“ما هذا بحق السماء!”
احتج السحرة، لكن الجليد الأزرق الذي ينبعث من الإمبراطور كان أسرع.
“هل تعنون، أيها السادة.”
في لحظة، بدت أن درجة حرارة قاعة المأدبة انخفضت درجتين.
“أنكم تعارضون قرار الأمير؟”
بينما كان ينظر إلى كالزن بنظرةٍ حادّة و مستمتعة، تحدّثَ كايسيس إليّ:
“ماذا تفعلين، يا دوقة؟”
“……”
“ألم ينادكِ تلميذكِ؟”
لا أعرف لماذا، لكن شيئًا واحدًا واضح.
هذا الرجل، الإمبراطور، أقوى شخص في الإمبراطورية، يتصرف بأكثر الطرق صبيانية.
على أي حال…
‘تلميذي ليس مذنبًا.’
ابتلعتُ تنهيدة داخلية و توجهتُ نحو لوياس، الجالس بجانبِ الإمبراطور.
نظرتُ إلى الطفل الصغير بقلق، ثم جلستُ بجانبه، فابتسم بسعادة.
‘هل تحبّ أخـاكَ لهذه الدرجة؟’
أنـتَ سعيد، لكن معلمتكَ تشعر و كأنّها تمـوت الآن.
عندما جلستُ و ربـتُّ على رأسه الصغير المستدير، حرّك الطفل أصابعه بسعادة.
ثم رفعَ رأسه قليلاً و سحب يـدي.
عندما أعطيته يدي بطاعة، كتب بأصابعه الصغيرة الممتلئة كما اعتاد:
─ المعلمة، أنـتِ جميلة.
آه، هذا الطفل اللطيف الذي يجعلني أرغب في قرصه!
هذه هي الطريقة الصحيحة للمديح.
هل ترى، كايسيس؟
‘تعلّـم من أخيـكَ.’
عندما ابتسمتُ قليلاً و رفعتُ رأسي، أدركتُ أن صمتًا مرعبًا يعـمّ قاعة المأدبة.
“……”
“……”
بالأحرى، كان الجميع يحدّقون بي بذهول.
السحرة، أتباع عائلة الدوقة، كالزن، و حتى المستيقظون.
الوحيدان اللذان كانا هادئين هما لوياس، المبتسم بسعادة، و الإمبراطور المتعجرف الجالس بجانبِ الصبي.
رفعتُ حاجبي.
“تسك.”
إذا بقيتُ هكذا أكثر، سترنّ نافذة النظام بصخب، محذرة من أن هويتي مهتزة أو شيء من هذا القبيل.
و خاصّة مع ملاحظة كالزن، الذي بدا مصدومًا بشكلٍ كبير، تحدثتُ بصوتٍ أكثر برودة من المعتاد:
“ماذا تفعلون جميعًا بدلاً من تناول الطعام؟ أتمنى ألا تكونوا قد جعلتم مني مشهدًا للتسلية.”
“آه!”
رؤية الجميع يخفضون رؤوسهم في وقتٍ واحد جعلني أشعر بتحسن طفيف.
‘هكذا يجب أن يكون الأمر.’
نعم، أشعر أن شخصيتي تزداد سوءًا في الوقت الحالي.
العيش كـهيلاريا الباردة و الخالية من التعبير، الذي كان صعبًا في البداية، يصبح أسهل.
هل هذا جيّـد؟
رأيتُ كالزن، صديق طفولة هيلاريا، يوجّـه نظره إلى طعامه كما لو كان مقتنعًا، فتنفستُ الصعداء داخليًا.
حسنًا، الآن لنملأ بطوننا.
‘كل هذا من أجل البقاء.’
رفعتُ أدوات المائدة، و تحت قناع البرود، صرختُ بفرح داخلي.
‘يبدو لذيذًا!’
يبدو أن رئيس الطهاة في القلعة بذل جهدًا كبيرًا بمناسبة عودة سيّدة القلعة.
‘ما الذي سأبدأ بتناوله!’
بسعادة، حركتُ الشوكة و وضعتُ قطعة لحم مطهية جيدًا في فمي.
“يا دوقة.”
كان هناك نداء غير سار.
بما أن فمي ممتلئ بالطعام، لم أستطع الرد، فنظرتُ فقط إلى اليمين.
“……”
رأيتُ كايسيس، بنظرة ناعسة، يربّـت على رأس لوياس و ينظر إليّ.
لولا وجهه الوسيم الزائد عن الحاجة، لكنتُ كرهته أضعافًا بسببِ إزعاجه.
‘مـاذا؟ ما الأمـر؟’
رفعتُ حاجبي كما لو كنتُ أسأله ماذا يريد، فضحكَ و قال:
“هل كنـتِ ترغبين في الجلوس بين السحرة؟”
مضغتُ طعامي بسرعة و أنا أتخيّل أن هذا اللحم هو كايسيس.
كنتُ مذهولة.
ما الذي يحدث معـه منذُ البداية؟
“أم أنـكِ اشتقـتِ إلى صديق طفولتكِ الذي يناديكِ بمودة.”
عبسـتُ.
يا جلالة الإمبراطور، تحدّث بشكلٍ صحيح. مَـنْ يسمعـكَ الآن قد يظنّ أنّـكَ رجل غيور لأن حبيبتـكَ مهتمة برجلٍ آخـر.
بعد أن ابتلعتُ اللحم ، قلتُ:
“لماذا تثير المشاكل فجأة؟”
بما أننا لسنا في القصر الإمبراطوري، بل على أرضي، كنتُ أكثر صراحة من المعتاد.
نظرَ إليّ كايسيس من الأعلى إلى الأسفل.
‘هل أطعنـه؟’
نظرتُ إلى الشوكة التي أمسكها.
“ملابسـكِ مختلفة كثيرًا عن المعتاد. زاهية و ملفتـة للنظر، أليس كذلك؟ أم أنّـكِ كنتِ ترتدين هكذا في قلعة الدوقية؟”
نعم، هو يتحدّث بالهراء فقط.
ابتسمتُ بهدوء.
كنتُ قلقة قليلاً إذا كان الحديث يُسمع في الأسفل.
سمعتُ صوت طقطقة أسنان، يبدو أن سحرتنا المخلصين سمعوه أيضًا.
‘هل يعتقدون أن الإمبراطور يثير المشاكل مع سيّدتهم دون سبب؟’
رفعتُ ذقني بتعجرف.
“و ما علاقتكَ بفستاني، جلالتكَ؟”
كانت نظرتي بزاوية 45 درجة للأسفل، تعبير هيلاريا المميز الذي يجعل الآخرين يشعرون بالاستياء.
“أنا مستاءة.”
لكن الأمر الأكثر رعبًا هو أنني تحدثتُ بهذا الأسلوب المتعجرف، لكن الإمبراطور بدا أكثر ارتياحًا من قبل وهو يضحك.
“حقًـا؟”
“نعم.”
شعرتُ بقشعريرة.
في العادة، لو كانت هذه مشاجرة، ألن يردّ بنفس الطّريقة؟
هل هو مجنون؟
بينما كان كايسيس، بعيون لامعة كما لو كان مستمتعًا، على وشكِ قول شيء، قاطعه أحدهم:
“هيلاريا.”
لقد قاطـعَ كلام الإمبراطور!
بالأحرى، لم يكن تدخلاً في الحديث، بل كان يناديني.
عندما أدرتُ رأسي دونَ تفكير، رأيتُ الرجل الجالس تحتي يبتسم بلطف.
كالزن، الرجل الهادئ ذو المظهر الناعم.
“أنتِ لم تكوني من محبي لحم البقر، أليس كذلك؟ هل تغيّرَ ذوقـكِ؟”
“……”
نسيتُ الموقف للحظة و تفاجأتُ بصدق.
مجنون، هل هناك مَـنْ يكره لحم البقر؟
ثم أدركتُ.
آه، تلكَ أنـا. لكن يفترض أن أكون هيلاريا. إذًا، لا يمكنني أكل لحم البقر؟
“…الانتقائية في الأكل ليست جيدة.”
تمتمتُ بصوت منخفض، بدا حزينًا حتى بالنّسبة لي.
آه، حياة لا يمكنني فيها تناول الطعام بحرية. لا يوجد شيء جيّـد في كوني دوقة.
ابتسم كالزن بسعادة، كما لو كان مجرد الحديث معي يسعـده، و قال:
“كان رئيس الطهاة في القلعة متحمسًا جدًا لعودة سيدتنا بعد وقتٍ طويل.”
“……”
“يخنة الكريمة بالمحار بجانبك، لقد أعدّها بجهد، لذا جربيها. كنـتِ تحبينها كثيرًا.”
يا رجل، كـن حذرًا!
أغلق فمـكَ!
“……”
“هيلاريا؟ ما الخطب؟”
“…..”
هل أقتلـه؟
صديق الطفولة الوسيم أصبح الآن عـدوًّا لـدودًا.
أليس المثل يقول إنكَ لا تستطيع البصق على وجه شخصٍمبتسم؟
لا، أستطيع.
كم مرة يمكنني البصق على مَـنْ منعني من أكل لحم البقر!
“…حسنًا.”
“نعم، قال إنه استخدم محار كريانه العملاق. إنه المكون المفضل لديكِ.”
حسنًا.
إذًا، هيلاريا كانت تحـبّ المحار.
يخنة كريمة المحار.
‘آه.’
أنا، التي ليس لدي انتقائية في الطعام، كان الشيء الوحيد الذي لا أستطيع تناوله هو الأطعمة ذات القوام الطري.
و خاصة المحار، برائحته الفريدة التي تجعلني أشعر بالغثيان بمجرّد وضعه في فمي.
‘بالطبع، هذا الجسـد ليس لي، لذا قد لا أشعر بالغثيان.’
لكنني ما زلتُ أكره القوام الطري.
لكن أمام كالزن، الذي كان يحدّق بي، لم أستطع قول إنني أكره المحار.
اضطررتُ لنقل يدي من لحم البقر اللامع إلى الطبق بجانبه.
ثم تناولتُ ملعقة من يخنة المحار.
‘آه.’
القوام الطري الذي شعرتُ بـه بمجرد المضغ.
‘آه!’
كأنني أتعذب، مضغـتـه و ابتلعتـه بصعوبة، عندها تدخّـل كايسيس، الذي كان ينظر بلامبالاة:
“يبدو أنها ليست لذيذة.”
ارتجف قلبي.
هذا الرجل الشبيه بالشبح.
“آه، يبدو أن صاحب الجلالة لا يعرف ذوق هيلاريا.”
تدخل كالزن بنبرة ناعمة، لكن كلماته كانت تحمل استياءً واضحًا من الطرف الآخر.
“حسنًا، لا أعرف كيف كان الأمر في الماضي، لكن يبدو أن الدوقة الآن لا تحب المحار. ألا يظهر ذلكَ من تعبيرها؟”
عبستُ بغضب من الظلم الذي أتعرّض له.
ما الذي تقولـه عن تعبيـري الآن؟
منذُ أن تجسدتُ، كنتُ أتقن تقليد تعابير وجه هيلاريا الخالي من المشاعر، أيها الرجل!
“انظر إلى وجهها. ألا تبدو و كأنّها ابتلعت شيئًا فاسدًا؟”
في تلكَ اللّحظة.
دينغ.
التعليقات لهذا الفصل " 65"
يضحك انه كيف صار يفهمها بس ياخي خلها على راحتها انت وصديق الطفولة ذاك مسكينة رحمتها ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه