لو كان هناك مَنٔ يعرف وضعي بالكامل ويرى هذا المشهد، لتساءل طبيعيًّا.
‘كيف يمكن لسيروين، و هو هدف الإستبدال [المهارة: القناع]، أن يقف أمام هيل؟’
كلّ هذا بدأ بعناد سيروين.
هذا الصباح، أو بالأحرى في الفجر الباكر.
انفجر سيروين، الذي كان يتنقّل بين برج السحر متنكّرًا بهيئتي.
‘ستبدأ الوليمة لثلاثة أيّام من اليوم، ولا يمكنني الغياب هكذا، يا عزيزتي. من أجل مراقبة ذلك الوغد هانويل، أليس من الضروري أن أظهر في قاعة الوليمة؟ لا يمكنني أن أكون الوحيد الغائب.’
‘لا مجال للتراجع الآن. لذا قبل أن أوافق على أيّ شيء، فكّر في الأمر جيّدًا….’
‘آه، لم أقل إنّي أرفض. فقط، بما أنّ هذه الوليمة مهمّة للغاية، فلنضع استثناءً، أليس كذلك؟’
‘هذا ليس من اختصاصي.’
‘ههه. في هذه الحالة……يكفي أن أجلب مَنٔ يملك الصلاحيّة للتدخّل، أليس كذلك؟ هذا يعني أنّكِ موافقة. وجودي إلى جانبكِ في الوليمة، وأنا حليفكِ المطلق، أليس أفضل؟’
‘…ماذا؟ ما الذي تنوي فعله بالضبط؟’
‘انتظري فقط، يا عزيزتي. ثقي بي.’
السبب الذي جعل سيروين، وهو هدف الإستبدال لمهارة [القناع]، قادرًا على الوقوف أمامي وأنا بهيئة هيل. هو أنّه أدرك بسرعة أنّ مصدر قوّة هذه المهارة الغريبة، قوّة العلاقة، هو القطّة السوداء السمينة.
كيف توصّل إلى ذلك لا أدري، لكنّه دخل وهو يحمل لوسي بين ذراعيه، و تعلّق بها بإلحاح مثير للشفقة.
‘اتركني ميااااو! أيّ نوع من المجانين هو هذا مياو! آهاهاها!’
استسلمت لوسي في النهاية أمام مضايقات سيروين المصحوبة بالدغدغة، و وافقت وهي تلهث.
‘هاها. سنجعلها استثناءً فقط في هذه المهمّة الرئيسيّة مياو. هناك ثلاث فرص فقط مياو! فقط عندما تؤمّن الدّوقة آرييل عذرا كاملًا لغيابها، عندها فقط يمكنكَ الظهور مياو. مفهوم؟ لذا، أيها العنيد ، بتعد عنّي مياو!’
‘ما رأيكِ؟ أنا مذهل، أليس كذلك يا عزيزتي؟’
لقد كان مجنونًا حقا.
و بفضل تلك الحيلة العجيبة، كان الكاردينال سيروين يقف أمامي الآن مبتسمًا.
الفرصة الأولى من أصل ثلاث فرص مُنحت لنا خلال الوليمة التي تستمرّ ثلاثة أيّام.
نقرتُ بلساني في داخلي، و نظرتُ إلى سيروين المبتسم بخفّة، ثمّ أخيرًا إلى هانويل الذي تصلّبت ملامحه إلى جانبه.
“غريب، ألن تمسكي بيدي؟”
“سيروين. لم تظهر منذ أيّام، و الآن تقحم نفسكَ فجأة، هذا تصرّف غير لائق. أين كنتَ، و ماذا كنتَ تفعل بالضبط؟”
“و هل هناك مشكلة؟ يكفي أن أُظهر وجهي في أهمّ قاعة ولائم، أليس كذلك؟”
“أتسمّي هذا كلامًا؟ يبدو أنّك نسيت أنّنا وفد المملكة.”
“هاها. أنا أعيش من أجل المتعة و أموت من أجلها. البحث عن الشريكة الحقيقيّة للإمبراطور العظيم؟ كيف يمكنني تفويت حدث هكذا؟ إنه أمر ممتع جدًّا!”
كان سيروين يضحك بوقاحة، رغم إدراكه أنّ أفراد وفد المملكة الواقفين حوله ينظرون إليه بازدراء.
حتى أنا التي أشاهد، وجدت الأمر مسليًّا.
هل يعرف هؤلاء الوفد؟
أنّ سيروين، الذي يبدو مستهترًا وقحًا، هو في الحقيقة كاهن حقيقيّ، يقدس الحاكم الذي يخدمه بإخلاص، و مفعم بالقوّة المقدّسة.
و في المقابل، أنّ هانويل، الكاهن المستقيم الذي يبجلونه و يحترمونه، ليس سوى زعيم بارد القلب لمخطّطٍ شرير لا يعبأ بأرواح البشر.
و بينما كنتُ أنظر بصمت إلى اليد الممدودة نحوي، فتحتُ فمي.
“هل يجب حقًّا أن أفعل شيئًا مع أحدكما؟”
أظهرتُ بوضوح تعبيرًا غير راغب، و أنا أرى نظرة الخيانة في عينيّ سيروين، و نظرة الاهتمام المتّقدة في عينيّ هانويل.
“إنّه موضع للحكم على ما إذا كنتُ مرشدة جلالة الإمبراطور أم لا، ولا أفهم لماذا علينا الحكم على من ينسجم اجتماعيًّا و مَنٔ لا يفعل. على سبيل المثال……”
ألقيتُ نظرة خفيفة على النبلاء الذين يراقبونني، وعلى ليلييتا التي كانت تبتسم ابتسامة جميلة كلوحة فنيّة بينهم، ثمّ التقت عيناها بعينيّ.
لا بدّ أنّ ابتسامتي لم تكن لطيفة.
يبدو أنّ ملامحي القاسية و الباردة قد ترسّخت فيّ قليلًا أثناء عيشي كهيلاريا.
“هل من الضروري فعلًا القيام بتلك التصرفات التي تسحر الآخرين بكلمة واحدة؟”
تجمّد وجه ليلييتا في لحظة، و احمرّت خجلًا.
بدت مصدومة و هي تفتح فمها و تغلقه، ثمّ ذرفت دمعة صغيرة وهي تنظر إليّ.
و حين غطّت وجهها بأطراف أصابعها وهي تنتحب بخفّة، أظهر مَنٔ كانوا يحيطون بها أنيابهم نحوي بدلًا منها.
“ك، كيف لها تكون هذه الوقاحة!”
“إن كانت مرشدة جلالة الإمبراطور، فعليها أن تُظهر براعة في المجتمع أيضًا. ألا تعرف أنّ هذا أحد الاختبارات؟”
يا لها من مهزلة.
شعرتُ و كأنّني ألعب لعبة نقاط الإعجاب.
لويتُ شفتيّ، و نظرتُ إلى مَنٔ كان يراقب كلّ هذا.
صاحب هذه الوليمة.
المستيقظ خاصتـي.
‘أنـتَ تستمتع بهذا، أليس كذلك؟’
حين دخل انحناء عينيه الزرقاوين الواضح في بصري، كادت الشتائم تبلغ حلقي.
يبدو أنّه كان يستمتع كثيرًا برؤيتي أتخبّط هكذا، أنا التي كنتُ أزوره ليلًا و أجعله في يدي.
و في اللحظة التي كان فيها كايسيس، الذي تلقّى نظراتي الحادّة كأشعّة الليزر، يهمّ بالنهوض بهدوء—
“ألا تبدو كلماتها غير مخطئة؟ في النهاية، أليس اختيار جلالته هو الأهمّ؟ ثمّ إنّي أرى أنّ السادة النبلاء المستيقظين قد حسموا موقفهم بالفعل….”
اتسعت عينيّ قليلًا أمام هذا التطوّر غير المتوقّع.
كان ذلك أردييل.
أصغر سَحرتي و الذي يتحوّل إلى ديك مقاتل حين يتعلّق الأمر بالدّوقة آرييل، سيدته، أي هيلاريا.
‘ما الذي دهاه؟’
لا يمكن أن يكون قد عرف مَنٔ أنا.
تراجعتُ خطوة إلى الخلف بوجه متحفّظ، لكن في تلك اللحظة أمسك أحدهم بكتفي من الخلف و أسنده.
“هل أنـتِ بخير؟”
كان ذلك ديكاردو.
تجمّدتُ و أنا أرى الفارس يتقدّم أمامي، كما لو كان يحمي شخصًا تعرّض للظلم.
التعليقات لهذا الفصل " 150"