خلال صمت مرعب، شعرتُ و كأن قلبي سينفجر.
لكن كايسيس، كما لو كان يقول لا تسيئي الفهم، نظرَ ببرود إلى الجميع و قال:
“مشهـد رائع حقًا.”
بالأحرى، كان يتحدث إلى الرجل الذي ابتسم لي بحرارة، وهو بالتأكيد المسؤول عن الإقطاعية و ابن المربية.
“ما اسمـكَ؟”
أخفض الرجل رأسه ببطء.
كان موقفه متعجرفًا إلى حدٍّ ما.
“أحيي شمس الإمبراطورية. أنا كالزن من عائلة البارون هادير التابعة لعائلة الدّوقة آرييل .”
شعرتُ بأن جو كايسيس أصبح أكثر برودة مع ردّه البطيء و الهادئ.
يبدو أن موقف أشخاص عائلة الدّوقة آرييل لم يعجبه.
“و ماذا تفعل؟”
“أنا المدير الوكيل لإدارة إقطاعية عائلة الدّوقة آرييل.”
ضيّق كايسيس عينيه.
شعرتُ بقشعريرة.
ما الذي يحاول هذا الرجل إثارته؟
“هذا يعني أن تصرفاتكَ مرتبطة مباشرة بمكانة دوقية آرييل.”
“هذا صحيح.”
“و مع ذلك، تتصرف بهذه الطّريقة؟”
“أعتذر، لكنني لا أفهم ما تقصده.”
“لا تفهم؟ هل حقًّا أنـتَ لا تفهم؟”
كنتُ أرتجف من شدّة الحوار القاسي.
الآن، كايسيس لم يعـد يحدّق في الرجل المسمى كالزن، بل استدار نحوي.
“ما رأيكِ، يا دوقة؟”
لم يكن لدي أي رأي.
بغضّ النظر عن أفكاري الداخلية، كانت عيناه الزرقاء الواضحة مليئة بالاستياء الصريح.
“تحدثي. هل هذه هي أخلاق عائلة الدّوقة آرييل ؟ كيف يجب أن ننظر إلى وقاحة استقبالكِ أولاً قبل الإمبراطور نفسه؟”
“…..”
نظرتُ إلى الأشخاص الذين أخفضوا رؤوسهم.
توقعتُ أن أرى وجوهًا مرتبكة، لكن بدلاً من ذلك، تنهدتُ داخليًا وأنا أرى تعبيراتهم الهادئة بشكلٍ مثير للقلق.
‘يا إلهي، انظروا إلى أعينهم. إنهم غاضبون جدًا. أليسوا أسوأ من سحرة البرج؟ هؤلاء هم أشخاص هيلاريا الحقيقيون.’
عندما التقيتُ بعيون كالزن الخضراء التي انحنت بلطف ، فكرتُ للحظة أن تصرفه بتجاهل الإمبراطور و الاندفاع نحوي قد يكون وقاحة متعمدة.
‘نعم، هذا صحيح.’
ليس لديهم شجاعة عادية.
يا سيّـد ، هل هذا وقت الابتسام؟
الأمر الأكثر إحباطًا هو أن التعامل مع هذا الموقف يقـع على عاتقي.
كبحتُ صرخة داخلية و رفعتُ حاجبي و أجبـتُ كايسيس:
“و ما المشكلة؟”
ارتعش حاجبه.
“مـاذا؟”
آه.
أردتُ الهروب من نظرته الشرسة، التي كانت أقوى بكثير مما رأيته في القصر الإمبراطوري، لكن كل هذا كان من أجل البقاء.
“يبدو أن أناسي كانوا متحمسين قليلاً.”
أنا دوقة آرييل .
أنا هيلاريا، الساحرة العظيمة الباردة!
كررتُ هذا في ذهني عدّة مرات و واصلتُ:
“بالتأكيد لم تتوقع استقبالًا كبيرًا، لذا أظهر بعض التفهم. يبدو أن أناسي ارتكبوا خطأً لأنهم نادرًا ما يرون وجه جلالتكَ.”
“هل تسمين هذا كلامًا حقًّا؟”
رأيته يرفع حاجبه باستياء، و أدركتُ أنه لم يتدخل بسببِ استيائه من محاولة كالزن مـدّ يـده إليّ.
لكن في هذه اللحظة، تدخّل كالزن.
“أعتذر عن جرأتي، جلالتكَ.”
تفاجأتُ حقًا.
يا رجل، قد يُقطع رأسك! هذا الـ SSS ليس لديه مزاج عادي.
“بسبب الإشعار المفاجئ، كانت تحضيرات الدّوقية ناقصة. و أيضًا، بسببِ شعوري بالحماس للقاء شخصٍ عزيز بعد وقت طويل، ارتكبت خطأً كبيرًا. أنا آسف.”
لم يبدُ كالزن آسفًا على الإطلاق، بل كان لسانه يتحرك بسلاسة، مما جعلَ نظرة كايسيس أكثر شراسة.
يبدو أن فرسان عائلة الدّوقة آرييل المتعجرفين، معظمهم من عائلات سحرية، كانوا يقولون إن هذه الأرض ليست القصر الإمبراطوري، بل أرض السحرة.
في تلكَ اللّحظة ، سمعتُ صوت طقطقة حادة من مكانٍ ما.
كما لو أن شخصًا ما يصر على أسنانه.
“شخص عزيز؟”
“نعم، هذا صحيح.”
“هيلاريا. هكذا ناديتها؟”
“…..”
“هيلاريا.”
لماذا يطرح هذا الموضوع؟
شعرتُ بالحزن لعدم تدخل النظام للسيطرة على جسدي على هذه المرة ، و رمشتُ بعينيّ.
“يا دوقة، يجب أن تعلمي أتباعكِ الأدب. أليس كذلك؟ هل ينادون اسم رئيستهم بلا مبالاة في مناسبة رسمية؟”
في مجتمع طبقي، كان هذا أمرًا لا يُصدق، لكنني لم أستطع الإيماء لكلام كايسيس هنا.
تدخلتُ بسرعة و حجبتُ نظرته بجسدي.
“هذا شأن عائلة الدّوق.”
بدوت كما لو كنتُ أحمي أشخاص عائلة الدّوقة آرييل.
نظرتُ إلى كايسيس مباشرةً و قطعتُ هذا الجو:
“سأوبخهم لاحقًا.”
“…..”
“كم من الوقت ستبقى واقفًا عند المدخل؟ لندخل، جلالتكَ. ماذا تفعلون جميعًا؟ استعدوا!”
“نعم، سيدتي. سنرافقكم إلى الغرف المُعدة.”
بأمري، بدأ أشخاص عائلة الدّوقة، الذين كانوا ينتظرون، في التحرك، مرافقين سحرة القصر المذهولين و المستيقظين.
في لحظة، تحرك الحشد.
تنهدتُ داخليًا.
هؤلاء ليسوا عاديين حقًا.
‘على الأقل، ارتاح قلبي قليلاً.’
لكن المدير الوكيل، كالزن، اقترب مني.
على الرّغمِ من أن كايسيس لم يبتعد بعد، نظر إليّ و قال:
“هيلاريا.”
و ناداني باسمي مرّةً أخرى.
كما لو أن توبيخ الإمبراطور لم يبـقَ في ذاكرته.
‘سأجـنّ.’
نظرتُ إلى الرجل الوسيم الذي يبتسم بهدوء بينما كنت أتصبّب عرقًا في داخلي.
“لقد اشتقـت إليكِ حقًّا.”
“…..”
“أليس من الظلم عدم إرسالكِ أي أخبار.”
رأيتُ كايسيس، الذي خطا بضع خطوات، يحدّق ببرود.
‘بعد أن تـمّ توبيخه لعدم استخدام لغة غير رسمية، هو يتحدث بهذه الطّريقة الآن. هل يفعل ذلكَ عن قصد؟’
يبدو أن أتباع دوقية آرييل لديهم حياتان.
ابتلعتُ تنهيدة و نظرتُ إلى عيون الرجل الذي اقترب مني.
‘هل يجب أن أتحدث بلغـة غير رسمية؟ ماذا أقول؟ أعطني بعض المعلومات.’
لون أخضر زمردي واضح و جميل جدًا.
في تلكَ اللحظة، رن صوت:
دينغ─
[ظهر شخص يكـنّ لكِ مودة قوية.
لكنه شخص ذو نفوذ محدود.
يخرج عن القصة الرئيسية.
إنه كالزن، ابن المربية و صديقكِ القديم.
لقد أحبّـكِ من طرف واحد لفترةٍ طويلة، وكان الشخص الوحيد الذي شعرتِ بالراحة معـه.
بما أنه يعرف الكثير عنكِ، هناك مخاطر كبيرة بكشف هويتكِ.
كوني حذرة!]
كما توقعتُ، لم تخـب توقعاتي المشؤومة.
حتّى أنّـه كان يحبّ هيلاريا من طرف واحد أيضًا.
‘هذا يعني أنه يعرف هيلاريا أكثر من أي شخص آخر.’
كانت عيناه المنحنية بلطف جميلة جدًا، لكن قلبي تجمد.
بمعنى آخر، كان خطرًا مثل كايسيس بالنّسبة لي.
آه، أردتُ الهروب فورًا.
لكن الرجل مـدّ يـده.
“بما أنها زيارتكِ الأولى بعد فترة، سأرافقكِ بنفسي. هيا، لقد أعددتُ كل شيء لترتاحي.”
رأيتُ الجليد يتكون تحت قدمي كايسيس.
و رأيتُه يتحرك ببطء بنظرة غير راضية.
آه، يبدو أن الإقامة في قلعة الدوقة لن تكون هادئة.
شعرتُ بصداع ينبض.
* * *
خلال طريقي إلى الغرفة، لم أنطق بكلمة.
“كنتُ محبطًا. لم ترسلي ولو رسالة واحدة.”
“……”
“يبدو أنكِ اقتربتِ من الإمبراطور أكثر مما توقعتُ. الجو يختلف قليلاً عما يقال.”
“……”
“ها هي ذي، لقد جهّزتُ غرفتكِ المعتادة مرّة أخرى.”
لحسن الحظ، لم يجـد كالزن صمتي غريبًا.
يبدو أن تفسيري للشخصية لم يكن خاطئًا.
‘حتى لو كانا صديقي طفولة، فهيلاريا ليست من النوع الذي يثرثر.’
عندما وقفتُ أمام غرفة معينة، شعرتُ بشعور غريب.
‘إذًا، هنا مكان إقامة هيلاريا؟’
بينما كنتُ لا أزال صامتة، نظرَ إليّ كالزن و ابتسم بحزن.
“لم تتغيري حقًا. هل تتظاهرين بالجهل؟ أم أنكِ لا تريدين الاهتمام؟ هل أردتِ نسيان اعترافي أيضًا؟”
تفاجأتُ داخليًا.
هل اعترف بحبّـه بالفعل؟
“لكن، هيلاريا، لقد اشتقتُ إليكِ كثيرًا. من فضلك، لا تنسي وعـدي بأنني سأنتظركِ.”
بقيتُ صامتة لأن أي رد سيبدو غير طبيعي.
يبدو أن كالزن أساء فهم صمتي.
“هيلاريا.”
نظر إليّ بعيون رطبة و حزينة.
من فضلك، لا تنظر إليّ هكذا.
لم يكن لديه فكرة عن العرق البارد الذي كنتُ أشعر به داخليًا، ففتح الباب و قال:
“ارتاحي جيدًا. سأراكِ في قاعة المأدبة.” ثم غادر.
أنا وحدي في الغرفة، أخيرًا…
“هااه!”
تنفستُ أخيرًا.
مجنون، يا إلهي، هذا جنون!
[لقد نجوتِ من لحظة خطيرة.
لكن لا تسترخي.
هذه قلعة الدوقة، إنّها مليئة بذكريات هيلاريا.
إذا تصرفتِ بطريقة لا تشبهكِ، قد تكون العواقب لا تُطاق.]
نعم، أعرف. أعرف جيدًا.
دفنتُ وجهي في يديّ.
كنتُ متعبة بالفعل وأردتُ العودة إلى سريري الناعم في قصر العاصمة.
الأكثر رعبًا هو أن مأدبة تجمع الجميع كانت مقررة بعد ساعات قليلة فقط.
التعليقات لهذا الفصل " 62"