ارتجفت يدي المقبوضة ، فأخفيتها خلف ظهري و كأنّني أضعها هناك عمدًا.
تجمّدت ملامح وجهي ، بينما كنت أحاول إخفاء رغبتي في شكره على كلامه.
“حسنًا ، لا أعرف لماذا تسألني عن رأيي ، لكن كلّ هذا لا يليق بجلالتكَ.”
أرجو ألا يكون صوتي يرتجف.
أتمنى أن تكون نظرتي إلى هذا الرجل بنفس التعبير البارد المعتاد.
جلسَ كايسيس على كرسيه ببطء ، كما لو أنّه لم يكن أبدًا يحمل شغفًا في عينيه.
وضع ساقًا فوق الأخرى و هو ينظر إليّ و كأنّه يتحدّاني أن أتكلّم بغطرسة.
لم يعـد مظهره يبدو مزعجًا كما كان في السّابق ، و لم يعـد مخيفًا كما في البداية.
هل هذا لأنّني اعتدتُ عليه؟
“حقًا؟”
“نعم. بصراحة، هذا مزعج و غريب.”
“مزعج؟”
“سأسأل مرّةً أخرى. لماذا تقول مثل هذا الكلام لي أنا بالذّات؟”
تخيّلتُ شكل هيلاريا و سخرتُ ببرود.
“منذُ متى كنّـا ، أنا و جلالتكَ ، في علاقة مقربة كسيّد و تابـع؟”
“…..”
“كلّ ما تحتاجه هو إعطائي الأدلة. لستُ مهتمّة بمشاعر جلالتكَ. و لا يعنيني أي شيء شخصي.”
“نعم، كنتُ أعرف أنّـكِ ستقولين شيئًا كهذا.”
“إذا كنتَ تعلم ، لكان من الأفضل لو احتفظتَ بهذه الأمور في قلبكَ لتجنّب إزعاجنا كلينا.”
كما هو متوقّع، ضحكَ كايسيس بسخرية مماثلة.
“هههه، لا تسيئي الفهم. لم أقل هذا لأنّني أحبّـكِ، يا دوقـة.”
“لقد تلقّيتُ تقريرًا بأنّها كانت بوابة هجوم عقلي.”
“و مـاذا في ذلك؟”
“إذا كنـتُ قد تركـتُ انطباعًا قويًا في اللاوعي الخاص بـكَ لدرجة أنّكَ رأيت شخصًا يشبهني داخله، فهذا يعني….”
يبدو أنّه فهـمَ ما لم أكمله من كلامي ، إذ مظهرت علامات الإستياء على وجهه الوسيم.
“لمـاذا؟ هل هذا مقـزز؟”
“أليس كذلك؟”
“لماذا تصبحين أكثر وقاحة يومًا بعد يوم؟”
رأيتُ كايسيس يمرّر يـده بعنف في شعره، ففتحتُ عينيّ عمدًا لأعلى و لأسفل.
كانت حركة و نظرات وقحة جدًا، لكنّ هذا الرجل لم يضايق الدّوقة آرييل بهذا القدر.
“أعتذر ، لكنّكَ سألتَ إن كان الأمر مقززًا. أليس هذا نفس شعوركَ بالفعل، جلالتكَ؟”
عندما سألتُ ببرود كما لو أنّني غاضبة، ضيّق كايسيس عينيه.
حتى هذا الوضع كان مشؤومًا.
في العادة، عندما أضايقـه إلى هذا الحدّ، فهو يقوم بتغييـر الموضوع على الفور.
لكن نظراته التي لا تزال تراقبني بعينين ضيّقتين كانت ثقيلة.
‘قـل شيئًا.’
كم من الدقائق مرّت و نحن في هذا الصمت المرعب كما لو أنّ الزمن توقّف؟
في لحظة ، ضحكَ كايسيس بسخرية باردة.
“أيتها الدوقـة، لقد نجحتِ في إفساد مزاجي منذُ الصّباح الباكر. يبدو أنّني كنتُ مخطئًا و رأيتُ شيئًا غير صحيح بسببِ تشوّش عقلي.”
“نعم، يبدو أنّ هذا صحيح.”
شعرتُ ببعض الارتياح أخيرًا.
نعم، يبدو أنّه كان مجرّد اختبار منه.
لو كان يشـكّ بجديّة ، لكان قد اقتربَ مني و حاول دفع طاقتـه إليّ.
أو ربّما هو لا يريد أن يعترف بذلك أبدًا.
بعد فترة، غيّـر الرجل الذي كان يحدّق بي الموضوع أخيرًا.
“هذه البوابة كانت مشابهة لتلك التي حدثت قبل ست سنوات. سواء في المكان او في الشكل. حدوث الأمر لمرةٍ واحدة قد يكون صدفة ، لكن مرتين أمر مستحيل.”
كان من الجيّـد أنّه غيّـر الموضوع، لكن لسوء الحظ، كانت نفس الفكرة التي فكّرتُ بها، فلم أشعر بالراحة.
“شخص يستخدم العقاقير ، جماعة معيّنة. و ربّما جماعة قادرة على التأثير على البوابات.”
على عكسي، أنا التي قرأت القصة الأصليّة، هذا الرّجل لا يعرف شيئًا و مع ذلك يربط الأمور و يشـكّ بهذه الطريقة .
كان مثيرًا للإعجاب و مخيفًا في الوقت ذاته.
“و إذا لم تكونوا أنتم، السحرة، تخفون مرشدتي…”
هل لا يزال يتمسّك بهذا الشـك؟
حدّقتُ به دونَ إخفاء استيائي ، فأضاف:
“قد يكون الأمر مرتبطًا بهذه الجماعة. جماعة تستخدم قوى مجهولة. إذا كانوا يخفون مرشدتي، ألا تعتقدين أنّ شيئًا خطيرًا سيحدث؟”
لا ، الأمر ليس كذلك ، لذا لا بأس.
في تلك اللحظة، تصلّب فمي للحظة.
ماذا لـو…
‘سبب غياب البطلة المشرقة في القصة الأصليّة.’
ظننتُ أنّه مجرّد تغيير حدث بسببِ ظهوري هنا.
لكن ماذا لـو ، ماذا لو كانت قوّة الأشرار أقوى بكثير مما كانت عليه في القصة الأصليّة؟
هل كانوا يعرفون بوجود البطلة المشرقة؟
الرفيقة الوحيدة للإمبراطور.
هل خطّطوا لقتل تلكَ المرشدة؟
و هل جعلوها تختفي دونَ ترك أي أثر؟
‘لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا، أليس كذلك؟ هذا تفكير مبالغ فيه للغاية.’
لم تنتـهِ المحادثة مع الإمبراطور، و لم أستطع التخفيف من توتّري حتى النهاية.
“على أيّ حال، حتى لو مِـتّ ، لن تكوني أنـتِ نفسها. لقد كان مجرّد وجه مشابـه بشكلٍ مقزز.”
تقلّص قلبي بشـدّة.
ظهرت العديد من نوافذ التحذير الحمراء في نافذة الحالة.
“من فضلك.”
لكنّني ضحكـتُ.
“توقّف عن هذه النكات البغيضة. إنّها تجعلني أشعر بالغثيان.”
نفيتُ بقوّة بكلمات صريحة.
“إنّها أكثر الكلمات إزعاجًا التي سمعتها هذا العام.”
“لكن ردّة فعلكِ المبالغ فيها صحيحة أيضًا.”
“…..”
نظرت إليّ تلكَ النظرات البطيئة مرّةً أخرى.
شعرتُ بالبرودة في ظهري و كأنّ عينيه الزرقاوين تخترقانني.
“سأجدهـا.”
شعرتُ و كأنّ كلامـه تحذير موجّـه إليّ.
“سأتأكّـد من الأمر و أجدهـا.”
لأنّه بـدا و كأنّه لا يزال متمسّكًا بشكوكه.
“و سأجعلها تتحمّـل مسؤوليتي.”
لاحظتُ أنّ عينيه الزرقاوين تنظران إلى شفتيّ، اللتان كنتُ أعضّهما دونَ أن أدرك.
“هل فهمـتِ ، يا هيلاريا؟”
منذُ متى بـدأتَ تدعوني باسمي هكذا؟
خفـق قلبي بشكلٍ مقلق.
“ذلكَ لا يعنيني. انتهى تقرير اليوم. لديّ أعمال متراكمة كالجبال، لذا سأغادر.”
غادرتُ قاعة الاستقبال دونَ انتظار إذن الإمبراطور.
رنّ صوت إغلاق الباب المزعج في الرواق.
تعثّرتُ و كِـدتُ أسقط من انهيار قوتي.
آه، اللعنة.
شعرتُ بالضيق من نافذة النظام التي كانت تصدر تحذيرات مستمرّة ثم هدأت.
‘هذا الرّجل.’
لا يمكن أن يعتقد حقًا أنّ تلكَ المرشدة هي أنـا، أليس كذلك؟
* * *
مـرّ يومان.
خلال هذين اليومين، كان القصر مليئًا بأجواء متوترة.
خاصة أنّ الدوقة تغيّبت يومين بحجّة إجراء بحوث للعرض.
انتشرت شائعة أنّ الإمبراطور و الدّوقة اختلفا تمامًا كالنار في الهشيم.
و خلال هذه الفترة.
‘لم تـأتِ.’
كما لو كانت شخصًا يتجنّبنـي.
‘ثم تطلب مني ألا أشـكّ فيها؟’
لم يستطع كايسيس إخفاء ضحكته الشرسة و هو يرتاح.
كان الآن في معركة ، حيث فُتحت بوابة من المستوى S عالية المخاطر.
‘يبدو أنّني قد جننت حقًا.’
حتى في هذا الموقف الخطير حيث تتأرجح حياتـه، لم يستطع في هذه اللحظة إبعاد أفكاره عن تلك المرأة ، و كان يشعر بالاشمئزاز من نفسه.
لقد اختبـر الدّوقة بالفعل.
كيف ستتفاعل، و هل ما رآه كان صحيحًا أم لا.
لكن بدلاً من ذلك، ازداد شكّـه.
كان من الصّعب أن يصدّق ذلكَ، لكنّه كان متأكّدًا أنّ هناك علاقة كبيرة لا يمكن تفسيرها بين مرشدته و الدّوقة.
علاوةً على ذلك.
‘هل كان عليها أن تظهر تعبيرًا مقززًا إلى هذا الحدّ؟’
بالطبع، عندما افترض أنّ الدوقة هي مرشدته، كان لديه نفس رد الفعل.
لكن أليس هو الإمبراطور، و هي مجرّد دوقة تابعة له؟
بينما كان يطبّق معايير تافهة، قارن كايسيس ذكريات الليل عن مرشدته و ذكريات النهار عن الدّوقة آرييل كما لو أنّـه يحلّ لغزًا.
تجمّعت الشكوك التي كانت تتراكم تدريجيًا.
على الرّغمِ من أنّه في الماضي، عندما فكّـر في وجود علاقة بين مرشدته و الدوقة، كان يحمل كراهية و يتوعّد بألّا يتركها لو كانت تخفيها.
‘هذا يجعلني أجـنّ.’
كان بحاجة إلى فـخّ واضح، لحظة يستطيع فيها القبض عليها بدقّـة.
كيف يمكن أن يترك دليلًا كهذا.
إذا كانت شكوكه عميقة، فعليه أن يستمرّ في الضغط حتى يتأكّد .
يجب عليه أن يراها بعينيه.
‘بما أنّها لم تـأتِ ، سأجبرها على الظهور.’
كواااك─
انتشرت سهام جليديّة بكميّة هائلة حوله كالزهور و أصابتها جميعًا في وقتٍ واحد بينما جسد وحش الطين كان يطلق عويلًا مهيبًا.
بوم، بوم
تردّدت أصوات مرعبة.
في خضمّ صوت الاهتزاز، انتشرت قوة كايسيس وحدها بوضوح.
أمـرَ الفرسان المنتظرين ببرود:
“تراجعوا جميعًا.”
و أخيرًا، جمعَ كلّ الطاقة المكبوتة، و ضرب قلب زعيم البوابة.
كووووانغ!
“جلالتكَ!”
قام كايسيس بقبض يـده المبلّلة بالدم و فتحها عدّة مرّات
تدفّق الدم منها بشكلٍ مقزز.
شعرَ بتدهور حالته الجسديّة بسرعة، و نظر إلى سماء البوابة التي بدأت تنهار.
مع شعوره بألـم مزعج.
كوونغ─
انهار وحش الذي يكون رئيس البوابة، مخلّفًا غبارًا كثيفًا و صوتًا مدوّيًا.
نصب الفرسان الحواجز بقواهم و هو تحت تأثير صدمة المشهد كما لو انهم شاهدوا جبلا ينهار.
و خلال رائحة الدم الكثيفة ، تلألأت عيناه الزرقاوان بشكلٍ مرعب.
“اليوم… ستأتـي.”
مرشدتـه العزيـزة و المحبوبـة ، والتي في الوقت نفسـه يحمل تجاهها بعض الضّغينـة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 50"