فهمتُ تقريبًا ما يعنيه.
لكنني لم أكـن مستعدة للاستسلام بهذه السهولة.
“أفهم نيتكَ، جلالتكَ. لكن، هل يجب أن يحدث ذلك الآن؟ في وقت لم يتبقَ فيه سوى أسابيع قليلة على حدث وطني مهم؟”
لم أتلقَ بعد مرشحين مناسبين للتدريب بين السحرة و المستيقظين المقرر بعد ثلاثة أسابيع.
وأنا الشخصية التي يجب أن تعرض السحر أمام البوابة.
و فوق ذلك، جاءت أخبار مفاجئة بأن وفد المملكة المقدسة، لوسيد، سيزور مبكرًا.
‘و الرجل الذي تسبّب في كل هذا، يريد الآن مـاذا؟’
حدّقتُ فيه بنظرات غاضبة، فتفحّصني كايسيس بعيونه الزرقاء الجليدية الجميلة بنظرة ثاقبة.
ما الخطب؟ هل ارتكبتُ خطأً ما؟
“يبدو أنّـكِ نسيتِ حقًا، يا دوقة.”
خفق قلبي.
لقد نسيتُ الكثير بالفعل.
“بعد يومين، سيأتي موسم الشمس الحمراء.”
شعرتُ بأن الدماء تجـفّ من وجهي.
بالنّسبة للدّوقة آرييل ، التي تدعم الإمبراطورية، فإن موسم ‘الشمس الحمراء’ هو فترة لا يمكن نسيانها أبدًا.
لبضعة أيام في السنة، عندما تكون الشمس في أعلى نقطة لها، يتوقف ظهور البوابات الخطرة لمدة 4 إلى 5 أيام تقريبًا، وفقًا لأحداث الرواية.
أتذكر أن المملكة المقدسة ادّعت أن قوة حاكمهم، التي ترمز إليها الشمس، تكون في أوجها خلال هذه الفترة، مما يقمع قوة البوابات.
‘يا إلهي… حتى لو تذكرتُ، فلماذا أتذكر فقط أشياء بسيطة كهذه؟’
أومأتُ برأسي و أنا أخفي ارتباكي داخليًا، فضحكَ الإمبراطور بغموض و قال:
“إذًا، هل هناك موسم أفضل للصيد من هذا؟”
من وجهة نظر الإمبراطور، هل حتى المملكة المقدسة، التي أصرت فجأة على تقديم زيارتها، مدرجة ضمن قائمة المشتبه بهم؟
‘ربّما يفكر في استكشاف الأمر قبل وصولهم.’
لم يكن هذا قرارًا سيئًـا منـه.
أفهم، أفهم، لكن هذا…..
نظرتُ بحزن إلى جبل الأوراق المتراكمة، التي لا أعرف متى سأنتهي من معالجتها.
تبـعَ كايسيس نظرتي، ثم لوى شفتيه بابتسامة شريرة.
واو، أن تبتسم بهذه الطريقة بوجه وسيم كهذا هو موهبة بحدّ ذاتها.
“هل زيارتي تزعجـكِ حقًا؟”
“نعم، إنها تزعجني.”
“…..”
“هل توقعتَ أن أكون سعيدة؟”
تغيّرت ابتسامة الإمبراطور للحظة عند ردي الذي قلته دون تردّد.
ماذا، هل أغضبتـكَ؟
“دوقة ، حتى لو كانت علاقتنا سيئة للغاية، فإن زيارة الإمبراطور الرسمية عادةً ما تكون شرفًا للعائلة.”
سخرتُ من كلامه.
“هذا ينطبق على العائلات العادية. أنا زعيمة السحرة. حسب تاريخ عائلة آرييل، لم يزر الإمبراطور الدوقية أبدًا.”
“أليس هناك سبب آخر؟”
ما هـذا الآن؟
“هل غيابكِ الطويل جعلَ إقطاعيتكِ غريبة عليكِ؟”
“…..”
“بالتأكيد ، الأمر ليس كذلك. امرأة ذات ذاكرة ممتازة بشكلٍ مزعج مثلكِ لن تجـد مسقط رأسها غريبًا.”
“…..”
لا ، هي غريبة عليّ ، بل غريبة جدًا!
لم أكن أعرف حتى مَنٔ يعيش في قصر الدّوقة آرييل .
أعرف عن الإمبراطور الذي أمامي أكثر مما أعرف عن الدوقية.
‘لم تكن هناك مثل هذه المشاهد في القصة الأصلية، لذا لم أبحث عن معلومات حول قصر الدّوقة آرييل .’
كنتُ أتصبّب عرقًا داخليًا عندما رأيتُ الرجل الذي يتفحصني الآن بهدوء وهو يشبك ذراعيه.
اللعنة، هذا الرجل حقًا…
“لماذا؟ إذا كان هناك سبب يمنعني من الزيارة، أخبريني بالتفصيل.”
“…..”
[تحذير!
هوية الشخصية تتزعزع!]
شعرتُ بالدوار.
إذا أصررتُ بقوة على الرفض الآن، فسيشك الإمبراطور بي أكثر مما هو عليه الآن.
‘لقد أنقذتـه من قبل ، و الآن يطالبني بحقيبتي أيضًا؟’
هل أقولها له مباشرة؟
اذهب لوحـدكَ . لن أذهـب!
بهذه الطّريقة!؟
لكن نافذة النظام ألقت عليّ بمهمة كما لو أنها تحاول إقناعي بعدم القيام بذلك.
[حدث صيد الإقطاعية!
تلقيتِ طلبًا من الإمبراطور لزيارة قصر الدوقة.
سيتم اختيار نقطة انقسام طفيفة بناءً على قراركِ.
لكن انتبهي.
الشخصية، كايسيس، ستراقب ردكِ بعناية.
القبول: الحفاظ على مستوى الإعجاب
الرفض: مستوى الإعجاب -100]
“…..”
هل هذا النظام جاد الآن؟
و مستوى الإعجاب، يا للهراء!
‘هذا النظام يستخدم مستوى الإعجاب كما لو أنّـه لعبة مواعدة، رغمَ أنّه لم يريني القيم حتى! إذا كنتَ ستستخدم المهام، على الأقل افعلها بجدية!’
لكن الرفض هنا يعني تحذيرًا من أن شيئًا فظيعًا سيحدث.
شعرتُ بصداع في رأسي.
‘حسنًا، اللعنة.’
أغمضتُ عينيّ ثم فتحتهما.
“حسنًا. بعد يومين، سأغادر.”
“قرار جيد، يا دوقـة.”
عندما نظرتُ إلى عيون الرجل الزرقاء التي تنحني بهدوء، شعرتُ بألم في قلبي.
‘هذا الرجل…’
الإمبراطور يشـكّ بي بالتأكيد.
و بطريقةٍ سيئة للغاية.
* * *
في مملكة لوسيد، حيث لا تزال سلطة المعبد قوية، كان هناك خمسة كرادلة محترمون تحت سلطة البابا.
إذا طُلب من الناس اختيار الكاردينال الأكثر حبًـا، فسيختار الجميع اثنين.
أحدهما هو الكاردينال سيروين، الذي يمتلك قوة مقدّسة قوية تُعرف بأنها آخر جزء من الحاكم.
والآخر هو الكاردينال هانويل، الرجل الذي يركع الآن في غرفة الصلاة و يتلو الكتاب المقدس.
الكاردينال هانويل، بشعره الأزرق السماوي و عينيه الفضيتين الغامضتين، كان لديه العديد من التابعين الذين يمدحون مظهره الجميل.
بمظهر يبدو تقريبًا مقدسًا، و شخصية زاهدة و لطيفة، و موقف يليق بالكاهن، و أكتاف عريضة و صدر واسع.
لقد تخلى عن لقبـه النبيل عندما انضم إلى المعبد، لكنه لا يزال ابن شقيق الملك و الخامس في خطّ الخلافة.
في تلكَ اللّحظة ، ظهرَ شخص يقاطع صلاته الهادئة.
بخطواتٍ خفيفة، فتـحَ رجل باب غرفة الصلاة و وقـفَ بجرأة أمام الكاردينال هانويل.
“هانويل، سمعتُ أنكَ تقدمتَ لتكون جزءًا من وفد المملكة هذه المرة؟”
فتحَ هانويل عينيه و نظرَ إلى الرجل أمامه بابتسامة لطيفة.
“الكاردينال سيروين.”
شعر أسود كثيف و مرتب، و بشرة بيضاء.
رجل بمظهر جميل و مبهر كملاك في لوحة مقدسة.
كان لديه شامة بالقرب من عينيه تضفي جوًا غريبًا.
لعق شفتيه الحمراء الفاقعة بينما يبتسم بنظرة شقية.
“هانويل، الرجل المتزمت المشهور بعدم مغادرة الأراضي المقدسة أبدًا، اتخذ قرارًا مذهلاً؟”
“البوابات و المستيقظون، أليس موضوع توازن القوتين بينهما مثيرًا للاهتمام؟ لا يمكنني البقاء ساكنًا.”
أحدهما يُعرف بالجزء العظيم الذي لا يزال يحمل معجزة الحاكم المتداعية.
و الآخر، بلا أي قوة مقدّسة، لكنه ارتقى إلى منصب الكاردينال بمعرفته الواسعة، و شخصيته، و صدقـه.
لم تكن علاقتهما جيّدة حقًا.
نهض هانويل من مكانه.
صـرّ على لسانه داخليًا.
‘كيف يمكن لشخصٍ تافـه كهذا أن يحمل معجزة الحاكم.’
لكنه لم يستطع إظهار استيائه، فابتسم بلطف و سأل:
“فوجئتُ أنا أيضًا. سمعتُ أن الكاردينال سيروين سينضم إلى الوفد أيضًا.”
“آه.”
انحنت عيون سيروين بغرابة.
مرر يـده في شعره الأسود الناعم كظلام الليل و سأل بنعاس:
“لماذا؟ هل فاجأكِ أن أنضم إلى مثل هذا التجمع المتزمت؟”
تصلّب هانويل قليلاً بسبب النبرة الوقحة، لكنه سرعان ما خفف تعبيره و سأل.
لقد كان الرجل الآخر شخصًا لا يلتزم بقواعد المعبد أبدًا، لذا لم يكن هناك داعٍ للغضب من مثل هذه الأمور.
مرّةً أخرى، كان هانويل مستاءً من أن شخصًا بمثل هذه الطباع يُعتبر كاردينال محترم و يُعرف بأنه آخر جزء من الحاكم.
“لم أقصد ذلك. أنتَ تحب الحرية، و رحلة إلى الإمبراطورية لن تكون سهلة.”
“لهذا السّبب.”
“مـاذا؟”
“لهذا السّبب.”
ماذا يعني؟
“أشعر أنني يجب أن أذهب إلى هناك.”
ابتسم الرجل الجميل بمكر ، فاتّسعت عينا هانويل.
لم يهتم سيروين، و نهض من مكانه كما لو أن هذا كل ما أراد قوله.
كان ذلكَ قبل أيام من مغادرة وفد المملكة المقدسة.
التعليقات لهذا الفصل " 57"