لكن لم أتمكّـن من مواصلة التفكير.
بمجرّد محاولتي استرجاع الذكريات الضبابية، اجتاحني صداعٌ يكـاد يحطّم رأسي.
“مذهل.”
كان في حالةٍ مليئة بالحيوية أكثر من أي وقتٍ مضى.
و مع ذلك، لم يستطع تذكّر ما حدثَ الليلة الماضية بوضوح.
كانت الذكريات المتبقية قصيرة بشكلٍ يرثى له.
شفاه شخصٍ آخر كانت تُغلفه بلطف.
أنفاسٌ حلوة ، و دفء شخصٍ ما يفلت من يديه.
مشاعره اليائسة في تلكَ اللحظة.
كل ما تذكّره كان هذه الأشياء البسيطة.
لم يكن هذا المستوى من الألم شيئًا مميزًا بالنّسبة لكايسيس، لكن أن يصبح رأسه فارغًا لهذه الدرجة كان غريبًا بالتأكيد.
كان ذلكَ مستحيلًا ما لم تتدخل قوة خارجية.
لم يكن هناك سوى عددٍ قليل من القوى القادرة على فعل ذلك.
السّحر، أو القوة المقدّسة.
لكن الأولى، قليلون هم القادرون على استخدامها، و الأخيرة، تأثيرها على الإمبراطورية أصبح ضئيلًا.
علاوة على ذلك، تصرفات الشخص الآخر كانت جريئة بشكلٍ لا يُفهم.
“الاستهزاء بالإمبراطور ثم الهروب.”
هذا السّلوك الذي بدا كأنه يسخر منه.
لم يكن يتوقع أن يكون هناك شخصٌ جريء مثل الدّوقة آرييل في الإمبراطورية.
حتى لو كان القصد تهدئة قوّتـه، فإن هذا ليس شيئًا يمكن لعقلٍ عادي القيام به.
مع شعورٍ بالاستياء، بدأت شكوكه تتزايد بجنون.
لو لم يختبر هذا من قبل، لكان الأمر مختلفًا، لكن مع ظهورها مرةً أخرى و ترك هذا الأثـر فيه، ماذا يُفترض بـه أن يفعل؟
“هل هذه لعبة القـطّ و الفـأر؟”
كشّـر جشعٌ شرس عن أنيابه.
نظر إلى يده الفارغة، و شعـرَ بجوع وحشٍ جائع.
“فقط لو استطعت أن أمسك بـكِ.”
فقط لو…
*****
‘آه!’
ما هذا؟
لماذا أشعر فجأة بهذه القشعريرة؟
‘ربما لأن طاقتي استُنفدت كثيرًا.’
بعد أن مررتُ بتجربةٍ مروعة حتى فجر اليوم، يبدو أن جسدي و عقلي مرهقان.
لو كان بإمكاني تشغيل مدفأة كهربائية و النوم طوال اليوم، لكنتُ سعيدة جدًا.
لكن واقعي الحالي هو هذا المكان، بلا مدفأة كهربائية و لا هاتف ذكي لقراءة روايات الويب عندما أشعر بالملل.
“….”
نظرتُ إلى الكائن الصغير أمامي و هو يمضغ طعامه ببطء، و سألته بنبرة الدّوقة المتعجرفة:
“لماذا؟ أليس طعمه جيّـدًا؟”
“….!”
ارتجف الطّفل الصغير عند كلامي و هـزّ رأسه بسرعة.
ضممتُ شفتيّ.
بينما أنظر إلى عينيه البريئتين المتوسلتين، اعتذرتُ في داخلي فقط.
آسفة يا صغيري، لقد أفزعتكَ. لكنني عبدة للنظام.
حتى لو أردتُ أن أكون لطيفة، فأنا في ورطة…
كان الطفل ذو الأنف المحمر هو لوياس.
بعد الحفلة، لم أعتنِ به جيدًا، لذا دعوته لتناول الطعام معًا.
لكن رد فعل السحرة كان…
للحظة، ومضَ النظام بتحذيرٍ [هويتكِ في خطر!] بشكلٍ مذهل.
ما نوع الشخصية التي كانت تملتكها هيلاريا؟
حتى لو كان شقيق الإمبراطور، إلا أنه مجرّد طفل.
‘ألم يتناولا الطعام معًا و لو مرةً واحدة؟’
هذا يؤكد أن هيلاريا كانت تهمل تلميذها.
لا عجب أن الإمبراطور يكره صاحبة هذا الجسد.
لكن الآن، أنا هذا الجسد، ولا أستطيع حتى الضحك على هذا الوضع!
“كُـل المزيد.”
بدافع الشفقة، دفعتُ إليه أنواع المأكولات البحرية التي تناولها عدّة مرات.
لكن حتى هذه الإيماءة الصغيرة جعلته يرتجف بدهشة، مما جعلني أفكر أن هذه المهمة، وكل شيء آخر، كانت فعلًا لا يُطاق.
‘يجب أن آمـر السحرة برعايته جيدًا دون إثارة الشكوك.’
في تلكَ اللحظة، رأيتُ خديّ الطفل تصبح حمراء بينما يتلعثم.
تقابلت أعيننا، ثم أخفض رأسه بسرعة، مما أثار شفقي.
طقطقة.
نقرتُ على الطاولة لجذب انتباهه، و أشرتُ بذقني بتعجرف كما لو كنت أقول “ماذا؟”.
أضاء وجه الطفل فجأة.
أخرجَ لوياس دفترًا من حضنه و دفـن أنفه فيه، خافضًا رأسه.
‘شعره جميل أيضًا.’
بينما كنتُ أنظر إلى رأسه المستدير المنحني، أُعطيت فجأة ورقة مكتوبة.
─ هل ستذهبين إلى القصر الإمبراطوري؟ هل ستزورين أخي جلالته؟
آه، هذا ما كان يقصده.
عند رؤية عينيه المليئتين بالتّوقع، لم أعرف ماذا أقول.
كنتُ أعرف كم تطلّب ذلكَ من شجاعة.
كانت يـده الصغيرة التي تمسك بالدفتر ترتجف.
‘لكن…’
حتى الكلب العابر يعرف، و حتى تلك القطة السمينة التي أكلت عشر كعكات تعرف، أنه مثل رهينة هنا.
هل يمكنني أخذه معي؟
ألن يثير ذلكَ الشّكوك؟
حتى تناول الطعام معًا جعل السحرة يتهامسون بأنّ سيدة البرج مريضة بالتأكيد!
“مياو.”
تثاءبت القطة السمينة و هـزّت ذيلها كأنها تقول “افعلي ما شئتِ”.
آه، يا له من شيء.
─ تلكَ القطة… هل هي قطتكِ، أيتها المعلمة؟
لكن لوياس بدا مفتونًا و سعيدًا، وهو يحرّك أصابعه كأنه يريد لمس ذيلها.
كانت عيناه تتبعان القطة، فقلتُ دونَ وعي بسرعة:
“لا يمكن.”
إنها قذرة.
ستتألّم إذا خدشتكَ.
“….”
لكن عند رؤية وجه الطفل الذي شحب، شعرتُ بندمٍ شديد على خطأي الكبير.
كنتُ أعني ألا يلمس القطة.
أنـتَ مَـنْ سألتني!
لكنه بدا كأنه فهمَ أنني أقول إنه لا يمكنه الذهاب إلى القصر الإمبراطوري.
انخفض رأسه كأنه سيغرق في الأرض.
آه ، شعرتُ بحرقةٍ كمَـنْ ابتلع الماء من أنفه.
آه، ماذا أفعل؟
─ أعرف… لقد أخطأت.
صرخ ضميري.
أغمضتُ عينيّ بقوة و مضيت في الأمر.
****
أين أنا؟ مَـنْ أنا؟
لماذا أشعر بهذا الإحساس المزعج بالديجا فو؟
‘هاها.’
نظرتُ إلى الطفل الصغير الذي يمسك بثوبي بإحكام و هو ينظر بحماس إلى أنحاء القصر الإمبراطوري.
‘هل أنـتَ سعيد؟ هل يعجبكَ هذا؟’
حسنًا، طالما أنـتَ سعيد، فهذا يكفي.
أنا سأكون تعيسة كثيرًا من الآن فصاعدًا.
ليس فقط أنني يجب أن أمثّل أمام الإمبراطور العدو في كل مرة، بل يجب أن أكدّس عقلي الآن لأشرح كيف أتيت فجأةً بهذا الطفل.
لا أعرف كم مرة تقابلت أعيني مع خدم القصر الذين نظروا إليّ مرة، ثم إلى لوياس الذي يتبعني كفضلات سمكة ذهبية مرةً أخرى.
ماذا أقول؟
كيف يمكنني أن أجعل الدوقة آرييل، التي تتصرف فجأة كما لو كانت تشفق على تلميذها الصغير، تبدو غير مجنونة؟
لكنني أدركت بعد ثلاث دقائق فقط أن هذه الهموم كانت ترفًا.
لأن أشخاصًا ظهروا فجأة من نهاية الممر و بدأوا ينظرون إليّ من أعلى إلى أسفل.
“في المرة الأخيرة، رفضتِ بغطرسةٍ عرض الأمير التابع لبرج السحر، فما الذي غيّر رأيكِ لتأتي بسمو الأمير إلى القصر دونَ إذن؟”
مَـنْ هؤلاء؟
بالطبع، أعرف أن الأشخاص الذين سدّوا طريقي هم جميعًا مرشدون و مستيقظون.
ربّما هم فرسان الإمبراطور و مرشدوهم.
تشبّث لوياس بي من الخلف، ممسكًا بثوبي بقوة، و هو مصدوم من الموقف المفاجئ.
لكن يا تلميذي، أنا مَـنْ تريد البكاء!
أردتُ القول إنهم مخطئون في الشخص، لكن السكوت هنا لن يكون تصرف الدوقة آرييل.
“ما هذه الوقاحة؟”
“آه، هل تعتقدين أنني لا أعرف أن السّحرة أصبحوا متعجرفين و يثيرون المشاكل مؤخرًا، يا سمو الدوقة؟”
“و ما علاقتي بذلك؟”
“أنـتِ قائدتهم، فكيف لا علاقة لكِ؟”
“لا أعرف شيئًا عن ذلك.”
بغطرسة و وقاحة.
بالطّبع، كان لهذا الردّ أثر عكسي.
بوم!
ارتفعت الأرض بجانبي.
يبدو أن هناك مستيقظًا يستطيع استخدام قوة الأرض.
كان قلبي يخفق بقوة كأنه سينفجر.
[دينغ]
[دينغ]
[دينغ]
لم أستطع تحويل نظري عن الأشخاص أمامي، لكن حتى دونَ النظر، كنتُ متأكدة أن النظام يطلق نوافذ تحذيرٍ متتالية عن الخطر.
تدفّق العرق البارد.
أطلق المستيقظون ذوو المظهر الشرس قوتهم بعشوائية.
“سمعنا أنّـكِ وجدتِ مرشدة جلالته و تتسترين عليها. قال السحرة ذلك. أهذا صحيح؟”
أي مجنون نشـرَ هذه الإشاعة؟
صُدمتُ، لكن هذه لم تكن المشكلة الآن.
“أجيبي!”
أصبحت قوتهم أكثر حدة.
كانت الشرارات تتطاير خلف الفارس الذي انتفخت عروقه.
شعرتُ بالدوار.
هناك طفل هنا!
أنا عاجزة عن استخدام السحر لا أستطيع حتى إطلاق كرة نارية!
و إذا لم أتمكن من الرد عليهم هنا و سقطت ضحية:
‘سيعرف الجميع أن الدوقة آرييل تغيّرت.’
و ستفشل المهمة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 16"