رغمَ هذه الأفكار العقلانية، كان كايسيس يمسك خـدّه المتورم من الألم و ينظر ببلاهة إلى أمّـه التي كانت تحدّق بـه كما لو أنها ستقتله.
“آه، لا! توقفي! لا تضربي أخي!”
هذا ليس صحيحًا. هناك شيء خاطئ.
لكن يـد أمّـه القوية أمسكت كتفيـه و هزّتـه.
كأنها تأمره ألا يفكر، و كأنها تذكّـره أن هذا هو واقعـه، كابوسـه.
فقـدَ كايسيس قدرته على التّفكير تدريجيًا مع هذا الإدراك المؤلم.
كان يهتـز فقط.
“لقد أخطأت، أمّـي.”
“لا تُنادني هكذا!”
لكنـكِ أنـتِ مَـنْ أنجبتني.
أليس من المبالغة أن تنظري إليّ بهذا الاشمئزاز؟
ما الذي يجعل السحرة عظماء جدًا لدرجة أنهم ينظرون إلى المستيقظين، و هم بشر مثلهم، كما لو كانوا حشرات؟
كبـحَ رغبتـه في الصراخ بغضب.
كان يخشى أن يؤذي لوياس أكثر إذا أظهر رد فعل أسوأ.
لكن المشهد تغيّـرَ فجأةً بشكلٍ غريب.
قبل لحظات، كان في الحديقة يُصفَـع، و الآن أصبح في قاعة الاحتفالات.
رغمَ إدراكه أن هذا التغيير المفاجئ غريب، لم يستطع التفكير بوضوح.
سمـع ضحكة أمّـه الساخرة مرّةً أخرى.
“ألم تُصِـبْ الخدم بسبب عدم قدرتكَ على التحكم بقوّتكَ؟ لهذا أكرهكم. السحر هو الحقيقة العظيمة و القوّة الحقيقية. أليس كذلك؟”
لا، أمّـي، لا أعتقـد ذلك.
لكنها، التي لم تهتم بسماع كلام ابنهـا، و قالت بعينيها الزرقاوين المتلألئتين:
“أنتم النجاسة في هذا العالم. تخيل لو اختفى المستيقظون و المرشدون، كم سيكون العالم نقيًـا؟”
إذًا، في ذلكَ العالم، لن يكون ابنـكِ الأول موجودًا.
هل سيكون ذلكَ عالمًـا رائعًـا حقًّـا؟
وقفَ كتمثال حجري و هو مضطرّ لسماع كلمات والدته القاسية و المؤلمة التي تُلقيها في وجهه.
كان عليه أن يتحمّل ، دونَ أن يدرك أن ما يحدث هو عملية فتح لجراحه القديمة و استعراضها.
تغيّـر المكان إلى أنحاء مختلفة من القصر الإمبراطوري.
كأنه يُصفع مرارًا من قبل شخصٍ مجهول، عانى عقلـه الثابت من الضربات المستمرة.
طقطقة.
كأن صوت تشقق غير مرئي يُسمـع.
كأن جدارًا صلبًا يُهـدم ليُطلق القوة المكبوتة بداخله.
كأنه يُطالب بالتحرر و الرّاحـة.
‘لا.’
عض كايسيس على أسنانه، محاولًا الصمود دون أن يعرف ما هذا.
انتشر الألم الرهيب في جسـده.
ليس بسبب كلمات والدته، و لا بسبب احتقار السحرة الذين يتبعونها.
كان الألم يمزق أطراف يديه و قدميه.
“مؤلـم. إنّـه يؤلـم.”
لو أن أحدهـم ينقذنـي.
لو أن أحدهم يوقف هذا من فضلك.
بكى عقله، الذي لم يكن يعرف أنه ضعيف، كطفل صغير.
انكمش جسـده، و سـدّ أذنيـه و صرخَ ليتوقف.
لكن العالم كان قاسيًا.
لم يعرف التوقف.
“ابنـي.”
تحدث صوت والدته.
همسَ شيء مجهول الهوية، متخذًا شكل كابوس من ذكرياتـه ، بلطف:
“أنـتَ وحـش.”
كانت تلكَ حقيقة يعرفها جيدًا.
* * *
“صحيح، إنها بوابة هجوم عقلي.”
باستثناء الوحوش الصغيرة غير المهمة، لا يوجد رئيس هنا.
إذًا، الوحش المهم الذي يحمل النواة، أي الرئيس، هو وحش هجوم عقلي يختبئ بهدوء ، يُغري فريسته بينما يهـزّ عقلها ثم يبتلعها في النهاية.
بعد أن انتهيت من التفكير، خرجت من المنطقة الصخرية و ركضت بسرعة.
سهل واسع و أزهار ضخمة ، كانت هذه البوابة مألوفة من دراستي.
من بين تلك الأزهار، كان عليّ إيجاد الزهرة الأكبر.
زهرة حمراء مرقطة بنقاط سوداء.
ذلك هو الجسم الرئيسي، و هناك بالتأكيد…
‘سيكون الإمبراطور!’
كان أقوى إسبـر ، و الإسبـر الذي يجدب الوحوش ذات الهجوم العقلي إليه اكثر من المرشدين.
عندما ركضت حتى نفذت أنفاسي ، اكتشفت أخيرًا شيئًا.
“زهرة الملك!”
كانت الزهرة الحمراء تمـد جذورها كالكروم، ممسكة بشيء بإحكام.
“ما هٕذا؟”
كان يشبه تمثالًا جليديًا أزرق ضخمًا.
“كايسيس؟”
اقتربت و أنا أركض عندما أدركت أن هناك شخصًا محاصرًا داخل بلورة جليدية.
بالضبط، كانت البلورة الجليدية التي تنبعث منها برودة تجمّدني بمجرد الاقتراب، تنتمي إلى كايسيس.
شكل يحمي نفسه، كما لو كان يؤذي نفسـه بقوّتـه.
‘إرادتـكَ العقلية حقًا مذهلة بشكلٍ مقـزّز.’
لو كان إسبـر آخر، لكان قد أصبح فريسة لهذه الزهرة الآن.
شعرت بالارتياح و كبحت ضحكة كانت ستنفلت مني، و اقتربت بحذر من جانبه.
عندما نظرت جيدًا، لاحظت أن الجذور لا تستطيع لمس الجليد لفترةٍ طويلة، لهذا تتراجع ثم تحاول مرة أخرى بشغف، و تتراجع مجددًا.
المشكلة أن وضعي لا يختلف عن وضع هذه الزهرة الملكية.
“يا إلهـي ، مـاذا أفعـل؟”
كانت الأوردة الزرقاء المنتشرة على وجهه الباهت تشير إلى أن حالتـه خطرة.
من اجل توجيهه ، يجب أن ألمسـه ، لكن لا توجد طريقة للوصول إلى الشخص الموجود داخل هذه البلورة.
‘كيف أكسرها؟’
لم تتحرك جفناه المغلقة بإحكام.
عضضت على أسناني.
لكن كان عليّ أن أفعل شيئًا.
“إذا تُرك هكذا، سينفجر.”
لم أفكّـر في أنني بمظهر الدوقة آرييل، وأن كايسيس إذا فتحَ عينيه و رآني ستكون تلكَ مشكلة.
نظرت حولي، و لحسن الحظ، رأيت حجرًا بحجم يمكنني حمله و التلويح به بكلتا يديّ.
على الأقل، دعني أمسك بهذا.
سأحاول فعل شيءٍ ما.
ركضت و أمسكت الحجر، ثم لوّحت به بقوة نحو البلورة الجليدية.
كلانغ!
بالطبع، لم يكن هناك أمل.
مرّةً أخرى، كلانغ!
تألمت أطراف أصابعي بشدة.
حتى أنا ، كنتُ أفكر كم أنّني أتصرف الآن بحماقة و قلق، لكنني واصلت ضرب الحجر كمجنونة.
كلانغ، كلانغ، كلانغ!
في النهاية، نـزف دم من أطراف أصابعي المجروحة، لكنني لم أبالِ و واصلت الضرب.
لكن لم تحدث معجزة.
“استيقظ. استيقظ!”
رميت الحجر و طرقت على الجليد بيدي الملطخة بالدم.
“استيقظ، أيها الأحمق!”
كم كان قراري بدخولي إلى هنا خطيرًا.
أي مستيقظ يصـدّ رفيقتـه بقدرته بهذه الطريقة!
“ألم تقل إنني مرشدتكَ؟ في عالمنا، يفتح الإسبـر عينيه كالأشباح عندما يرى مرشدته!”
حتى لو كان هذا عالمًا مختلفًا، أليس المعتقدات العريقة تبقى كما هي، اللعنة!
“كايسيس!”
لكن، ربّما لأنني لست بطلة العمل الأصلي؟
كان الواقع قاسيًا.
بدلاً من أن يفتح كايسيس عينيه بمعجزة عند سماع صوتي، جذبت انتباه زهرة الملك التي كانت تحاول ابتلاع الجليد.
سويش، سويش.
تحركت الجذور التي تخلّـت عن الجليد نحوي.
“مهلًا، مهلًا. لماذا تأتين إليّ؟ أنا مرشدة، أنا غير لذيذة. قلت أنّني غير لذيذة!”
كلاك، كلاك!
لكنها بالتأكيد استشعرت الخوف المنبعث مني.
استشعرت عقلي القابل للانهيار.
اقتربت الجذور وهي تتلوى، مطلقة دخانها.
دخلَ هواء كريـه و مزعج إلى أنفي.
آه، ركبتاي انهارتا.
لا.
إذا فقدت الوعي هنا، ستبتلعني.
لا يمكن أن أصبح طعامًا لزهرة الملك دون أن أفعل شيئًا بعد أن جئـت للإنقاذ.
لكن جفوني ثقلت.
فجأة، غطّى الظلام الأسود عينيّ.
بدون صوت تحذير نافذة الحالة، سقطت إلى ما وراء الوعي.
في رؤية بعيدة، لمـعَ ضوء، و عدت إلى كوني مرشدة في كوريا الجنوبية مرة أخرى.
في تلكَ اللّحظة .
“…ما الذي كنتُ أفعله للتو؟”
فتحت عينيّ في عالم نسيت فيه اسمي.
رفعت رأسي مع الأصوات المزعجة التي تناديني.
“هاي! أيتها القذرة!”
كان المرشدون الذين يبصقون حولي يحيطون بي.
من بينهم، قال لي أحدهم بنظرةٍ قذرة:
“أنـتِ. توجيهك القذر حقًا يفسد المزاج، لكن لا خيار. هيا بسرعة”
مـاذا، أيها الوغد؟
أردت الصراخ، لكن هذا لم يكن عالم رواية كنت أحبّ قراءتها، بل واقعي الحي.
عضضت على أسناني، لكن كان عليّ أن أوجّهه، هذا هو واقعي البائس.
أُمسكت يدي بالقوة.
و سُحبت قوتي.
“آغغ! حقًا، في كل مرة أشعر بالاشمئزاز حتى الموت! اللعنة!”
هذا الشعور بأن قوتي تُسحب بالقوة جعلني أرغب في الشتائم.
بينما أنظر إلى نظرة ذلكَ المستيقظ القذرة، فكرت.
لا. هذا ليس صحيحًا.
أنا…
أعرف شعور المستيقظ الذي يرغـب بي بينما يقبـل قوّتي .
ليس هذا الشّعور المزيف ، بل الشّعور الحقيقي.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 40"