حدّقتُ ببرود في الساحر الصغير الذي كان وجهه الجميل يشـعّ بالسعادة.
ماذا وجدتَ إذًا؟
أكمل جملتكَ على الأقل.
“أصبح بإمكاننا الآن رؤية معدل التوافق بين المرشد و المستيقظ!”
يا إلهي، اكتشاف نادر…
…لا، ليس كذلك.
ما الذي قلـتَه!
‘هذا يعني أن هناك مخاطر أكبر بكشف هويتي إذا حدثَ شيء!’
يا للجنون، كان ساحري الصغير قنبلة جميلة جاءت راكضة بابتسامة.
* * *
كل سحرة الإمبراطورية، بلا شك، يحترمون و يحبون الدوقة آرييل.
ليس فقط لأنها زعيمتهم.
‘لأنها جديرة بالاحترام!’
كان الدّوق السابق لعائلة آرييل ساحرًا رائعًا لكنه كان متعجرفًا و متسلطًا.
لم يكن يفهم تاريخ تقاسم السلطة مع المستيقظين.
بما أنه كان زعيم السحرة، اشتعلت المعارك بين المستيقظين و السّحرة بشدة.
في خضم ذلك، توفي الدّوق السابق بشكلٍ مأساوي في حادثة متعلقة بالبوابة، فتـمّ ترشيح ابنته الصغيرة لتكون زعيمة البرج.
لأن قدراتها كانت استثنائية.
و لأن السحرة يثبتون أنفسهم بالمهارة.
لكن الجميع كانوا قلقين داخليًا.
ماذا يمكن أن تعرف هذه الفتاة الصغيرة لتتولى دور سيّدة البرج؟
لكنها كانت مفاجأة.
كانت الفتاة الصغيرة ممتازة بشكلٍ مدهش.
‘لم تتذمر أبدًا ، بل أثبتت نفسها بقيادة سحرة أكبر سنًا و أكثر خبرة بكثير.’
و حتى توازنها الرائع و تناغمها مع الإمبراطور المرعب!
حاليًا، كان سحرة البرج يعملون لأيام دونَ نوم أو وجبات مناسبة، يعملون ساعات إضافية طوعية، و كل ذلك كان تعبيرًا عن أسفهم و احترامهم لزعيمتهم.
لأن سيّدتهم العزيزة التي يحترمونها و يعتزون بها…
كانت قد انهارت!
‘بسبب ضجيجنا، تعرضت رئسيتنا للإهانة في القصر!’
‘حتى أنها أُصيبت بالمرض! رئيستنا الحديدية!’
‘آه، لقد رأيتها. بالتأكيد، رأيت رئيستنا تتقيأ بالقرب من ساحة التدريب في الفجر…!’
‘لا بد أن السبب هو الأوامر المجنونة للإمبراطور بتحقيق نتائج خلال شهرين! لقد كنا غافلين جدًا. ألم ندفع كل شيء إلى رئيستنا؟’
‘حسنًا، لنتعاون! لنسرّع البحث. اجمعوا الجميع!’
بدأت توبة السحرة و استيقاظهم.
هنا، كان أردييل، أصغر ساحر في البرج والمعروف بالعبقرية، واحدًا منهم.
بل كان أكثر المعجبين المتحمسين بالدّوقة آرييل.
‘رائعة جدًا. حقًا رائعة جدًا.’
كان لديه سر، هو المنتمي إلى دوقية آرييل، من عائلة بارون ضعيفة.
بسبب هذا السر، كان من المفترض أن يتخلى عن حياة الساحر و يعيش في صمت.
لأن ذلكَ لن يجلب العار لعائلته.
لذا كان على وشكِ الاستسلام قبل أن يبدأ.
لكن حياته تغيرت عندما رأى دوقة آرييل الصغيرة.
تلكَ الفتاة الصغيرة.
الفتاة التي تبدو أكبر منه ببضع سنوات فقط، بينما تقـف بثقـة و شموخ.
‘أريد أن أصبح مثلها.’
غيّـر هذا القرار الكثير.
على مدى سنوات، عمـلَ بجنون حتى أصبح ساحرًا مسجلًا في البرج.
من أجل يوم يمكن أن يكون فيه مفيدًا لسيّدته.
للوقوف إلى جانبها.
‘و أخيرًا ، الآن!’
سكب كل ما لديه و اكتشف نتيجة مذهلة.
بالطبع، كل هذا كان نتيجة جمع الملاحظات العابرة التي ألقتها رئيسته.
‘معدل التوافق بين المستيقظ و المرشد؟’
‘سيكون من السهل لو أمكن رؤيته بشكلٍ مرئي.’
مثل هذه الآراء.
‘لو أمكننا معرفة طبيعة البوابة أو درجتها مسبقًا قبل أن تصبح خطرة، سيكون ذلك جيدًا.’
‘آه، إذًا يمكننا تصميم دخول المستيقظين بكفاءة أكبر.’
مثل هذه الآراء!
‘حسنًا. مع هذا الموضوع البحثي، لن يتمكن الإمبراطور من عرقلة أبحاث السحرة حول البوابات بعد الآن.’
نظريًا، افترض السحرة أن المانا وقوة السحرة تنتمي لهذا العالم، بينما قوة المستيقظين و المرشدين داخل البوابات هي قوة غريبة.
التقارير المقدمة للإمبراطور كانت عن العلاقة بين البوابات و السحر.
طرق و نظريات لتخفيف الهواء السام المتسرب من البوابات ضمن المانا.
‘طرق تتيح للسحرة التنفس و العمل لمدة أطول داخل البوابات.’
وهكذا، دون أن تتأثر بقوة البوابات، بل و الاقتراب أكثر.
حتى يصبح الهدف النهائي للسحرة هو استخدام السحر داخل البوابات.
“ما رأيـكِ بهـا؟”
لم يستطع أردييل كبح إثارته و هو يرتجف أمام هذا التعويذة السحرية المذهلة، حتى مع تعبير رئيسته البارد كالجليد.
كما هو متوقع من الدوقة الرائعة.
جديرة بالاحترام دائمًا.
‘لكن انظري إليّ قليلًا. كل هذا تـمّ العمل عليه من أجلـكِ!’
لو فقط أستطيع أم أسمع المديح من تلك الشفاه!
كان كذلك.
كان الساحر الصغير مغرمًـا بشدّة برئيستهم.
أخيرًا، فُتحت الشفاه الباردة.
“إذًا، حسب كلامكَ، إذا صيغت هذه التعويذة في كرة مصنوعة من مادة البوابة، يمكننا رؤية معدل التوافق بين المستيقظ و المرشد على الفور؟”
“نعم!”
بهذا، سيتقلّص عدد المستيقظين الذين يعانون كثيرًا.
بالطبع، لم يكن يهتم بمعاناة هؤلاء الأوغاد، لكن على أي حال، هذا سيرفع من هيبة السحرة!
شعر أردييل بالغرور.
لكنه، لسببٍ ما، شعـرَ أن تعبير رئيسته أصبح أكثر برودة، لكنه اعتقد أنها مجرد وهم.
“نسميه معدل التوافق، و يمكن تمييزه بالألوان. نضع المقياس عند 100 : الأرجواني حتى 40 ، الفيروزي حتى 60 ، الأزرق حتى 80 ، و الأحمر حتى 100.”
“كلما كان اللون أغمق، كان المعدل أعلى.”
“نعم!”
نظر أردييل بحذر ، متلألئًا بعيون ليمونية يمدحها الجميع، و هو يتودّد أمام زعيمته.
امدحينـي بسرعة.
انظـري إليّ.
و اختاريني كمساعد ساحر للعرض!
“حسنًا. عمل جيد.”
لكن زعيمته كانت غير مبالية تمامًا.
‘هل هذا كل شيء!’
كان يأمل في نظرة ودودة مثل تلكَ التي ترميها أحيانًا إلى الأمير لوياس، لكن عينيها الجليديتان، كالمعتاد، اخترقتاه.
“لماذا تقـف و لا تخرج؟”
آه! باردة جدًا!
“أم…”
“ماذا؟ هل هناك شيء آخر؟”
على الرّغم من تنهدّه داخليًا، اعتقد أردييل أن هذه النبرة الباردة هي جزء من سحر سيّدته.
‘مؤلم لكنه أمر رائع.’
أحيانًا، عند سماعها، يشعر بألم في صدره و كأن الدموع ستنهمر، لكن السعادة التي تغمره أكبر، أليس كذلك؟
لو كان لوحده يشعر هكذا، لأدرك أن هذا غريب، لكن بما أن معظم سحرة البرج مثله، لذا لم يعرف أنـه مخطئ.
ابتسم بسذاجـة.
“هل تفكرين في اختيار مساعد ساحر جديد؟”
“لا.”
“إذًا شيء آخر…”
“لاحقًا. اخرج.”
“سيدتيييي.”
“ما هذا التدلل؟ اخرج.”
كنتُ أريد أن أسأل عن هذا أيضًا.
مؤخرًا، أشعر بسعادة أكبر عندما أكون بقرب سيّدتي.
هل ربّما رششتِ عطرًا من النوع الذي أحبّـه؟
أنزل أردييل زوايا فمـه كطفلٍ محبط.
* * *
آه، لماذا لا يخرج هذا الرجل؟
كنتُ في حالة توتر شديد منذ أن لامست ظهر يـده عندما ناولني أردييل التقرير.
اللعنة، هذا النظام المزعج!
مرة أخرى، بدأت نافذة النظام ترسل إشعارات مشؤومة.
─ دينغ.
ماذا؟
ما الذي سيفاجئني به هذه المرة؟
[مهمة جديدة!]
آه، لا تفعل هذا.
أمامي الآن لا يوجد سوى هذا الساحر الصغير الذي يثرثر، فأي مهمة ستظهر هنا؟
[شرط مسبق لمهمة متعددة الجوانب.
اكتشاف مستيقظ مختبئ (1)!]
“…..”
“ما الأمر؟”
تدفّق العرق البارد.
عندما نظرتُ إلى الأمام، ملأ رجل وسيم بعيون ليمونية مبتسمة رؤيتي.
إذًا هذا الشّخص…
مستيقظ يخفي هويته؟
و أنا لم أكن أعرف؟
“أنـتَ.”
“نعم؟”
لم أستطع تصديق ذلك، فضيّقتُ عينيّ و حدّقتُ فيه بشدّة ، فبـدت عليه لسببٍ ما، ملامح خجولة و توردت خدوده.
لكنني، أكثر من تعبيره، تفاجأت باكتشاف طاقة خافتة و ضعيفة.
ربّما طاقة شفاء، ناعمة و ضعيفة.
شيء لم أكن لأشعر بـه لولا أنني مرشدة متميزة من المستوى S .
‘يا للجنون! كان هناك نمر بجانبي مباشرة.’
بالتأكيد كانت هذه طاقـة مستيقظ.
التعليقات لهذا الفصل " 53"