إنه وسيم بشكلٍ مزعج، على الرّغمِ من أن أخلاقه ليست الأفضل.
“لقد أثبتَ جلالتكَ منذُ ولادتكَ حتى الآن، باستمرار، أنّـكَ لم تهـج. أنّـكَ لسـتَ وحشًا. أنّـكَ ملك يتحمل مسؤولية قوّته.”
“……”
“إذًا، مما تخاف بالضبط؟ لماذا تقلق و تصـف نفسكَ بالوحش؟ النّظر الى مثل هذا الأمر مزعج . توقف عن هذا إظهار هذا الموقف، جلالتكَ.”
اندفعت الكلمات بسرعة و بنبرةٍ مشحونة بالعاطفة بسببِ غضبي الطفيف.
تساءلتُ إن كانت هذه كلمات لن تقولها دوقة أرييل، لكن لحسن الحظ، كانت نافذة النظام هادئة.
‘نعم، حسنًا. لم تكن العلاقة بينه و بين هيلاريا مليئة بالشتائم دائمًا. من المحتمل أنها أعطت نصيحة حادة كهذه.’
بعد صمت طويل، ضحكَ كايسيس بسخرية.
“أتوقف؟”
عبـث بشعره للخلف.
“دوقـة ، أنـتِ…”
هل أنا أتوهّم او أن عينيه بدتـا أقل شراسة من المعتاد بينما ينظر إلي؟
“ها، شعور غريب.”
شعرتُ بنفس الشيء.
كنتُ قلقة لدرجة أنني لم أعرف ماذا أفعل أو إلى أين أذهب.
‘بسببـكَ، نسيتُ كل شيء.’
أثناء حديثي مع الرجل الذي أمامي، اختفت تلكَ المشاعر كالضباب.
ابتسم كايسيس لي.
حقًا، لقد ابتسم.
و بشكلٍ مشرق.
ما هذا؟ لماذا يتصرف هكذا؟ إنّـه مخيف.
“يبدو و كأنكِ تثقين بي، وهذا يجعلني أشعر بالغرابة.”
“…تبدو الكلمات كذلك، لكنها ذات معنى مختلف.”
“صحيح.”
بسببِ صوته المزعج، شعرتُ فجأةً بالانزعاج.
آه، يا لوقتي الضائع.
لماذا شعرتُ بالقلق عليه؟
“نعم، بصفتكَ إمبراطور الإمبراطورية، أنا أثـق بـكَ. لولاكَ ، لكان حال الإمبراطورية أسوأ.”
“آه.”
“لذا، توقّف عند هذا الحد. شارك هذه الأفكار مع ذراعيك اليمنى و اليسرى المخلصين، و ليس معي.”
“يا دوقة، كلامكِ أصبح سريعًا. اهدئي؟”
“هل ستفعل ذلكَ الآن؟”
على الرّغمِ من كلامي المنزعج، لم تختفِ تلكَ الابتسامة، مما جعلني أشعر بالحيرة.
“لا بأس. نبرتـكِ مزعجة، لكن الاستماع إليها ليس سيئًـا. من الغريب أنني أضحـك عند سماع صوتـكِ هذا.”
“يا إلهي، أنا مستاءة!”
“آه، هذا جيّـد. عودي بهذا المزاج. تصبحين على خير، يا دوقة.”
“أتمنى أن تحلم بكوابيس، جلالتكَ”
“…كابوسي هو أنـتِ. هل تريدينني حقًا أن أحلم بكابوس؟”
اللعنة.
عقدتُ حاجبيّ.
“أتمنى أن تحلم أحلامًا سعيدة.”
“ها، هاهاها!”
هذه المرة، ضحكَ هذا الرجل ضحكة حقيقية حقّّا.
“لم أكن أعرف أنّـكِ مضحكة إلى هذا الحـدّ.”
” و لم أكن أعرف أن جلالتكَ يضحك بهذه السهولة. توقّـف عن الضحك. قد يظـنّ البعض أنّنا أصدقاء…هذا مزعج.”
“توقفي، يكفي. فمـكِ…”
ارتجفت كتفاه و هو يحاول كبح ضحكته، مما جعلني أشعر بالحيرة الشديدة.
يا رجل، يا بطل القصة.
أنا أعرف من قراءة الرواية الأصلية…
لم تكن تظهر تلكَ الابتسامة الثمينة إلا لبطلة الرواية المشرقة؟
توقف عن الضحك.
إنّـه يصبح مخيفًا…
بعد أن ضحك لفترة، فتـحَ الرّجل فمـه فجأة:
“كما توقعـتُ، أنـتِ جريئة جدًا.”
“أنا…”
في تلكَ اللّحظة التي كنـتُ سأرد فيها.
حفيف.
خرج شيء من الأدغال.
“…..!”
“…..”
تجمدتُ من ظهور شيء بدون سابق إنذار، و كذلك فعلَ الإمبراطور.
بالأحرى، كايسيس.
‘آه.’
وقف أمامي كما لو كان يحميني من تهديد.
“……”
“……”
ما الذي يحدث؟
“ابتعـد.”
“كنتُ سأفعل.”
تبادلنا النظرات، و فجأة أصبحنا متجهمين و تراجعنا بسرعة.
قبل أن نتحدث لبعضنا، سُرق انتباهي بصوت “مياووو” من عند قدمي.
“أنـتِ.”
لم يكن شخصًا أرسله الأشرار، بل كانت القطة السوداء السمينة، لوسي.
أيتها الغبية، أين كنتِ تتجولين في هذا الوقت المتأخر!
أردتُ توبيخها و هـزّ بطنها المترهلة، لكن الإمبراطور كان هنا.
تحدثتُ ببرود:
“إنها قطتي.”
“…نعم، قطتكِ.”
بينما كنتُ أراقبها و هي تقترب مني كما لو كانت تتدلل و تلف ذيلها حول كاحلي، قال كايسيس:
“تذكرتُ.”
“ماذا؟”
“يبدو أنني رأيتُ قطتكِ في مكانٍ غير متوقع.”
“ماذا؟”
“أنا متأكد.”
بنظرة حادة و مليئة بالشكّ.
“عند البوابة.”
…مـاذا؟
“رأيتها عند البوابة.”
لماذا رأيتها عند البوابة؟
نظرتُ إلى لوسي، التي كانت تموء ببراءة كما لو كانت لا تعرف شيئًا و أنا مصدومة.
يا غبية، لا فائدة من تعبيركِ اللطيف. لقد سمعتُ ما قاله بوضوح!
لكن لم أستطع استجوابها هنا، فنظرتُ إلى الإمبراطور و هززتُ رأسي بحزم.
إنه وهم منكَ. عيناكَ مخطئتان!
“كما قلـتُ من قبل، قطتي عادية.”
بالطبع، رد كايسيس بتعبير مذهول:
“هذا المظهر ليس عاديًا، أليس كذلك؟”
“إنه عادي. القطط التي يربيها الناس غالبًا تكون سمينة.”
شعرتُ ببعض الإحراج. لم تكن لوسي سمينة بشكلٍ عادي. نعم، من الصعب رؤية قطة مثلها.
“ما الذي يجعل قطتي مميزة لتراها عند البوابة؟ لم يُسجَل أبدًا اكتشاف حيوانات أو نباتات هذا المكان في عالم البوابات.”
حدّقتُ بقوة في كايسيس، و هو أيضًا، على عكسِ ابتسامته الناعمة منذُ قليل، ردّ بنظرة قوية.
“على أي حال، الوقت متأخر.”
حملتُ لوسي، التي أصبحت طرية بمجرد لمسها.
بـدا ذيلها المترنح ضعيفًا، مما أثار قلقي.
“عُـد الآن، جلالتكَ.”
حان وقت العودة إلى غرفتي.
* * *
“أنا جائعة، مياو.”
قبل أن أستجوبها عن سبب خروج هذه الكلمات من فـم الإمبراطور، تقدمت لوسي.
خدشت جانبها بقدمها الخلفية وقالت بنبرة كسولة.
ألقيتُ طبق البسكويت المُعـدّ للوسي على الطاولة بعنف و حملقتُ فيها.
“أيتها القطة السمينة، كوني صريحة. أنـتِ تعلمين أن هذا ليس شيئًا يمكن تجاهله، أليس كذلك؟ هل تتجولين في البوابات؟ حقًا؟ لماذا تفعلين شيئًا خطيرًا كهذا؟ كيف يكون هذا مككنا من الأساس؟”
على الرّغمِ من كلماتي المتسارعة، تثاءبت لوسي بقوة و مضغت البسكويت.
و كأنها تمضغ كلامي و لا تبالي بما أقوله.
“لن يمـرّ هذا اليوم. لا تحلمي بأن أدع هذا الأمر يمـرّ بسهولة. كنـتُ أشعر أن اختفاءكِ كل يوم غريب، لكن لم أتخيل أن يكون الأمر متعلّقًا بالتجوال في البوابات؟”
في لحظة، أنهت لوسي ثلاثة بسكويتات و نظرت إليّ بعيونها المنقسمة عموديًا.
غريـب.
على الرّغمِ من أنها مشبوهة و مزعجة أحيانًا، كنتُ أشعر بالطمأنينة عند رؤيتها.
لذلك، كنتُ أبحث عن لوسي دونَ وعي أحيانًا.
هل لأنها مرشدتي التي قدمها النظام؟
أم لأنها الوحيدة التي تعرف أنني غريبة في هذا العالم؟
أم لأنني أستطيع قول أي شيء لها؟
“حـدثَ شيء غريب اليوم.”
“ماذا، مياو؟”
“لقد رأيتُ ذكريات طفولة هيلاريا في حلـم. لكن في الحلم، كنتُ أشعر و كأنني هـي. كيف يمكن أن يحدث هذا؟”
“إذًا، لقد شعرتِ بالخوف مرّةً أخرى، مياو؟”
اقتربت لوسي و قفزت و دفعتني بقدمها الأمامية السمينة.
استلقيتُ على السرير، و صعدت فوقي و هي تضغط على صدري بوزنها الثقيل.
“آه، ثقيلة.”
سعلتُ و حدّقتُ فيها، فجلست لوسي على مؤخرتها و رفعت قدمها الأمامية لتصفع ذقني.
“أنٕتِ!”
“أيتها الصغيرة قليلة الصبر، تذكري شيئًا واحدًا فقط.”
“مـاذا؟”
“أنا مرشدتـكِ، مياو.”
“…هل يعني ذلكَ أنّـه يمكنني الوثوق بـكِ؟”
عندما سألتُ مترددة، جاءتني لكمة أخرى منها.
آه، هـذه مؤلمة نوعًا ما.
“أنا أعـدكِ، مياو. أنا، لوسي، لن أفعل شيئًا يؤذيكِ أبـدًا.”
كانت هذه المرّة الأولى التي تعدني فيها هذه القطة السمينة المزعجة بثقـة.
تمتمتُ و مددتُ يدي.
عندما أمسكتُ بذيلها السميك المتمايل، خـفّ قلقي قليلاً.
و على عكسِ عادتها بالهروب بسرعة، بقيت لوسي إلى جانبي، كما فعلت عندما لم أستطع تحمل البكاء من قبل.
شعرتُ بالنعاس تدريجيًا. مع شعوري بالخمول، أظلمت عيناي.
لحسن الحظ، لم تـأتِ ذكريات هيلاريا لزيارتي في أحلامي.
كان نومًا جميلاً بدون أية أحلام.
* * *
“أنا، أنا، أنا!”
آه، اللعنة.
مَـنْ يأخذ هذا الشخص بعيدًا؟
نظرتُ بتعبير قلق إلى الجموع التي تتبعني عن قرب.
و خاصّة إلى شخص يظهر وجهًا جميلًا متألقًا بشكلٍ مزعج.
التعليقات لهذا الفصل " 69"