك مَنٔ يحلمون بأوهامٍ حول المستيقظين عاليي الرتبة الذين لم يجدوا مرشديهم المناسبين، لكنّه أهملَ حذره للحظة.
هيلاريا.
الدّوقة أرييل.
لقد تصرّفت تلكَ المرأة بطريقةٍ غير معتادة، مما جذبه.
كان منظر الدوقة أرييل وهي تمسكُ يد ذلكَ الطّفل بقوّةٍ مذهلاً لدرجة أنّه لم يستطع إبعاد عينيه.
رغمَ أنّ الحوار الحادّ الذي تلا ذلك كان كالمعتاد، إلّا أنّ انتباهه ظلّ مركّزًا عليها.
“لوياس.”
كان شقيقه نقطة ضعفه.
كلّما رآه، تذكّر والدته.
كان يكرهها، لكنّها ظلّت والدته.
حتّى لو كانت تتجنّبه و تفضّل أخاه الصّغير، و حتّى لو كان أخوه ساحرًا، كانت العائلة هس الرابطة الإنسانيّة الأخيرة التي لم يستطع التخلّي عنها.
بعد أن فقد والدته و أصبح أخوه الصغير الذي فقد النطق بائسًا، حاولَ أن يكون سندًا له، رغمَ صعوبة ذلك.
لذلك، كان يزعجه أكثر أنّ رئيسة السحرة، التي احتجزت أخاه كرهينة و لم تعامله بلطف، كانت تُعامل ببرود.
لكن ما الذي رآه؟
يدٌ تمسك بلطفٍ رغمَ تعبيرها الغير ودود، و ابتسامةٌ خفيفةٌ على وجه أخيه.
عندما انحنت لتلتقي عينيها بعينيه، نسيَ حتّى الغضب و الألم المعتادين.
“ها؟”
الدّوقة ، تلكَ المرأة، لقد جُنّت أخيرًا. هكذا كان يفكّر.
“أنا لستُ في وعيي.”
كان التفكير في شعرها الأحمر الدّاكن دليلًا على أنّ عقله يغرق و يجنّ حقًا.
“آه!”
شعرَ و كأنّ قلبه يُعتصر.
تشوّشت رؤيته.
اجتاحته قوّةٌ مروّعةٌ كانت تتربّص به داخله، ممزّقةً إيّاه.
“هكذا بشكلٍ مثيرٍ للشفقة.”
كان عقله، الذي حافظَ عليه بجمع كلّ قواه، على وشكِ الانقطاع.
لو أطلقَ هذه القوّة، لو أطلقها بالكامل، سيشعر بالراحة.
“ها…”
كان يعلم ذلك. سيتحرّر من الألم الذي لازم تنفّسه طوالَ حياته.
تحوّلت رؤيته إلى اللون الأحمر، ثمّ إلى الأزرق المتشظّي.
هل هذه النهاية حقًا؟
“آه، لا، لا يمكن.”
في تلكَ اللحظة، عضّ كايسيس على أسنانه.
شقيقه لا يزال في قاعة الاحتفال.
كان عليه الابتعاد. الابتعاد.
من نفسه، من هذا الوحش.
لكنّ هذه القوّة اللعينة، كالعادة، لم تطعه.
ابتلعته الرغبة التدميريّة التي كانت تومض متقطّعة.
و كأنّ شيئًا ما لمسه أيضًا.
في الظلام الذي غطّى رؤيته، لم يستطع تذكّر شيء، لكنّه شعرَ بذلك.
* * *
في هذه اللحظة، كنتُ أرغب في استدعاء أيّ أحد و التوسّل لإنقاذي.
كان كايسيس، كما توقّعت، منهارًا في نهاية الممرّ.
يبدو أنّ المستيقظين و المرشدين الذين يحرسون قاعة الاحتفال، و الذين لا يجرؤون على الاقتراب من الإمبراطور، كانوا يعلمون بهذا الوضع لكنّهم لم يقتربوا.
وأنا…
كنتُ واقفةً أمامه.
“يا إلهي.”
ارتجف جسدي كما لو أنّني طُردتُ عاريةً في شتاءٍ قارس.
ما الذي فكّرتُ به لأتبعه إلى هنا؟
شعرتُ بهالته الزرقاء المظلمة النابضة بالشراسة، و ارتجفتُ كمبتدئة.
“هذا حقًا…”
كان مشهدًا مروّعًا لم أره قطّ خلال عشر سنواتٍ من عملي كمرشدة.
كان مخيفًا و فظيعًا.
وفي الوقت ذاته، شعرتُ بالشفقة قليلًا.
‘ليس مجنونًا، كيف تحمّل هذا؟’
كنتُ مرشدة، لذا لم أكن أعرف بالضرورة الألم الذي يشعرُ به المستيقظون.
عندما كنتُ أرى مستيقظين يعانون و يفقدون السيطرة، لم أشعر بغريزة المرشدة أو الرغبة النفسيّة في تهدئتهم بسرعة.
كيف يمكنني ذلك؟ كلّ مَنٔ رأيتهم كانوا يتقيّأون أو يغمى عليهم بمجرّد لمس يدي.
بالنّسبة لي، كان الإرشاد دائمًا سلسلةً من الرفض.
لكن في هذه اللحظة، تحرّكَ.شيءٌ ما، ربّما غريزة المرشدة تلكَ.
أردتُ أن أشفيه.
أردتُ أن أهدّئه.
رغمَ علمي أنّني لستُ بطلة الرّواية المشرقة، وأنّه إذا وصلتُ إليه، قد يرفضني مثل الآخرين.
كان شعورًا غريبًا.
رجلٌ لا يستطيع فتح عينيه، كتمثالٍ متجمّد، يكافح بكلّ قوته لمنع طاقته من التفجّر…
شعرتُ بالأسف تجاهه.
‘كنتُ أعلم.’
رغمَ وجهه البارد المزعج، كنتُ أعلم أنّ هذا الرجل كان يتحمّل بصعوبةٍ بالغة.
لكن، بعيدًا عن هذه المشاعر، كانت الهالة التي رأيتها وشعرتُ بها مختلفةً تمامًا.
‘مجرد لمس تلكَ الهالة قد يجرفني.’
مرشدٌ عاديّ قد يُغمى عليه أو يتوقّف قلبه إذا لمسها.
كانت القوّة التي بدأت تنطلق لفقدان السيطرة تخنقني حتّى بمجرّدِ النظر إليها.
“أنا… هل يمكنني فعل ذلك؟”
فقدتُ ثقتي تمامًا.
حتّى لو أصبحتُ مرشدةً من الرتبة S، فهذا خارج نطاق التصوّر.
كانت قدميّ المجمّدتين تحثّانني على الهروب فورًا.
لكن…
إذا رحلتُ؟
حتّى لو أمسكتُ يده ثمّ رفضني و غادرتُ، سنندم كلانا.
لم يكن هناك حلّ واضح.
بينما كنتُ متردّدةً وغير قادرةٍ على اتّخاذ قرار…
“مَنٔ…”
في تلكَ اللحظة، فتحَ الرجل المنهار عينيه.
نظر إليّ مباشرةً بعيونٍ زرقاء مشوّشة.
‘هل يعقل أنّه تعرّف عليّ؟’
لا، لم يكن الأمر كذلك.
لكنّه لم يُحوّل نظره أيضًا.
توقّفَ تفكيري كما لو أنّ قلبي طُعن بحربة.
لم ينادني. لم يقل شيئًا.
رغمَ أنّ شفتيه المرتجفتين لم تكوّنا جملةً مفهومة، إلّا أنّني، في لحظة تقاطع أنظارنا، كنتُ أركض بالفعل.
“آه، اللعنة!”
لحظةَ دعمي لجسده المنهار، شعرتُ بموجةٍ من القوّة تضربني، ممّا جعلَ قلبي ينقبض بألم.
لم أستطع تجاهل تلكَ العيون التي بدت و كأنّها تتوسّل قائلة: “أنقذيني.”
‘لذا، لا تتذكّر شيئًا، أيّها الإنسان.’
هذا مجرّد شعور رجال الإطفاء الذين يطفئون حريقًا عاجلاً.
مجرّد شعورٍ بالواجب بهذا الحدّ!
يجبُ أن تعرفَ مدى استثنائيّة هذه اللّحظة بالنّسبة لي!
همستُ:
“من فضلك، لا شيء.”
أغمضتُ عينيّ بقوّة، و ضممتُ الرجل الضّخم في حضني.
“لا تتذكّر شيئًا.”
بذلتُ جهدًا كبيرًا لدفعِ الرجل داخل بابٍ مفتوح، وقرّرتُ قبول قوّته العنيفة بطريقةٍ لم أجرّبها من قبل في حياتي.
لذا…
أغمضتُ عينيّ و أمَلتُ رأسي.
قبلة. لمسة شفاه. تبادل أنفاس.
“آه.”
كان شعورًا غريبًا.
ملمس شفاهٍ ناعمةٍ و دافئة.
إحساسٌ باردٌ يخترق الجلد كالإبر.
عيونٌ زرقاء متوهّجة تنظرُ إليّ بوضوح، كما لو كانت تريد أن تعرفَ مَنٔ أنا.
‘هذا الرجل سيرفضني أيضًا. سيدفعني بعيدًا.’
في لحظة استسلامي و سخريتي من نفسي، أمسكَ ذراعي.
“……!”
لم يدفعني بعيدًا.
جذبني بتملّك.
كأنّه يمنعني من الهروب.
“آه!”
اندفعت القوّة نحوه بجنون.
‘لم يرفضني.’
لأوّل مرّة في حياتي، رأيتُ مستيفظًا يرغب بقوتي و يجذبها بشراهة، و كان ذلكَ صادمًا بشكلٍ لا يوصف.
و أكثر من ذلكَ لأنّه هذا الرجل المزعج.
‘لم ينكر قوتي.’
ربّما شعرتُ بالارتياح أيضًا.
دونَ وعي، وضعتُ ذراعيّ على كتفيه العريضتين، و هو يدفن شفتيه بحماس.
يبدو أنّني جذبته لأتمكّنَ من قبول قوّته بسهولةٍ أكبر.
أكثر. سأبتلع المزيد من القوّة و أهدّئك.
أنا مرشدة، و أنتَ مستيقظ.
كان هذا آخر ما استطعتُ تذكّره بوضوح.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 7"