مَنٔ قال إنّه يمكن أن يكون مختلفًا تمامًا عن المعتاد؟
حتّى لو كنتُ مرشدة متوافقة معـه، هل يفترض أن يكون متساهلاً إلى هذا الحـدّ؟
“لمـاذا؟”
رددتُ بهدوء على سؤاله الهادئ.
“لأنّهم قالوا أنّ الأمر مقزّز.”
أفصحتُ عن ذكرياتي الحقيقيّة، وليس ذكريات هيلاريا الحاليّة.
عندها، فتحَ كايسيس عينيه بحـدّة و أجاب بنبرةٍ حادّة و كأنّه يمضغ الكلمات:
“مَـنْ تجًرّأ؟ يبدو أنّ عيونهم في أقدامهم. أحضريهم إليّ، و سأمزّق أفواههم.”
كان منظره الشّرس مريحًا بشكلٍ غريب، كما لو كان يضع دواءً على جرح قديم لم أعرف حتّى أنّه كان يؤلمني.
ليلة كايسيس الّتي كانت ثقيلة أصبحت فجأة كغابة من الخيزران السريّة حيث شعرتُ بالانتعاش.
“إذا كان هناك أشخاص مثل هؤلاء حولكِ، تعالي إليّ.”
كما هو متوقّع من البطل.
بينما كنتُ مذهولة لحظة، لم يفوّت كايسيس الفرصة.
ضحكَ بطريقةٍ مذهلة، وجذب يدي أقرب إليه.
اقتربتُ منه إلى درجة أنّ ركبتيّ لامستا ركبتيه وهو جالس.
“ما اسمـكِ؟”
حاولتُ تهديده كما وعدتُ.
“أنا فضوليّ بشأنـكِ.”
كنتُ سأوبّخه، ألم نتّفق على عدم السّؤال عن مثل هذه الأمور؟
“تأتين لإنقاذي، فلماذا تحاولين إبقاء مسافة بيننا؟”
حاولتُ أن أبتعد بقسوة رغمَ النّظرة اليائسة في عينيه الزّرقاوين المتلألئتين.
[لجمع نقاط التّوجيه، تحتاجين إلى تلامس !]
لو لم تُومض نافذة النّظام محذّرة و كأنّها تقرأ أفكاري، لكنتُ فعلتُ ذلك.
لو لم أجـد منظره الّذي يتنهّد بحزن بدلاً من الغضب على صمتي غريبًا، لربّما فعلتُ.
كتمتُ أنفاسي تلقائيًّا.
ثمّ أدركتُ.
آه، أنا الآن لا أمثّل دور الدّوقة أرييل.
كان من المقبول أن أظهر ردّ فعل متردّد، أو أن أخاف إذا شعرتُ بالخوف.
حتّى أمام كايسيس، الّذي كنتُ أخشاه و أتجنّبه أكثر من أيّ شخص آخر.
شعرتُ بأنّني أتنفّس أخيرًا.
“هل هناك مَـنْ يقيّـدكِ؟”
استمرّت تخميناته.
“هل هي رئيسة السّحرة؟”
تحطّمت لحظة التأثّر.
‘إنّـها أنـا!’
يا للجحود!
للحظة، شعرتُ بالغضب و حدّقتُ بـه.
يستدعيني في النّهار و يوبّخني لأنّني لم أجد شيئًا، و الآن ماذا؟
ما زال يشـكّ بي؟ ما هذا الرّجل؟
“لا، ليست تلكَ المرأة، صحيح؟”
بينما كنتُ أحدّق بـه ببرود، غيّـر كلامه فجأة.
ما الّذي يحاول فعله الآن؟
“هذا محبط. هل يجب حقًّا ألّا أعرف شيئًا عنـكِ؟”
“نعم، هذا اتفاقنا. وإلّا، لن أعود إليكَ أبدًا، و أيضًا…”
“حسنًا.”
عندما تحدّثتُ ببرود مقصود، تمسّك بي كايسيس بسرعة.
“لا داعي لتهديدي.”
تحـدّث بنبرةٍ مطمئنة و قال إنّه يفهم، ثمّ عـاد ليفرك شفتيه على ظهر يدي.
“آه.”
“سأفعل كما تريدين.”
بدلاً من التّلامس، كان احتكاكًا خفيفًا كما لو كان يمزح.
كلّما تلامست بشرتنا، كانت الطّاقة تُمتصّ بلطف، ربّما بسبب هذا الإحساس الذي يدغدغ.
كان قلبي ينبض بصخب.
‘هذا لن ينجح.’
أنا هنا لتوجيهه بالقوّة و جمع النّقاط.
أغمضتُ عينيّ بقوّة، مفكّرة أنّ كايسيس كان أسهل عندما لم يكن واعيًا، و تحرّكتُ.
“ماذا ستفعلين؟”
ما هذا التّظاهر بالبّراءة؟
“هناك سبب واحد لمجيئي إلى هنا.”
قلّصتُ المسافة بجرأة بيننا.
حتّى هيلاريا، الّتي انتقلتُ إلى جسدها، كانت طويلة القامة بالنّسبة لامرأة، لذا كنتُ أنظر إلى الشّخص الجالس قليلاً من الأعلى.
“جلالتك.”
“…..”
“جئتُ لإنقاذكَ. لذا، من الآن فصاعدًا، ما نحتاجه ليس الحديث.”
شعرتُ بالخجل الشّديد و أنا أنطق بهذه الجمل، لدرجة أنّني كـدتُ أموت من الإحراج.
ومع ذلك، كان الرّجل الذي أمامي يشعر بما هو أسوأ، أو على الأقل ليس أقلّ.
‘عندما تكتشف مَـنْ أنا لاحقًا.’
عندما يعرف أنّ الشّخص الّذي كان يتغزّل و يتودّد إليه هو الدّوقة أرييل، سيكون ذلكَ تاريخًا أسود مرعبًا سيجعله يركل لحافه مرّات لا تحصى.
مع هذا التّعزية، أمسكتُ بخدّي الإمبراطور.
و تفاجأتُ.
‘ما هذا النّعومة؟ هل هذه بشرة طفل؟’
كيف يمكن لرجل في أوائل العشرينات أن يمتلك بشرة ناعمة كتلك التي يمتلكها لوياس البالغ من العمر عشر سنوات؟
أليس هذا احتيالاً؟
على الرّغمِ من صدمتي بهذا الملمس، أخفضتُ رأسي بثبات.
‘غـريب.’
بالأحرى، غير مألوف.
لم أعرف كيف أدير تعبيرات وجهي.
‘آه، البداية مختلفة.’
في كلّ مرّة كنتُ ألتقي بعينيه، كان الشّخص الفاقد للوعي يجذبني ، وهكذا كان يبدأ الإرشاد.
لذا، كان تقبيل عينيه بينما ننظر لبعضنا غريبًا و محرجًا للغاية.
خاصّـة أنّني يجب أن أكون من يبدأ!
‘لماذا يحدّق بي هكذا؟’
هذا لن ينجح.
“لا تنظر.”
“…..”
مددتُ يديّ و غطّيتُ عينيه الزّرقاوين المزعجتين براحـة يـدي.
كان شعور رموشه الطّويلة تحت بشرتي يدغدغني.
“حتّى النّظر ممنوع؟”
توقّف عن إظهار هذه النّبرة المتذمّرة.
“نعم، ممنوع. إنّـه مزعج.”
“أنتِ طبيعيّة و محرجة في الوقت ذاته عندما تتعاملين معي.”
“هل تعرف مدى سخافة هذا التّعبير؟”
“مختلفة عن الآخرين و فريدة.”
“قلتُ لا تتكهّن.”
بينما أكبح اضطرابي الدّاخليّ، تذكّرتُ هدفي.
مهما حدث، يجب أن أكمل المهمّة.
التّورّط مع الإمبراطور أمـر لا مفرّ منـه، لكن يجب أن أحقّق نهاية سعيدة دونَ أن أُكتشف.
لذا، لن أموت، و سأنهي هذه الحياة الجديدة بسعادة!
‘للقيام بذلك، يجب أن أجري توجيهًا مناسبا أوّلاً.’
أغمضتُ عينيّ بقوّة و قبّلتُ شفتيه.
في اللّحظة التي لامسته فيها، شعرتُ بيـده الّتي تمسك كتفيّ تضغط بقوّة ثمّ ترتخي كما لو كانت في حالة ذهول.
كانت حركاتـه اليائسة كما لو كان يتوسّل مثيرة للشّفقة.
عندما أبعدتُ شفتيّ قليلاً، توسّل كايسيس وهو لا يزال متّصلاً بي:
“أكثر. هذا لا يكفي.”
مرّةً أخرى.
“افعليها مرّةً أخرى.”
و مرّات أخرى.
تدفّقت الطّاقة إليه عـدّة مرّات.
بينما كنتُ أرى الأوردة المنتفخة من الألم تتحوّل تدريجيًّا إلى بشرة ناعمة، أطلقتُ الطّاقة.
“ها، هل هذا الشّعور…”
“…”
“كأنّ عقلي يذوب.”
حاولتُ تجاهل كلماته الّتي جعلتني أشعر بالخجل.
حاولتُ ضبط نفسي حتّى لا تنتقل حرارته إليّ.
“جلالتك، دعني أذهب. لقد هدأتَ الآن، أليس كذلك؟”
“مَـنْ قال ذلك؟”
“أنا أعلم . لذا دعني أذهب.”
“هل ستغادرين؟”
حافظتُ على ابتسامتي بصعوبة وأنا أتحدّث، لكن كايسيس لم يـرخِ ذراعيه حول خصري.
تلامست جبهتانا.
“هل ستغادرين هكذا؟”
“لقد استقرّت حالتـكَ، لذا يجب أن أذهب.”
“لماذا يجب أن يكون كذلك؟”
كان وجهه القريب لا يزال قويّ التأثير، فشعرتُ بحرارة ترتفع في وجهي.
شعرتُ بالغضب.
كان يتصرّف هكذا عمدًا، أنا متأكّدة.
لم أكن مسحورة بهذا الرّجل، بل كنتُ ببساطة غير محصّنة ضدّ التّلامس العقلانيّ!
‘ما هذه الحركات السّاحرة؟ أبعـد وجهـكَ!’
كانت نافذة النّظام تصدر ضوضاء أيضًا.
ربّما كانت تشير إلى تراكم النّقاط، أو ربّما كانت تحذّرني من أنّ الوقت اليوميّ لتحوّلي إلى شكل الخادمة قد انتهى بعد استقرار الإمبراطور.
“ربّما…”
“إذا كان هناك مَنٔ يقيّـدكِ.”
لا أحـد يقيّـدني.
“لا يهـمّ مَنٔ تكونين.”
ليس صحيحًا.
“تعالي إلـيّ.”
شعرتُ أنّني يجب أن أبتعد، لكن يدي أُمسكت بلطف.
كانت عيناه الغائمة تحاول يائسة أن تحتويني في نظراته.
“لن أمسك بـكِ. ربّما لا أعرف خلال النّهار، لكن في هذه اللحظة من اللّيل، سأنتظـركِ. لكن بدلاً من ذلك، أقترح صفقـة.”
ما هذا الكلام؟
“أخبريني قصّتـكِ.”
“مـاذا؟”
رمشتُ بعينيّ لأنّني لم أتوقّع هذا الكلام.
“أخبريني قصّتـكِ.”
“إذن كنـتَ تحاول معرفة شيء ما!”
“لا، أنا فضوليّ بشأنـكِ.”
“…..”
كان الأمر كما لو أنّ حجرًا أُلقي على سطح بحيرة هادئة.
عندما نظرتُ إلى عينيه مجدّدًا، أدركتُ.
اللّحظة الوحيدة التي يمكنني أن أكون صادقة فيها في هذا العالم تكون أمام كايسيس.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 26"