“مياو مياو مياو.”
كانت القطة السمينة تتمايل و هي تسير.
كان انتقالها السريع إلى وسط الغابة بعيدًا عن أعين البشر مذهلاً، لكن لم يكن هناك مَـنْ يشهد ذلك.
ومضت عيون القطة المنقسمة عموديًا وهي تشـم الروائح هنا و هناك.
“يفترض أن يكون هنا.”
و فجأة.
مع صوت طنين، انفتح ثقب أسود واسع.
“وجدته، مياو.”
أصدرت القطة صوت مواء ضعيف، وفكرت في شريكتها التي من المحتمل أن تكون الآن تتعرق أمام نظرات الإمبراطور.
حسنًا، يجب أن تكون بخير الآن.
لقد كان ذلكَ الإنسان الشبيه بالشبح، أقوى البشر، يرى خلال تبادل الأرواح بوضوح شديد.
لكن بما أن العواطف هي الأساس، فلن يرى بوضوح كما في السابق.
و حتى لو عـرف، بما أنها بدأت تسير على طريق القدر، فسيكون الأمر على ما يرام.
“مياوو.”
على عكسِ كلام شريكتها هيلاريا، التي سخرت منها واصفة إياها بالعاطلة، كانت القطة مشغولة.
مشغولة جدًا، من أجل إنقاذ شريكتها.
“مياو.”
على أي حال، حان وقت العمل.
اندست القطة السوداء السمينة في الثقب الأسود، البوابة، أمامها.
* * *
كنتُ في ظلام دامس، و قد أصبحتُ فتاة صغيرة.
شعرتُ بيد قوية تمسك ذراعي بعنف، كانت مؤلمة.
و أمام عيني، ظهر وجه رأيته في لوحة في الفضاء السري.
كان الدّوق السّابق لعائلة آرييل.
آه، إنّـه حلـم.
في اللّحظة التي أدركتُ فيها ذلك، تشبث جسدي في الحلم بالدوق ذو الوجه القاسي.
‘أبي، من فضلك، لا.’
في الحلم، دفعني بعيدًا كما لو كنت شيئًا مزعجًا و عديم القيمة.
‘اخرسي!’
آه! تألمتُ عندما اصطدم جسدي بالكرسي.
سرعان ما خرج حبل طويل من الكرسي و ربطني.
كنتُ أتلوى بشدة.
كنتُ خائفة و لا أريد هذا.
لكن الدّوق رفـعَ أداة سحرية بعيون باردة.
كان الأمر مشؤومًا.
لا أريد هذا.
هذه ليست ذكرياتي.
لا أريد.
من فضلك.
‘تحملي قليلاً فقط. لا يمكن أن تكون ابنة عائلة دوقة آرييل وحشًا.’
‘أبي، من فضلك. هذا ليس صحيحًا. توقف الآن. قد أفقـد عينيّ.’
‘يجب أن تصبحي ساحرة عظيمة. لا حاجة لكِ لقوة المرشدة!’
‘أبي، آآآه!’
لا، هذه ليست ذكرياتي!
“آه!”
فتحتُ عينيّ فجأة.
“ما، ما هذا الآن؟”
مع أنفاسي المتسارعة، استعدتُ وعيي ببطء.
الحلم الذي كنتُ أراه للتو.
عندما تذكرته، شعرتُ بقشعريرة كما لو أنني تلقيت دلوًا من الماء البارد.
“ما هذا بحق…”
لم يكـن حلمًا عاديًا على الإطلاق.
“شعرتُ و كأنها ذكرياتي.”
تلكَ المشاعر، تلكَ الحيوية.
“شعرتُ و كأنها مشاعري.”
في الحلم، كنتُ بالتأكيد هيلاريا في طفولتها.
خوف تلكَ الفتاة بدا و كأنه ملكي.
كيف يمكن أن يحدث هذا؟
بينما كانت أطراف أصابعي ترتجف، ظهرت نافذة النظام أمامي.
[تـمّ العودة إلى الواقع بنجاح.
لقد شاهدتِ قطعة من الذكريات.
استعدي للصدمة النفسية.
هذا الحلم مجرّد أثـر من الذكريات، و ليس لكِ.]
ها، إذًا كانت تلكَ ذكريات هيلاريا حقًا.
بالطبع، كنتُ أغار من أبطال قصص التجسد الذين يرون ذكريات الجسد الأصلي مباشرة.
كنتُ أشكو من العمل الإضافي اليومي، و صراعات الإرادة مع الإمبراطور، و العقوبات التي يظهرها النّظام في حالة تـمّ كشف هويتي!
‘لكن ليس بهذه الطريقة.’
كانت يداي و قدميّ ترتجفان.
“هذا غريب.”
تذكرتُ الألم الذي شعرتُ به، كما لو كانت عيناي ستنفجران، و لمستُ عينيّ.
“شعرتُ و كأن عينيّ ستنفجران حقّـا.”
كما توقعتُ، لم يكن إغلاق قوة المرشدة في العينين أمرًا سهلاً.
لكن ما جعلني مرتبكة لم يكن فقط الألم و الواقعية في الحلم.
‘شعور بالاختلاط.’
كنتُ أنسى ذكرياتي الأصلية، و الآن بدأت ذكريات هيلاريا تظهر في أحلامي.
كان هناك أوقات شعرتُ فيها أن هذا لا بأس به، لكن في هذه اللحظة…
‘أشعر بالسوء. أشعر بالغثيان.’
شعرتُ بمعدتي تنقلب و لم أستطع تحمل هذا الشعور.
وقفتُ من مكاني.
و فعلتُ شيئًا لم تكن هيلاريا، الدوقة، لتفعله أبدًا.
أرتديتُ شالًا سميكًا، و أمسكتُ فانوسًا خارجيًا، و خرجتُ.
شعرتُ بالهواء البارد يهـبّ على بشرتي.
في الظلام الدامس، كانت قلعة الدوقة، المحمية بأنماط سحرية قوية، هادئـة.
مشيتُ و أنا أشعر وكأنني أتنفس أخيرًا.
لقد كنتُ مرتبكة.
‘لا أعرف ما الذي يحدث.’
ومضتُ عيني بسرعة و وجهي محموم.
كان قلبي يكـاد ينفجر من القلق.
لماذا لم أشعر بالخوف من نسيان اسمي؟
أيّها النظام، ماذا تفعل بي؟
بوجه محتار، مشيتُ بسرعة، و درتُ حول زاوية الممر إلى الحديقة الخارجية.
فجأةً ظهرَ ظلّ طويل.
“…..!”
كـدتُ أصطدم بشخصٍ ما ظهرَ فجأة ، فتراجعتُ مذعورة.
رفعتُ الفانوس بسرعة، فظهر وجـه رائع كالتمثال، و الذي كان يزعجني خلال النهار.
عيون زرقاء متوهجة لمستيقظ تتألق حتى في الظلام، و شعر فضي يلمع كضوء القمر.
‘كايسيس.’
سألتُ بتعبير متجهم:
“جلالتكَ؟”
“دوقـة.”
“……”
“……”
لماذا أنـتَ في حديقة غرفة نومي؟
“ما الذي تفعله هنا بالضبط؟”
* * *
بالطبع، لم يكن كايسيس ينوي التجول في الحديقة.
كان يعلم أن زيارته لقلعة الدّوقة آرييل ، التي كانت علاقته بها سيئة للغاية، كانت شبه مفروضة.
مع الجو البارد في قاعة المأدبة، لم تكن لديه أي نيّـة للتجول و إثارة الشكوك فيه.
لهذا قـرّر لمرّة واحدة، أن يكون صالحًا، و استلقى على السرير مبكرًا للنوم.
متجاهلاً الألم الخفيف و الصداع.
لكن، ربّما بسببِ عمق الليل.
“…مرشدتي.”
كان الوقت الذي كانت فيه شريكته تأتي لتخفف ألمه تمامًا و تمنحه نومًا جميلًا بشكلٍ مخيف.
“سأجـنّ.”
لم يستطع النوم على الإطلاق.
لذا اضطر للخروج.
قرّر أن المشي في الحديقة الخارجية أفضل من التجول داخل القلعة.
لكنه لم يتخيل أن سيّـدة القلعة ستتجول في الحديقة الخارجية بملابس كهذه في هذا الوقت.
“……”
“……”
تعبيرها الذي تحول إلى الاستياء في لحظة كان حقًا يشبهها.
لكن، عندما يفكّـر في الدوقـة منذُ بضعة أشهر، و التي لم تكن تعبّـر عن استيائها حتى، كان هناك شيء غريب.
مثـل الآن.
‘مثل هذا المظهر لم يكـن ممكنا بالنّسبة لكِ من قبل. هذا الفرق مزعج.’
كانت امرأة كانت ستموت إذا لم تكن مثالًا للدوقة النبيلة.
في نظـره، كان ذلكَ يشبه الهوس.
‘لكن الآن، لا أرى هذا الهوس.’
حتى لو كانت علاقتهما مليئة بالكراهية و الحذر، كانت هناك أشياء يراها بوضوح أكبر بسببِ ذلك.
كان يكرهها لكنه يثـق بها، و يثـق بهـا لكنه لا يستطيع الاعتماد عليها.
كانت عيناها، التي تحدّق بـه كما لو كان وحشًا، مألوفة بنظراتها الباردة، لكن متى توقفت تلك العيون عن إظهار الاستياء؟
غرقت عيون كايسيس الزرقاء بعمق.
تغيّر الدوقة.
ظهور مرشدتـه.
و الشّخص المشبوه الذي أمامـه الآن.
‘أنا أفعـل شيئًـا غبيًـا.’
في البداية، كان هناك دافع لكشف هوية تلكَ المرأة، بالإضافة إلى محاولة كشف قوة معينة.
تلكَ المرأة التي تحدثت عن نفسها.
لم يكن هناك أي رابط يمكن أن يربطها بالدّوقة آرييل.
لا في الشخصية و لا في البيئة المحيطة.
كانت مرشدته في اللّيل تعاني من النقص و الألـم و المعاناة.
قالت أنها كانت وحيدة، و لم يقبل أحـد قوّتهـا.
لكن الدّوقة آرييل التي يعرفها لم تكن شخصية ستعاني لعدم قدرتها على استخدام قوة المرشدة.
تحت وجهها الخالي من التعبير، كان فخرها كساحرة يطعن السماء، و كانت كراهيتها و ازدراؤها للمستيقظين تجري في دمائها.
كانت نسخة طبق الأصل من الدّوق السّابق.
لذا، لم يستطع حتى قبول شكوكه.
ثم أدرك.
الدّوقة آرييل المشبوهة.
لم تعـد نظراتها إليها تثير غضبـه كما في السابق ، منذُ لحظة معينة.
و ذلك لأن نظرة الدّوقة آرييل إليه تغيرت قبل أن يتغير موقفه.
التعليقات لهذا الفصل " 67"
احس النظام يحاول يحولها لهيلاريا الحقيقية غصب ويمحو نفسها السابقة واحس يحزن….
ما ادري ارتاح لنظام او اكرهه واضح لوسي تبي تساعدها وبنفس الوقت تمحي نفسها السابقة….