لم أكن أودّ استخدام هذا التعبير، لكنّ الوقت انقضى حقًّا بسرعة.
نظرتُ إلى السحرة ذوي الوجوه الشاحبة، وإلى المتعاونين الذين تحرّكوا بخفّة الليلة الماضية، ثمّ أومأتُ برأسي.
فجرٌ أزرق.
[أشرق اليوم الأخير من الحفل.
من المتوقّع أن يتغيّر الكثير اليوم، لذا يُرجى إتمام الاستعدادات بإحكام.]
نعم، سيتغيّر الكثير.
ربّما يُحسَم مصير أحدهم.
و أنا أيضًا.
* * *
أنهى الكاردينال هانويل صلاته، ثمّ نهض من مكانه.
وكما جرت العادة، كان يتبعه عدد من الكهنة كأنّهم حرسه، غير أنّهم كانوا هادئين على غير المعتاد اليوم.
لم يكن كثيرون قادرين على تحريك الكهنة على نحوٍ خاص.
و خاصةً في إمبراطوريّةٍ أجنبيّة ليست أرضهم.
“منذ متى و أنتَ تهتمّ إلى هذا الحدّ بحياتي الخاصّة، أيّها الكاردينال سيروين؟”
حين أدار رأسه، ظهر زميله الذي لم يرق له قطّ.
هيئةٌ متراخية، و تعابير غامضة توحي بأنّه يُخفي الكثير.
كان سيروين، الرجل الذي تبرز الشامة قرب عينيه على نحوٍ لافت.
“أين الكهنة الآخرون؟”
“كنتُ دائمًا فضوليًّا.”
“لا تزال تغيّر الموضوع كما عهدتكَ. ما زلتَ فظًّا.”
“هل أطعمتَ ذلك الدواء لزملائنا الكهنة أيضًا؟”
“…….”
“أم ينبغي أن أقول: إلى أيّ حدّ خدعتَهم؟”
ساد صمتٌ مروّع.
تجمّد هانويل، وهو يرتدي قناع الكاردينال الوديع، حتّى نفسه توقّف.
ثمّ، أخيرًا، بدأ القناع ينزاح ببطء.
“سيروين.”
ارتعشت زاوية فمه، و فاضت المشاعر في عينيه الزرقاوين الفاتحتين اللتين كانتا تبدوان بريئتين صافيتين.
“في الحقيقة.”
نية قتل حادة كأنّ الجلد سينشقّ و ينفجر الدم لمجرّد اللمس.
“كنتُ أكرهكَ حقًّا. كنتَ مقرفًا.”
بل إنّ القوّة نفسها تجسّدت و انتشرت.
و سيروين، الذي شهد ذلك التحوّل، لوى شفتيه هو الآخر بنظرةٍ متّقدة.
“انظروا مَنٔ الذي يتحدّث.”
“أشعر بالفضول. إلى أيّ حدّ تستطيع منعي؟”
قاعة المأدبة الأخيرة.
و بناءً على طلب شخصٍ ما، كان سيروين ينوي أن يبذل قصارى جهده ليُقيّد خطوات ذلك المقرف الذي تظاهر بأنّه زميل حتّى الآن، كي يصل إلى القاعة متأخّرًا قدر الإمكان.
‘ابذلي قصارى جهدكِ، يا عزيزتي.’
‘لكن لا تتأخّري كثيرًا، هيلاريا.’
‘فلستُ مُستيقظًا قتاليًّا.’
كانت قوّة المستيقظ الشرّيرة المتفشّية تبدو أقوى ممّا توقّعه.
“أخيرًا سأتمكّن من إسكات ذلك الفم المزعج. تعال، ايها الدمية القذرة لحاكم قذر.”
“أظنّني أفضل منكَ بعدّة أضعاف، يا مَنٔ تخدم وحشًا.”
أخفى سيروين عرقه البارد بصعوبة، ثمّ شدّ شفتيه بثقةٍ و هو يتحرّك.
أخذ يشقّ الفضاء، و يطويه.
خلفه مباشرة!
* * *
على الرغم من أنّ الحفلات المتتالية لم تختلف كثيرًا عمّا سبقها، فإنّ ذوي الفطنة كانوا يرمشون مرارًا و قد استشعروا جوًّا غريبًا.
كنتُ، اليوم أيضًا، أشغل أحد مقاعد المأدبة بهيئة هيل.
‘لقد اجتمع جميع أصحاب الأدوار الرئيسيّة.’
مع أنّ سيروين، و كذلك هانويل، لم يكونا ظاهرين.
‘و بالاستناد إلى قائمة النبلاء الذين شربوا العقاقير، جرى سحبهم جميعًا إلى هنا دون استثناء.’
كنتُ أودّ استثناء لوياس، لكن خشيتُ أن يُقدِم أحدهم على فعل شيءٍ ما في مكانٍ آخر، فاخترتُ إجباره على حضور مأدبةٍ مرئيّة للجميع.
و بدلًا من ذلك، كانت قطّة سمينة مجهولة الهويّة ستتبع الأمير الصغير اليوم كظلّه.
و بينما كنتُ أنقل بصري سريعًا في القاعة، التقت عيناي بامرأة تقود الآخرين.
‘ليلييتا.’
كانت تُخفي شيئًا من القلق خلف ابتسامتها الفاتنة، لكنّني كنتُ أعرف تمثيلها جيّدًا، فرأيتُه بوضوح.
خواطرها الدفينة التي تخفي اضطرابًا ما.
حدّقتُ فيها بصمت، ثمّ ابتسمتُ بهدوء.
اليوم، لن يكون هناك رقص. أليس الجميع على علم بذلك؟
التعليقات لهذا الفصل " 157"