عندما أدرتُ جسدي، تساقط الدم بغزارة من موضع الجرح.
آه… كـدتُ أبكي في داخلي.
‘يا له من إنسانٍ قاسٍ حقًّا.’
فشخصٌ مثله بذلك المستوى بين المستيقظين، استعماله للقوّة أشبه بتحريك يديه و قدميه.
‘لقد تعمّـد جعلي أنزف.’
و بينما كنتُ أُهدّئ مرارتي و أشيح بصري، رأيتُ أنّ ذلكَ المستيقظ الذي التقت عيناي بعينيه قبل قليل لا يزال واقفًا في مكانه.
‘ما خطب ذلك الشخص؟’
شعرت أنّ نظراته مغروسة على جرحي، أم أنّني أتوهّم؟
لكنّ مجموعةً من السحَرة اندفعت فجأةً نحوي و شكّلت حاجزًا بشريًّا حجبَ رؤيتي تمامًا.
ثمّ أخذوا يصيحون كالفراخ الصغيرة:
“يا إلهي، يا سيدتي الدوقة، إنّكِ تبدين متألّمةً جدًّا…!”
“الدم! نحن نعلم أيضًا. نعلم أنّكِ قادرةٌ على شفاء هذا الجرح بسرعة، ولكن…”
“هل تأذنين لنا بأن نعالجـكِ بأنفسنا؟”
يبدو أنّهم ظنّوا أنّني تركت الجرح دون علاجٍ فقط لأُحرّك ضمائرهم و أجعلهم يشعرون بالذنب.
لكن لا، الأمر ليس كذلك.
ببساطة ، أنا عاجزةٌ عن استخدام السحر.
ثمّ إنّ هيلاريا، التي وُلدت بطبيعة مانا ناريّة، كانت دائمًا سيّئة في سحر الشفاء.
“إذن… دعينا نحن…”
تردّد السحرة قليلًا، ثمّ تقدّموا نحوي بخطواتٍ حذرة، و بدأوا يتسابقون في إغراقي بسحر الشفاء.
انتشرت أضواءٌ ساطعة حتى أوجعت عيني، و بـدأ الألم يهدأ تدريجيًّا.
و لكي لا تبدو ملامحي مرتخية كقطةٍ ثملة من رائحة شجرة العلّيق، شددتُ عضلات وجهي قليلاً ، عندها رأيتُ أحد السحرة يضمّ لوياس بين ذراعيه و يقترب نحوي بحذرٍ و كأنه يخشى أن يُلام.
ثمّ أخفض الجميع رؤوسهم و قالوا بصوتٍ خافتٍ مليءٍ بالندم:
“لقد أخطأنا يا سيّدتي.”
“كُنّا غير عقلانيّين.”
“و حتى هذا الطفل… لم يفعل شيئًا، ومع ذلك سمع كلماتٍ قاسية.”
راقبتُ السحرة واحدًا تلو الآخر و هم يعترفون بخطاياهم بصدق، بينما يُقسمون ألّا يُكرّروا خطأهم مرّةً أخرى.
أين ذهب أولئك المتغطرسون الذين كانوا منذ قليل يزمجرون كالوحوش؟
لقد بدا الجميع منكسرين و خجِلين إلى حدٍّ مثيرٍ للسخرية.
‘هل أنا معلّمةُ روضة؟ لماذا يبدو أنّهم جميعًا ينتظرون منّي أن أوبّخهم؟’
و لعلّ ذلكَ ما جعلني أقول:
“مقارنةً بغضب الإمبراطور، هذا يُعـدّ وضعًا جيّدًا.”
تظاهرتُ بالحديث بوقار مثل الدّوقة أرييل، لكنّ مقصدي الحقيقي كان أن أُطمئنهم ألا يُحمّلوا أنفسهم ذنب ما حدث.
و حالما سمعوا ذلك، رفعَ السحرة رؤوسهم فجأة بعيون تلمع تأثّرًا.
“يا سيدتنا…”
“نحن… آه… لقد قاتلنا مع أولئك الأوغاد… لقد أخطأنا!”
“أخطأنا، آآآه!”
يا لهم من أُناسٍ مضحكين حقًّا.
انفجرتُ ضاحكة رغمًا عنّي.
ضحكتُ دونَ وعيٍ ثمّ فزعتُ، لكنّ نافذة الحالة ظلّت صامتة.
يبدو أنّ ضحكتي لم تكـن مرتفعةً لدرجة تُثير تحذيرًا.
لكنّ السحرة تجمّدوا في أماكنهم.
فتحوا أفواههم و توقّفوا عن الحركة، حتى أولئك الذين كانوا يبكون بصوتٍ عالٍ.
التعليقات لهذا الفصل " 35"