لكن عندما حاولت إدراك شيء ما، تغيّر المشهد أمام عينيّ.
كأنّ هناك إرادة مصمّمة على منعي من إدراك أيّ شيء.
اختفى شكل المستيقظ الذي كان يسخر مني واصفًا إيّاي بالقذارة، و فجأةً وقفت أمامي وجوه مألوفة.
“انـتِ.”
صوت خالٍ من الدفء، لا يمكن تصوّر أنّه ينتمي إلى فريق واحد.
“بسببكِ، اضطرّت هيون إلى بذل مجهود مضاعف. ألا تملكين ضميرًا؟”
“ليتكِ أنـتِ مَن يكتب طلب استبعادكِ من الفريق، أيّتها اللعينة!”
“إلى متى سيظلّ فريق S الأفضل في كوريا الجنوبيّة مضطرًا لتحمّل شخصٍ مثلك لا يستطيع حتّى القيام بالإرشاد بشكلٍ صحيح؟”
أصبح المشهد أمامي يترنّح كأنّه كابوس لا نهائيّ.
* * *
تردّدت أصوات.
“لقد فشلنا في استخدام الأمير الصامت. كان يجب أن نقتله لتكتمل الخطّـة… قبل ستّ سنوات، بـدا الأمر أصعب من التعامل مع الإمبراطورة.”
“كانت مطاردة هؤلاء الحشرات أكثر إصرارًا ممّا توقّعنا. لم يكن أمامنا سوى تقليص عدد الأفراد في القصر إلى الحدّ الأدنى.”
“يبدو أنّ ذلكَ كان قرارًا صائبًا. سيكون من المزعج إذا تـمّ الكشف عن هويّتنا الآن، أليس كذلك؟”
فشلوا في زرع الفتنة باستخدام المرآة.
كان الهدف الأصليّ هو قتل الأمير لوياس بقسوة، لدفع الإمبراطور و الدوقة إلى عبور نهر لا رجعة منه.
و مع ذلك، نجحوا في إفساد العلاقة بين الإمبراطور و الدّوقة أكثر.
بل و ربّما عندما يشرق صباح الغد، قد تتغيّر شمس الإمبراطوريّة.
كانوا يعشقون الفوضى.
“هذه المرّة، سيموت الإمبراطور بالتأكيد.”
الأقرب إلى الزعيم.
همسَ وهو يبتسم بخفّة.
ساد صمت ثقيل بين الأصوات، لكن في تلكَ السكينة كان هناك فرح خفيّ.
الأكثر وحشيّة بينهم.
قبل ستّ سنوات، كان ذلكَ الوحش الصغير هو مَـنْ حافظ على القصر الذي كاد ينهار.
لكن إذا لم يمـت الإمبراطور هذه المرّة أيضًا، كما حدثَ في تلكَ اللّحظة الملتوية في الماضي، و خرج حيًّا…
إذا خرج حيًّا من تلك البوّابة بجسد على وشكِ الانفجار…
“سيكون ذلكَ دليلًا على تدخّل ذلكَ الحاكم الشرير الفاسد.”
و بعدها…
“أنتم.”
وفقًا للتعاليم التي أنزلها السيّد العظيم، سيكون ذلك هو الوقت لإخراج ذلك الشّخص الذي أعـدّوه بعناية فائقة.
“الآن، بما أنّ الإمبراطور لم يجـد شريكته بعد، يجب أن نجهّـز ذلك الشخص. الهدف هو اليوم الذي ستقيم فيه الدّوقة عرضًا سحريًّا، عندما تتركّز كلّ الأنظار.”
الهدية الباهرة التي أُعـدّت خصيصًا لإغواء الإمبراطور.
* * *
“آه!”
“هاي أنتِ ، هذا مزعج للغاية! لماذا تتدخّلين و تثيرين الفوضى؟”
يجب على المستيقظين حماية المرشدين.
يجب أن يعاملوا المرشدين القادرين على شفائهم باحترام.
لكنّ هذا الفريق، الذي يضمّ نخبة المستيقظين من الرتبة S في كوريا الجنوبيّة، كان يعـجّ بالتمييز.
“هيون، هل أنـتِ بخير؟”
على عكسي أنا، التي أمارس إرشادًا غريبًا يثيـر الاشمئزاز، كانت هناك مرشدة من الرتبة S في هذا الفريق تتمتّع بقوّة مثاليّة.
من الواضح أنّني أنا مَـنْ تعثّرت و سقطت، فلماذا يهرعون فجأةً إلى مرشدة أخرى بينما يحدّقون بي بنظرات غاضبة؟
نقرتُ بلساني بملل، و أخذت أتفحّص التضاريس القاسية للبوّابة.
غريب جدًّا.
لماذا يبدو الأمر و كأنّه حدث من قبل؟
و لماذا لا أشعر بألمٍ في صدري؟
‘كأنّ الأمر لا يعنيني على الإطلاق.’
ألم أكن أتألّم و أنزعج بشدّة من مثل هذه الكلمات في السابق؟
كنت أتظاهر بالقوّة و أحافظ على تعبير وجهي الجامد، لكن عندما أعود إلى المنزل، كنت أشرب السوجو بشراهة و أنا أتألّـم.
‘لكنّني الآن لا أشعر بشيء.’
كأنّهم قرأوا أفكاري، أصبحت تعابير المستيقظين أكثر شراسة.
ثمّ وقفوا أمامي ليحجبوا طريقي.
“أنـتِ.”
كانت تعابيرهم المشوّهة مقزّزة حقًّا.
‘ما هذا، هل أنا وحش؟ لماذا يطوّقونني هكذا؟’
في الخلف، كانت هيون، المرشدة من الرتبة S ، تطلّ برأسها و تبتسم لي.
‘آه، يا لها من ثعلبة.’
فجأة، مـدّ أحد المستيقظين يـده نحوي.
“مـاذا؟”
“ها! هـذا فعلاً…”
عندما أملتُ رأسي مستفسرةً، صرخ أحد الرجال بتعبير شرس:
“يجب أن نحافظ على طاقة إرشاد هيون! لماذا تحدّقين بها هكذا؟ حتّى نحن نكره استقبال إرشادكِ، أيّتها اللعينة!”
يبدو أنّ فمـه قذر جدًّا.
كنت أعرف صوتًا يستطيع ازدراء الآخرين بأناقة دون الحاجة إلى التفوّه بكلمة بذيئة واحدة، و بالمقارنة بـه، بـدا هذا الشّخص حقيرًا…
‘مهلاً، مَـنْ كان ذلك؟’
“أنـتِ!”
بينما كنت أغرق في أفكار أخرى، اقترب الرجل ذو الفـم القذر بسرعة، و هو يصرخ بكلمات نابية.
ثمّ أمسك بمعصمي بقوّة.
آه، يا له من قمامة.
شعرت بالغضب يتأجّج، و رفعت عينيّ بحدّة، لكنّ المرشدة من الرتبة S، التي كانت مختبئة في الخلف، اقتربت منّي.
ثمّ تحدّثت بنبرة متظاهرة بالقلق:
“أوبا! لا تفعل هذا، هذا مؤلم!”
آه، الآن فهمتُ بوضوح.
كنت أشعر بالملل من هذا الموقف.
لم يكن مؤلمًا، و لم يعـد مزعجًا بعد الآن.
كان هناك سبب يجعلني لا أشعر بشيء حتّى و أنا أرى المستيقظ يتقيّأ أمامي بينما يمتصّ طاقتي.
“لسـتَ أنـتَ.”
“مـاذا؟”
كنت أعرف الإحساس المذهل بقبول قوّتي.
ليس هذا الشعور المقزّز بامتصاص طاقة الإرشاد كحشرة طفيليّة.
بل لمسة أكثر لطفًا، و نظرات أكثر شغفًا.
إحساس المستيقظ الحقيقيّ الذي يتوق إليّ، الذي يكون مستعدًا للركوع و التودّد في أيّ لحظة.
تلكَ العيون الزرقاء التي تلاقت بنظراتي بلطف.
ليس هؤلاء، بل في المكان الذي أصبح عالمي الحقيقيّ.
آه، إدراك واضح إدراك أمام عينيّ .
كايسيس.
ذلكَ الإمبراطور اللعين.
‘لقد جئـت لإنقاذ ذلكَ الرجل.’
فجأة، انفجرت ضحكة خافتة منّي.
مَـنْ يراني أفكّـر فيه الان قد يظنّ أنّنا حبيبان.
في خضمّ هذا الوهم العميق، أفكّر في ذلكَ الرجل بينما أدرك الواقع…
يا لـحالتي الذهنية!
“أوغغ… أيّتها الحشرة، ما الذي تقولينه الآن؟”
“ماذا؟ دعني، أيّها القمامة.”
طاخ!
صفعْتُ يـده بعيدًا.
“أنـتِ!”
نظرتُ ببرود إلى المستيقظ الذي تراجع بذهول، و إلى المرأة التي اقتربت متظاهرة باللطف، و سخرتُ:
“أنا لست حشرة، و إذا أردنا المقارنة، فمـكَ القذر هو الأقرب إلى الحشرة.”
“كيف تجرؤين على الكلام بفمكِ الوقح هذا!”
“اخرس.”
صفعْتُ يـده القادمة نحوي مرّةً أخرى.
“أعلم أنّكم جميعًا مزيّفون.”
“…..”
“لقد مِـتّم، و أنا على قيدِ الحياة.”
“…..”
ساد صمت مفاجئ، جعلني أشعر بالقشعريرة.
بدت الأشياء التي تقف بلا تعبير و كأنّها تماثيل، و ليست بشرًا أحياء.
وكأنّ ذلك لم يكن كافيًا، تغيّـر المشهد مجدّدًا.
“هههه، حقًّا.”
ظهرت حفرة سوداء .
اقتربت تلكَ الطاقة المشؤومة التي بـدت و كأنّها ستبتلعني، بشكلٍ ملحوظ بوضوح.
“أيّها الوحش الحقير، هل لأنّكَ لا تستطيع التلاعب بذكرياتي، تقوم باستخدام تجربة موتـي الآن؟”
كانت هناك بوّابة ممتدّة إلى ما لا نهاية.
و ربّما في خيالي.
شيء لم أره مباشرةً سقط بصوتٍ ثقيل.
هدأت جفوني المرتجفة تدريجيًّا.
“أنا لن أخـاف.”
حتّى لو دهستني أقدام تلكَ الوحوش، لن أمـوت.
كلّ هذا مجرّد وهـم.
عندما أصبح ذهني صافيًا تمامًا، لم أُسحب إلى الوهم مجدّدًا.
“هذه الأوهام المزيّفة ليست مخيفة على الإطلاق!”
ثمّ ، تصـدّع المشهد.
كأنّ مرآة تتحطّم ، اختفى شكل البوّابة التي كادت تنفجر لتبتلعني.
و كذلك زملائي السابقين الذين كانوا يحدّقون بي بكراهية، و كأنّهم لم يكونوا بشرًا.
تحطّموا جميعًا إلى غبار.
و أمام عينيّ ظهر…
“كييييييك!”
بسبب كسري لهجومه الذهنيّ، كان هناك زهرة عملاقة تتلوّى في ألم شديد ، متدحرجة على الأرض.
“أيتها الزهرة اللعينة!”
عضضتُ على أسناني و مددتُ يدي.
هل كان ذلكَ بسبب صدمة خروجي، أم بسبب طاقة الإرشاد التي نشرتها دونَ وعي أثناء الهجوم الذهنيّ؟
رأيتُ شقًّا في الجليد.
مـددتُ يـدي نحوه بسرعة.
قبل أن تستعيد تلكَ الزّهرة الملعونة وعيها!
و أخيرًا…
لمستُـه.
“افتح عينيـكَ من فضلك، جلالتكَ!”
عندما وصلتُ بالكاد إلى يـد الرجل التي بـدت و كأنّ الدم يتدفّق منها، و عندما أمسكتُ بها بقوّة، اندفعت طاقة إرشادي إلى جسـده.
‘آه، مرّةً أخرى؟’
أظلمت عيناي.
ابتلعني الهجوم الذهنيّ الذي كان يهاجمه مرّةً أخرى.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 41"