‘تتظاهرين بأنّـكِ تشعرين بالازدراء، لكن ليس هناك صدق في تلكَ النظرات.’
لذا كان الأمر غريبًا.
كيف يمكن لشخصٍ أن يتغير فجأة؟
إما أن يكون شخصًا آخر قد حلّ مكانـه، أو أن يكون قد فقـدَ ذاكرته.
أحـد هذين الاحتمالين، أليس كذلك؟
لكن إذا كان الأول، فإن الدّوقة آرييل ساحرة عظيمة لا تقـلّ قوة عن المستيقظين.
مَـنْ سيجرؤ على إيذائها؟
خاصة و أنّها ساحرة نار.
إذًا، هل فقدت ذاكرتها؟
لكن إذا كان الأمر كذلك، لم يكن هناك أي فجوات مشبوهة في عمل الدّوقة آرييل.
لم يستطع فهم ذلك.
كانت هيلاريا، في عينيه، كائنًا غريبًا، كما لو أنّهـا لغـز لا يمكن حلّـه.
أصبحت عيناه تتجـه و تركّز عليها.
تحوّل الشّـك و الفضول إلى رداء مراقبة.
لذلك، استغل الفترة التي تنخفض فيها البوابات بشكلٍ كبير، و قرر زيارة القلعة بإصرار.
ليراقب تلكَ المرأة.
ليرى السلوك الذي لا بدّ أن تظهره في إقطاعيتها.
لكن المراقب اكتشف خطأً فادحًا.
لم يستطع، هو الذي كان يفترض أن يراقبها فقط، تحمّل شعوره بالضيق، فتدخّل في الموقف.
‘كما لو كنتُ أشعر بالغيرة…’
شعـرَ بإهانة لكرامته لدرجة أنه أراد إطلاق شتائم، لكن طوال الرحلة إلى قلعة الدوقة، كان كايسيس يشعر بالغرابة.
كان يشعر بالضيق من الساحر ذو الوجه الجميل الذي يبتسم و يلتصق بهيلاريا كالعلقة.
و كان يزعجه أن يقرر فجأةً أحد فرسانه المخلصين مساعدة رئيسة الفصيل المعادي.
كان إخفاض مستيقظ عصبي لرأسه أمام هيلاريا كما لو كان يحاول إرضاءها ، أمرًا غريبًا.
إضافةً إلى ذلكَ ، كان منزعجًا لأن صديق طفولة الدوقة، الذي ظهر فجأة، كان يناديها باسمها.
‘هناك الكثير من الأشياء.’
كل شيء في هيلاريا، غير المألوف مقارنة بما رآه منها حتى الآن، كان يزعجه.
كان يهتـمّ بهـا.
و حتى الآن.
‘لماذا تبدي مثل هذا التعبير؟’
كان يمكن أن يتجاهل اقترابها.
هو، أعظم وحش و مستيقظ في الإمبراطورية، لم يكن ليفوته وجود هيلاريا.
و مع ذلك، وقـف أمامها بسببِ تعبيرها.
‘لماذا تبدي هذا التعبير؟’
كان تظهر تعابير وجـه غريبة.
كما لو كانت على وشكِ البكاء.
من الصعب تصديق ذلك، لكن الدّوقة آرييل كانت تمشي للأمام بوجه يبدو و كأنه يبكي.
‘تعبير هشّ و مثير للشفقة.’
مذهل، كان تعبيرًا لا يمكن أبدًا أن يرتبط بالدّوقة.
“ما الذي تفعله هنا بالضبط؟”
تشوهت عينا كايسيس.
منذُ لحظة، كانت لديها مثل ذلكَ التعبير، لكن بمجرّد رؤيتها له، غيّرت قناع وجهها.
إلى وجه الدوقة الباردة، القاسية، و الخالية من المشاعر.
كما لو كانت تقلّـد هذا الوجه.
‘ما الذي تخفينـه؟’
أنا مجبر على الإعتراف.
‘أنا.’
حتى لو لم يكن ما تخفيه مرتبطًا بمرشدته التي يبحث عنها بشدّة.
‘أريد أن أعرف كل شيء.’
حتى لو لم يكن كذلك، بدأت هذه المرأة تزعجه كما لو كان هناك مسمار في قلبه.
“يا دوقة.”
“تحدث من هناك.”
شعرَ كايسيس بالضيق عندما رأى تلكَ المرأة تتراجع خطوةً أخرى كما لو كانت تتجنبه.
‘كأنني مقزز.’
شعرَ و كأنّـه فأر قذر.
‘هل أنا مقزز لهذه الدرجة؟’
مـرّ في ذهنه الحديث الذي دار بينها و بين كالزن.
‘قالت أن وجود شيء بينهما أمر مستحيل.’
بالطبع، هو أيضًا وافق على كلامها.
كانا طرفين لا يمكن أن يرتبطا.
لكن، بشكلٍ مذهل، في حالة عدم قدرته على التخلي عن الفرضية المرعبة بأن هذه الساحرة قد تكون مرشدته، كان يشعر بالاستياء.
مـاذا لـو.
‘إذا كانت الدوقة هي مرشدتي.’
لماذا ترفض الارتباط بـي؟
هل لأنها تخاف من إحباط سحرتها المخلصين؟
هل هذا هو حقًّـا سبب إخفائها لهويتها و رفضها أن تكون شريكة الإمبراطور؟
تلكَ الأفكار.
‘الأمر بسيط.’
التحقق من ذلكَ كان بسيطًا.
‘إذا مددتُ يدي مرّة واحدة.’
إذا لمستُ تلكَ البشرة.
إذا صببتُ القوة بعد ذلك، سأعرف.
على الرّغمِ من أن صبّ القوة بقسوة على ساحرة نقية قد يسبب احتكاكًا يؤدي إلى إصابة داخلية قاتلة.
كان يتذرع بأنه لا يستطيع التحقق لأنه قد يؤذي رئيسة السحرة، لكنه كان مترددًا في لمسها.
‘إذا لمستُها مرّةً واحدة.’
إذا حاولتُ معرفة ذلك، قالت تلكَ المرأة التي تأتي إليه في الليل بأنها لن تعود أبدًا.
‘لن أتمكن من التراجع.’
الدّوقة آرييل الحالية، التي لا تريد الارتباط به أو لمسـه مهما حدث.
‘بغضّ النظر عن النتيجة.’
تصميمه المتعجرف الأولي ، الذي كان ينوي معرفة الحقيقة و إبقاءها إلى جانبه بالقوة، تحطّم كالضباب.
‘هل أنا خائـف؟’
ضحكَ بسخرية من نفسـه.
“جلالتكَ؟”
بدا غريبًا و هو صامت، فعبست المرأة قليلاً و سألته.
اقتربت خطوتين كما لو كانت قلقة، كأنها لم تتراجع للتو كما لو كانت تنظر إلى شيء قذر.
‘نعم ، هذا هو السبب.’
هذا المظهر المختلف تمامًا.
“أنا مَـنْ يريد أن يسأل. لماذا أنـتِ هنا؟ أليس هذا وقت النوم؟”
عندما رأى عينيها الحادتين المشبوهتين، شعرَ براحة داخلية و ضحكَ بسخرية.
* * *
‘ما خطبـه؟’
منذُ قليل، كان يتصرف بغرابة.
ملت برأسي داخليًا بينما شعرتُ فجأة بالقلق.
‘لم أقـم بإرشاده منذُ فترة.’
هل هو مريض؟ هل نسبة قوته سيئة؟
“هل حالتكَ سيئة؟”
نظرتُ بصدمة إلى نافذة النظام.
كانت نافذة الأرقام، التي تظهر تلقائيًا عندما يكون الإمبراطور أمامي، مستقرة نسبيًا.
‘ليس مريضًا للغاية؟’
تنفستُ الصعداء، لكنني رأيتُ عينيه الزرقاوين الغامضتين تحدقان بي من مسافة قريبة.
أصبحتُ متجهمة فجأة.
“…لماذا تنظر إليّ هكذا؟”
“تصرفاتكِ كانت غريبة للتو.”
“ماذا تقصد؟”
هل ارتكبتُ خطأً آخر؟
بينما كنتُ أتعرق داخليًا، ضحكَ بتذمر.
“للتو، ظننتِ أنني أعاني من أعراض الإهتياج، أليس كذلك؟”
“…نعم، هذا صحيح.”
من الطبيعي التحقق مما إذا كانت أرقام المستيقظ سيئة أو إذا كان هناك خطر انفجار قوته إذا بدا غريبًا.
فما المشكلة في ذلكَ؟
“لكن لماذا لم تهربي؟”
“…..”
“عادةً، يخـاف الناس و يهربون في حالة شعورهم بشيء كهذا. لا يقومون بالشعور بالقلق على المستيقظ.”
ذلكَ لأنني…
أنا مرشدتـكَ المؤقتة.
“حتى المرشدون الخاصون بي، في مثل هذه الحالات، يقتربون بوجوه كأنهم يواجهون الإعدام.”
اقترب كايسيس خطوةً نحوي.
“لكنكِ، يا دوقة، ماذا قلتِ؟”
تراجعتُ خطوة إلى الوراء.
“جلالتكَ.”
ما هذا، لماذا يقترب؟
لماذا يقترب هذا الوجه الوسيم المزعج؟
بغضّ النظر عن ذهولي، اقتربَ الرجل بحرية و أمال رأسه قليلاً.
“ماذا قلـتِ؟”
كانت هيلاريا طويلة أيضًا، فكانت عينينا متقابلتين عن قرب.
” هل أنـتِ قلقة عليّ؟”
تصلبت زاوية فمي.
“…أنـتَ تتفنن في المبالغة. قلـق؟ لم يحدث ذلكَ أبدًا.”
ضاقت عينا كايسيس.
“حقًا؟”
“نعم.”
“أم أنّـكِ كنتِ قلقة من أن أهيج في قلعتكِ الثمينة؟ آه، أنا بالفعل قنبلة قد تنفجر في أي لحظة.”
“…..”
عبستُ قليلاً.
كلماته الساخرة جعلتني أشعر بشيء يزعجني.
لذا، على الرّغمِ من أنني كنتُ أعلم أن الصمت أفضل، لم أستطع إلا أن أسأل:
“لماذا تتحدث هكذا؟ هل تحاول أن تبدو مثيرًا للشفقة أمامي الآن؟”
اللعنة على فمي و تدخلي!
رفعَ الرجل حاجبيه.
“…و ما الذي تقصدينه بذلك؟”
طفولة كايسيس ، و الإمبراطورة السابقة التي كانت تطلق كلمات حادة على ذلكَ الصبي الصغير.
‘تعتقد أن السحرة يكرهونكَ، و أنني بصفتي رئيستهم، أجـدكَ مزعجًا.’
لكن، أليست الحقيقة أنّـكَ أنـتَ مَـنْ يرى نفسه هكذا؟
كنتُ أشعر دائمًا أنه يصـف نفسه بالوحش.
لم يعجبني ذلك.
“جلالتكَ، دعنا نكون واضحين.”
“بخصوص ماذا؟”
تصلّـب وجهي، و سخرتُ بينما أنا أشبك ذراعيّ:
“منذُ البداية، كنتَ تقول أشياء غريبة. أولاً، أنا لست منكم، لست مستيقظة و لا مرشدة.”
“و ماذا بعد؟”
شعرتُ بقلبي يخفق بقوة و أنا أواجه عينيه الحادتين كما لو كان لا يفهم ما أقوله.
لكن الكلمات التي بدأت بالخروج لا يمكن سحبها الآن.
“أعلم أنّـكَ تتحمل الألم باستمرار، لكنني لا أعرف الأمر بشكلٍ جيّد . و بالأصل ، أنا لا أهتم.”
“أيتها الدوقة، هل تثيرين المشاكل الآن؟”
رفعتُ عيني كما لو كنتُ أطلب منه الصمت و واصلت:
“يعلم الجميع في الإمبراطورية أنه لم يكن لديكَ مرشدون مناسبون. ومع ذلك، أنـتَ على قيد الحياة.”
“…..”
“المهم هو النتيجة. السّحرة ينظرون فقط إلى الأرقام و نتائج التجارب.”
“ما الذي تحاولين قوله منذُ البداية؟”
رفعتُ سبابتي إلى الرجل الذي عبسَ بوجهه الوسيم باستياء.
بنبرةٍ و تعبير صارمين و باردين، مثلما افعل عندما أوبخ سحرة برجي:
“ألم تكن تتحمل؟”
“مـاذا؟”
التعليقات لهذا الفصل " 68"
همممممم؟
البطلة شكلها باقول شيء يفجر ام شكوكه ويتأكد انها هي🫣🫣