“سأعطيكِ أوّلًا معلومات الخارج مياو. لا تقلقي، لوياس خرج سالمًا. سيروين يعتني به، و الآخرون أيضًا بخير. الجميع ينتظرونكما بهدوء مياو.”
“…نعم.”
إذًا، إن خرجتُ أنا و كايسيس سالمَين، فسيكون الجميع سعداء حقًّا.
كنتُ أرسل لها نظرةً متعلّقة، ثمّ أدركتُ أمرًا ما و رفعتُ جفنيّ بسرعة.
“انتظري قليلًا. لوسي، جسدكِ….؟”
لم يكن وهمًا.
كان جسد القطّة الممتلئة شبه شفّاف قليلًا.
“مياو.”
لكن قبل أن أقول أيّ شيء، تابعت لوسي كلامها و كأنّها تطلب منّي ألّا أتوه بالهراء.
“أوّلًا، لقد تعبتِ كثيرًا حتّى الآن مياو.”
“لماذا تقولين هذا الآن؟”
“لحظة الاختيار الأخيرة قد اقتربت مياو.”
طق طق.
و مع صوت ضرب لوسي للأرض، ظهر أمامي نافذة النّظام.
[يمكنكِ قطع أختام المرشدين المرتبطين بكِ، و التّركيز على شخصٍ واحد فقط. لكن قبل ذلك، يجب أن تكوني قد حصلتِ على أهلية ???? بالكامل.]
─دينغ
[قبل ذلك، سيتمّ دمج قطع ???? .
سيتمّ جمع علاقات السّببيّة المتراكمة لديكِ للحصول على المكافأة الكاملة.
هل ترغبين في الدّمج؟]
هل أومأتُ برأسي؟
في اللّحظة التي ركّزتُ فيها على حدقتيّ لوسي العموديّتين، شعرتُ و كأنّ بصري يتلاشى.
كما لو أنّ العالم الذي أنتمي إليه تحطّم، و سُحقت روحي، ثمّ أُعيد جمعها من جديد، شعور غريب كهذا اجتاحني.
عندما فتحتُ عينيّ و أخذتُ نفسًا واحدًا، كان إحساسي أشبه بالولادة من جديد.
في هذا الفضاء المتوقّف، أصبحتُ هيلاريا كاملة، و أُعيدت ولادتي كعضوٍ حقيقيّ في هذا العالم.
القلق الذي كان يلازمني دون وعي، ذلك الاضطراب الذي جعلني أشعر أنّني لا أنتمي إلى هذا العالم و قد أموت في أيّ وقت، تبدّد كضباب، و كان ذلك شعورًا غريبًا جدًّا.
إحساس بإيجاد جذورٍ راسخة.
“لوسي، أشعر بشعورٍ غريب.”
“أليس مريحًا مياو؟”
“نعم، فعلًا. اختفى ذلك القلق المجنون. كنتُ أشعر دائمًا و كأنّني مطارَدة……”
ربّما أدركتُ حينها أنّ المهامّ كانت، في كلّ مرّة، تُوازن ذلك القلق دون أن أشعر.
و كأنّ النّظام و المهامّ كانا يثبّتانني، و في الوقت نفسه يصرفان انتباهي.
“حسنًا، بقيت المرحلة الأخيرة مياو.”
في اللحظة التي لوّحت فيها لوسي بذيلها و هي جاثمة، و لمست جبهة كايسيس بخفّة.
‘آه.’
كان الإحساس شبيهًا بانقطاع خصلة شعرٍ فجأة.
“سأقطع علاقات السّببيّة المرتبطة بكِ مياو. لم تعد هناك حاجة لها. يكفي أن تركّزي على واحد فقط. هيا، هيلاريا. بمَـنْ تريدين الارتباط مياو؟”
[تـمّ دمج قطع ???? .
تمّـت استعادة الأهلية المسلوبة.
أنـتِ البطلة الوحيدة في هذا العالم.
تـمّ الحصول على المكافأة!
يمكنكِ تقديم علاقة سببيّة قويّة لتغيير مصير شخصيّة واحدة.
سيتمّ قطع جميع أختام المستيقظين المرتبطين بكِ.
يمكنكِ الإبقاء على شخصٍ واحد فقط.
أيّ شخصيّة تختارين؟
سيتمّ تعديل قصّة الشّخصيّة المقرّرة أصلًا، و اختيارها كشريكٍ لهيلاريا.]
شعرتُ بالدّوار و أنا أتابع الكلمات التي مرّت بسرعة.
إذًا….
‘هذا يعني أنّني حصلتُ على أهلية البطلة، و يمكنني تغيير مستقبل مستيقظٍ واحد مرتبط بي؟’
إذًا لم يكن هناك مجال للتّردّد.
كان الرّجل أمامي هو الجواب.
كايسيس.
إن كان بوسعي أن أصبح شريكته الحقيقيّة و أنقذه، فسأفعل أيّ شيء.
حقًّا، أيّ شيء.
‘كنتُ مستعدّة لأن أموت معـه، فما الذي أتردّد فيه؟’
لم أحتج حتّى إلى الإجابة عن سؤال “هل تختارين؟” كما في كلّ مرّة.
اقتربت القطة من أسفل نافذة النظام التي كانت تطفو كالضّباب، و نظرت إليّ.
“لقد اخترتِ مياو.”
“نعم. دائمًـا، كان اختياري هو ذلكَ الشّخص.”
“منذُ البداية؟”
“ربّما، منذُ البداية.”
أوّل شخص رأيته عندما سقطتُ في هذا العالم كان كايسيس.
حين نظرتُ إلى عينيه الزّرقاوين الصّافيتين، ظننته في البداية نفس الإسبر من حياتي السّابقة فشعرتُ بالخوف، لكن أوّل ما خطر لي كان أنّه وسيم.
وسيم جدًّا.
“حسنًا. هيلاريا، لقد أنهيتِ اختياركِ.”
[تهانينا.
أصبحتِ الآن مرشدة مرتبطة بشخصٍ واحد فقط.
مستيقظكِ لن يتلقّى الإرشاد إلّا منكِ.
يمكنكِ إرشاد الآخرين، لكن التّأثير سيكون ضئيلًا، و ستظهر أعلى نسبة توافق فقط مع مستيقظكِ.]
فتحتُ عينيّ على اتّساع، و حدّقتُ في القطّة التي تتكلّم بكلّ هدوء.
“لوسي؟”
نظرَت إليّ القطّة و ابتسمت ابتسامةً ماكرة، كما كانت تفعل دائمًا حين تمازحني، القطّة السّمينة المشاكسة ذاتها.
“بلّغـي لوياس تحيّتي بنفسكِ، أو ادعي أن تصل قطعةٌ من معجزتي إليه. لقد أصبحتِ بطلة هذا العالم، فرغبتكِ قادرة على صنع قطعة معجزة كافية.”
“انتظري، لوسي. أنـتِ، فعلًا، جسدكِ صار شفّافًا.….”
انحنيتُ بجسدي.
و أنا أضمّ كايسيس إلى صدري، انحنيتُ قدر ما أستطيع و مددتُ يدي نحو القطّة.
كان لا يزال هناك ملمس الفرو النّاعم و الحرارة الدّافئة التي منحتني الطّمأنينة.
“هيلاريا، لقد تعبتِ كثيرًا حقًّا. كان ذلك قرارًا لإنقاذكِ، لكنه كان أيضًا قرارًا لإنقاذ عالمي.”
“لوسي…… إذًا أنـتِ فعلًا.”
“نعم، أنا النّظـام.”
“حاكم هذا العالم؟”
“حتّى شظيّة الحاكم هي ملكي.”
أجبنا في الوقت نفسه، و نظرنا إلى بعضنا و ابتسمنا.
خلال عيشي في هذا العالم، كنتُ قد أدركت وجود [النّظام] الحامل لقوّة الحاكم، و في الوقت نفسه حاولتُ معرفة اسم الحاكم.
‘اسم الحاكم؟’
‘سيروين، ألا تعرف اسم الحاكم الرّئيسيّ الذي يخدمه الكهنة؟’
‘لا، ليس هذا المقصود. مهلاً، هذا غريب.’
‘سيروين؟’
‘……عزيزتي، ماذا قلتِ الآن؟ هل غفوتُ قليلًا؟ لم أسمع جيّدًا.’
‘لا شيء.’
انقطاع غير طبيعيّ.
سجلات غير موجودة في أيّ كتاب.
أناس يؤمنون بمعجزات الحاكم و قوّته، لكنّهم لا ينطقون باسمه.
“كان الأمر يبدو و كأنّ اسمه قد مُحي من هذا العالم، كما أنّني لا أستطيع تذكّر ماضيّ و اسمي كاملَين.”
“أنـتِ ذكيّة.”
“لوسي، لقد دفعتِ ثمنًا كبيرًا لإنقاذي، أنا روح من عالمٍ آخر، و ربّما غيّرتِ مستقبل هذا العالم المقرّر. أليس كذلك؟ و لهذا أصبحتِ الحاكم الرّئيسيّ، لكن حاكمًا منسيّ الاسم.”
“……”
“لوسي؟”
لم تكن لوسي في الأصل قطّة، و لا كان اسمها لوسي.
لكن بالنّسبة لي، كانت صديقتي، و قطّتي، و مرشدة قدري.
وجودًا لا يُقدّر بثمن.
“نعم. إذا كان هذا هو الثمن الذي دفعته لإنقاذ روحٍ من عالمٍ آخر، و إنقاذ هذا العالم، فلا بأس.”
“مياو.”
ناحت لوسي بنبرةٍ مازحة.
“أنا أنقذتـكِ، و أنـتِ أنقـذتِ عالمي. إنها صفقة جيّدة، أليس كذلك؟ لذا يا هيل، كوني سعيدة.”
همستُ بلا وعي.
آسفـة.
قهقهت لوسي باستخفاف، و كأنّها تقول إنّني أقول أتحدث بسخافة.
“آسفة؟ هل نسيـتِ؟ قلتُ لكِ إنّني هنا لإنقاذكِ. أنـتِ مسؤوليّتي. فلا حاجة للشّكر.”
التعليقات لهذا الفصل " 175"