كما لو كانت تنتظر هذه اللحظة منذُ زمن، جاءت بملابس مرتبة بعناية.
“كنتِ تشترين فستانًا كل عام ولا تنظرين إليه، لذا قمنا بإخفائه بعيدًا. هذا الفستان اشتريتِه العام الماضي و أرسلتِه إلى قلعة الدوقية. بما أن جسدكِ لم يتغير كثيرًا، سيكون مناسبًا عليكِ الآن.”
كانت الخادمة في منتصف العمر، التي أضاء وجهها، بالتأكيد شخصية تهتم بهيلاريا.
شعرتُ فجأةً أن هذه اللحظة ثقيلة بعض الشيء.
‘هل ارتدت هيلاريا هذا من قبل؟’
نظرتُ بعناية إلى الفساتين.
‘مقارنةً بنبيلات العاصمة، إنها بسيطة و عادية.’
لكن مقارنة بذوق هيلاريا الأصلي في الملابس، كانت مبالغا فيها.
‘الألوان مختلفة.’
مقارنةً بالفساتين التي كانت ترتديها هيلاريا، و التي كانت دائمًا باللون الأسود أو الرمادي أو الأزرق الداكن، ألوان باردة و ثقيلة…
‘الوردي، الأخضر الفاتح، و الأصفر. آه، هناك الأزرق السماوي أيضًا.’
كانت التصاميم مختلفة أيضًا.
عندما تحققتُ من الفساتين لحضور الحفلات في القصر الإمبراطوري، كانت جميعها تناسب سحر الدّوقة الأنيق دونَ إلحاق ضرر به.
بمعنى جيد، كانت ذات سحر ثقيل، و بمعنى سيء، كانت تصاميم و ألوان تفضلها السّيدات اللواتي كنّ في منتصف العمر.
لكن هذه كانت مختلفة.
كانت تبرز قوام الجسم أكثر قليلاً أو تكشف الكتفين.
و أيضًا، تصاميم تؤكد على الخصر النحيف وتنفش أطراف التنورة.
نظرتُ إلى انعكاسي في المرآة.
‘فساتين لا ترتديها الدّوقة آرييل . إذا ارتديتُ واحدًا منها…’
ربّما يكون ارتداء أحد هذه الفساتين خطيرًا.
ففي المأدبة، سيكون الإمبراطور و المستيقظون و السحرة الموالون لي موجودين معًا.
وأيضًا، كالزن، ابن المربية، الذي يعرف هيلاريا الأصلية أكثر من أي شخص.
بما أن نافذة النظام تحولت إلى اللون الأحمر بمجرّد ابتسامة غير عادية أظهرها، فمن الأفضل ألا أرتديها.
لكن اليوميات ظلت عالقة في ذهني.
امرأة اشترت هذه الفساتين و لم ترتدِ واحدًا منها، ربّما ماتت من شدّة الإرهاق بسبب العمل.
أشرتُ إلى الفستان الأزرق السماوي الذي قيل إنه تـمّ اختياره مؤخرًا.
“سأرتدي هذا. اختاري الإكسسوارات المناسبة حسب ذوقكِ.”
رأيتُ الخادمات يتبادلن النظرات بحيرة.
لكن الخادمة التي كانت في منتصف العمر أجابت بسعادة:
“سنجهزه، سيدتي.”
كان الفستان الذي اخترته يبرز خطّ الخصر النحيف، مع قماش خفيف متداخل ينفش التنورة.
في منتصف الجزء العلوي، كان هناك تطريز ماسي خشن.
بأسلوب مكشوف الكتفين، سيبرز جمال بشرة هيلاريا البيضاء الناعمة بشكل ملحوظ.
‘اليوم فقط، سامحني، أيها النظام.’
حسنًا، هيا بنا.
أومأتُ برأسي.
* * *
عندما وصلتُ إلى قاعة المأدبة، شعرتُ وكأن جسدي يُثقب.
لمـاذا؟
لأن النظرات الشرسة التي كنتُ أفترض أنها كانت تُتبادل بين الجميع، انصبّت عليّ فجأة!
‘سأشعر بالتخمة قبل الأكل.’
أتباع عائلة الدّوقة آرييل ، الذين يقفون على قمة المتعجرفين بين السحرة.
و السحرة من البرج الموالين لي بما يكفي ليتبعوني.
و في المقابل، الإمبراطور على قمة الجانب الآخر، و فرسانه المستيقظون المليئون بالولاء له.
‘مستحيل أن يكون هناك انسجام.’
و علاوةً على ذلك، ظهرتُ بفستان مختلف تمامًا عن المعتاد، لذا كان من الطبيعي أن تنجذب الأنظار إليّ.
طق، طق.
بينما كنتُ أتقدم عبر الجو الثقيل، بدأت النظرات المذهولة تتبعني كبراز سمكة ذهبية.
سخرتُ داخليًا.
‘حتى هيلاريا يمكنها أن تتأنق بقوة عندما تريد.’
على الرّغمِ من نظراتها الشرسة، كانت هيلاريا، الشريرة الثانوية في القصة الأصلية، امرأة جميلة جدًا.
بينما كنتُ أسير، ألقيتُ نظرة جانبية على بعض الأشخاص.
أول مَـنْ رأيته كان الفارس ديكاردو، الذي بدا مرتبكًا لسببٍ ما.
‘ما هذا، هل ازهرت زهور في رأسه؟’
كان مشهدًا مدهشًا، لكن لم يكن شعورًا جيدًا، فأدرتُ نظري إلى الجانب الآخر.
رأيتُ أردييل، الساحر الأصغر، بعيون لامعة و خدود متورّدة بشدّة.
‘لا تنظر إليّ بتلك النظرات بوجهٍ أجمل من وجهي.’
ثم، كالزن، الذي يمثل عائلة الدوقة، و الذي كان جالسًا تحت المنصة مباشرة.
كان ينظر إليّ بعيون ترتجف بدقة، كما لو كان مصدومًا.
و أخيرًا…
“لقد أتيتِ، أيتها الدّوقة.”
كايسيس.
كانت عيناه الواضحتان، و هو يدعم ذقنه بيده بنظرة ناعسة قليلاً، تحدّقان بي.
نظرتُ إليه دونَ أن أتراجع.
لولا لوياس، الذي كان يبتسم بصمت بحماس بجانبنا، لكان الجو قد أصبح شرسًا جدًا.
‘من ترتيب الجلوس، يبدو أنهم خاضوا معركة شرسة حول مكان جلوس لوياس.’
كان ذلكَ واضحًا.
تحدّث كايسيس، الذي أنهى معركة النظرات، أولاً:
“لم أكن أعلم أنّـكِ سترتدين مثل هذه الألوان.”
هل هذا مديح؟
أم أنه ليس كذلك؟
“أرجوك، لا تهتم بهذا، جلالتكَ.”
حدّقتُ في الرجل الغامض وبحثتُ عن مكان جلوسي.
في الوقت نفسه، حدّقتُ بشراسة في الأشخاص الذين فتحوا أفواههم مذهولين لأنني ارتديتُ فستانًا بألوان زاهية.
‘ألا يمكنكم جميعًا إبعاد أنظاركم؟’
مع سعال مصطنع و نظرهم بعيدًا، شعرتُ أخيرًا ببعض الرضا.
كنتُ سأتوجه نحو المقعد الفارغ بجانبِ كالزن، تحت المنصة مباشرة، حيث كان يلوح لي مبتسمًا.
“دوقة.”
لولا أن كايسيس ناداني فجأة.
عندما أدرتُ رأسي قليلاً، قال مبتسمًا:
“ماذا؟”
“هل تنوين الجلوس هناك؟”
بمعنى…
“ألا يفترض بـكِ أن تجلسي بجانبي أنا و لوياس؟ نحن ضيوف، أليس كذلك؟”
“…..”
شعرتُ بعيون السحرة و المستيقظين تتلألأ.
‘آه، اللعنة.’
كانت هذه علامة على بـدء الجولة الثانية من النزاع بين المجموعتين حول مقعد لوياس.
* * *
أردتُ سـدّ أذنيّ.
بعد دقائق من دخولي قاعة المأدبة، كنتُ لا أزال واقفة في المنتصف بين المجموعتين دون أن أجلس، و كان الإحباط يغمر وجهي.
هل هذا صحيح؟
أنا سيدة قلعة الدوقة، و مع ذلك، يتنازعون بشراسة حول مكان جلوسي في المأدبة؟
“من الطبيعي أن تجلس سيدتنا، رئيسة السحرة، في المنصة معنا! الأمر يختلف عن لوياس!”
“جلالة الإمبراطور موجود هنا، لذا نادِ الأمير لوياس باحترام.”
“هل هذا مهمّ الآن؟ على أي حال، إذا تـمّ تحديد أنّ مكان جلوس الأمير لوياس هو بجانبِ جلالة الإمبراطور، ألا يجب أن يتمّ تحديد مكان جلوس سيّدتنا وفقًا لقرار عائلة الدّوقة آرييل!”
“همف، بما أننا زوار في قلعة الدوقة، من الطبيعي أن يجلس الضيف و المضيف على نفس المنصة. ألستم تحاولون عمدًا جعل العائلة الإمبراطورية تبدو وقحـة؟”
ضغطتُ على صدغيّ.
كانت الأمور تتحول إلى فوضى، مثل مشهد في غرفة اجتماعات.
لم أتوقع هذا المشهد، لكنني أخفيتُ تعبيري المحرج وأنا أرى سحرة عائلة الدّوقة أرييل يراقبون الموقف بعيونٍ مرتبكة.
آسفة، هل هذه أول مرة ترون مثل هذا المشهد؟
كان كالزن، على وجه الخصوص، ينظر إلى المجموعتين اللتين تصرخان ببعضهما بذهول.
في هذه الفوضى، كان كايسيس، الذي تسبّب في هذا النزاع عمدًا، يضحك كما لو كان مستمتعًا، مما زاد من غضبي.
يبدو أن هذا الرجل كان في مزاج سيء حقًا.
‘هل أجلس ببساطة مع السحرة؟’
بدت تلكَ الفكرة أفضل.
كنتُ سأتحرك نحو المقعد الفارغ بجانبِ كالزن.
لولا تدخل كايسيس المزعج مرّة أخرى.
“من الصعب مشاهدة هذا.”
أنا مَـنْ يعاني أكثر هنا.
“بدلاً من ترك الدوقة تقرر بنفسها، حسنًا، لوياس، ماذا عن أن تقرر أنـت؟”
الآن، تحولت كل الأنظار إلى الطفل الصغير اللطيف.
“…..!”
نظرتُ إلى العيون المتسعة المذهولة و أومأتُ برأسي كما لو كنتُ أقول لا بأس.
كانت نظرة لتطمئنه بعدم الشعور بالعبء، فأومأ الطفل الشجاع بسرعة.
ثم وقف فجأة.
كان الطفل، الذي احمرّت خدوده من إحراج النظرات المسلطة عليه، يتردد قليلاً، ثم أشار بخجل إلى المقعد بجانبـه.
التعليقات لهذا الفصل " 64"
ياعمري لوياس لطيف واخوه الهطف استغله بذا الموقف يدري وش اجابته ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه