إذا لم يكن الأمر كذلك، فمَـنْ يجرؤ على طرق باب غرفة نوم الدّوقة أرييل المرعبة في هذا الوقت المتأخّر من الليل؟
نهضتُ من السرير بحذر، ثمّ خطرت لي فكرة مفاجئة:
إذا كان الطارق شخصًا و ليس شبحًا، فقد يرى تصرّفًا لا يليق بالدّوقة.
‘حتّى في مثل هذه اللحظة، أواصل التّمثيل. أنا رائعة حقًّا!’
بينما كنتُ أحدّق في الباب و أتمتم بالشتائم، فُتح الباب بصوتٍ خفيف كما لو أنّه اعتُبر إذنًا بالدّخول.
و ظهرت شخصيّة صغيرة.
عينان خضراوان لامعتان، وشعر فضيّ لامع يشبه كثيرًا شكل أخيه.
طفل صغير لا يستطيع الكلام.
كان تلميذي، لوياس.
“ما الأمر؟”
في الحقيقة، عندما رأيتُ عينيه الدامعتين، أردتُ أن أفتح ذراعيّ وأقول: ‘تعالَ إلى هنا. لماذا تبكي؟’، لكنّني تمالكتُ نفسي.
“سألتُـكَ، ما الأمر؟”
حتّى أنا شعرتُ ببرودة صوتي.
بهذا الشّكل، كان من المفترض أن ينكمش الطّفل، كما اعتاد دائمًا، و يتراجع دونَ أن يكشف عمّا في قلبه.
كان ذلكَ هو التصرّف الصّحيح.
كان يجب أن يكون كذلك…
‘لكنّني لا أستطيع أن أكون قاسية إلى هذا الحدّ.’
لم أكن أدرك بسبب تشتّت ذهني، لكنّ الرّعد كان يدوي في الخارج.
يبدو أنّ الصّوت أخافه.
نظرتُ بضيق إلى قطّتي السمينة الّتي كانت تغطّ في نوم عميق و تصدر أصوات خرخرة، ثمّ عـدتُ بنظري إلى الطّفل.
وفي النّهاية، استسلمتُ.
“ادخل. و أغلق الباب جيّدًا.”
رفعَ الطّفل رأسه المطأطئ فجأة، و أشرقَ وجهه.
ركضَ و هو يحتضن وسادة بحجم جسده.
رأيتـه يتردّد وهو يقف أمام السرير بعجز، و شعرتُ بالإحباط من مدى التمييز الّذي تعرّض له ليصبح بهذا الشّكل، فتنهّدتُ تلقائيًّا.
عندها، اختفى إشراق وجهه.
تدفّق العرق البارد داخلي.
‘لا، لم أقصـدكَ!’
كانت هيلاريا امرأة تجعل الآخرين يشعرون بالخوف بمجرّد تنهّدها مع وجـه خالٍ من التّعبير.
“اصعد.”
كلمة واحدة جعلته يبتسم مجدّدًا.
جاء الطّفل وهو يحمل قلمًا و ورقة، و ما إن صعـد إلى السرير حتّى بدأ يكتب شيئًا.
عندما أشعلتُ المصباح الّذي كان مطفأً بسبب الليل، بـدت ابتسامته المتورّدة لطيفة لدرجة أردتُ أن أعضّ خدّيه.
‘لا أصدّق أنّه شقيق كايسيس. كيف يمكن أن يكونا مختلفين إلى هذا الحدّ؟’
في إحدى القصص الجانبيّة لـ<الإمبراطور المجنون>، كانت هناك قصّـة عن طفولة كايسيس، و كان حتّى في صغره فتى وقورًا و وسيمًا.
على الرّغمِ من أنّ جسده كان واهنًا و ضعيفًا.
‘لغز الجينات.’
لم يكن لديه أيّة لمحة من هذا اللّطف الطّفوليّ المشابه لجرو مبلّل.
– معلّمتي، شكرًا لكِ. كنتُ خائفًا من الخارج فهربتُ إلى هنا.
نظرتُ إلى خطّه اللّطيف و قلتُ كلامًا لا أعنيه:
“تسك، كيف يكون فتى خائفًا هكذا؟ هذا لا يصلح!”
كانت كلمات التّوبيخ قاسية.
لأبرّر نفسي، منذُ اللحظة الّتي سمحتُ له بالصّعود إلى السرير، بدأت نافذة النّظام تحذّرني.
هويّة الشّخصيّة المزعجة تلك!
لكن لوياس، الطّفل الطّيّـب، لم يتزعزع حتّى من قسوة معلّمتـه.
– معلّمتي، شكرًا لأخذكِ إيّاي إلى القصر.
شعرتُ بالتأثّر بسببِ الحزن في خطّـه اللّطيف المكتوب بحروف متعرّجة.
‘لمجرّد أنّني أخذته مرّة واحدة، يبتسم بهذا اللّطف؟’
حتّى عندما قرأتُ الرّواية، شعرتُ أنّ لوياس، هذا الطّفل الصّغير، كان يثير الشّفقة و البؤس.
طفل صغير بلا مأوى، بل إنّه مـات مريضًا بعد أن جرفته قوّة أخيه المنفجرة.
كان منبوذًا، لا ينتمي إلى هذه الجماعة ولا تلك.
‘عندما رأيتُـكَ، شعرتُ أنّـكَ تشبهني، يا لوياس.’
كانت حياة المرشدة المكروهة، الّتي لا تستطيع التّواصل مع أيّ مستيقظ، وحيدة جدًّا.
لذلك، غرقتُ في رواية رومانسيّة لا وجود لها في الواقع.
كنتُ أغار من البطلة المشرقة ومن الشّخصيّات الّتي تحبّها بكلّ شيء فيها.
أردتُ رؤية أقوى مستيقظ في عالم الرّواية، الّذي يعشق مرشدته بصدق، شيء لا يوجد عند الأوغاد في الواقع.
كلّ ذلكَ لأنّه لم يكن موجودًا من حولي.
‘لذلك أردتُ إنقاذكَ.’
لو كان خياري الأوّل في نقطة التّفرّع شخصيّة أخرى، لكنتُ تصرّفتُ بأنانيّة.
كنتُ سأفكّر في حياتي فقط، و أركّز على إطالة حياة شخصيّة ثانويّة محدودة الوقت بدلاً من التدخّل في القصّة الأصليّة.
لم أكن لأخاطر بإنقاذ الإمبراطور.
لوياس، لو لم تكن تشبهني.
“ما الّذي يهـمّ في هذا الأمر التّافه؟”
على الرّغمِ من أنّني اضطررتُ للكلام ببرود وإخفاء مشاعري الرّقيقة.
“إذا كنتَ تلميذي، فلا تطأطئ رأسكَ أمام أيّ أحد. هل فهمتَ؟”
* * *
آه!
استيقظ لوياس من كابوس.
سرير واسع، و ليل هادئ.
في الخارج، كانت الرّعود و البرق تصرخ كما لو كان تنّينًا هائلًا يزأر.
ارتجف جسده الصّغير بشكلٍ بائس.
تجمّعت الدّموع في عينيه و سقطت.
أمّي. أبي.
أشخاص لم يعـد بإمكانه إيجادهم.
أخي.
عائلة تنظر إليه بدفء لكنّها لا تمـدّ يدها أبدًا.
ثمّ تذكّر شخصًا كان يتحدّث ببرود وقسوة لكنّه أمسكَ يـده بقوّة و لم يتركها.
‘معلّمتي.’
ربّما سيُوبَّـخ بشدّة.
السّاحرة العظيمة هيلاريا.
السّاحرة الّتي اضطرّت لقبول الأمير الأبكم كتلميذ.
لم تكـن معلّمة رقيقة، ولم تحبّـه.
كان يعرف ذلك…
‘لكنّها كانت لطيفة مؤخرًا.’
لم يسبق لأحد أن انحنى ليوازي نظرات لوياس، أو اهتمّ بمشاعره، أو قـدّم له طبقًا مليئًا بالمأكولات البحريّة الّتي يحبّها.
لم يسبق لأحد أن شرحَ معادلات سحريّة للوياس، الّذي لا يستطيع الكلام و لا تفعيل السّحر.
لم يسبق لأحد… أن دفـعَ أميرًا وحيدًا إلى أمام الإمبراطور وقال له: ‘اذهب و انظر.’
‘لوياس، يبدو أنّكَ صرتَ مقرّبًا من معلّمتـكَ.’
على الرّغمِ من أنّ شقيقه سخـرَ منه، أومأ لوياس بسرعة و كتب:
‘معلّمتي شخص طيّب.’
إنّها طيّبة ولطيفة. تبدو فظّة لكنّها دافئة. مثل أخي تمامًا.
على الرّغمِ من أنّ وجه أخيه تشوّه بشكلٍ غريب عندما قرأ تلكَ الجملة الّتي كتبها لوياس بحماس بدلاً من التحدّث.
‘أنا أحـبّ معلّمتي.’
و أحـبّ أخي جلالة الإمبراطور أيضًا.
‘لوياس، لا تثـق بالدّوقة.’
على الرّغمِ من سماعه لتلكَ الكلمات المؤلمة.
‘إنّها عدوتنـا.’
من الواضح أنّ أخاه مخطئ بشدّة.
قبل قدومه إلى هنا، قال الجميع في القصر:
الدّوقة هي عدوّتنا.
لا تعطِ قلبكَ للدّوقة.
لا تـدع السّحرة يخدعونكَ هناك.
أراد لوياس أن يقول:
‘لكنّني ساحر أيضًا.’
لكن بعد أن دخل عالم السّحرة، لم يتلقَّ سوى النّظرات الباردة.
لكنّ معلّمته ظهرت.
على الرّغمِ من أنّها بـدت أكثر لطفًا في الأيّام الأخيرة، إلّا أنّ لقاءهما الأوّل لم يكن سيّئًا كما توقّع.
‘أنـتَ.’
حتّى في ذلكَ الوقت، انحنت لتوازي نظراته.
‘ستكون تلميذي من الآن فصاعدًا.’
لذلك، يجب أن يكون حضن معلّمته دافئًا هكذا.
‘ههه.’
ضحك لوياس و هو يفرك خـدّه بحضن معلّمته الّتي كانت تحتضنه بقوّة وهو نائم.
كان الدّفء يشعره بالرّاحة.
لم يعـد الرّعد الصّاخب في الخارج مخيفًا.
‘أخي، أنـتَ مخطئ. معلّمتي شخص طيّب حقًّا. ليست عدوّتنا، بل هي معلّمتي اللّطيفة.’
إذا سنحت الفرصة مجدّدًا، سأخبر أخي كم أنّ معلّمتي لطيفة و طيّبة.
مع هذا العزم، غرق لوياس في نوم عميق.
* * *
أشعر بصداع يقتلني.
“سيّدتي الرّئيسة، نحن مظلومون!”
نعم، أنا أيضًا مظلومة.
“إنّهم يفترون علينا! يا إلهي، هؤلاء المجانين ينشرون إشاعات بأنّنا نصنع عقارًا يجعل المستيقظين ينفجرون!”
هل بدأ ذلكَ بالفعل؟
أعرف أنّ الأشرار هم مَـنْ يصنعون ذلكَ العقار.
أعرف ذلك… لكنّ المشكلة أنّني لا أتذكّر مَـنْ يصنعه، ولا من أين، و لا كيف يتـمّ توزيعه.
فكّرتُ بكآبة داخليًّا، لكنّني حافظتُ على تعبير جادّ و بارد كالجليد.
كان السّحرة يتشبّثون بي وهم يصرخون كالأطفال الّذين يشتكون إلى أمّهم.
“سيّدتي الرّئيسة، انصفينا من هذا الظّلم! هكذا سنموت من ارتفاع ضغط الدّم!”
“هؤلاء الأوغاد يزدادون نباحًا كالكلاب مؤخرًا، و يثيرون نزاعات لا أساس لها. هل يجب علينا نحن السّحرة، أن نستمرّ في تحمّل هذا الذّل، يا سيّدتي الرّئيسة؟”
آه، أشعر و كأنّني سأصعد إلى النّيرفانا.
“سيّدتي الرّئيسة!”
“سيّدتي الرّئيسة!”
“انصفينا من ظلمنا!”
آه، اللّعنة.
هل أستخدم كارثة عظمى و أنسى المهام وكلّ شيء؟
هههه.
في تلكَ اللّحظة بالذّات.
طنين.
[مهمّة مفاجئة!]
ظهرت مهمّة جعلتني أرتجف، كالعادة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 23"