رفيقـة؟
مستحيـل.
هل جننت؟ هل فقدتَ عقلكَ تمامًا؟
حتى لو بقينا وحدنا في هذا العالم، لن أكون أبدًا على علاقة بتلك المرأة، و لن أسمح بحدوث ذلك حتى الموت.
لم يستطع كايسيس السيطرة على تعابير وجهه أمام هذا الافتراض المرعب الذي لم يستطع قبوله.
كان غضبـه مبالغًا فيه.
حتى شعوره بخيبة الأمل كان سخيفًا.
‘ما الجديد في الأمر؟’
علاقة السحرة بالمستيقظين كانت أسوأ من علاقة الكلاب بالقطط.
هل توقع حقًا من قائدتهم، تلكَ المرأة، أن تعتني حقًا بأخيه الصغير المسكين بلطف؟
فقط لأنها أمسكت يـده و أحضرته إلى قاعة الاحتفال مرّةً واحدة؟
فقط لأنها أحضرته إليه ليُظهر وجهه؟
خيبة أمل؟
هههه، هذا مضحك.
“يا للعار.”
تفاجأ فرسان المستيقظين الذين يتبعونه بسبب شتيمته المفاجئة، و فتحوا أعينهم على اتساعها.
على الرّغمِ من أنه شعـرَ بردود أفعالهم، لم يكن لديه الوقت الكافي ليلتفت و يتأكد منهم.
‘هناك أمر غريب بكل تأكيد.’
كم مرة حدثَ هذا بالفعل؟
المواقف التي لا يمكن السيطرة عليها تخلق متغيرات بالضرورة.
في داخل البوابة، حيث يمكن أن يكون خطأ واحد يحدث في لحظة قصيرة قاتلاً ، كانت هذه المتغيرات شيئًا مقلقًا و مرعبًا.
‘ لا يُسمح للإمبراطور بارتكاب الأخطاء.’
بالإضافة إلى ذلك، بصفتـه أقوى مستيقظ، كان كايسيس شخصية لا يجب أن تسقط مهما حدث.
تظهر البوابات بكثرة يوميًا، و في المناطق الخطرة، يجب إرسال المستيقظين من الرتب العليا، بما فيهم هـو.
عـضّ على أسنانه، محاولًا تحمّل القلق و التوتر و المشاعر المرعبة التي لم يعرف مصدرها.
بالطبع، لم يخطر ببالـه أن هذه المشاعر قد تكون هجومًا نفسيًا يوجهه لنفسه بسببِ تهديـده للشّخص الذي ارتبط به بنصف رابطة.
“جلالتك.”
اقترب منه مستيقظ بتعبير جاد، و هو الذي يُعتبر عادةً ذراعه اليمنى.
“التقرير أولًا.”
رد ببرود، فأدى الفارس التحية و صاح:
“نعم، أتقدم بالتقرير! ثلاثة جرحى، لا وفيات. تـمّ جمع أربعة عشر حجرًا سحريًا كمنتجات ثانوية، و سيتم تسليمها للسحرة. … لكن جلالتك، هل حالتكَ جيدة؟”
“كفى. لا شيء.”
لكن الفارس لم يصدّق كلامه.
“لقد استخدمتَ قوّتـكَ أكثر من اللازم.”
نظر حوله بتعبير جاد.
“يبدو أن حالتكَ الجسدية ليست جيدة. خاصة بعد ما حدثَ في النهار…”
“ما الذي تقصـده بـ ما حدثَ في النهار؟”
تجهم وجه كايسيس، فسارع الفارس لتغيير الموضوع.
“أعتذر. لقد تمّـت معالجة النواة، لذا من الأفضل أن تخرج و تستعيد استقراركَ.”
أدرك كايسيس، الذي كان يعتقد أنه بخير، أن كلام ذراعه اليمنى لم يكن خاطئًا.
‘لقد كنـتُ غافلًا.’
لم يشعر بشدّة الألم عندما كان غاضبًا، لكنه كان أقوى مما توقع.
كانت الأوردة الزرقاء التي تنتشر كالكروم على جلده بارزة بشكلٍ مقزز لأي شخصٍ يراها .
شعور حارق ينتشر بشدّة.
صداع.
ألـم يضغط على القلب كما لو كان سينفجر.
و المضحك أنه بينما كان جسـده يحترق بحرارة كأن زهور النار تتفتح على جلده، كان البرد الذي ينتشر عبر أوردته يجعل أحشاءه كأنها تتجمّد.
‘مرشدتي.’
لكنه سيكون بخير.
إذا عاد إلى القصر الإمبراطوري و استقبل الليل، ستأتي مرشدته التي تعلم بألمـه كمعجزة.
بالتأكيد، طريقة تفكيره تغيّرت منذُ ظهور وجود مرشدته.
‘هل أصبحتُ أعتمـد عليها؟’
أليس وصفها بأنها كحيوان مربوط بقلادة صحيحًا؟
شعـرَ أن الغضـب و التهيج الذي كان ينتشر دونَ سبب واضح بـدأ يهدأ تدريجيًا عندما تذكر مرشدته، تلكَ المرأة الضبابية التي لا يعرف شكلها.
نظرَ إلى مشهـد البوابة القاحل و قال:
“حسنًا، سأعود.”
“نعم، جلالتك!”
بـدت تعابير الفرسان أفضل، و كأنهم شعروا بالراحة لأن تهيج الإمبراطور توقف أخيرًا.
عند رؤيتهم، عاد إلى رشده فجأة.
تذكّـر قلقه على لوياس متأخرًا.
بما أن الطفل رقيق القلب، فلا بدّ أنه شعرَ بالأذى.
لم يكن يتوقع أن تلك الدوقة الباردة ستعتني بجراحه.
‘يا للعـار.’
لكنه لا يمكنه أن يسمح بإعادة لوياس إلى القصر.
عندما عـاد رشده إلى مكانه، أدركَ أن ما حدثَ اليوم كان غريبًا للغاية.
عند التّفكير في الشّاهد الذي أمسكوه مع الدوقة و المخدرات، أدركَ أن هناك أشخاصًا غير موثوقين داخل القصر.
و هكذا، أصبح يشعر بالسخف من نفسه.
عبـس و هو يمسك صدغيـه.
تخيّـل تلكَ المرأة التي سترفع رأسها بغطرسة إذا ما نطـقَ بكلمة اعتذار لها، فشـعرَ بالغضب.
لكن…
“عندما نعود، أرسلوا رسالة.”
مالت رؤوس الفرسان بدهشة.
“إلى مَـنْ، جلالتكَ؟”
“الدّوقة آرييل.”
“آه… تقصد الدّوقة نفسها؟”
“نعم، تلكَ المرأة.”
عندما نطق باسمها، تصلبت تعابير الفرسان التي كانت مسترخية.
على أي حال، كان عليه أن يتحدّث معها.
هو و تلكَ المرأة لم يكونا في علاقة يمكن أن يتجنّبـا فيها رؤية بعضهما طوال حياتهما بسببِ التوتر بينهما.
بما أنها إحدى الركيزتين اللتين تدعمان الإمبراطورية، فلا خيار آخر.
“اليوم كان غريبًا. لذا يجب أن أتحقق.”
“نعم، سننقل ذلكَ إلى القصر فورًا. هل ستعود مباشرةً إلى القصر المركزي؟”
“سنتحدث عندما نعـود. لقد ظهر المخرج. استعدوا جميعًا.”
“نعم!”
مـرّ عبر البحيرة الملطخة بالدماء و رأى مخرج البوابة يظهر كسراب.
كان المخرج الذي لا يفتح إلا بعد قتل زعيم الوحوش الحامل للنواة.
مهما رآه عدة مرّات، لم يعتـد عليه . كان مشهدًا مقززًا.
عندما يمرون عبر مخرج البوابة، يشعرون بضغط مرعب و كأنهم ينتقلون إلى عالم آخر.
“جلالتكَ!”
رأى رئيسة الخادمات القلقـة و المرشدين المؤقتين المكلفين بـه يركضون نحوه بتعابير قلقة.
مشهد مألوف و معتاد.
لكن كم سيكون رائعًا لو كانت مرشدتـه بينهم.
لو كانت موجودة بجانبه دائمًا بدلاً من انتظارها لتأتي في وقت ما
كم سيكون ذلكَ رائعًا.
اليوم، شعـرَ برغبة لا يمكن تحملها.
ربما بسبب الألم الذي يتصاعد حتى مؤخرة عنقـه.
“جلالتك، نحن…”
“سنحاول مرّةً أخرى بأي طريقة!”
لم يعـد بإمكان مرشدي الإمبراطور تهدئتـه.
ومع ذلك، بعد مرور ليلة، كان الإمبراطور يخرج و كأن شيئًا لم يكن، متعافيًا تمامًا.
كان يعلم أن هناك شائعات كثيرة حول هذا الأمر.
كان الفرسان يريدون السؤال عن الوضع لكنهم لم يجرؤوا على فتح أفواههم، و كذلك المرشدون المؤقتون الثلاثة الذين كانوا في ذروة القلق خوفًا من فقدان مناصبهم.
لكن ليس بعد.
كان من المهمّ ألا يؤكّـد شيئًـا بفمـه حتى لا تهرب مرشدته، التي لم يعثر على أثرها بعد.
في تلكَ اللّحظة .
شعرَ بشيءٍ غريب عند قدميه.
مـدّ يـده بسرعة أكبر من أي شخص آخر، و أطاح بمَـنْ حوله بأغصان جليدية.
“جلالتك!”
في موقف مفاجئ، تناثر المرشدون، و اندفع المستيقظون لحمايتهم.
في تلكَ اللّحظة التي بقي فيها كايسيس وحيدًا، ظهر ظل ضخم عند قدميه.
رأى الجميع ذلكَ المشهد.
كأنه نفس المشهد المأساوي الذي حدثَ في حديقة القصر قبل ست سنوات.
“الجميع.”
كان الدم ينزف من فمـه.
هذا الشعور المرعب.
إحساس كأن قلبـه يُعصـر بالكامل.
“اهربوا!”
─بووم!
دوى صوت هائل كما لو أن شيئًا ضخمًا يضرب الأرض.
مع صوت الصراخ، تصاعد الغبار الكثيف.
و رأى كايسيس المشهد يتحول إلى اللون الأسود أمام عينيه.
“جلالتك!”
حدثَ في القصر الإمبراطوري ما لا يُفترض أن يحدث.
مع بركة الحاكم، لا ينبغي أبدًا أن تظهر بوابة في القصر.
‘مثلما حدثَ قبل ست سنوات عندما توفيت والدتي.’
حـدثَ انفجار بوابـة.
مع الصراخ الأخير للفرسان الذين يركضون نحوه، غطى الستار الأسود عينيه.
شعور بالألـم اعتصره.
ثمّ ابتلعـه.
في صمتٍ مرعب، نظرَ الباقون إلى المشهد بتعابير مذهولة.
“مستحيل…”
“كيف حدثَ ذلك في القصر!”
“كان على وشكِ الانفجار! ماذا نفعل؟ لقد ابتلع جلالته وحده!”
الثقب الأسود الذي ابتلع الإمبراطور.
بما أن شخصًا قد دخل بالفعل، لا يمكن لأحد الدخول حتى يموت.
إشارات خطرة تتطاير.
كان ذلكَ بوضوح انفجار بوابة.
التعليقات لهذا الفصل " 37"