فكّرتُ في هذا من قبل، لكن كان هناك بالفعل محتوى مشابه في القصص الجانبيّة.
على عكسِ مظهر الإمبراطور الحاليّ الذي يشبه تمثالًا بجماله ، كان في صغره فتى رقيقًا و جميلًا للغاية.
‘ومع ذلك…’
أليس هذا جميلًا أكثر من اللازم؟
عندما فتحتُ عينيّ، وجدتُ نفسي أُسحَـب إلى العالم الذهنيّ لكايسيس.
على الرّغمِ من أنّني كنتُ في موقف المتفرّج ، كنت أراقب كلّ شيء من خلف حاجز زجاجيّ شفّاف لا يمكنني التدخّل عبره.
تنهّدتُ بعمق.
‘إذن، ماذا عليّ أن أفعل الآن؟ ألم يُفترض أنّه بمجرّد لمسه سيستعيد وعيـه؟ أم أنّ جروح قلبه عميقة إلى هذا الحدّ؟ ماذا يحدث؟’
صرختُ باسمه بصوتٍ عالٍ، لكن لم يتغيّر شيء.
قرّرتُ مراقبة الوضع، فتبعتُ الفتى الصغير الجميل بشكلٍ مذهل.
كان يعيش حياته اليوميّة.
ملابس فاخرة و جميلة، وجـه أبيض ناعم، و شعر فضيّ لامع متدفّق.
كانت صورة أمير مثاليّة كأنّها مرسومة.
لم تختلف كثيرًا عن مظهره الحاليّ، لكن كان هناك شيء واحد مختلف.
“لماذا أنـتَ هنا؟ متى سمحتُ لكَ بالدخول؟”
صوت عصبيّ مميّز لا يتناسب مع وجهها الأنيق.
امرأة تنظر إلى كايسيس بتهديد.
كانت جميلة.
شعر أسود طويل متدلٍّ، بشرة بيضاء، و عيون زرقاء تشبه عيون شخصٍ آخر.
كانت هذه الإمبراطورة، والدة كايسيس، عندما كانت لا تزال على قيدِ الحياة .
لكن العلاقة بين الأم و ابنها لم تكـن عاديّة.
‘هل كانت تكره ابنها إلى هذا الحدّ؟’
لم تكـن ذكريات طفولة كايسيس تحتلّ مساحة كبيرة في العمل الأصليّ، لذا لم أكن أعرف التفاصيل.
لكن كنتُ أعلم أنّ الإمبراطورة السابقة كانت ساحرة، و أنّ لوياس ورثَ عنها موهبتها السحريّة.
كنتُ أظنّ أنّ زواج الإمبراطور السّابق، الذي كان مستيقظًا متميّزًا ، و الإمبراطورة كان مليئًا بالصعوبات.
لكن لم أتوقّع أن يكون الأمر مقزّزًا إلى هذا الحـدّ…
‘لماذا لا يقول شيئًا؟’
يقال إنّ الهجمات الذهنيّة تؤثّر على المستيقظين بشكلٍ أوضح من المرشدين.
كان هذا أحد الدروس التي كرّروها في مركز كوريا الجنوبيّة حتّى أصابني الملل.
الإسبر، أو المستيقظون هنا، يمتلكون قوى تفوق البشر، لكن حواجزهم الذهنيّة ضعيفة.
أمّا المرشدون الذين يملكون القدرة على تهدئتهم، فهم بطبيعتهم يمتلكون حواجز ذهنيّة قويّـة.
لذلك تمكّنتُ من استعادة وعيي بسرعة عندما تذكّرتُ كايسيس وسط ذكريات حياتي السابقة التي كانت تبتلعني.
لكن كايسيس…
‘هو مختلف عنّي.’
لهذا السّبب يقـف الآن مطيعًا كأمير صغير مؤدّب بينما يستمع إلى تلكَ الشتائم المروّعة.
كان هذا لا يناسبه على الإطلاق.
كايسيس في طفولته الذي كان يتعرّض للإساءة اللفظيّة، لا يشبه البتّـة بطل رواية <الإمبراطور المجنون> الذي أعرفه.
كنتُ أعلم أنّ هذا وُصف في بضعة أسطر في العمل الأصليّ، لكنّه كان يبدو غير لائق، و شعرتُ بالغضب يتأجّج بداخلي.
“اسمع ، جلالتكَ. افعل ما كنتَ تفعله! هذا لا يناسبكَ على الإطلاق!”
عيون زرقاء ميّتـة.
تعبير يبدو معتادًا على التعرض للإساءة.
كان ذلكَ يشبه ذاتي السّابقة ، و هذا ما جعلني أغلي من الغضب.
هذا الضعف لا يشبه بطل <الإمبراطور المجنون> الذي أعرفه.
المناسب له هو أن يسخر بقسوة من أيّ هجوم، و يحطّم ذهن خصمـه بوحشيّة.
“ماذا أفعل؟”
لم أستطع الاستمرار في مراقبة هذا المشهد بلا حول و لا قوّة، كأنّني أتناول بطاطس حلوة خانقة.
عضضتُ شفتيّ و فكّرتُ بعصبيّة.
يجب أن أُحـدث صدمة من الخارج.
من شدّة الإحباط، حاولتُ فعل شيء، فضربتُ الحائط الذي يشبه الزجاج بقبضتي.
طق، طق، طق.
ضربتُه بلا هوادة عدّة مرّات.
‘مهلاً؟’
في لحظة، التقت نظراتي بعينيّ كايسيس الصغير من الجهة الأخرى.
كانت لحظة عابرة، لكنّني متأكّدة أنّـه رآني.
“أنـتَ!”
هل سيسمعني إذا صرختُ؟
ناديتُ باسمه حتّى أصابني ألم في الحلق، و صرختُ بكلمات نابية، و حتّى قلت كلمات لا يمكنني قولها بمظهر الدّوقة آرييل.
لكن يبدو أنّها كانت مصادفة، إذ عاد الفتى إلى حياته اليوميّة.
ظهرَ لوياس بمظهر لطيف للغاية.
صوته النقيّ و هو يصرخ “أخي!” كان صافيًا و جميلًا.
لكن لم تكن كلّ الأيّام جميلة.
الفصول الأربعة تتغيّر بسرعة، و الأمير الصغير يقف هناك.
كان ظهر كايسيس يبدو وحيدًا.
رأيته يعاني من الألم و هو يتلوّى ، غير قادر على تحمّل القوّة التي انفجرت من جسده الصغير.
رأيته يمسح دموعه و هو يتلقّى دروسًا عن المرشدين، حيث سيكون أحدهم شريكه المفترض.
رأيته يقف كتمثال بلا حياة أمام الإمبراطورة السابقة بينما يتلقّى شتائمها دونَ مقاومة.
و أخيرًا…
“أنـتَ، هذا ليس صحيحًا.”
شاهدتُ بعينيّ مباشرةً الحادثة التي أُطلق عليها مأساة العائلة الإمبراطوريّة قبل ستّ سنوات.
هبّت رياح بجنون.
صرخات تمزّق الهواء و طاقة مخيفة انتشرت بحدّة.
ستارة ضخمة تُطوّق نافورة حديقة القصر.
و الإمبراطورة السابقة التي كانت تضحك بفرح، و عيناها مفتوحتان على وسعهما.
“أخيرًا، أخيرًا!”
مـرّ شعور مفاجئ بأنّ قوى الشرّ في العمل الأصليّ ربّما كانت أكثر نفوذًا ممّا تصوّرتُ.
إذا كانت هذه ذكريات كايسيس، فهي الحقيقة الكاملة.
‘لماذا رحّبت الإمبراطورة السابقة بالبوّابة بهذا الشكل؟’
هل تجاهلَ كايسيس ذلكَ مع علمـه بـه؟
بينما كنتُ أفكّر في هذا السؤال، رأيتُ كايسيس الصغير ينظر إلى والدته التي تسير نحو البوّابة كأنّها تلقي بنفسها إليها.
الإمبراطورة السابقة كانت تحتضن لوياس.
و كايسيس الصغير، بتعبير مشوّه من الألم، كان يتوسّل إليها وهو يمسك بها.
تراكمت الدموع ثمّ تساقطت أخيرًا.
“أمّي! لا تفعلي هذا!”
حتّى توسّلاته.
“لا يمكن لهذا الطفل!”
كان بإمكانه استخدام قوّة أكبر، لكنّ الفتى الصغير مدّ يـده البيضاء فقط ليمسك بحافة تنّورتها.
“لوياس، لا يمكن!”
حتّى و هو يُعامل كقمامة و يُرمى بعنف، تلوّى و استمرّ في الإمساك بها مرّات عديدة.
“اتركني، أيّها الوحش! ابني الوحيد هو هذا الطفل!”
كيف يمكن لأمّ أن تسمّي ابنها وحشًا؟
حتّى لو كان ذلكَ جزءًا من حبكة لزرع صدمة نفسية في بطل القصّة، فهذا قاسٍ جدًّا.
كنتُ أبكي بالفعل.
كأنّني أبكي نيابة عن كايسيس الصغير الذي لم يتمكّن من البكاء بحرّيّة.
رأيتُ كايسيس يحتضن أخاه الصغير كأنّه ينتزعه من حضن الإمبراطورة، ثمّ يسقط للخلف.
خـدّ لوياس الصغير، الذي أغمي عليه وهو يبكي، كان متورّدًا باللون الأحمر.
‘بعد هذه الحادثة، أصيب بالبكم.’
ثمّ ابتلعت البوّابة السوداء الإمبراطورة.
آه.
في صمت، أطلق كايسيس صرخة بلا صوت.
هكذا ماتـت الإمبراطورة.
حتّى لو كانت ساحرة متميّزة، فقد ماتت الإمبراطورة على الفور.
حتّى في الوقت الحاليّ، حيث تُجرى أبحاث السحرة، لا يزال السّحرة غير قادرين على التنفّس داخل البوّابات.
أو بالأحرى، لم تُختبر نتائج الأبحاث بعد.
لذا في ذلكَ الوقت، ماتت الإمبراطورة بعد دقائق.
“آه، آه.”
كتفاه الصغيرتان الهزيلتان كانتا تثيران الشفقة.
كنتُ أضرب الحائط كمجنونة.
على طول عنق كايسيس الرقيق، رأيتُ آثار القوّة تنتشر.
تصدّع، تصدّع.
كانت علامات الانفجار.
لم أعرف إن كان هذا يحدث في الوهم فقط أم في الواقع.
لكن ، كان عليّ إنقـاذه.
الإسبـر خاصّتـي.
طق، طق، طق.
استمرّت ضربات قبضتي حتّى كادت الدماء تسيل.
“كايسيس.”
تلكَ العيون التي تريد أن تعيش.
“كايسيس!”
تلكَ العيون التي تشبهني.
لذلك اخترتُ خيار إنقـاذكَ.
لذا، حطّم هذا الحائط اللعين بسرعة!
أخيرًا، سمعتُ الصوت الذي تمنّيته.
تصدّع─
كأنّ جليد عميق يتحطّم.
تصدّع، تصدّع.
الحاجز الزجاجيّ الذي كان يفصلني، أو بالأحرى الرفض الذي أقامه كايسيس، تحطّم.
ركضـتُ إليه.
لم أفكّر في أنّ مظهري هو مظهر هيلاريا الحقيقيّ، أو أنّه قد يتذكّر كلّ ما يحدث هنا بوضوح.
أردتُ فقط أن أحتضنـه.
الفتى الصغير المستيقظ، الذي كان على وشكِ الانهيار دونَ أن يتمكّن من البكاء، و الذي كان على وشكِ الانفجار.
“كايسيس.”
ركضتُ بسرعة حتّى كـدتُ أفقد أنفاسي، و فعلتُها.
“أمسكتُـكَ.”
احتضنتُ جسـده الصغير بقوّة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 42"